المقبلي بفتح الميم والباء
المقبلي بفتح الميم والباء
[align=justify]
العلامة صالح بن مهدي المَقبَليّ الكوكباني1047ـ 1108 هـ، وضبط اسمه بفتح الميم والباء نسبة إلى قرية المَقبَل. فخر اليمن ومجتهد القرن الحادي عشر له العلم الشامخ في إيثار الحقّ على الآباء والمشايخ في غاية التحقيق والتحرير لا يكتبه غير نحرير ولا يقرؤه غير بصير، وبذيله الأرواح النوافخ عن العلم الشامخ ردّ به على أحد معصريه.أثنى عليه الشوكاني فقال:
[align=center]لله درُّ المَقبَليِّ فإنه * علمٌ كبيرٌ دان بالإنصافِ[/align]
هكذا حفظته من ملحق (العلم الشامخ) ثم وجدته في تقديم عبدالرحمن الإرياني لكتاب المقبلي (الأبحاث المسددة في فنون متعددة) على النحو
:[align=center]
لله در المقبـــــــــــلي فإنه * بحر خِضَمٌّ دان بالإنصــــافِ
أبحاثه قد سددت سهماً إلى * نحر التعصب مرهف الأطراف
ومناره علم النجاةِ لطالـــــبٍ * مذ روَّح الأرواح بالإتحـــاف ِ[/align]
وأضاف الإرياني:
(وقد كان ألزم نفسه السلوك مسلك الصحابة وعدم التعويل على تقليد أهل العلم في جميع الفنون. ولما سكن مكة وقف عالمها البرزنجي محمد بن عبدالرسول المدني على (العلم الشامخ في الرد على الآباء والمشايخ) فكتب عليه اعتراضات، فردّ عليه بمؤلف سماه (الأرواح النوافخ)، فكان ذلك سبب الإنكار عليه من علماء مكة فنسبوه إلى الزندقة بسبب عدم التقليد، والاعتراض على أسلافهم، ثم رفعوا الأمر إلى سلطان الروم فأرسل بعض علماء حضرته لاختباره فلم ير منه إلا الجميل..)
ونقل عن مصطفى فتح الله الحموي المعاصر للمقبلي في كتابه (فوائد الارتحال ونتائج السفر في أخبار القرن الحادي عشر) قوله: " صالح بن مهدي المقبلي الكوكباني نزيل مكة ، طود علم راسخ وأمير معارف تسير أمراء المعارف تحت علمه الشامخ، قرأ ببلاده على أفاضل عصره كالسيد العلامة محمد بن إبراهيم الوزيرر وبه تخرج، وأخذ عن القاضي حسن بن أحمد الحيمي وكثير، ثم درس الإمام المتوكل على الله إسماعيل واشتهر ذكره بين الفضلااء إلى أن نسبت إليه أبيات:
[align=center]
قبح الإله مفرقــــــــا * بين الصحابـــة والقرابة
من كان ذلك دينــــــه * فهو السفيه بلا استرابة
الجمع بين ولائهــــــم * يا طالبـــاً عين الإصـابة
ما إن قرنت به الدعــا * إلا تـــــــوقعت الإجابة
إذْ كان ذا في عصرنا * مــــتجاوزا حــد الغرابة[/align]
فقام عليه بعض غلاة الزيدية وأوغروا صدر الإمام المتوكل على الله عليه ، وكان ذلك يبب مهاجرته إلى حرم الله ، معتزلا الأوطان والأوطار ، ورغب في جوار الله تعالى ، ولا بدع لجار الله إذا اعتزل وسار وأقام في مكة على خير وفي خير ، مقبلا على شانه في جبل أبي قبيس مدة.. وكان ملازما لإقراء العلم ودرسه، وبيني وبينه مودة أكيدة، وصار له بمكة منزله عند ملوكها الأشراف الحسنيين.
وأضاف الإرياني:
إن المؤلف رحمه الله يوافق المعتزلة في الأغلب من آرائهم الأصولية اجتهاداً لا تقليداً، ولذا فأنت تراه ينتقدهم بالحدة نفسها التي ينتقد بها الأشاعرة أو غيرهم من الطوائف، إذا كان كلامهم لا يتفق مع الأدلة من الكتاب والسنة.وبسبب من ذاك لاقى في وطنه صنعاء من العداء ما حمله على مغادرتها إلى مكة المكرمة، وقد واجهته من العداوات ما تجاوز حدود ما لاقاه في صنعاء، ولكنه رحمه الله ثبت ودفع الله عنه كيد الكائدين.
وإني ليأخذني العجب حين أقرأ لهذا العالم الكبير وهو في عصرنا قليل النظير فكيف به في ذلك العصر -القرن الثاني عشر الهجري ، أن يتحرر من سلطة الرجال ويتجرد لنصرة ما يؤديه النص بعقلية تضبط سبيلي الفكر من استقراء واستنتاج وتمكن من علوم اللغة وعلم أصول الدين والفقه.وهو قد أكمل سبيل المجددين الكبار كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن قيم الجوزية مع ميزة للمقبلي لا ينافسه عليها أحد هي تجاوز السلف في القرنين الثاني والثالث الهجريين إلى الصحابة أنفسهم,وهذا مطمح لا يُدرك ولا يلحق شأوه، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء.
وقد لقي عنتا من معاصريه ومن ذوي العقليات الضيقة الذين يمجدون الكليات رياء أو غباء ويكيلون للمحققين أفانين الشتائم والكيد.فهم أعداء لكل ما جهلوا برعونة بلهاء ، ولكل مفكر مجدد بشكوك جوفاء.
وقال عن كتبه الشوكاني رحمه الله (وكتبه في غاية الضبط ، لا يضبط إلا عن بصيرة، حتى صارت مرجعا بعد موته)
ورد عليه بعض غلاة الجارودية:
[align=center]أطرق كرىً يا مَقبلي * فلأنت أحقر من ذبابة[/align]
وهجاه بعض الجارودية أيضا:
[align=center]المقبلي ناصبي * أعمى الشقاء بصره[/align]
نتمنى أن نعرف موقف الطالب الباحث واللجنة المناقشة من هذا القرم الجهبذ.
وعسى أن تسعفنا الأيام برؤية كتابه وتراثه مطبوعا
والأحسن منه أن نرى طلبة العلم مقبلين على المَقبلي فهو نظير أبي محمد ابن حزم وإن كان أبو محمد عزيز النظير[/align]