ملاحظات على كتاب "حيرة مسلمة" لألفة يوسف، للكاتب ياسين بن علي

طارق منينة

New member
إنضم
19/07/2010
المشاركات
6,330
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
للشيخ الزيتوني ياسين بن علي المشرف على موقع مجلة الزيتونة
هذه روابط التحميل
تبديد حيرة مسلمة-1
تبديد حيرة مسلمة-2


http://www.megaupload.com/?d=WZOVIZZ2
http://www.megaupload.com/?d=HUEPDYJ8
وهذا جزء قليل من الكتاب
ملاحظات على كتاب "حيرة مسلمة" لألفة يوسف (1)

الكاتب: ياسين بن علي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
السؤال – كما قال الراغب الأصفهاني في المفردات – هو "استدعاء معرفة أو ما يؤدي إلى المعرفة". فكل معرفة – كما قال بشلار – هي جواب عن سؤال. وعليه، يجوز لنا أن نقسم المعرفة إلى قسمين: سؤال وجواب.
وقد جاء في الأثر: حسن السؤال (أو المسألة) نصف العلم؛ لأن في السؤال الحسن تأطير مسألة وتحقيق مناط وتحديد بحث وحصر موضوع، وهذه العناصر هي نصف المعرفة؛ لأنّ الجواب مبني عليها. ولهذا فإنّ العالم الحقّ هو من يحسن السؤال، أو بعبارة شتراوس: ليس العالم من يجيب أجوبة صحيحة إنما العالم من يسأل أسئلة صحيحة.
وقد انطلقت الدكتورة ألفة يوسف من هذا المنطلق، فألفت كتاب "حيرة مسلمة"، وبيّنت قصدها من تألفيه قائلة: "إننا في هذا الكتاب أبعد ما يكون عن الأصولية في وجهيها الديني والحداثي، ذلك أننا لا نريد تقديم أجوبة جاهزة نهائية وننتمي إلى السؤال قبل الجواب والحيرة قبل الاطمئنان..."(1).
وأنا لست ضدّ السؤال، ولذلك ألتمس للدكتورة ألفة عذر السؤال، ولكنني ضدّ الحيرة والتشكيك؛ ذلك أن الأسئلة التي سألتها الدكتورة معبّرة عن حيرتها قد تجاوزت الشأن الفردي لتتحوّل بعد النشر إلى شأن جماعي. وبعبارة أخرى، فإن الدكتورة بنشرها لكتابها قد بثّت الحيرة في نفوس الناس من خلال أسئلة تشكيكية تتعلّق بأحكام شرعية وآيات قرآنية زعمت الدكتورة نفسها بأنّ جلّ المسلمين يعتبرها "محكمة واضحة لا تطرح أيّ إشكال ولا تستدعي أيّ تفكير"(2).
وعليه، فقد رأيت من واجبي القيام بنقض هذا الكتاب والردّ على صاحبته. {عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ}.

1. ملاحظات عامة:
أردت قبل الخوض في بعض المسائل التي تناولها الكتاب عرض جملة من الملاحظات العامة التي تكشف لنا عن قواعد لم تأخذها الدكتورة ألفة بعين الاعتبار. وأحسب، أن قسما لا بأس به من المغالطات الواردة في الكتاب قد نشأ عن إهمال لهذه القواعد؛ لذلك أردت بيانها مع بيان بعض المغالطات الناتجة عن إهمالها. كما أردت من خلال هذه الملاحظات بيان أسلوب الكاتبة وكيفية تناولها للمسائل التشريعية، وبيان موقفها من الصحابة والعلماء.

ملاحظة أولى: الطعن في الصحابة والعلماء
تقول الدكتورة ألفة: "ولكن ما لم أتوقعه البتّة هو أن تتحول قراءة الكتاب ومجادلته الفكرية لدى البعض إلى سيل من الشتم والقدح على صفحات الجرائد ولا سيما على الانترنت. ولعلّ هذا السيل من الشتائم أثار في الكاتبة المسلمة حيرة أخرى تتصل بالعلاقة بين الديني والأخلاقي بمعنى الإطيقا... فلا بدّ من التصدي لهم بقوة الفكر والحجة وبأخلاق المسلم لا بالثلب والسب والشتم والتكفير ممن يدّعون أنهم مسلمون وممن ينسون أن الرسول بعث ليتمّم مكارم الأخلاق"(3).
أقول: وأين هذا "الأخلاقي بمعنى الإطيقا" في كتاب الدكتورة؟ وهل من قوة الفكر والحجة، ومن أخلاق المسلم، ومن مكارم الأخلاق، أن تطعن الدكتورة في نزاهة الصحابة والعلماء، وتصوّر لنا عملية تفسير النص القرآني وكأنها عملية تزوير واحتيال وتحريف قام بها شرذمة من الرجال يدفعهم لاوعيهم الذكوري لمخالفة صريح القرآن وغمط حقوق المرأة.
تقول الدكتورة: "فها أنّ المفسرين والفقهاء يعمدون أحيانا إلى مجرّد النظر العقلي ليقرّوا أحكاما إلهية وها أنهم يجوّزون ذلك متى شاؤوا ويمنعونه متى شاؤوا" (4).
ومعنى هذا الكلام، أنّ المفسّرين والفقهاء يقولون بالتحريم والتحليل حسب هواهم ورغباتهم. فهل الطعن في موضوعية المفسرين والفقهاء من قبيل البحث الفكري الرصين أم من قبيل التجريح والقدح؟ وهل معنى هذا الكلام، أنه لا يجوز لنا بعد الآن قراءة كتب التفاسير والفقه لأنها مبنية على الهوى، وأن علينا أن نكتفي بما كتبته الدكتورة؛ لأنها هي وحدها من تمتلك النزاهة والموضوعية؟
وتقول الدكتورة: "... فالرازي يستند إلى إجماع المفسّرين وابن عاشور يعتمد قول الجمهور، ولكن ألا يكفي ظاهر النص اللغوي الصريح لتفنيد موقف هؤلاء فكلام الله تعالى لا يخصّص الإخوة بأنهم للأب أو للأم أو لكليهما اللهم إلا إذا كان المصحف الذي بين أيدينا منقوصا أو مختلفا في شأنه. وكأنّ بعض المفسرين لا يجد حرجا في أن يضمّن ذلك... إنّ من الطريف أن المفسرين في نشدانهم تفسيرا للنص يلائم المجتمع الأبوي فيرفع من نصيب الإخوة من الأب وينقص من نصيب الإخوة من الأم وفي سعيهم إلى المحافظة على تفسير للنص يلائم الإجماع وقول الجمهور لا يتحرّجون من إضمار وجود تحريف طرأ على القرآن أس الرسالة المحمدية"(5). وتقول: "فإنّ الفقهاء والمفسّرين لم يدّخروا في مقابل ذلك أيّ جهد في اعتماد الإجماع البشري أو (بالأحرى الذكوري) واعتماد أخبار الآحاد والقراءات الشاذة حتى يغمطوا المرأة حقّها... بل إنهم قد خالفوا صريح النص أو أضمروا إمكان تحريف القرآن في أحيانا أخرى حفاظا على مصالحهم..."(6).
ومعنى هذا الكلام، أنّ مفسرا وعالما كالشيخ الطاهر ابن عاشور (رحمه الله) الذي "يعتمد قول الجمهور" يضمر – كما صرّحت الدكتورة – إمكان تحريف القرآن حفاظا على مصالحه الذكورية. أليس هذا طعنا في نزاهة الشيخ الطاهر ابن عاشور؟ وهل تقبل الدكتورة أن يطعن أحد في نزاهتها وموضوعيتها العلمية، وهل ستعدّ ذلك من باب النقاش العلمي أم من باب الثلب والسب والشتم والتجريح؟ ثمّ لنسأل الدكتورة: ما حكم من أضمر تحريف القرآن ونقصانه؟ هل هو مؤمن أم كافر؟؟؟
وتقول الدكتورة: "كما أنه يجب أن لا ننسى أن بعض المسلمين انزعجوا أيما انزعاج من إسناد الله تعالى نصيبا من الميراث للنساء، فهؤلاء – وهم المسلمون الأوائل الذين يقدّمهم لنا البعض اليوم في صورة مثالية يطيعون دون تلكإ وينفذون دون نقاش- لم يقبلوا أوامر الله تعالى بتوريث النساء إلا على مضض...ولعلّ هؤلاء الذين ترجّوا السماء لتغير حكمها ثم قبلوا الواجب عن مضض أقلّ استنكارا لكلام الله من مسلمين سواهم ودّوا لو نسي الرسول قوله أو غيّره... فإذا تلدّد هؤلاء المثاليون صحابة الرسول ومعاصروه عن توريث البنات فلن نستغرب أن يتواصل إلى اليوم..."(7).
أقول:
أولا: الصحابة رضوان الله عليهم كلّهم عدول، ولا معنى للطعن فيهم إلا الطعن في المصدر الذي نقل إلينا القرآن دون تحريف. فما معنى قول الدكتورة: "المسلمون الأوائل... لم يقبلوا أوامر الله تعالى بتوريث النساء إلا على مضض"؟ وهل يجوز قول ذلك في الصحابة مع علمنا بقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}؟ فهل تريد الدكتورة نفي الإيمان عن المسلمين الأوائل بإثبات انزعاجهم من حكم رباني؟
ثانيا: اتهمت الدكتورة العلماء في مواضع كثيرة من كتابها بمخالفة صريح القرآن، ولكن أليست هي من خالف صريح القرآن بطعنها في الصحابة؟ قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }، وقال سبحانه: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبا}، وقال سبحانه: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
ثالثا: انتقدت الدكتورة في كتابها منهج المفسرين الذين يعتمدون أخبار الآحاد مع مخالفتها لصريح القرآن، وقاعدتها في ذلك أن "عموم القرآن لا يجوز تخصيصه بخبر الواحد"(9)، ولكن الدكتورة لم تلتزم بمنهجها هذا فطعنت في الصحابة - الذين ثبتت عدالتهم بصريح القرآن- معتمدة في ذلك على أخبار آحاد مروية في تفسير الطبري.
رابعا: تقول الدكتورة: "ومن هذا المنظور يجوز أن نتساءل: بأي حقّ يسمح ابن عاشور لنفسه بأن يقرّ إقرار المتيّقن"(10). وأقتبس من كلامها هذا فأقول: ومن هذا المنظور يجوز أن نتساءل: بأي حقّ تسمح ألفة يوسف لنفسها بأن تقرّ إقرار المتيّقن "أن بعض المسلمين انزعجوا أيما انزعاج من إسناد الله تعالى نصيبا من الميراث للنساء، فهؤلاء... لم يقبلوا أوامر الله تعالى بتوريث النساء إلا على مضض"، وأن بعضهم "ودّوا لو نسي الرسول قوله أو غيّره"؟ فهل لها من حجة قاطعة لتطعن في صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
خامسا: لننظر الآن في الروايات التي اعتمدتها الدكتورة لتطعن في الصحابة:
قالت الدكتورة: "ففي رواية يوردها الطبري قال الناس بعد نزول آيات المواريث: تعطى المرأة الربع والثمن وتعطى الابنة النصف ويعطى الغلام الصغير، وليس من هؤلاء أحد يقاتل القوم ولا يحوز الغنيمة. اسكتوا عن هذا الحديث لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينساه أو نقول له فيغيره"(11).
أقول: سند هذه الرواية كما ذكرها الطبري في تفسيره هو: "حدثنا محمد بن سعد قال: ثني أبي [أي سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي] قال: ثني عمي [أي الحسين بن الحسن بن عطية العوفي] قال: ثني أبي [أي الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفي]، عن أبيه [أي عطية بن سعد بن جنادة العوفي الجدلي القيسي أبو الحسن الكوفي]، عن ابن عباس ...". وهذا سند جلّ رجاله من الضعاف الذين لا يحتج بهم. ويكفي أن نذكر منهم:
- الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفي: قال فيه ابن حجر في التهذيب: "الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفي روى عن أبيه وجده وعنه أخواه عبد الله وعمرو وابناه محمد والحسين وسفيان الثوري وابن إسحاق وغيرهم. قال أبو حاتم: ضعيف الحديث. وقال ابن حبان في الثقات: أحاديثه ليست بنقية. له عند أبي داود حديث واحد في لعن النائحة والمستمعة. قلت: وقال البخاري: ليس بذاك. وقال ابن قانع مات سنة 181 وكذا أرخه ابن حبان في الضعفاء وزاد منكر الحديث، فلا أدري البلية منه أو من ابنه أو منهما معا"(12).
- وعطية بن سعد بن جنادة العوفي الجدلي القيسي أبو الحسن الكوفي: قال فيه ابن حجر في التهذيب: "قال أحمد وذكر عطية العوفي فقال هو ضعيف الحديث ثم قال بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي ويسأله عن التفسير وكان يكنيه بأبي سعيد فيقول قال أبو سعيد وكان هشيم يضعف حديث عطية... وقال الدوري عن ابن معين صالح وقال أبو زرعة لين وقال أبو حاتم ضعيف يكتب حديثه وأبو نضرة أحب إلي منه وقال الجوزجاني مائل وقال النسائي ضعيف وقال بن عدي قد روى عن جماعة من الثقات ولعطية عن أبي سعيد أحاديث عدة وعن غير أبي سعيد وهو مع ضعفه يكتب حديثه وكان يعد مع شيعة أهل الكوفة... وقال ابن حبان في الضعفاء بعد أن حكى قصته مع الكلبي بلفظ مستغرب فقال سمع من أبي سعيد أحاديث فلما مات جعل يجالس الكلبي يحضر بصفته فإذا قال الكلبي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا فيحفظه وكناه أبا سعيد ويروي عنه فإذا قيل له من حدثك بهذا فيقول حدثني أبو سعيد فيتوهمون أنه يريد أبا سعيد الخدري وإنما أراد الكلبي قال: لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب... وقال ابن سعد: ... وكان ثقة إن شاء الله وله أحاديث صالحة ومن الناس من لا يحتج به. وقال أبو داود ليس بالذي يعتمد عليه. قال أبو بكر البزار كان يعده في التشيع روى عنه جلة الناس وقال الساجي ليس بحجة وكان يقدم عليا على الكل"(13).
وكما ترى فهذه رواية ضعيفة، إلا أن الدكتورة لم تكلف نفسها عناء البحث فيها لأنها تخدم غرضها.
وأما من ناحية المتن: فهل يعقل أن يتصوّر الصحابة رضوان الله عليهم إمكان نسيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وقد قال الله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تنسى}؟ وهل يعقل أن يتمنى الصحابة رضوان الله عليهم تغيير القرآن أو هل يعقل أن يتصور الصحابة رضوان الله عليهم إمكان تغيير النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وقد قال الله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}؟
فإذا كان الصحابة قد انزعجوا من آية المواريث، واستنكروا كلام الله، وودوا لو نسي النبي أو غيّر، فمن هم إذن من وصفهم الله تعالى بالصدق ورضي عنهم، ومن هم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم..." (رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود)؟



