الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فمن منن الله جل وعلينا ما ننعم به من تيسر وسائل العلم وسبل تحصيله ، مقارنة بما تكبده الأسلاف عليهم رحمة الله من المشقة والعنت مما هو مبثوث ومعلوم في كتب السير والتراجم ، ولذا كان على طالب العلم ومحبه أن لا يفتر لسانه من ذكر الله وشكره على هذه النعم التي تتوالى عليه صباحاً ومساءً .
ومن آخر تلك الوسائل ، رسائل الجوال العلمية والدعوية ، ففي بعضها متانة وإعانة على التحصيل ، وجملة من الفوائد العذاب التي يشرف عليها بعض الفضلاء من أهل العلم .
من ذلك مثلاً جوال تدبر ، وجوال زاد ، وجوال زاد طالب العلم ، وجوال الدرر السنية ، وجوال نور الإسلام ، ونحوها من الرسائل الجادة المثمرة المفيدة .
ولقد أحسن الأخ الفاضل عبدالله بن صالح وفقه الله في طرح رسائل جوال تدبر بشكل شهري في هذا الملتقى ، ولما رأيت حسن صنيعه وفقه الله ، انقدح في الذهن اقتراح ، وهو لماذا لا تكون هذه الزاوية ملتقى لرسائل الجوال العلمية والدعوية من كافة رسائل الجوال المطروحة مما يستحسن ويلطف معناه .
وبهذا العمل نجني عدة فوائد من أهمها إتحاف الإخوة الذين لم يشتركوا أو لم يتيسر لهم الاشتراك بهذه الفوائد ، كذلك حفظ هذه الفوائد من الضياع وتراكمها في الجوال ، وأيضاً جعل هذه الفوائد من الأجر الذي يجري للإخوة الذين انتقوها ونشروها .
ولعلي بإذن الله أتحفكم بشيء مما في جوال زاد طالب العلم فقد جمعت الآن منه أكثر من سبعمئة رسالة ، وأما فيما يتعلق بجوال تدبر فأخينا عبدالله بن صالح حاز قصب السبق في إتحافنا به فنتركه له وفقه الله .
آمل من الإخوة وفقهم الله التفاعل وإتحافنا بما أكرمهم الله من هذه الفوائد مع الحرص على عدم التكرار ، وفقكم الله وسددكم وجمعنا بكم في جناته ، والسلا عليكم ورحمة الله وبركاته .
1 ـ القدح في قوم بمجرد فرد أو أفراد منسوبين إليهم نسبة غير مطابقة للواقع ، لا يقع إلا ممن لا يعرف الشرع ولا يهتدي بهديه . الفتح الرباني للشوكاني .
2 ـ يستشكل بعض الناس حكاية الخلاف في قبول توبة الزنديق أو الساحر ونحوهما .
وقد قال ابن قدامة جواباً عن هذا : ( الخلاف بين الأئمة في قبول توبتهم في الظاهر من أحكام الدنيا ، من ترك قتلهم ، وثبوت أحكام الإسلام في حقهم ، وأما قبول الله لها فلا خلاف فيه ) المغني .
كذلك نص على أن هذا لا خلاف فيه ابن عقيل في الفروع ، وابن الهمام في الفتح وغيرهم .
3 ـ تكلم بعض أهل زماننا عند الصاحب ابن عباد ، فسأله عن شيء فقال : لا أطال الله بقاءك .
فقال : قل لا وأطال الله بقاءك .
فقال بعضهم : ما رأينا واواً أحسن من واوك ! .
محاضرات الأدباء للراغب .
4 ـ روي عن الربيع أنه قال للشافعي :
متى يكون الرجل عالماً ؟
فقال : إذا هو حقق في تعلمه ( أتقن الفن الذي تخصص فيه ) وتعرض لسائر العلوم فنظر فيها ، فإنه حكي لي عن جالنيوس أنه قيل له : إنك تأمر للداء الواحد بالأدوية الكثيرة المجتمعة ، أفكل الأدوية دواء لذلك الداء ؟
قال : لا ، إنما المقصود منه واحد ، وإنما يجعل معه غيره لتسكن حدته ، لأن الإفراد قاتل .
