مناقشة قول د.خالد السبت

إنضم
24/07/2016
المشاركات
6
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
العمر
28
الإقامة
السودان
ذكر د.خالد السبت في كتابه قواعد التفسير أن القرآن نزل بمكة على حرف واحد وهو حرف قريش ونزلت باقي الحروف السبعة بالمدينة هل هذا صحيح؟ فنرجو ممن كان له علم بالقراءات أن يجيب وجزاكم الله خيرا.
 
انظر لقاء د. غانم قدوري حمد مع ملتقى أهل التفسير
http://vb.tafsir.net/tafsir8495/#.V8wXEhUrJ1s

ملخصه مع بعض التصرف كما يلي..
القراءات والأحرف السبعة
- القراءة: مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراءة مخالفاً به غيره في النطق بالقرآن الكريم، مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئاتها.
وإضافة القراءات إلى الشخص إضافة ملازمة واعتناء واختيار من بين القراءات الواردة حسب ظروفه، لا لأنه اخترعها.
فمثلاً قراءة عاصم لا تعني أنه هو الذي اخترعها، بل كانت هي أكثر قرأ هو بها.
مثلا: يُكثر مشاري العفاسي من قراءة ما، فيقول الناس هذه قراءة مشاري، وتلك قراءة الحصري.. وليس معناها أنهم اخترعوها
- أما الأحرف السبعة فهي لغات سبع، واللغة الواحدة تسمح بنطقين أو أكثر في اللفظ، فتكون القراءات أكثر عدداً من اللغات.
مثال ذلك لفظ: (جبريل) قرئ بكسر الجيم والراء وإثبات الياء وحذف الهمزة، وبفتح الجيم وكسر الراء وإثبات الياء وحذف الهمزة، وبفتح الجيم والراء وهمزة مكسورة وياء مد، وبفتح الجيم والراء وهمزة مكسورة غير ممدودة.
فالقراءتان الأوليان على لغة لا تهمز كأهل الحجاز، والأخريان على لغة تهمز كتميم.