وقالت الدكتورة: " كما أنه يجب أن لا ننسى أن بعض المسلمين انزعجوا أيما انزعاج من إسناد الله تعالى نصيبا من الميراث للنساء، فهؤلاء – وهم المسلمون الأوائل الذين يقدّمهم لنا البعض اليوم في صورة مثالية يطيعون دون تلكإ وينفذون دون نقاش- لم يقبلوا أوامر الله تعالى بتوريث النساء إلا على مضض. يثبت ذلك الخبر التالي عن الطبري: كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ, لا يرث الرجل الصغير ولا المرأة. فلما نزلت آية المواريث في سورة النساء شقّ ذلك على الناس وقالوا: يرث الصغير الذي لا يعمل في المال ولا يقوم فيه والمرأة التي هي كذلك، فيرثان كما يرث الرجل الذي يعمل في المال. فرجوا أن يأتي في ذلك حدث من السماء. فانتظروا. فلما رأوا أنه لا يأتي حدث قالوا: لئن تمّ هذا إنه لواجب ما منه بدّ"(14).
أقول: هذه الرواية الثانية التي استدلت بها الدكتورة لتطعن في عدالة الصحابة. ومع أنّ سند هذه الرواية يحتاج إلى نظر إلا أننا ستناولها من حيث المتن، فنقول: من أين فهمت الدكتورة انزعاج الصحابة أيما انزعاج واستنكارهم لكلام الله؟
إنّ معنى "شقّ ذلك على الناس"، لا يفيد انزعاجهم من القرآن أيما انزعاج واستنكارهم له، بل يفيد استشعارهم لمشقة التكليف. قال في تاج العروس: "وشق عليه الأمر يشق شقاً ومشقة إذا صعب عليه وثقل وشق عليه إذا أوقعه في المشقة والاسم الشق بالكسر قال الأزهري ومنه الحديث لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة المعنى لولا أن أثقل على أمتي من المشقة وهي الشدة...". وإذا وجد المرء صعوبة ما في تكليف ما فلا يعني ذلك انزعاجه منه أيما انزعاج أو إنكاره. ولو اعتبرنا كل استشعار لمشقة من تكليف ما عبارة عن انزعاج واستنكار للتكليف لحكمنا بعدم إيمان الصحابة لتكرر الأمر معهم. وإليك أمثلة:
روى البخاري: عن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "واصل، فواصل الناس، فشق عليهم...".
وروى: "نزل رمضان فشق عليهم".
وروى: عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يقول الله عز وجل يوم القيامة: يا آدم، يقول: لبيك ربنا وسعديك ، فينادى بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار، قال : يا رب وما بعث النار؟ قال: من كل ألف - أراه قال - تسع مائة وتسعة وتسعين، فحينئذ تضع الحامل حملها، ويشيب الوليد، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد. فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم...".

وروى: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة ؟ " فشق ذلك عليهم...".
وروى أبو داود: عن ابن عباس قال: "نزلت إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين فشق ذلك على المسلمين حين فرض الله عليهم أن لا يفر واحد من عشرة...".
وروى النسائي في الصغرى: عن ابن عباس قال: "لما نزلت هذه الآية ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن و إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما، قال: " اجتنب الناس مال اليتيم وطعامه، فشق ذلك على المسلمين...".
وروى أحمد: عن أنس قال: قال: - كأنه يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال - " الإزار إلى نصف الساق، فشق عليهم...".
وروى ابن خزيمة: عن أنس بن مالك يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر ومعه أصحابه, فشق عليهم الصوم...".
إذا، ما هي النتيجة لو عملنا بفهم الدكتورة الذي يحمل معنى "فشّق عليهم" على الانزعاج أيما انزعاج من التشريع وإنكاره؟
ستكون النتيجة تكفير الصحابة – والعياذ بالله -؛ لأنهم وفق فهم الدكتورة ينزعجون من كل حكم أيما انزعاج ويستنكرون كل آية!
إنّ الصحابة رضوان الله عليهم بشر يعتريهم ما يعتري البشر، فيجدون أحيانا مشقة في بعض التكاليف كما نجد. وحينما نزلت آية المواريث وجدوا فيها مشقة باعتبار ما ألفوه وتعوّدوا عليه، ولكنهم لم يستنكروا حكم الله بل رجوا منه سبحانه وهو العالم بحالهم أن يخفف عنهم، فلما علموا أن لا نسخ ولا تبديل في الحكم سلّموا تسليما وقالوا: سمعنا وأطعنا. فليست المسألة: هل شقّ الأمر على الصحابة في البداية أم لا، فليس التكليف إلا مشقة(15)، إنما المسألة: هل عمل الصحابة بالحكم أم لا؟
والجواب هو: نعم، عمل الصحابة كلّهم بالحكم، ولا نجد أحدا منهم قسّم ميراثه وفق القسمة الجاهلية.
يتبع إن شاء الله تعالى...
02 شعبان 1431هـ


__________________
(1) حيرة مسلمة، ص11، دار سحر للنشر، ط3
(2) ص9
(3) ص8
(4) ص24
(5) ص55-56
(6) ص57-58
(7) ص33-34
(8) ص99
(9) ينظر: ص57-58
(10) ص31
(11) ص 33-34
(12) تهذيب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، ج1 ص559، دار المعرفة ط1 سنة1996م
(13) ج4 ص138-139
(14) حيرة مسلمة، ص33
(15) قال ابن النجار في شرح الكوكب (ج1 ص483): "التكليف لغة: إلزام ما فيه مشقة... قال في القاموس: والتكليف: الأمر بما يشقّ. وتكلّفه: تجشّمه..."



