ملامح عامة من شرح الزبيدي على الدُّرَّة

إنضم
11/03/2009
المشاركات
1,240
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الرياض- حضرموت
الإمام النَّاشري الزبيدي رحمه الله هو أحد تلامذة الإمام ابن الجزري رحمه الله بالبلاد اليمنية، ومن أثاره العلمية: شرح منظومة شيخه "الدرة المضية في القراءات الثلاث المرضية"، وهو مطبوع بتحقيق الشيخ عبد الرازق علي إبراهيم موسى رحمه الله وقد قرَّظ تحقيقه جماعة من القراء الأعلام، والقارئ لهذا الشرح المختصر يجد فيه بعض الملامح البارزة فيه، وقد أحببتُ عرضها هنا لإخواني ومشايخي لعلها تكون حافزاً لقراءة هذا الشرح بتمعن، أو أستفيد فائدة من تعليق أخ كريم، أو أحظى بدعوة صالحةٍ من قارئ لهذه الأسطر، وهذه الملامح كالتالي:
1) تنبيهه على انفرادات الدُّرَّة عن الطيبة: قال الإمام النَّاشري: «وفي الدرة زيادات على الطيبة انفرد بها عن بعض الرواة على ما سيأتي في بيانه «([1])، وهي أربعة مواضع، وقد أشار إليها الشَّارح:
- وقرأ ابن وردان ﴿ لا يخرج إلا نكدا ﴾ بضم الياء وكسر الراء بخلاف عنه, ولم يذكر في الطيبة هذه القراءة لأنها انفرادة ([2]).
- وقرأ ابن وردان بخلاف عنه ﴿ أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد ﴾ بضم السين وحذف الياء وفتح العين وحذف الألف، وهذه القراءة لم يذكرها الشيخ في الطيبة، لأنها مما انفرد الشطوي عن ابن وردان, ولا شك أنها صحيحة, ولو لم تصح لما ذكرها الشيخ ([3]).
- وقرأ روح ﴿ فيغرقكم ﴾ بالياء, وقرأه أبو جعفر ورويس بالتأنيث, وورد عن ابن وردان وجهان في الراء: التخفيف والتشديد، ويلزم من التشديد فتح الغين, ولم يذكر الشيخ التشديد في الطيبة، وهو مما انفرد به بعض الرواة عنه ([4]).
2) توجيه القراءات الواردة: لم يعتنِ الإمام النَّاشري بتوجيه القراءات الواردة في كتابه، وإنَّما اقتصر على توجيه بعض الأصول للقراءات، وسأورد هنا ما وجهه في شرحه على الدُّرَّة، وهو كالتالي:
- وضم الهاء رويس إن زالت الياء بالجزم أو البناء نحو ﴿ وقهم السيئات ﴾، و ﴿ وإذا لم تأتهم بآية ﴾، وذلك اثنا عشر موضعاً إلا ﴿ من يولهم ﴾ فكسر الهاء فيه, ووجه ضم هذه الهاء أنه الأصل في هاء الضمير، واستثنى ﴿ مَنْ يُوَلِّهِمْ ﴾ لاتباع الرواية، وجمعاً بين اللغتين ([5]).
- وأمَّا ﴿ فَبَشِّرْ عِبَادِ ﴾ فأثبتها يعقوب وقد اندرجت في قوله أول الباب وتثبت في الحالين لكنها تحذف في الوصل للساكنين فافهم ذلك ([6]).
- وقرأ أبو جعفر "باب النَّبي والنُّبوة والأنبياء" كأبي عمرو، وأبدل خلف همز ﴿ الذِئْبُ ﴾ ووجه حذف الهمزة في جميع ما ذكر قصد التخفيف والفرار من ثقل الهمزة ([7]).
- وقرأ أبو جعفر ﴿ لَا تُضَآرَّ وَالِدَةٌ ﴾ ﴿ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ ﴾ بإسكان الراء مخففاً وأشبع المد للساكنين ([8]).
