الأثر جدير أن يصدر عن الفاروق - رضي الله عنه - ويستحب أن يروى بغض النظر عن صحة السند ، خاصة في هذا الزمن الذي تستباح فيه أموال المسلمين وتبعثر يمنة ويسرة ...فالصحابي عندما فاضت روحه فقد انتقل ماله إلى ورثته ومن جملة ماله الزيت الذي يستهلكه السراج ، فرأى الفاروق أنه إذا استضاء بالسراج فقد أخذ شيئا من مال الورثة اليتامى بغير إذن منهم وهذا يستوجب العقاب ....وقوله أتريدون أن تطعمونا ناراً يوم القيامة؟ إشارة وتذكير بقوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء : 10]
هذه قمة الورع....
وهنا قصة تروي عن عمر بن عبد العزيز تشترك مع الأثر في المغزي وفي موضوع السراج :
وفد على الخليفة عمر بن عبدالعزيز رسول من بعض الآفاق. فلما دخل دعا عمر بشمعة غليظة فأوقدت، وكان الوقت ليلا. وجعل عمر يسأله عن حال أهل البلد، وكيف سيرة العامل، وكيف الأسعار، وكيف أبناء المهاجرين والأنصار، وأبناء السبيل والفقراء، فأنبأه الرسول بجميع ما علم من أمر تلك المملكة. فلما فرغ عمر من مسألته، قال الرسول له: يا أمير المؤمنين كيف حالك في نفسك وبدنك، وكيف عيالك؟ فنفخ عمر الشمعة فأطفأها، وقال: يا غلام، عليَّ بسراج. فأتى بفتيلة لا تكاد تضيء فعجب الرسول لإطفائه الشمعة، وقال: يا أمير المؤمنين، فعلت أمرا حيرني. قال: وما هو؟ قال: إطفاؤك الشمعة عند مسألتي إياك عن حالك؟ قال: الشمعة التي أطفأتها هي من مال الله ومال المسلمين، وكنت أسألك عن أمرهم وحوائجهم وهي موقدة، فلما صرت لشأني وأمر عيالي أطفأت نار المسلمين! من كتاب «سيرة عمر بن عبدالعزيز» لعبدالله بن عبدالحكم.
لعل القصتين صحيحتان أو أحداهما صحيحة والأخرى منسوجة على منوالها أو هما معا من اختلاق الوعاظ وكيف كان الحال فلا غرابة أن يصدر هذا الأمر عن العمرين رضي الله عنهما!