5 ـ قال الفضيل بن عياض : ( لأن آكل عند اليهودي والنصراني أحب إلي من أن آكل عند صاحب بدعة ، فإني إن أكلت عندهما لا يقتدى بي ، وإذا أكلت عند صاحب بدعة اقتدى بي الناس .
أحب أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد . الحلية بسند صحيح .
وروى ابن عساكر عن الجروي أنه سمع الشافعي يقول : ( ما ناظرت أحداً فأحببت أن يخطيء إلا صاحب بدعة فإني أحب أن ينكشف أمره للناس ) .
6 ـ معرفة سبب التصنيف مما يعين على فهم كلام العلماء .
العنقري ـ الدرر السنية .
7 ـ لا جرم أن هجر المتأخرين لكتب الأمهات وتصانيف الأقدمين خطأ واضح يعرفه من أشرف على الجميع ( أي : على كتب المتقدمين والمتأخرين وقارن بينها ) .
هيئة الناسك في أن القبض في الصلاة هو مذهب مالك لابن عزوز .
8 ـ تظاهرت الآيات والأخبار ، وتظافرت الآراء والآثار على أن أربح المتاجر وأمثلها الاشتغال بالعلوم الشرعية .
9 ـ قال أهل اللغة والنحويون : لا يجوز إضافة لفظة كافة : فلا يقال : قال كافة العلماء وكافة الناس . . . وهذا لاخلاف فيه بينهم .
قالوا : بل يقال : قال العلماء كافة وجاء الناس كافة ، فتنصب ( كافة ) على الحال ، كما يقال : قال الناس قاطبة ، وقد كثر إضافتها في كتب الفقة وذلك غلط .
( رؤوس المسائل للنووي ) .
10 ـ قال النووي تعليقاً على حديث معاذ المشهور ( لا تبشرهم فيتكلوا ) : وفيه جواز إمساك بعض العلوم للمصلحة أو خوف المفسدة ( شرح مسلم) .
قال العز بن عبدالسلام في قواعده : ولا يجوز إيراد الإشكالات القوية بمحضر من العامة ... وكذلك لا يتفوه بالعلوم الدقيقة عند من يقصر فهمه ، وما كل سر يذاع ولا كل خبر يشاع .
11 ـ أما الخروج من اختلاف العلماء فإنما يفعل احتياطاً إذا لم تعرف السنة ولم يتبين الحق لأن من اتقى الشبهات استبرأ لعرضه ودينه ، فإذا زالت الشبهة و تبينت السنة فلا معنى لمطلب الخروج من الخلاف .
( شرح العمدة لابن تيمية ) .
12 ـ قيل للشافعي : أيما أحسن الإيجاز أم الإسهاب ؟
فقال : ( لكل من المعنين منزلة ، فمنزلة الإيجاز عند التفهم في منزلة الإسهاب عند الموعظة ، ألا ترى أن الله إذا احتج في كلامه كيف يوجز ، وإذا وعظ كيف يطنب في مثل قوله محتجاً ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) ، وإذا جاءت الموعظة جاء بأخبار الأولين وضرب الأمثال بالسلف الماضين ) .
( الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي ) .
13 ـ قال عوف بن النعمان في الجاهلية : ( لأن أموت عطشاً أحب إلي من أن أخلف أكون مخلفاً لموعد ) .
المال حيث أضيف إلى الله ورسوله فالمراد به : ما يجب أن يصرف في طاعة الله ورسوله و ليس المراد به أنه ملك للرسول كما ظنه طائفة من الفقهاء ولا المراد به كونه مملوكاً لله خلقاً وقدراً فإن جميع الأموال بهذه المثابة .
15 ـ قال صاحب كتاب تطهير اللغة من الأخطاء الشائعة :
يقولون : تنور عقله ، وفلان متنور أي : راق !
وهذا خطأ فمادة هذا الفعل ليس لها علاقة بالنور وما في معناها .
ومعانيها كالآتي :
تنور : تطلّى بالنورة ، وهي أخلاط لإزالة الشعر الداخلي .
وتنور النار : تأملها وبصر بها وقصدها .
