أبومجاهدالعبيدي1
New member
- إنضم
- 02/04/2003
- المشاركات
- 1,760
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 36
- الإقامة
- السعودية
- الموقع الالكتروني
- www.tafsir.org
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم [/align]
قرأت في أحد البحوث كلاماً عن أهمية أسباب النزول في فهم النص ، ذكر الباحث في آخر كلامه عن هذا الأصل ما نصه :
[align=justify] ( نرى الاستغناء عن مصطلح " أسباب النـزول، وأسباب الورود" وتبديله بمصطلح " مناسبات النـزول والورود "، وذلك لأنَّ مصطلح المناسبة تعني الملاءمة، والموافقة، فإذا أضيف إليه النـزول أو الورود، فإنه يصبح معناه الظروف التي صادف أو وافق حدوثها نزول النص، ووروده، ويعني هذا أنَّ مواكبة النَّصِّ ووروده لهذه الظروف مقصودة للشارع، جلَّ في علاه، قصدًا تعليميًّا، وتربويًّا. وليس لتلك الظروف أي أثرٍ في ورود النص، ونزوله في تلك الفترة، كما ليس لها أيُّ دورٍ في تحديد مصير ذلك النَّصِّ وجودًا وعدمًا، فالنَّصُّ الشَّرْعِيّ،كتابا وسنة، حاكم ومتعالٍ على الظروف والأمكنة والبيئة، لأنه يخاطب الحاضر، والمستقبل، ولذلك لم يشأ النص أن يتضمن الإشارة المباشرة إلى تفاصيل تلك الظروف، ولا ربط مضامينه بها البتة .
إنَّ هذا المصطلح المقترح بديلا لمصطلح " أسباب النـزول والورود" كما سيضع حدًّا لذلك النـزاع المفتعل حول علاقة النص بسبب وروده، فإنَّه سيعمل على إبراز السمة العالميَّة للنصِّ الشَّرْعِيّ الذي لا يمكن لظرف من الظروف أن يحدِّد عمره، أو مداه، أو مجاله. إذْ إنَّ مناسبات النـزول لا تعدو في تصورنا أن تكون الأجواء التي نزل فيها الوحي، والشأن في تلك الأجواء من حيث التعميم والتجريد، كشأن الناس الذين نزل فيهم الوحي، فكما لا يختص به أولئك الناس بهذا، فكذلك لا يمكن أن يخصص به تلك الأجواء أيضا، وذلك لأنَّ هذه الأجواء ـ ظروفًا وأوضاعًا وأحداثًا ـ مجرد مناسبات للتكليف وليست بأي حال من الأحوال داخلة في بنية النَّصِّ الشَّرْعِيّ ذاته، وإلا لاْشتملت عليه ألفاظ وتراكيب ذلك النص، ورحم الله سيد قطب الذي ألمح إلى هذا من خلال وصفه للمنهج الإسلامي المنبثق عن النَّصِّ الشَّرْعِيّ، فقال :
" .. إنَّ هذا المنهج ثابت في أصوله، ومقوماته، لأنَّه يتعامل مع "الإنسان" . وللإنسان كينونة ثابتة، فهو لا يتبدل منها كينونة أخرى . وكلُّ التحورات والتطورات التي تلابس حياته لا تغيِّر من طبيعته، ولا تبدل من كينونته، ولا تحوِّله خلقًا آخر . إنما هي تغيرات وتطورات سطحيَّة، كالأمواج في الخضم، لا تغير من طبيعته المائية، بل لا تؤثر في تياراته التحتية الدائمة المحكومة بعوامل طبيعية ثابتة! ومن ثمَّ تواجه النُّصُوص القرآنية الثابتة تلك الكينونة البشرية الثابتة، ولأنها من صنع المصدر الذي صنع الإنسان، فإنَّها تواجه حياته بظروفها المتغيرة، وأطوارها المتجددة بنفس المرونة التي يواجه بها الإنسان ظروف الحياة المتغيرة، وأطوارها المتجددة ... فالنُّصُوص القرآنيَّة جاءت لتعمل في كل جيلٍ، وفي كل بيئة .. ( بل) هذه النُّصُوص التي جاءت لتواجه أحوالا بعينها هي ذاتها التي تواجه الجماعة الإنسانيَّة في أيِّ طورٍ من أطوارها . والمنهج الذي التقط المجموعة المسلمة من سفح الجاهلية، هو ذاته الذي يلتقط أية مجموعة -أيًّا كان موقفها على الدرج الصاعد- ثم يبلغ بها إلى القمة السامقة التي بلغ إليها بالمجموعة الأولى يوم التقطها من ذلك السفح السحيق .. " .