http://www.kafteji.com/forum/index.php?/topic/79442-%26-1575%3B%26-1604%3B%26-1585%3B%26-1583%3B-%26-1593%3B%26-1604%3B%26-1609%3B-%26-1581%3B%26-1610%3B%26-1585%3B%26-1577%3B-%26-1605%3B%26-1587%3B%26-1604%3B%26-1605%3B%26-1577%3B/
http://www.mtanwcha.com/2010/12/blog-post_9737.html
 
حوارات مع ألفة يوسف، النص من جريدة ايلاف الالكترونية بتاريخ 28 ديسمبر 2010م
جديس الحسن من تونس:تشتغل الباحثة التونسية الدكتورة ألفة يوسف على التراث الإسلامي نقدا وتفكيكا باستخدام أدوات عدة أهمها اللغة، وقد أنتج اشتغالها كتب عدة منها أطروحة الدكتوراه في تعدد المعنى للقرآن والذي ينشد تقديم جميع ضروب المعنى في القرآن من خلال المفسرين. يوسف التي تدعو إلى اعمال العقل ومراعاة الواقع في قراءة النصوص الأولية تعكس جهدا من جهود الأكاديميات التونسيات في دراسات التاريخ والحضارة واللغة العربية خصوصا في جامعتي سوسة ومنوبة بتونس، وهو جهد يضيق عليه النظام السياسي التونسي عندما يتجه لارضاء جميع الاتجاهات على حساب التفكير الحر الذي لايملك فيه المفكر حسابات السياسي حسب تعبيرها. "ايلاف" التقت الباحثة ألفة يوسف وكان الحوار التالي:
- يلاحظ في تونس اشتغال الأكاديميات التونسيات على نقد وتفكيك التراث الإسلامي،فما هي بدايات هذا الاتجاه وهل تقوم الجامعات بتوجيهه وما هي أهم نتائجه على النظام السياسي والمؤسسات الدينية في تونس؟
- الجامعة التونسية هي المؤسسة التي منها تخرّج عديد الباحثات اللواتي يشتغلن في مجال تفكيك التراث الإسلاميّ. وكلّنا يعتزّ بالانتماء إلى فضاء الجامعة الذي يكفل قدرا أدنى من الأدوات المعرفية الأكاديمية ومن المناهج الرصينة في البحث لا سيّما أن المجال المشتغل عليه له مداخل متعدّدة أقلّها شيوعا المدخل الأكاديمي ربّما لاستعصائه على الجمهور. ولهذا الاتّجاه روّاد أبرزهما الأستاذان الدّكتوران هشام جعيط وعبد المجيد الشرفي اللذان فتحا آفاق طلبتهما على الأدوات المعرفية المختلفة لتناول مسائل التاريخ والحضارة. وترسّخ هذا الاتّجاه بوجود عدد كبير من الطلبة أنجزوا وينجزون أطروحات تحت إشراف الأساتذة المذكورين بما أصبح يسمح بالحديث عن مدرسة تونسية لقراءة التراث الديني. وهي مدرسة تحظى بالمواكبة وبالاحترام في كثير من الجامعات والمراكز الثقافية العربية والغربية. ولكنّها في الآن نفسه تجد احترازا كبيرا من المؤسّسات الدّينيّة في تونس باعتبارها مؤسسات تريد أن تحتكر الخطاب حول مسائل الدين تراثا وحضارة وطقوسا. والنظام السياسي شأن جل الأنظمة السياسية في البلدان النامية يحاول أن يتوقع بما يتصوّر أنّه يرضي الأعمّ الأغلب في نوع من الحسّ المشترك يسمّيه بالإسلام المعتدل يرفض التّكفير لا شكّ ولكنّه لا يجعل للتفكير الحرّ مجالا خصبا. فمن ذلك أنّ الدولة لم تعط تأشيرة لجمعية تهدف إلى نشر الفكر الحداثي ومن ذلك أنّ وسائل الإعلام قد تُفتح ولكنّها لا تُفتح إلا بمقدار ضئيل مدروس للأكاديميات التونسيات إذا رغبن في الحديث في هذه المسائل. والحق أن للسياسي منظورا وشواغل وتصوّرا مختلفة عن تصوّر الباحث والمفكّر الّذي حسابات سياسية ضيقة له.وعلى العموم يمكن أن أقول إنّه لا وجود لتضييق على الكتب المنشورة في تونس لا سيما بعد القرار الرئاسي سنة2007 بإلغاء الرقابة الإدارية على الكتاب، ولكن يبقى الكتاب متوجّها إلى فئة معيّنة ما فتئت تنقص في ظلّ الإعراض عن القراءة وانخفاض مستوى التعليم والمدّ الوهّابي عبر الفضائيات الدّينيّة. والأهمّ في رأيي أنّ العمل الأكاديمي لا ينشد بالضّرورة استجابة "جماهيرية" ولا سياسية وإنّما هو بحث دؤوب من أجل تفكيك التراث الإسلاميّ بما يترك للأجيال القادمة أثرا على قوم حاولوا أن يفكّروا.
- مارأيك في مشاريع نقد التراث الإسلامي التي تنطلق من الغرب؟وكيف يؤثر انطلاقها من ثقافة غربية إسلامية على نتائجها؟
التقيت في كثير من الندوات بمن يشتغلون على الإسلام في الغرب من خلال رؤية تفكك النصوص وتحاول قراءة التراث الإسلامي وفق مناهج مختلفة. وأعتقد أن لمكان الإقامة دورا وإن يكن نسبيا في توجيه الأبحاث والدراسات من ناحية الباحث ومن ناحية المتقبل. فأما من ناحية الباحث فإن المقيم في الغرب لا يمكن أن ينفذ إلى واقع المجتمعات المسلمة إلا من خلال المجموعات المسلمة الموجودة في الغرب أساسا وهي مجموعات لها خصوصياتها وليس أدناها أن هذه المجموعات المسلمة تمثّل أقلّيات أغلبها يعاني وضعيات اجتماعية تحت المتوسّط. وعند كثير من هؤلاء المسلمين بالغرب يصبح الإسلام ملجأ للهوية والانتماء إزاء تغريب الآخر وإقصائه. لكن من اللطيف أن نلاحظ أنه منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر انتشر هذا التصور للإسلام -باعتباره ملاذا في مجال الهوية وسمات شكلية طقسية أساسا- خارج الغرب أيضا، وتجسّم لدى كثير من المسلمين في البلاد الإسلامية. أما من ناحية المتقبّل فدارسو التراث الإسلامي بالمراكز الغربية معرّضون أكثر من غيرهم لاتهامات بأنهم يخدمون "أجندات" سياسية غربية وبأنهم يريدون بتفكيك النصوص وبالدعوة إلى إعمال العقل خلخلة الإسلام من داخله. وينسى هؤلاء المتهمون طبعا (ولعلهم لا يعلمون) أن قراءة النصوص وإعمال النظر فيها من صلب التراث الإسلامي نفسه (المعتزلة-الرازي- ابن رشد إلخ). ولعل ما يساعدهم على هذا التجاهل أو النسيان ما تبثّه بعض وسائل الإعلام من نظريات مؤامرة وهمية في جلها ضد الإسلام والمسلمين، في حين أن المؤامرة الكبيرة ضد الإسلام هي تلك التي يشارك فيها المسلمون أنفسهم بجهلهم وتخلّفهم الفكري والاقتصادي والعلمي.
وفي كل الأحوال فأنا اعتقد أن ما يقوم به هؤلاء الدارسون بالغرب هام جدا من المنظور الفكري والعلمي، ففي نهاية الأمر علينا أن نتذكّر دوما أن الاعتبارات السياسية آنية ومتحوّلة أما البحث الأكاديمي العلمي فيبقى أثرا للأجيال القادمة تتناوله بالنقد والنظر والتفكيك.
- هل تتم دعوتك للمشاركة في ندوات وإلقاء محاضرات حول بحوثك وكتبك من قبل مراكز (حكومية أو خاصة) و مؤسسات جامعية عربية وخليجية؟
دُعيت مرّات عديدة من قبل مؤسسات جامعية عربية ومنها الخليجية مثل مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الاسلامية في الدار البيضاء و مؤتمر المرأة العربية والمستقبل بدبي.ما بقي في ذهني من هذه اللقاءات وجود تواصل عربيّ في مجال الفكر والبحث العلميّ والقضايا الثقافية المشتركة. والأهمّ أنّه رغم حضور عدد من الحضور يحملون آراء مخالفة بل مناقضة أحيانا فإن الحوار كان دوما يدور في ظلّ الاحترام المتبادل والتسامح الفكري والوعي بأن الاختلاف قدر الإنسان. وقد كانت هذه اللقاءات مناسبة طيبة تبيّنت فيها أن الهموم واحدة رغم بعض التلوينات الجزئية. ويظل المشكل في كل البلاد العربية حسب رأيي في الهوة الكبيرة بين الخطاب الفكري وجمهور المتقبلين. أقول هذا وأنا على وعي عميق بأن قدر الفكر العميق أن يظل نخبويا ولكن فرق بين النخبوية والانفصال المطلق عن الواقع. لا يهمني أن يكون جمهور المتقبلين العرب قادرا على أن ينفذ إلى أعماق النظريات والمناهج الفلسفية والنفسية والاجتماعية مثلا ولكن يهمني أن يجدوا صدى للرؤى الفكرية في تبسيط دونما إخلال.
- ضمن منظومة المفاهيم المتعلقة بحقوق المرأة كالعدل والمساواة، ما هي المفاهيم التي تنطلق منها د.ألفة يوسف في أبحاثها وما هي المفاهيم التي يصعب التوفيق بينها وبين المصادر الأولية الإسلامية ( القرآن والسنة)؟
الحق أني لا أستطيع أن أميز بين المصادر الإسلامية الأولية في تأويلها الشائع الذي انفتح عليه لاوعينا منذ الطفولة من جهة والمفاهيم المتعلقة بالحقوق والمساواة التي شكّلت جوهر ثقافتنا وتعليمنا. اجتمع كلا الأمرين في نفسي وأذكر أني في فترة المراهقة كنت أتساءل عمّا كان يبدو لي حيفا و تمييزا للذكور على الإناث في المصادر الإسلامية وأذكر أن الفكرة الأساسية التي كانت تتكرر في ذهني في تلك السن هي فكرة أن الإله لا يمكن أن يكون غير عادل ولا يمكن أن يحاسبك استنادا إلى انتماء جندري لم تختره.