16 ـ فائدة من ملح العلم لا من صلبه :
( لا إله إلا الله ) فيه خاصيتان :
إحداهما : أن جميع حروفها جوفية ليس فيها من الحروف الشفهية ، للإشارة إلى الإتيان بها من خالص جوفه وهو القلب لا من الشفتين .
الثانية : أنه ليس فيها حرف معجم بل جميعها متجردة عن النقط إشارة إلى التجرد عن كل معبود سوى الله تعالى .
بدر الدين الزركشي .
17 ـ أما الاقتراض من مال المودع فإن علم المودع علماً اطمأن إليه قلبه أن صاحب المال راض بذلك فلا بأس . وهذا إنما يعرف من رجل اختبرته خبرة تامة وعلمت منزلتك عنده .
كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل في بيوت بعض أصحابه وكما بايع عن عثمان وهو غائب .
ومتى ما وقع في ذلك شك لم يجز الاقتراض .
( ابن تيمية ـ الفتاوى )
18 ـ آفة الخلق في حرفين : اشتغال بنافلة وتضييع فريضة وعمل جوارح بلا مواطأة القلب وإنما منعوا الوصول بتضييع الأصول .
(ابن أبي الورد ـ الحلية لأبي نعيم ) .
19 ـ قال الأحنف بن قيس :
علّم علمك من يجهل ، وتعلم ممن يعلم فإذا فعلت ذلك علمت ما جهلت وحفظت ما علمت .
( تاريخ دمشق لابن عساكر ) .
20 ـ أكثر الأمثال في شعر المتنبي من قوله ( يعني : أرسطاطاليس ) .
21 ـ التحقيق أنه لا يخلو شاعر عن أن يلم في شعره ببعض معاني الشعراء وبعض تراكيبهم ولا يعد ذلك سرقة .
وقد صدر ذلك عن العرب ومن بعدهم .
( من مقدمة الطاهر بن عاشور لجمع وتحقيق وشرح ديوان بشار بن برد )
22 ـ الذي عليه في التأليف المدار هو حسن الانتقاء والاختيار مع حسن الترتيب والتبويب والتهذيب والتقريب .
( عين الأدب لأبي الحسن ابن هذيل ) .
23 ـ من صور صبر العلماء على التأليف :
قال ابن الجزري متحدثاً عن شيخه ابن كثير :
وأجهد نفسه كثيراً وتعب فيه ( يعني كتابة جامع المسانيد ) تعباً عظيماً وقال لي : لا زلت أكب فيه في الليل والسراج ينونص حتى ذهب بصري معه .
( المصعد الأحمد ) .
24 ـ كلام أرسطو في الإلهيات كلام قليل وفيه خطأ كبير ، بخلاف كلامه في الطبيعيات فإنه كثير وصوابه كثير .
( در تعارض العقل والنقل لابن تيمية ) .
25 ـ ترجم الذهبي لنفسه في المعجم المختص وكان مما قال في ترجمته :
والجماعة يتفضلون ويثنون عليه ( يعني نفسه ) وهو أخبر بنفسه وبنقصه في العلم والعمل وإذا سلم لي إيماني فيا فوزي .
26 ـ أصدق ما قال الفلاسفة :
إن للعقول حداً تقف عنده .
( تهافت التهافت ) .
27 ـ من رام أن يتعلم أكثر من واحد في وقت واحد لم يتعلم ولا واحد .
( الضروري ) .
28 ـ قلما يخلو كتاب ألف في فن من الفنون من ذكر مسائل ليست منه على سبيل الاستطراد ، فمنهم من يؤثر الإقلال منه ومنهم من كان يرى الإكثار منه .
ومن المقلين منه : المؤلفون في أصول الأثر ( أي ما يعرف بعلوم الحديث ) لما أن لهم فيه عما سواه شغلاً شاغلاً .
( توجيه النظر لطاهر الجزائري ) .
29 ـ إذا قيل : إن العربي لا يخطئ ، فالمراد : لا يخطئ في اللفظ ، للملكة اللسانية الراسخة فيه ، وأما في المعاني فلم يقل أحد بعصمة جنانه ، كما قالوا بعصمة لسانه بل هو خلاف ما صرح به أئمة العربية .