- وقرأ خلف ﴿ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ ﴾ ويقول بالنون المفتوحة وضم التاء على تسمية الفاعل في سنكتب ونصب قتلهم و نقول بالنون المفتوحة كقراءة البصري خلافاً لحمزة ([9]).
3) استدراكه على شيخه واعتذاره له في متن الدُّرَّة: كثيراً ما نجد الإمام النَّاشري يعتذر لشيخه الإمام ابن الجزري، ويوجه قوله على المعنى المراد في نظمه، ويتأدب معه إذا اعترض عليه، وسأورد لذلك بعض الأمثلة:
- قال: «والمراد بقوله : "غيره أصله تلا" أي: قرأ أبو جعفر بكسر الهاء وضم الميم قبل الساكن كنافع وقرأ خلف كأصله بضم الهاء والميم نحو ﴿ عَلَيْهِم الْقِتَالَ ﴾ و ﴿ بِهِم الأَسْبَاب ﴾ ولا حاجة له إلى ذكر هذا، وإنما هو زيادة بيان وختم به البيت« ([10]).
- وقال: «ولا حاجة للشيخ إلى ذكر "صبحاً" لأن خلفاً إذا وافق نفسه في روايته عن حمزة لم يذكره كما سيأتي في باب الجزم، وإلا لورد ﴿ فَالملقِيَاتِ ذِكْرا ﴾ والعذر للشيخ أنه أقام وزن البيت« ([11]).
- وقال: «وشدد يعقوب ﴿ أَوَ مَنْ كَانَ مَيْتًا ﴾ بالأنعام, وفي كلام الشيخ رحمه الله تعالى إيهام, فإنَّ الأنعام فيها ﴿ ميتة فهم فيه ﴾ و ﴿ أن يكون ميتة ﴾ لكن العذر له أنه عطف الأنعام على الأقرب« ([12]).
- وقال: «واعلم أن الشيخ رحمه الله تعالى جمع هذه الألفاظ ومن جملتها ﴿ السحت ﴾ ومعلوم أنَّ أبا عمرو يضمه, وهو بالنسبة إلى يعقوب لا حاجة إليه لكن لما كان أبو جعفر يضمه خلافاً لأصله أو رده, والأمر في ذلك سهل لأنَّ المعنى صحيح« ([13]).
- وقال: «وقرأ أبو جعفر ﴿ ولنجزين الذين ﴾ بالنون كعاصم . ولا يرد عليه ﴿ ولنجزينهم ﴾ للترتيب على أن الشهرة كافية في ذلك , ولهذا أشار الشيخ إلى اعتمادها في أول نظمه« ([14]).
وغيرها من المواضع التي تكلَّم عليها في شرحه –رحمه الله-([15]).

([1]) ينظر: شرح الزبيدي على الدُّرة صـ324.
([2]) ينظر: شرح الزبيدي على الدُّرة صـ309.
([3]) ينظر: شرح الزبيدي على الدُّرة صـ323-324.
([4]) ينظر: شرح الزبيدي على الدُّرة صـ365-366.
([5]) ينظر: شرح الزبيدي على الدُّرة صـ124-126.
([6]) ينظر: شرح الزبيدي على الدُّرة صـ206.
([7]) ينظر: شرح الزبيدي على الدُّرة صـ163-164.
([8]) ينظر: شرح الزبيدي على الدُّرة صـ242-243.
([9]) ينظر: شرح الزبيدي على الدُّرة صـ267.
([10]) ينظر: شرح الزبيدي على الدُّرة صـ129.
([11]) ينظر: شرح الزبيدي على الدُّرة صـ134.
([12]) ينظر: شرح الزبيدي على الدُّرة صـ226.
([13]) ينظر: شرح الزبيدي على الدُّرة صـ235.
([14]) ينظر: شرح الزبيدي على الدُّرة صـ361.
([15]) ينظر على سبيل المثال: شرح الزبيدي على الدُّرة صـ119، 121، 235، 279، 311، 358.
 
عودة
أعلى