فالإنسان المخاطب بهذا النصِّ "..أعمُّ من ذلك الإنسان ذي الظروف والأوضاع المعينة الذي خوطب به حال نزول الوحي، وهو ما يشهد به لفظ الخطاب وصيغه .. فإذا ما اعتبرت -المناسبات ظروفًا وأوضاعًا وأحداثًا- عنصرًا مخصِّصًا للفهم تخصيصًا زمنيًا، فإنَّ الأمر يؤول إلى محذورٍ عظيمٍ كفيلٍ بأن يعرض منهاج الخلافة بأكمله إلى الانتقاض..".
وهكذا، يمكن أن يتبدى لنا ما رمناه من تفضيل مصطلح "مناسبات النـزول والورود " على مصطلح " أسباب النـزول والورود " ولئن سأل سائل عن الفرق بين مناسبة تنـزيل، وسبب تنـزيل ، أجبناه بأنَّ مناسبة التنـزيل عبارة عن الجوِّ الذي نزل فيه الوحي، وليس له أي تأثير على النص من حيث وجوده وعدمه، اعتبارًا بمعنى المناسبة في اللغة التي تعني الملاءمة والموافقة.
وأما سبب التنـزيل، فإنه يعني الجوَّ الذي استدعى نزول النص، واستوجب ورده، وله تأثير على النصِّ من حيث وجوده وعدمه، انطلاقًا من معنى السبب الاصطلاحيِّ الذي يراد به الشي الذي يلزم من وجوده وجود المسبب، ويلزم من عدمه عدم المسبب . )
فما تعليقكم على ما رآه الباحث هنا ؟[/align]
قرأت في أحد البحوث كلاماً عن أهمية أسباب النزول في فهم النص ، ذكر الباحث في آخر كلامه عن هذا الأصل ما نصه :
[align=justify] ( نرى الاستغناء عن مصطلح " أسباب النـزول، وأسباب الورود" وتبديله بمصطلح " مناسبات النـزول والورود "، وذلك لأنَّ مصطلح المناسبة تعني الملاءمة، والموافقة، فإذا أضيف إليه النـزول أو الورود، فإنه يصبح معناه الظروف التي صادف أو وافق حدوثها نزول النص، ووروده، ويعني هذا أنَّ مواكبة النَّصِّ ووروده لهذه الظروف مقصودة للشارع، جلَّ في علاه، قصدًا تعليميًّا، وتربويًّا. وليس لتلك الظروف أي أثرٍ في ورود النص، ونزوله في تلك الفترة، كما ليس لها أيُّ دورٍ في تحديد مصير ذلك النَّصِّ وجودًا وعدمًا، فالنَّصُّ الشَّرْعِيّ،كتابا وسنة، حاكم ومتعالٍ على الظروف والأمكنة والبيئة، لأنه يخاطب الحاضر، والمستقبل، ولذلك لم يشأ النص أن يتضمن الإشارة المباشرة إلى تفاصيل تلك الظروف، ولا ربط مضامينه بها البتة .