وعندما تعمّقت في قراءة النصوص تبيّنتُ أنّ ما كان يبدو لي يبدو حيفا وظلما إنما مردّه القراءات الذكورية للنصوص عبر التاريخ. فالقرآن يتميّز بانفتاحه التأويلي وبتعدد مستوى قراءته ممّا وضّحه أحسن توضيح محمود طه عندما قدّم قراءة ثوريّة لمفهوم النسخ تعتبر آيات الفترة المكية الداعية إلى التسامح والودّ قابلة لأن تكون ناسخة لبعض الآيات المدنيّة وفق الأطر التاريخية التي تسمح بذلك. ومن وجوه الانفتاح التأويلي للقرآن تعدد معانيه الحاصل بالقوة وبالفعل. وقد حاولت توضيح أسس هذا التعدد لسانيا في كتاب "تعدّد المعنى في القرآن" (وهو أطروحة دكتورا الدولة) وحاولت توضيح بعض إمكاناته إجرائيّا في كتاب: "حيرة مسلمة". إنّ العدالة والمساواة جوهر القرآن وجوهر سلوك الرسول صلى الله عليه وسلّم، وهذه القيم مفارقة إنسانية يمكن أن يختلف تجسيمها باختلاف المجتمعات وباختلاف السياقات التاريخية ولكنّها تمثّل الأفق الأخلاقي الذي يجمع الناس جميعها. إنّ مشكلنا اليوم هو أن لنا مسلمين بلا إسلام، لنا مسلمين لا يهتمون إلا بالطقوس على قيمتها ولا يقفون إلا عند دقائق الشكليات ويكادون يطلبون من الشيوخ صكوك غفران ويحتاجون إلى وسيط بينهم وبين الله في دين أساسه وثورته الكبرى أن المسلم لا يحتاج إلى وسيط في علاقته مع الله تعالى، وأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه ليس إلا بشرا يوحى إليه. ومع هذا كلّه تجد جلّ المسلمين يهملون البعد الروحاني للإسلام فأين الأخلاق؟ أين الاحترام؟ أين العلم؟ أين التمدّن؟ لقد قمت بفريضة الحج وفاجأني ما رأيته من أوجه سلوك غريبة في مكان من المفروض أن تحلّ فيه الرّحمة والسّكينة. إن لساني يكرّر مع الإمام محمد عبده: أخلاقهم ديننا. وقلبي يدعو لنفسي ولكل المسلمين أن تعود لنا قيمة قرآنية أساسية وهي قيمة السكينة. فلا يمكن للمؤمن المطمئنّ إلا أن يؤمن بقيم العدالة والمحبّة والمساواة.
- صنفت نفسك في إحدى المقابلات التلفزيونية كعلمانية دينية، لماذا هذا الاتجاه؟ وهل يصح القول بأن مجلة الأحوال الشخصية التونسية التي منحت المرأة التونسية حقوقا وحريات لا تحظى بها بقية النساء في العالم العربي مثل: مشاركة الأملاك ومنع تعدد الزوجات هي من نتائج هذا الاتجاه؟
كثيرون لم يفهموا ما المقصود بكلمة: علمانية دينية. ولذلك سببان: السبب الأول أن سوء طرح مفهوم العلمانية لا سيما في بعض وسائل الإعلام المروّجة للوهابية (صراحة أو ضمنيا) جعلت العلمانية مقابلة للتديّن في حين أنّ العلمانية ليست عكس التديّن، إنها لا تهتم بدين الأفراد وإنما تقوم سياسيا على فصل الدين عن الدولة. أما السبب الثاني لسوء الفهم فهو أن كثيرا من العلمانيين المتطرفين يسخرون من المتديّنين ومن طقوسهم. ولذلك شاع الفصل بين المفهومين.
آتي الآن إلى التوضيح، أنا أعتقد أن القرآن كتاب الله تعالى وهذا إيمان فرديّ لا ألزم به أحدا. ويمكن أن أتصوّر جدلا مع من يؤمن بذلك أن القرآن ليس فحسب كتاب أخلاق ومعاملات اجتماعية وإنما هو كتاب سياسي وأن الإسلام شريعة يجب أن تطبّق. نفترض هذا جدلا ونتساءل: أي قراءة من قراءات الإسلام نطبّق؟ يكفي أن ينظر المرء في التاريخ الإسلامي ليتبيّن الصّراعات السياسية الكبرى والفتن المختلفة التي مرّ بها الإسلام السياسي، وما زلنا نعاني آثار هذه الفتن إلى الآن. لقد قلت مرّة في إحدى الندوات بتونس: إنه لا يوجد تشريع إلهي. وشبعت تهجّما وتكفيرا لأن الجماعة لم يكملوا باقي الجملة: إنه لا يوجد تشريع إلهي ولكن توجد تطبيقات بشرية للتشريع الإلهي. إني في هذا المقام أستحضر دوما قول الرازي: كل الفرق تسمي الآيات الموافقة لمذهبها محكمة والآيات المخالفة له متشابهة. وهذا دأب أهل الإسلام السياسي اليوم يعدون من وافقهم مسلما يريد خير الأمّة ويعدّون من خالفهم كافرا وصنيعة الغرب الصهيوني.
إن هذه الفكرة أساسية فإذا ما غدا تطبيق الشريعة متصلا بالبشر في اختلاف رؤاهم وتعددها من جهة وفي اختلاف ظروفهم التاريخية وسياقاتهم الزمكانية من جهة أخرى فها نحن إذن إزاء قوانين مختلفة متعدّدة لا يتجسّم الدّين فيها إلا في المعيش الفرديّ. أما اعتمادي لكلمة دينية في عبارة "علمانية دينية" فتذكير بوعي أساسي وهو أن المخيال الاجتماعي في البلدان الإسلامية مسكون بالدين وإن اختلفت نظرتنا له. وحتى اللادينيون لا يمكن أن يتعاملوا مع الإسلام تعاملا حياديا لأنهم نشأوا في بيئة للأديان فيها حضور كبير من حيث التمثّل. فالقصد من عبارة "علمانية دينية" أن علينا أن نعي بأن العلمانية الغربية في بيئة قطعت مع الكنيسة قطعا شبه تام (ولا أقول تام) لها خصائص مختلفة عن العلمانية التي نتصوّرها في بيئة ما تزال محكومة بالمخيال الديني.
وقد كانت لتونس فرصة كبيرة في تجسيم هذا المفهوم انطلاقا من صدور مجلة الأحوال الشخصية، وهذه المجلّة ليست قطعا مع الإسلام وإنما تقوم على اجتهاد في فهم أحكامه وقراءة نصوصه. ومن أبرز الاجتهادات ما خصّ تعدد الزوجات الذي مُنع على أساس أن شرط العدل مستحيل تحقّقه بشهادة قوله تعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُم، وعلى أساس أن تأويل المفسرين للعدل المستحيل باعتباره العدل في المشاعر ليس له مستند نصّي وليس إلا قراءة ممكنة للقرآن. كما نظمت مجلة الأحوال الشخصية الطلاق بقصره على القضاء وعدم تركه بيد الرجل وحده أما مسألة الاشتراك في الأملاك فتظل منظومة اختيارية يمكن للزوجين الانتماء إليها ويمكنهما رفض ذلك. ولكن الأهم من هذه التفاصيل جميعها أن مجلة الأحوال الشخصية وإن كانت مكسبا هاما بل أكثر من هام للمجتمع التونسي ولا للمرأة فحسب، فإنّها لم تغيّر المخيال والواقع الاجتماعيّين اللذين ما زالا قائمين على نظرة دونية للمرأة. وقد زاد هذا التصور الدوني مع انتشار الفضائيات السلفية التي تنظّر لضرب المرأة وطرقه والتي لا ترى المرأة إلا جسدا يجب شطبه وإلغاؤه. إن الهوّة الكبيرة بين القوانين والواقع ليست مدعاة إلى مراجعة القوانين بل إلى مراجعة آليات تطبيقها ذلك أن القانون ليس معلّقا في الهواء ويطبّقه بشر. وأضرب على ذلك مثالا فإذا ما اشتكت المرأة في تونس من العنف إلى الشرطة ورغم كل القوانين الموجودة فإنها قد تجد نفسها إزاء شرطي لا يشجعها على التقاضي أو يمارس ضدها العنف النفسيّ ولا سيما إذا كانت من بيئة فقيرة مفتقرة إلى أي ضرب من ضروب السلطة. إن افتخار الدولة التونسية بالقوانين المتقدّمة أمر منطقيّ ولكن هذا الافتخار قد يسكرها فينسيها أحيانا ضرورة العمل على أرض الواقع وعبر وسائل الإعلام لترسيخ صورة المرأة شريكا للرجل في التصوّرات والممارسة لا في الخطاب الرسمي فحسب.
- د. ألفة يوسف تدعو للعودة لمقاصد الشريعة التي حددها العلامة محمد الطاهر بن عاشور في كتابه "مقاصد الشريعة الإسلامية"، كيف سيشكّل علم المقاصد فارقا ملموسا في وضع المرأة المسلمة؟ و برأيك لماذا لم ينتج فقه جديد عن المقاصد مقابل الفقه القديم الذي لازالت تعمل به المؤسسات الدينية الإسلامية رغم قدم علم المقاصد وكونه مستنبط من النص القرآني في أغلبه؟
- اهتمّ بالمقاصد كثيرون أذكر منهم الشاطبي قديما وابن عاشور حديثا...وهي مدخل إلى الإسلام يخشاه اليوم كثيرون. ذلك أن مراعاة المصالح والكليات بما يضمن انسجام أحكام الشريعة مع بعضها البعض لا يهتمّ بالتفسير الحرفي وإنما يتخذ روح الشريعة منطلقا وأفقا. ولو اعتمد المفسرون اليوم على نفي الضرر ورفعهِ وقطعهِ. ولو فهموا أن جوهر الإسلام هي الكليات الشرعية الخمس: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، لما سمعنا فتاوى يعتبرها الجمهور مضحكة مثل فتوى إرضاع الكبير. وما يجهله كثير من الناس أو لعلهم يتجاهلونه أن هذه الفتوى لم يأت بها الشيخ من فراغ بل هي تستند إلى قراءة حرفية لنصوص تقدم على أنها نصوص صحيحة. ويمكن أن تؤدي بنا القراءة الحرفية للنصوص إلى ما هو أخطر من إرضاع الكبير، يمكن أن تؤدي بنا إلى عودة الرق باعتبار أن لا وجود لنص يحرّمه. فإذا كان للإنسان أن يمنع ما أباحه الله لأنه لا يتلاءم مع روح الشرع كما هو الشأن بالنسبة إلى الرق، فلماذا لا يمنع تعدد الزوجات استنادا إلى روح الشرع القائم على حفظ الألفة والمودة بين الزوجين مثلا.
إن بعض المؤسسات الدينية لا تستند إلى المقاصد لأن الاستناد إليها يفقدها سلطتها بل مشروعيتها. فالمقاصد تلتقي مع القيم الأخلاقية الكبرى التي يجمع عليها الناس، ووفق مقاصد الشريعة تكون المرأة شريكا للرجل ويكون التعليم والتفكير والحكمة بالمعنى الرشدي للكلمة من جوهر الشريعة. فإذا اعتمدوا المقاصد فمن سيضطلع عبر الفضائيات والمؤسسات الرسمية بدور الوسيط بين المسلم وخالقه ومن سيوزع صكوك الغفران ومن سيربح ملايين الدولارات بفضل سيطرته على عقول البسطاء؟.