يرى د. غانم قدوري حمد أن الأحرف السبعة هدية من الله تعالى للوفود التي أسلمت حديثاً بعد الهجرة:
وقال أبو جعفر الطحاوي: " إنما كانت هذه السعة للناس في الحروف لعجزهم عن أخذ القرآن على غير لغاتهم ، لأنهم كانوا أميين لا يكتبون إلا القليل منهم ، فكان يشق على كل ذي لغة منهم أن يتحول إلى غيرها من اللغات ، ولو رام ذلك لم يتهيأ له إلا بمشقة عظيمة ، فوُسّعَ لهم في اختلاف الألفاظ ... ". وردَّد كثير من علماء القراءة اللاحقين هذا المعنى في سبب الرخصة.
وورد في إحدى روايات حديث رخصة الأحرف السبعة ما يؤيد ما ذهب إليه هؤلاء العلماء في سبب الرخصة ، فقد أخرج الترمذي عن أبي بن كعب أنه قال : " لَقِيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم – جبريل ، فقال : يا جبريل إني بُعِثْتُ إلى أمة أُميين منهم العجوز ، والشيخ الكبير ، والغلام ، والجارية ، والرجل الذي لم يقرأ كتاباً قط ، قال : يا محمد ، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف " قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح قد ورد عن أبي بن كعب من غير وجه.
قال أبو شامة المقدسي محدداً أسباب الرخصة كما وردت في هذا الحديث : " قلت فمعنى الحديث أنه رُخّصَ لهم في إبدال ألفاظه بما يؤدي معناها أو ما يقاربه من حرف واحد إلى سبعة أحرف ، ولم يُلزَموا المحافظة على حرف واحد ، لأنه :
(1) نزل على أمة أمية لم يعتادوا الدرس والتكرار وحفظ الشيء على لفظه .
(2) مع كبر أسنانهم ، واشتغالهم بالجهاد والمعاش فرُخّصَ لهم في ذلك.
(3) ومنهم من نشأ على لغة يصعب عليه الانتقال عنها إلى غيرها ، فاختلفت القراءات بسبب ذلك كله".
ويبدو أن الرخصة في القراءة كانت بعد الهجرة ، وتدل على ذلك القرائن الواردة في بعض روايات حديث الأحرف السبعة ، وهي نوعان :
(1) قرائن مكانية : مثل ذكر ( المسجد) في بعض الروايات.
والمقصود به مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم – في المدينة . وأَضَاة بني غفار. والأَضَاة: الغدير أو مستنقع الماء ، وهو موضع بالمدينة النبوية ينسب إلى بني غِفار ، لأنهم نزلوا عنده. وأحجارُ المِراء: هي قباء.
(2) قرائن شخصية : إن أكثر أسماء الصحابة الذين رووا الحديث هم من الأنصار ، أو من غيرهم ممن تأخر إسلامهم إلى ما بعد الهجرة ، وأشهر حديث في الباب هو حديث عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم - رضي الله عنهم – قد وقعت أحداثه بعد فتح مكة ،لأن هشام بن حكيم أسلم هو وأبوه يوم الفتح.
وقال ابن حجر : " فقد ثبت أن ورود التخفيف بذلك كان بعد الهجرة". وهذا أمر يقوِّي مذهب من يقول إن الرخصة كانت بسبب اختلاف اللغات ، لأن أكثر من أسلم بعد الهجرة كان من القبائل العربية من غير قبيلة قريش التي نزل القرآن الكريم بلسانها.
وإذا كان الراجح أن بدء الرخصة كان بعد الهجرة ، حين ظهرت الحاجة إلى التيسير في القراءة ، فإن تقدير زمن انتهائها يحتمل أمرين : الأول : أن الرخصة كانت في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وانتهت بوفاته ، والثاني : أن الرخصة استمرت حتى نسخ المصاحف في خلافة عثمان - رضي الله عنه – والأول ينبني على أن الرخصة في القراءة توقيف منه - صلى الله عليه وسلم – والثاني يقتضي أن من الرخصة ما كان موسعاً فيه على القارئ بما يستطيع.
وأشار بعض العلماء إلى أن غير العربي يقرأ بلغة قريش ، قال أبو شامة المقدسي : " وأما من أراد من غير العرب حفظه فالمختار له أن يقرأه على لسان قريش ، وهذا إن شاء الله تعالى هو الذي كتب فيه عمر إلى ابن مسعود ، رضي الله عنهما : ( أقرئ الناس بلغة قريش ) لأن جميع لغات العرب بالنسبة إلى غير العربي مستوية في التعسر عليه ، فإذا [ كان] لا بد من واحدة منها ، فلغة النبي - صلى الله عليه وسلم- أولى له".
ولم يرد في أي من روايات الحديث تحديد للأحرف السبعة ، قال أبو بكر ابن العربي : " لم تتعين هذه السبعة بنص من النبي – صلى الله عليه وسلم - ، ولا بإجماع من الصحابة ، وقد اختلفت فيها الأقوال". ولكن المتأمل في الروايات لا يخطئ تحديد موضوعها وهو قراءة القرآن ، فالاختلاف الحاصل بين الصحابة كان في الألفاظ المسموعة ، لا في المعاني المفهومة. وقد قال محمد بن شهاب الزهري بعد روايته لحديث الأحرف السبعة : " بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحداً ، لا يختلف في حلال ولا حرام"، وأخرج الطبري عن أبي العالية الرياحي أنه قال : " قرأ على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من كل خمسٍ رجلٌ ، فاختلفوا في اللغة ، فرضي قراءتهم كلهم ، وكانت بنو تميم أعرب القوم"
وقد اختلف الناس في معنى حديث " الأحرف السبعة " وقال القرطبي : " قد اختلف العلماء في المراد بالأحرف على خمسة وثلاثين قولاً ، ذكرها أبو حاتم محمد بن حيان البستي "
والذي أرجحه هو خلو الصحف من أي أثر لرخصة الأحرف السبعة ، لكونها منقولة من الرقاع التي كَتَبَ عليها زيد بن ثابت القرآن في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم – والتي كُتِبَتْ على لغة قريش المنزَّل عليها القرآن ، والسياق التاريخي يدل على ذلك ، لأن جمع تلك الوجوه في الكتابة أمر بالغ الصعوبة والتعقيد ، وأنه لا ضرورة تدعو إلى تجشم عناء تلك المهمة ، ما دام اللفظ المنزل للقرآن محفوظاً .
ويجب التفريق بين القول : إن مصحف عثمان كُتِبَ على حرف واحد وقراءة واحدة ، وهو أمر ثابت ، ويتناسب مع الغاية التي أرادها عثمان والصحابة من نسخ المصاحف ، وبين القول : إن رسم المصحف يحتمل أكثر من حرف أو قراءة ، بسبب تجرد الكتابة من النقط والشكل .
وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف وأئمة المسلمين إلى أن هذه المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة ، جامعة العرضة الأخيرة التي عرضها النبي - صلى الله عليه وسلم – على جبريل – عليه السلام – متضمنة لها ، لم تترك حرفاً منها . قلت( ابن الجزري) : وهذا القول هو الذي يظهر صوابه ، لأن الأحاديث الصحيحة والآثار المشهورة المستفيضة تدل عليه وتشهد له".
ولا شك في أن المذهب الذي رجحه ابن الجزري هو الصواب ، لكنه يحتاج أن نضيف إليه ملاحظة وهي أنه يجب أن نؤكد على أن المصاحف العثمانية كُتِبَت على حرف واحد وقراءة واحدة ، وسمح الخط بقراءتها بأكثر من حرف أو وجه .

والخلاصة في العلاقة بين القراءات ، وهي الوجه العملي لرخصة الأحرف السبعة ، ورسم المصحف ، هي أن ما كان مخالفاً للرسم من القراءات التي كان يقرأ بها الصحابة قد تُرِكَتِ القراءة به ، وصار في حكم المنسوخ ، وقد يروى لبيان معنى أو للاحتجاج للغة ، وما كان موافقاً للخط مما ثبتت روايته هو الذي قرأت به القراء ، ولكننا لا يمكن أن نحدد الحرف الذي كَتَبَ عليه عثمان بن عفان - رضي الله عنه – المصاحف ، فكل وجه يحتمله خط المصحف ، يمكن أن يكون من ذلك الحرف
 
عودة
أعلى