إنَّ هذا المصطلح المقترح بديلا لمصطلح " أسباب النـزول والورود" كما سيضع حدًّا لذلك النـزاع المفتعل حول علاقة النص بسبب وروده، فإنَّه سيعمل على إبراز السمة العالميَّة للنصِّ الشَّرْعِيّ الذي لا يمكن لظرف من الظروف أن يحدِّد عمره، أو مداه، أو مجاله. إذْ إنَّ مناسبات النـزول لا تعدو في تصورنا أن تكون الأجواء التي نزل فيها الوحي، والشأن في تلك الأجواء من حيث التعميم والتجريد، كشأن الناس الذين نزل فيهم الوحي، فكما لا يختص به أولئك الناس بهذا، فكذلك لا يمكن أن يخصص به تلك الأجواء أيضا، وذلك لأنَّ هذه الأجواء ـ ظروفًا وأوضاعًا وأحداثًا ـ مجرد مناسبات للتكليف وليست بأي حال من الأحوال داخلة في بنية النَّصِّ الشَّرْعِيّ ذاته، وإلا لاْشتملت عليه ألفاظ وتراكيب ذلك النص، ورحم الله سيد قطب الذي ألمح إلى هذا من خلال وصفه للمنهج الإسلامي المنبثق عن النَّصِّ الشَّرْعِيّ، فقال :
" .. إنَّ هذا المنهج ثابت في أصوله، ومقوماته، لأنَّه يتعامل مع "الإنسان" . وللإنسان كينونة ثابتة، فهو لا يتبدل منها كينونة أخرى . وكلُّ التحورات والتطورات التي تلابس حياته لا تغيِّر من طبيعته، ولا تبدل من كينونته، ولا تحوِّله خلقًا آخر . إنما هي تغيرات وتطورات سطحيَّة، كالأمواج في الخضم، لا تغير من طبيعته المائية، بل لا تؤثر في تياراته التحتية الدائمة المحكومة بعوامل طبيعية ثابتة! ومن ثمَّ تواجه النُّصُوص القرآنية الثابتة تلك الكينونة البشرية الثابتة، ولأنها من صنع المصدر الذي صنع الإنسان، فإنَّها تواجه حياته بظروفها المتغيرة، وأطوارها المتجددة بنفس المرونة التي يواجه بها الإنسان ظروف الحياة المتغيرة، وأطوارها المتجددة ... فالنُّصُوص القرآنيَّة جاءت لتعمل في كل جيلٍ، وفي كل بيئة .. ( بل) هذه النُّصُوص التي جاءت لتواجه أحوالا بعينها هي ذاتها التي تواجه الجماعة الإنسانيَّة في أيِّ طورٍ من أطوارها . والمنهج الذي التقط المجموعة المسلمة من سفح الجاهلية، هو ذاته الذي يلتقط أية مجموعة -أيًّا كان موقفها على الدرج الصاعد- ثم يبلغ بها إلى القمة السامقة التي بلغ إليها بالمجموعة الأولى يوم التقطها من ذلك السفح السحيق .. " .
فالإنسان المخاطب بهذا النصِّ "..أعمُّ من ذلك الإنسان ذي الظروف والأوضاع المعينة الذي خوطب به حال نزول الوحي، وهو ما يشهد به لفظ الخطاب وصيغه .. فإذا ما اعتبرت -المناسبات ظروفًا وأوضاعًا وأحداثًا- عنصرًا مخصِّصًا للفهم تخصيصًا زمنيًا، فإنَّ الأمر يؤول إلى محذورٍ عظيمٍ كفيلٍ بأن يعرض منهاج الخلافة بأكمله إلى الانتقاض..".
وهكذا، يمكن أن يتبدى لنا ما رمناه من تفضيل مصطلح "مناسبات النـزول والورود " على مصطلح " أسباب النـزول والورود " ولئن سأل سائل عن الفرق بين مناسبة تنـزيل، وسبب تنـزيل ، أجبناه بأنَّ مناسبة التنـزيل عبارة عن الجوِّ الذي نزل فيه الوحي، وليس له أي تأثير على النص من حيث وجوده وعدمه، اعتبارًا بمعنى المناسبة في اللغة التي تعني الملاءمة والموافقة.
وأما سبب التنـزيل، فإنه يعني الجوَّ الذي استدعى نزول النص، واستوجب ورده، وله تأثير على النصِّ من حيث وجوده وعدمه، انطلاقًا من معنى السبب الاصطلاحيِّ الذي يراد به الشي الذي يلزم من وجوده وجود المسبب، ويلزم من عدمه عدم المسبب . )
فما تعليقكم على ما رآه الباحث هنا ؟[/align]