- في كتابك "الإخبار عن المرأة في القرآن والسنة " تدعين إلى إعادة النظر في ما ذكر عن المرأة في المصدرين الأوليين وعدم التوقف عند ظاهر الخبر، لماذا برزت الحاجة مؤخرا لقراءة تتجاوز الظاهر؟ وما هي الآليات التي ترينها مناسبة لفهم أساس وخلفية هذه الأخبار؟
اعتمدت في ذلك الكتاب القراءة التاريخية المقامية للأخبار عن المرأة. فقد جمعت كلّ ما قيل في المرأة في القرآن والسّنّة. وقارنته بما كان موجودا في الجاهلية زمن نزول القرآن. وميّزت بين ما تشابه وما اختلف محاولة البحث في أسباب التشابه والاختلاف انطلاقا من غرس النص في بيئته التاريخية. وبيّنت فيما بيّنت أن القرآن والسنة شكّلا في بعض المواضع ثورة كبيرة فيما يخصّ حقوق المرأة. فمن ذلك أن المرأة لم تكن في الجاهلية ترث شيئا بل كانت هي نفسها متاعا يورث والقرآن منحها نصف الميراث يعدّ ثورة كبرى رفضها صحابة الرسول بل وصل بهم الأمر إلى أن يقولوا: "اسكتوا عن هذا الحديث لعلّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينساه أو نقول له فيغيّره". وقد لاحظت في هذا الكتاب أن النصوص المؤسسة قد جارت في حالات أخرى ما كان شائعا في البيئة التاريخية الجاهليّة بهدف استمالة الناس للدين الجديد. والمهم من الأمثلة التي حاول الكتاب أن يجمعها استقصائيا أنّه لا يمكن قراءة القرآن والسنة دون وضعهما في بيئتهما التاريخية، وهذا ما قام به بشكل من الأشكال القدامى عندما اهتموا بأسباب النزول، أما المحدثون فكثير منهم يرفضون أن يميّز المفارق في القرآن من التاريخي فيه. وينسون أن تاريخية القرآن لا تمسّ بأي شكل من الأشكال قداسته لأن رفض اتصال النص بواقعه تنفيه أي قراءة بسيطة له باعتباره يعج بالأخبار والأحداث التاريخية المخصوصة. وإذا كان النص غير تاريخي في بعض أوجهه، فكيف نفسّر إلغاء الرقّ الذي لم يلغه القرآن وظل العمل به في البلدان الإسلامية إلى حدود القرن التاسع عشر؟
- أهديت كتابك "ناقصات عقل ودين" إلى كل من احتار بين الرضا بالغيب والشوق إلى التجلي... ما الذي يحتمله هذا الإهداء وما الذي لا يحتمله في تصدره لكتاب يتناول حديثا صحيحا من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تمتعضه بعض النساء على حد تعبيرك؟
لو كان لي أن أختار أقرب كتبي إلى نفسي لكان هذا الكتاب. ف"ناقصات عقل ودين" كتاب اعتمد التحليل النفسي منهجا في قراءة بعض المفاهيم كالفقر (بمعناه النفسي) والشرك والقانون. وحاول الكتاب أن يقدّم قراءة مختلفة لهذا الحديث الشّائع انطلاقا من تحليل مفهومي الذكوري والأنثوي ودلالاتهما الرمزية في علاقة بالآخر المطلق. وهذه القراءة التحليلية النفسية لا تتموضع البتة في مجال تقييمي أو تفضيلي لنوع اجتماعي على آخر وإنما تحاول النفاذ إلى أعماق الإنسان الروحانية. والكتاب يطرح مسألة حضور الله في غيابه ويحلل دلالة الغياب الأصلي لدى المرء مؤكّدا أن جوهر حياتنا هي الشوق إلى ذلك الغائب الذي لا يمكن تمثّله مطلقا. إن حركة الشوق هذه تجسّم في الآن نفسه الرضا بهذه المنزلة البشرية القائمة على قبول الإنسان افتقاره الجوهري وقبول أنه ليس إلا ثانيا في الكون مسبوقا بآخر. وإننا نعتقد أن التخلي عن وهم المعرفة المطلقة ووهم السيطرة على العالم ووهم الجمع إنما هو جوهر مفهوم الإسلام أو الاستسلام للآخر المطلق.

 
حوار مع تونس الشروق
لقاء مع...الدكتورة ألفة يوسف ل»الشروق» التونسية: في « ناقصات عقل ودين» تجاوزت الطرح النسوي والأصولينور الدين بالطيبالشروق : 18 - 06 - 2005
تونس الشروق
الكتاب الجديد للدكتورة ألفة يوسف «ناقصات عقل ودين» كان هو الحدث في الأسابيع الأخيرة اذ بمجرد صدوره أصبح الموضوع الأساسي لأكثر من ندوة ولقاء فكري معها خاصة أنه يصدر بعد كتابها : الإخبار عن المرأة في القرآن والسنة وأطروحتها «تعدد المعنى في القرآن».
وألفة يوسف على صغر سنها نجحت في الجمع بين مجال التدريس الجامعي والحياة الثقافية سواء من خلال الملتقيات أو الانتاج التلفزي... «الشروق» التقتها في هذا الحوار .
* من تأويل المعنى في القرآن الى الإخبار عن المرأة في القرآن والسنة الى ناقصات عقل ودين... ثلاثة كتب في مبحث واحد... لماذا هذا الاختيار؟
تبدو الكتب في مبحث واحد من حيث العناوين على الأقل لأنها تهتم بالمرأة في الشريعة الإسلامية من حيث القرآن والسنة، منطلق الاهتمام بهذه الظاهرة هو تصوري بأنها ما زالت تحكم مجتمعنا وواقعنا واختياراتنا الفكرية ودوافعنا النفسية الى الآن ولا يمكن لأي واحد منا أن ينكر هذا الاطار المرجعي الذي أثّر فينا ويكوّن الذاكرة الجماعية التي منها نتعلم أتصور أنه لا يمكن أن ننظر لواقعنا ولا يمكن أن نلج الى الحداثة أو الى ما بعد الحداثة إلا إذا استطعنا أن نتعامل مع هذا التراث وأن ننظر فيه وأن نعرفه أولا ثم أن نقرأه مستعينين بالمناهج الحديثة عسى أن نتجاوز ما نجده اليوم من اشكاليات تبدو ممجوجة لكنها ما زالت تحكم واقعنا في علاقتنا بالتراث وفي علاقة التراث بالحداثة والمعاصرة.
* من قاسم أمين الى الطاهر الحداد من رواد الحداثة رواد النهضة كانت المرأة سؤالا مركزيا في الثقافة العربية هل تعتقدين أن المرأة ما زالت سؤالا مركزيا في الخطاب الثقافي العربي؟
المبحث ما زال في حاجة الى دراسة لأنه في رأيي ما دامت هناك كتب تشتغل في مجال ما فهذا يدل بأنه ما زال يطرح بشكل من الأشكال مثلا مسألة الرق رغم انها شغلت العالم في وقت من الاوقات لم تعد اليوم مطروحة ولا تكاد تجد كتبا تبحث في مشروعية الرق أو العبودية لأنها قضية وقع تجاوزها.
مسألة المرأة لا نراها مستقلة عن المجتمع وفي علاقة بالرجل هي مسألة تمس الواقع العربي أساسا لأن المرأة في العالم العربي لها صورتان صورة المرأة الأم بما تعنيه من محبة وقدسية والصورة الأخرى صورة الحبيبة والعشيقة التي تتراوح بين نظرة سلبية تحمل تصورات أخلاقية غالبا ما تلتصق بالمرأة ولذا تحاول أن تحدّ من السلبية بابقاء صورة المرأة في اطار الشرعية الاجتماعية يعني الزواج.
لكن في كل الأحوال كان لا بد أن نجد قاسم أمين والطاهر الحداد وحتى أصحاب المواقف السلفية رغم اختلافي معهم فلكل زمن من طرحه والآن أعتقد أنه حان الوقت لكي نتجاوز الطرح النسوي والطرح الأصولي في آن واحد وهذا ما حاول الكتاب الأخير «ناقصات عقل ودين» أن يصل إليه تجاوز الطرحين النسوي من جهة والأصولي من جهة أخرى.
* أنت من جيل جديد، فاطمة المرنيسي ونوال السعداوي وعائشة عبد الرحمان... سبقنك في تناول قضية المرأة هذه الأطروحات التي كان معظمها متأثرا بالطرح الماركسي الى أي حد تعتقدين بأن ألقى بظلاله على هذا المبحث؟
كما كنت أقول منذ قليل هناك مسألتان حكمتا قضية المرأة. أما التناول الأصولي التقليدي الذي ينظر نظرة مغلقة هي اعادة لما قاله الفقهاء. هذه النظرة نجده عند عائشة عبد الرحمان أساسا، في مقابل ذلك نجدها النظرة النسوية التي كانت ردة فعل على الطرح الأصولي وكانت متأثرة بالأطروحات النسوية الأوروبية مثل سيمون دي بوفوار ونجدها ما يشابهها في العالم العربي مثل نوال السعداوي وربما أقل حدة وتطرقا فاطمة المرنيسي وهذه النظرة تحاول أن تؤكد موقع المرأة في المجتمع لكنها في الآن نفسه تجد صعوبة في الملاءمة بين أحكام الشريعة وهذا الواقع.
أما النفي المطلق للشريعة وأحكامها وهذا في الطرح الماركسي أو محاولة ايجاد أطروحة بمعنى النظر في الأرضية التاريخية لتفسير النصوص وهذا ما قمت به شخصيا في كتابي : «الإخبار عن المرأة في القرآن والسنة». التساؤل يمكن أن يكون للمقام الذي قيل فيه القرآن دور في جعل تلك الأحكام بذلك الشكل وهل يمكن أن نجتهد في قراءة جديدة للأحكام وهذا تقريبا الأساس الذي قام عليه كتاب الطاهر الحداد... في «ناقصات عقل ودين» تجاوز هذا الطرح الذي طرحه قبلي كثيرون من بينهم فاطمة المرنيسي لأنظر للمسألة من منظور مختلف هو منظور التحليل النفسي.
والحقيقة أن عددا كبيرا من المحللين النفسانيين في الغرب ربطوا بين الدين أو الايمان والتحليل النفسي ووجدوا أن لا تضارب بينهما باعتبار أن كليهما يدفع لتحقيق السعادة للفرد وهناك اليوم الغربي عودة الى الروحانيات بالمعنى العام للروحانيات بعيدا عن التطبيق الآلي لأحكام الشريعة وبعيدا عن مفهومي الحلال والحرام، الروحانيات بما تحمله من سمو وراحة نفسية ومحبة خصوصا ارتياح الإنسان مع نفسه هذا المنطلق هو الذي حكم قراءتي لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في «ناقصات عقل ودين».
* المستشرقون اهتموا كثيرا بقضية المرأة كيف تقيمين أطروحاتهم في فهم قضية المرأة؟
يبدو أن المستشرقين حاولوا بالنسبة للنص الديني وحتى النص الأدبي أن يقرأوا الحضارة العربية الإسلامية بالمقاييس الغربية وهذا هو المشكل نجد مثلا شارل بيلا وهو باحث معروف يقول أن الحظارة العربية لم تنتج أدبا وأن الأديب الوحيد هو الجاحظ المشكل أن الغربيين يقيسون حضارتنا على حضارتهم والمستشرقون خصوصا ينسون ما يسمى بالفارق الزمني فيسقطون على القرآن والسنة أحكاما لا تتناسب مع الواقع التاريخي وعصرها مثلا أن نقول أن الإسلام يشرّع للرق وينسون أن الرق انذاك كان واقعا تاريخيا عالميا. السبي أيضا ليس خاصا بالاسلام كان أمرا عاديا... أو زواج الرسول بعائشة وهي صغيرة وينسون أن الزواج بصغار السن كان أمرا عاديا شأنه في ذلك شأن تعدد الزوجات فلا يمكن أن ننظر لهذا الواقع بعيدا عن سياقه التاريخي. وعندما ننظر في التاريخ يجب أن ننظر فيه بمقاييس زمنه لا أن نطبق مفاهيم حديثة على ظروف تاريخية لا يمكن أن نفهمها خارج مقاييسها وظروفها.
* هناك اهتمام غربي كبير بابداع المرأة العربية في الأدب والمسرح والسينما... والتركيز على صورة الرجل ومفهوم الجسد والجنس عند المرأة. هذا الاهتمام هل تعتقدين أنه يدخل في سياق غرائبي؟
لا يمكن أن يخرج هذا الاهتمام عن سياق غرائبي الى حد الآن لم نر باحثا غربيا يهتم بامرأة عربية تتبنى قضية خارج الاتجاه النسوي التوجه الغربي يبحث دائما عما يمكن أن يقدم صورة عن الشرق للغرب ترضي الغرب مثلا الأفلام أو الكتب يكفي أن تقدم للغرب صورته عن الشرق حتى تنجح أذكر مثلا الطاهر بن جلّون وهو مثال معروف. تقدم الصورة التي يريدها الغرب هذا هو شرط النجاح.
* وفي العالم العربي هناك جوائز كثيرة للرواية العربية النسائية خاصة. ما هو السر؟
لا يجب أن ننسى أن المرأة العربية لم تكن تتكلم وكان كلامها يضيع فإن تنسب نصا اليها هذا أمر حديث. من جهة أخرى هناك التشريعات الحديثة التي بدأت تساير الواقع في جميع البلدان، تونس هي الرائدة لكن نجد عددا من البلدان تحور قوانينها في اتجاه يؤدي الى مسايرة تطور الواقع. وهذا ليس اختيار بقدر ما هو استجابة لواقع الحداثة في العالم وهناك أيضا الصدى الغربي ما يعجب الغرب شأن الاهتمام بكتابات المرأة باعتبارها ظاهرة حديثة نهتم به.
* أنت من جيل جامعي جديد نجحت في الجمع بين الجامعة والتنشيط الثقافي ماذا أضافت لك التلفزة؟
منذ التحاقي بالسلك الجامعي وكنت صغيرة السن كان دائما هاجسي الأساسي كيفية الاتصال بالناس لأنه من المعروف أن الدرس الجامعي درس مخصوص دقيق ولا يمكن لهذا الدرس في دقته أن يمس الجمهور على أهميته.
فهمت أنه يمكن الجمع بين دقة المنهج والصرامة العلمية ومحاولة تقريب المفاهيم الأساسية التي يقوم عليها الدرس الجامعي الى الناس وكان المجال التلفزي هو نافذتي علمني أمرا أساسيا وهو أنه لا يمكن للعلم والمعرفة وللجامعة أن تستغني عن الناس، للبحث الجامعي دقته ولكن لا بد أن تكون قريبا من الناس بالتجادل معهم لأنني اكتشفت أن الناس العاديين من خلال حوارك معهم يمكن أن يفيدوك افادة كبيرة لأن نظرة العالم أو المثقف الى الكلام العادي مختلفة ولا يمكن أن تقوده الى أن يغوص في أعماق فكرية أو نفسية مفيدة للباحث أو للمجتمع.
* مساهمة الجامعيين في الحياة الثقافية دائما محل سؤال كيف ترين هذه المساهمات والعلاقة بين الشارع الثقافي والجامعة؟
هذه المسألة متعلقة بقضية فكرية هي المعرفة النبيلة هناك من يتحدث عن المعرفة النبيلة وكيف أن المعرفة الجامعية يجب أن تكون لها أسس واهتمامات غير اهتمامات العامة.
هذا الطرح ظهر في فرنسا أولا ومع بارط وقع تجاوزها من خلال الاهتمام بظواهر قد تبدو خارج مجال اهتمام الجامعيين مثل ظاهرة كرة القدم... اليوم يبدو أن مفهوم المعرفة النبيلة يجب أن نتجاوزه لا يعني هذا أن الجامعي يجب أن ينخرط في السهولة فللبحث الجامعي شروطه وللمساهمة في الحياة الثقافية شروطها ولا يمكن الخلط بين الأمرين فهناك شعراء وروائيون يعملون في البنوك والخدمات والإعلام ولكن للمهنة شروطها وضوابطها وللإبداع خصوصياته.
علينا أن نمنح لكل مجال خصوصياته. دور المثقف أن يتواصل مع الناس وأن يتحدث معهم لأنهم في حاجة الى ذلك أما أن نبقى في واد والناس في واد ثم نتساءل لماذا لا يهتم الناس بالكتاب.
على الجامعي أن ينزل من عليائه ويتواصل مع الناس ليستفيد منهم ويفيد في الآن ذاته.
 
الحوار المتمدن - العدد: 3178 - 2010 / 11 / 7
مقال الطيب آية حمودة

*ألفة يوسف من الجيل الجديد المثقف ، أكاديميية وأستاذة الحضارة في جامعة تونس ، جريئة في طروحاتها الدينية ، فهي قد غاصت في أعماق الموروث الديني وتناولته بالتحليل والمقارنة متسائلة ومستنكرة لموقع المرأة الضليل والذليل، والحيف الذي لحقها تاريخيا و غيبها عن الكلام ، فسكتت ردحا من اللأزمان ، فاسحة المجال لصنوها الذكر في تبني همومها وشؤؤونها ، وما كتبته وتكتبه ألفة يوسف في تآليفها ( الإخبار عن المرأة في القرآن والسنة، ناقصات عقل ودين ، وحيرة إمرأة مسلمة ،) حركت بها المواجع والسواكن ، وأشعلت حرائق في غابات محرم دخولها على الأنثى ، وهي بذلك فتحت على نفسها جبهة عريضة من الناقمين الذين يستهويهم النكوص والعيش رغدا وفق تأويلات وتفسيرات صاغها مسلم القرن الأول الهجري .
* لم أتوقع أن تعالج امرأة مسلمة ما عالجته ( ألفة يوسف )في كتابها ( حيرة مسلمة ، في الميراث والزواج والجنسية المثلية ) بكل شجاعة وروية مستفسرة ومحللة ، ولعلها في ذالك مسايرة لمواطنتها ( آمال قرامي ) في تأليفها القيم (الإختلاف في الثقافة العربية الإسلامية )، فكلاهما نهج نهج ( لا حياء في الدين ) في ولوج ما كان صعبا حتى على أكبر فقهاء الزمن الغابر .
ولعل في ثقافتهما الأكاديمية الواسعة وانفتاحهما على ثقافة الغرب ما يبرر ذلك ، ولو أن المفكر الديني عزف كليا أو جزئيا السماح لنفسه بمعالجة أمور الجنس وتشعباتها بدعوى مختلفة .
**ألفة يوسف من أهل النقل ، إلى أهل العقل :
المتتبع لما يكتب عن ألفة يوسف يصاب بنكسة لما آل إليه العقل من تحجر ،وما بلغه التزمت والإيمان الفطري من درجات علية يصعب معها ممارسة الحوار البناء ، وهو أمر لا تحسد عليه الدكتورة ، التي تتعرض يوميا عبر المواقع الإلكترونية وموقع الفايسبوك والرسائل المجهولة التي تأتيها تباعا عبر الإيميل منها المهددة والمستقبحة ، وجلها ينتقد ويسب، ولا يتعرض أو يلتفت لمضمون المكتوب مما أودعته في تأليفها ، وهو ما يشير أن الأمة في حرب مع ذاتها المفكرة المؤولة ، فهذه الأمة التي نعيش على هامش الحداثة والتطور ، هي أمة مستهجنة ترسخت في أمخاخها قيم البلادة والإمعية والإيمان الغيبي الفطري كنتيجة لغروس ما ضية مستقاة في الغالب من كتب التراث الصفراء التي تم استنساخها وإعادة بعثها طباعة وتوزيعها على مكتبات الأمة لقتلها فكريا وجعلها تابعة لمدرسة قبيلة حدثنا بتعبير جمال البنا ، ومدرسة آل حامد الغزالي بدلا من الإقتداء بالفكر التنويري المتحرر الرشدي ( نسبة إلى ابن رشد ).
جراءة الكاتبة وسلاسة أسلوبها في معالجة قضايا مفصلية في ديننا عبر المكتوب والمسموع والمرئي ( اليوتوب)، أحدث هزة عنيفة في المجتمع التونسي والمغاربي ، قليله مديح وكثيره استنكار وردود غالبها لا حضاري ، وشحذ المتأسلمون سيوفهم عبر مواقعهم للرد على ( شبهات ألفة يوسف ) ، في حين سكت العقلانيون المؤيدون لطروحاتها ، وخوفي أن يتحول مصيرها لما آل إليه مصير (طه حسين ) الذي أ ُلجم وأعيد في آخر أيامه إلى صف القطيع ، أوليصبح مصيرها شبيها لما تعرض إليه السيد القمني بعد نشره الحزب الهاشمي ، أو تُجبر على هجرة الأوطان مثلما وقع ل ( وفاء سلطان ) وخوفي أشد أن يقع لها مكروها كالذي وقع ( نصر حامد أبو زيد في محنة التفكير والتكفير) ، على أيادي غادرة آثمة لا تقدر قيمة الفكر والرأي في مجتمع يعج بالمتناقضات والفعل اللاّواعي . وإدراكها لمخاطر الفعل الذي أقدمت عليه ينم عن شجاعة قلما وجدت في الذكور قبل الإناث فهي تقول ( إننا واعون بركوبنا مركب الخطر في مساءلة المستقر ، وتحريك الراكد وتهديد إجماع الأمة ، يحفزنا على ذلك ايمان عميق بأننا إذ نسائل الكلام الإلهي لا نقر حقيقة نهائية ولا نثبت تأويلا قاطعا.... ونحن مؤمنون بأننا ما أوتينا من العلم إلا قليلا ، ومعتقدون أن تأويله لا يعلمه إلا الله ....)[1]
**حيرة امرأة مسلمة ...غاضها حال مثيلاتها .
الكاتبة ترى في مؤلفها المومأ إليه ، بأنه عبارة عن قراءة متسائلة لآيات قرآنية اعتبرها المسلم من قبيل الآيات المحكمة ، إنها في معالجتها بعيدة عن الأصولية ، ( فهي لا تريد ان تقدم أجوبة جاهزة نهائية ، إنها تريد أن ترمي حجرا فكريا فيما ركد واستقر من قراءات بشرية غذت بفعل الزمان مسلمات مقدسة لا تقبل النقاش ولا تستدعي التحقيق ، ، ولا شك أن الفكر الراكد في حاجة إلى من يحاوره ويحركه ويناقشه حتى لا يتحول إلى آسن عفن يهدد الفكر الحر الحديث ومكتسبات حقوق الإنسان )[2].
حيرة المؤلفة ترجمتها بتساؤلات ثلاث تضمنها كتابها بالتحليل والمناقشة ، فهي انتقلت من الحيرة في الميراث ، إلى الحيرة في الزواج ، وحيرة أشد في الجنسية المثيلة ،وأنارت بمعالجتها الكثير من مواقع الظل المسكوت عنها ، وأبانت الثغرات الموجودة في تفاسير القدامى ، وهي ترى بأن نقد البشر للبشر لا مساس فيه لقدسية النص الرباني ، وفكرها الوقاد هو ما جعلها عرضة للنهش في عرضها وعلمها ، وجعل البعض يفسر تأويلها بتأويل مغرض منه أنها ، أساءت للرسول والدين ، فلوا قرأوا بحصافة وفكر نير لما قالوا ما قالوه .
**قيمة الكتاب أنه رسخ لدى قرائه قناعة مفادها أن ليس كل ما قيل على لسان الفقهاء والمفسرين صحيحا ، فما قالوه ما هو إلا محاولة أولى لفهم القرآن ، تبعت بمحاولات ، وستتبع بأخرى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ،وغرضها في ذلك نزع لبوس القداسة التي أحيط بها علماء الدين بالنظر إلى تفسيراتهم على أنها بديلة للقرآن ، فجل ما قيل هو باعث على إعمال الفكر والتساؤل شوقا إلى الحقيقة ،وإذ أنها ذكرت ما ذكرته عن شروحات الجنس وبيانه ، فهي خاجلة منه عندما تواجهه ذاته ، مصداقا لقول جلال الدين الرومي القائل ( كل ما أقوله عن شرح العشق وبيانه أخجل منه عندما أواجه العشق ذاته:). وكتابها هو ترجمان لحال لسانها الذي يصدح بالقول ( لا تحرمونا حق التأويل ولا تصادروا أفكارنا ، بدعوى أنكم وحدكم الراسخون في العلم ، فإننا ننتمي إلى أمة ( إقرأ ) لا أمة ( تباع الجهل .).
===========================================================
[1]و[2] مقتبس من كتاب حيرة مسلمة في الميراث والزواج والجنسية المثيلة .
 
مداخلة الدكتورة سهاد قنبر عن ألفة يوسف في الرابط المرفق
جزاكم الله خيراً على فتح باب الحوار في هذا الموضوع ،والحق أن خطورة الشبهات تقاس بمدى أثرها على الناس ،وشبهات هؤلاء بدأت تترك أثراً على شريحة واسعة لا لمقومات الشبهة الذاتية وقوة من يثيرها ولكن لحمل الإعلام لها وتسويقها ودعمها من المراكز البحثية ومن أماكن صنع القرار وأماكن تخطيط المؤامرات في العالم الغربي،ولألفة يوسف كتابان آخران من القطع الصغير غير ما ذكر سابقاًوهما (الإخبار عن المرأة في القرآن والسنة)وهذا الكتاب تفوح منه رائحة الماركسية بصورة تزكم الأنوف وإن لم تصرح بهذا فالكتاب يتحدث عن العلاقة الجدلية بين المادة والفكر أو علاقةالواقع والنص وهذا جوهر الفكر الماركسي والكتاب الثاني(ناقصات عقل ودين).وكل كتبها مليئة بالمغالطات وبنظريات فلسفية غربية لم تحظ باعتراف الغرب نفسه .
تصر ألفة يوسف في الفيديو المعروض في المشاركة الأصلية على أنها مؤمنة ولكن بماذا هي مؤمنة ؟القارئ لكتابها تعدد المعنى في القرآن يجد أنها مؤمنة بأن القرآن كلام الله الذي لا معنى له ولا يمكن من خلاله الوصول لمراد الله لأن القرآن له معان بعدد القراء نفسهم وهذا جوهر فلسفة اليهودي دريدا الذي قام بفك العلاقة بين الدال والمدلول وجعلت لكل نص عدد لا نهائي من المعاني وهذا تدمير لمعنى أي نص.
من المفارقات العجيبة أن الدكتورة ألفة يوسف في كتابها (تعددالمعنى )أثبتت على حد زعمها استحالة وجود معنى واحد أصلي للقرآن واستحالة الوصول لمقصد الشارع ،فكل معنى يصل له المؤول يصلح أن يكون مقصداً للشارع ،إلا أن هذا لم يمنعها عند الحاجة للي عنق النص أن تقر بمقصد واحد للشارع في نفس الكتاب.
ومفارقة عجيبة أخرى من مفارقات ألفة يوسف ونظائرها أنها تنعى على المسلمين الخلط بين القرآن ومدونات التفسير في القدسية وهي لا تريد بهذا رفع القدسية عن التفاسير وإنما رفع القدسية عن معنى القرآن الذي لا وجود له بدون تفسيره وهي بهذا تلغي الفوارق الجوهرية بين القرآن و التوراة ،فالتوراة لا وجود لها بدون تفاسيرها (التلمود)،إلا أن الدكتورة ألفة لم تستطع أن تتحرر من ربقة فلسفات اليهود فقامت بأخذها وإسقاطها على النص القرآني فوقعت بمغالطات علمية ومعرفية ومنهجية كبيرة.
http://vb.tafsir.net/showpost.php?p=157037&postcount=16
http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=27981
 
. ولهذا الاتّجاه روّاد أبرزهما الأستاذان الدّكتوران هشام جعيط وعبد المجيد الشرفي اللذان فتحا آفاق طلبتهما على الأدوات المعرفية المختلفة لتناول مسائل التاريخ والحضارة. وترسّخ هذا الاتّجاه بوجود عدد كبير من الطلبة أنجزوا وينجزون أطروحات تحت إشراف الأساتذة المذكورين بما أصبح يسمح بالحديث عن مدرسة تونسية لقراءة التراث الديني. وهي مدرسة تحظى بالمواكبة وبالاحترام في كثير من الجامعات والمراكز الثقافية العربية والغربية
ذكرت ألفة يوسف هذا الكلام في حوارها المتقدم مع موقع ايلاف.
ومعلوم ان هشام جعيط الذي لي اطلاع كامل على افكاره كما للدكتور ابراهيم عوض رد طويل عليه ، اتهم جعيط الرسول اتهامات شنيعة جدا لم يسبقه اليها (مجتمعة) احدا، فقد اخذ من القس (تور اندري) فرضيته الفاسدة من ان المسيحية السورية وخصوصا فكر افرائيم السوري أثر على القرآن (الأولي) عن طريق وصوله إلى أسواق العرب قبل الإسلام وتأثر الرسول به عن طريقها، ومنها سوق كعاظ، فما كان من جعيط كما بينت في سلسلة "انهيار شرفات الاستشراق" الا أن أخذ فكرة :تأثير فكر افرايم على الرسول ولكنه اقتطعها من الطريق الذي افترضه اندري(أي طريق سوريا-اسواق العرب- مكة) وراح جعيط يفترض ويفتري القول بأن الرسول بنفسه ذهب-قبل اعلان الإسلام- إلى مدرسة افراييم ليتعلم بنفسه منها،أي اخترع طريق (مكة-سوريا).
ان فكرة تور اندري بدت غير مقبولة بصورة كاملة من جعيط ذلك انه وجد ان كثافة العلوم والمعلومات في القرآن لاتدل على أن هذه العلوم جاءت بصورة تامة متكاملة عن طريق سوق او اسواق!، وبدل أن يهدم جعيط فكرة تور اندري أحياها بأن حول الطريق التور اندري!، أي من سوريا إلى أسواق العرب إلى (من مكة إلى سوريا) ، أي ذهاب الرسول بنفسه قبل الإسلام إلى سوريا على فترات تطول اكثر مما تقصر وللتعلم فقط!!، ذلك ان ماورد في القرآن لايمكن ان يأتي بتأثير معلومات تختلط بأسواق!، فالقرآن منضبط انضباطا شديد ومعلوماته دقيقة وكثيفة ولايمكن أن يكون هذا عن طريق سوق ، وانما عن طريق دراسة ومدارسة بل وترجمة بزعم هشام جعيط طبعا(أبقى جعيط على مدرسة افرائيم من فرية تور اندري!)، ومعلوم أن الرسول لم يتعلم لا اللغة العربية ولا تعلم لغات في مكة ، ولكن جعيط اراد ان يوصل فريته إلى ابعد حد ، وهي في الحقيقة ابعد في الضلال من فكرة تور اندري، فقال جعيط لابد ان محمد(رسول الله) تعلم اللغات في مكة ولو من غلام!!!!
هنا يسقط جعيط وتسقط كلمات ألفة يوسف، وتسقط اكاديمياتهم التي لم يشرفني الله بالدراسة عليهم فيها فلله الحمد والمنة.
وعموما من هذه النصوص والمقابلات والحوارات يمكن ان نتعرف على ولاءات القوم والمؤثرات والانتماءات وميل القلب وغير ذلك، مع طبعا الكتابات الخاصة وكلها هي تجربة المؤلف المعين وعلاقاته مع النصوص والشخوص!
سلسلة انهيار شرفات الاستشراق (3) "سقوط القس أندري وجعيط العلماني"
http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=21014
( سلسلة انهيار شرفات الاستشراق (1) / أساطير لحجب النبوة )
http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=20879
سلسلة انهيار شرفات الاستشراق (19) / صبيانية علمانية
http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=24020&highlight=%D3%E1%D3%E1%C9+%C7%E4%E5%ED%C7%D1+%D4%D1%DD%C7%CA+%C7%E1%C7%D3%CA%D4%D1%C7%DE
سلسلة انهيار شرفات الاستشراق (18) / تعليق وسيناريوهات!
http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=23595
 
بارك الله فيك وفي نقلك المميز وفي جهدك الحثيث للدفاع عن دين الله وكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. أسأل الله أن يمدك بعونه وأن يزيدك توفيقا وسدادا.
وحقيقة بعد قراءتي للمدح الموجه لشخص الكاتبة في مقال الطيب آية حمودة بشكل يلبس الحق بالباطل ويرفع من قدرها ويمتدح جرأتها وعقلانية تفكيرها؛ أدركتُ حينها أهمية تأليف الكاتب ياسين بن علي لكتاب كامل يرد فيه عليها. أسأل الله أن يجزيه خير الجزاء ويرفع قدره, وإني لأحسبه وأحسبكم من المرابطين على الثغور.
بارك الله فيكم أجمعين.
 
بارك الله فيك اختنا بنت الاسكندراني ووالله انها كلمات محفزة للعمل دافعة اليه ومالنا لانقاتل في سبيل الله بالقلم واللسان وهو اعظم مايوصل للجنان بل وللعقل المحترم نفسه. بل هناك ماهو اعظم من ذلك وهو اننا في ناحية السماء وسلطان قيوم السماء وبديع السموات والأرض..أي شرف هذا... اللهم اجعلنا مخلصين متواضعين.. ومع الكفر معززين( أعزة)مرتفعين مهيمنين مكرمين مأجورين من رب العالمين.
والله اختي اني احيانا احزن لما ارى امثال ألفة يوسف فهذه الأجيال المسلمة تحتطف من بين أيدينا من كل سبع وضبع ومن أكلة الجيف ولحوم البشر وتحت لانملك شيئا.. بل والله نملك الكثير..إن الكلمة الطيبة صدقة... وتصدق ولو بشق تمرة... وإذا كان في يد أحدكم فُسيلة...
الأمر عظيم جدا..
جزاكم الله خيرا
 
دخلت الآن بالمصادفة على هذا المقال والتعليقات عليه، وقد شدنى كثيرا لأنى كنت أنوى أن أكتب عن كتاب الدكتورة التونسية، إلا أن صديقا تونسيا مشباكيا هو الذى عرفنى بها قد صرفنى، مؤقتا على الأقل، عن ذلك قائلا إنها لا تستحق أى اهتمام من جانبى. ولقد لاحظت أنها تنفق جهدها فى فصل من فصول هذا الكتاب فى تحليل اللواط بالمرأة محاولة إثبات ذلك من النص القرآنى ذاته. أى قرف هذا!
تحياتى للزميل الكاتب الكريم، بارك الله فى قلمه وعقله ودينه وأعطاه الأجر العميم
 
دخلت الآن بالمصادفة على هذا المقال والتعليقات عليه، وقد شدنى كثيرا لأنى كنت أنوى أن أكتب عن كتاب الدكتورة التونسية، إلا أن صديقا تونسيا مشباكيا هو الذى عرفنى بها قد صرفنى، مؤقتا على الأقل، عن ذلك قائلا إنها لا تستحق أى اهتمام من جانبى.
للدكتورة التونسية كتاب اسمه (تعدد المعنى في القرآن :بحث في أسس تعدد المعنى في اللغة من خلال التفاسير)وهو على ما اعتقد رسالة دكتوراه، هذا الكتاب يستحق الرد من اهل اللغة والتفسير ،ويبدو لي أن كتاب (حيرة مسلمة )هو التطبيق للتنظير في كتاب (تعدد المعنى)،وأنا أرى أننا في مرحلة حاسمة من تاريخ الأمة سيتقرر فيها مصير هؤلاء العلمانيون ،إما ان يركبوا موجة الثورات العربية وتكون لهم السيادة بدعم الدول الكبرى(وساعتها تصبح المعركة معهم طويلة ومريرة على كافة الأصعدة والمعركة الفكرية هي أحد هذه الأصعدة ) ،أو يندثروا بيقظة الشعوب المسلمة وتندثر أفكارهم وكتبهم معهم ويكفينا الله مؤونة الرد عليهم ،ونحن ننتظر بين الرجاء والدعاء والخوف حتى تنكشف الرؤية وتزول الغمامة عن الأمة.
 
جزاكم الله خيرا استاذنا الدكتور ابراهيم عوض ونفعنا بعلمكم وبذلكم المحمود ان شاء الله،وانا لاامل من قراءة ردودكم وكما قلت يوما، من قبل، فان نقدكم العلمي يحتاج لدراسة وتدريس لنتعلم اولا الصبر على القراءة وكذلك النفس الطويل في المواجهة المشتعلة، وعدم الاستعجال في الرد الا بعد ان يستوفى الموضوع كله من كل جوانبه
ننتظر ولانستعجلكم ، ننتظر ردا على ألفة يوسف، فناحية تونس التي قال عنها وزير خارجية فرنسا في رده على محمد عبده مهمة فهو اراد كما كتب ان ينزعها من مكة ، واضاف: بدون أن يتألم الدين المحمدي!
وهاهي تونس تعود ونتمنى منكم ان تسطروا للتاريخ وللاجيال مراغمة قامعة للباطل ومناهجه المتسللة.
وان شاء الله اختنا سهاد قنبر يجعلكم الله ويجعلنا ممن يسقط اصنام العلمانية صنم صنم
 
والله كم يحزنني أن أشاهد في هذا الصرح المبارك مجرد كتابة أسماء كهذه المعتوهةومن على شاكلتها كيوسف صديق ناهيك عن مناقشة كتاباتهم وأحزنني جدا لما تناول الملتقى كلام هذا الأخير في الشهر الفضيل
هن هم؟؟مجرد كتابة أسماءهم هنا تعطيعم وسام شرف وتلحق الأذى بالملتقى
نحن هنا لا نسمع لهم ولا نهتم لما يكتبون ونبغضهم
هذه المريضة تقوم بحملة في الجامعات التونسية للتصدي لظاهرة انتشار الحجاب كما تسميها وتقول عنا نحن المحجبات مصابات بأمراض نفسية لازم نحتضنهن ونعالجهن يخوفونهن بعذاب القبر أولياءهن إلى غير ذالك من سمومها التي تبثها
 
هذه المريضة تقوم بحملة في الجامعات التونسية للتصدي لظاهرة انتشار الحجاب كما تسميها وتقول عنا نحن المحجبات مصابات بأمراض نفسية لازم نحتضنهن ونعالجهن يخوفونهن بعذاب القبر أولياءهن إلى غير ذالك من سمومها التي تبثها
هذا هو غسيل المخ الذي تم في الجامعات التونسية، فترة حكم ابن علي، اختنا أم ابراهيم، وألفة يوسف نفسها ذكرت في حواراتها الاشخاص والمناهج التي اثرت عليها، وللالتفاف حول هذه المناهج والاشخاص ينبغي علينا ان ننسفها بالفضح والكشف وتسهيل المعلومة المضادة لهم حتى لايغتر بهم الشباب المفتون بالصالونات العلمانية واللقاءات الثقافية والعلاقات الليبرالية
الامر بالفعل جد خطير لان هؤلاء يشكلون ثقافة ممتدة في الرويات والافلام والصحف والاعلام
المشكلة انهم تافهين لو صح التعبير-بحسب نظرة بعضنا اليهم- لكن رغم هذه التفاهة فانهم يدخلون حجراتنا المتلفزة وكتبنا المدرسية المجهزة ونفوس اهالينا وعجائزنا وشيوخنا واطفالنا حتى وان لعنتهم هذه الفئات فكثير منهم يلعنهم لكنه في نفس الوقت يرضع من البانهم، بلاشعور ان مايشكل وعيهم او نواه منه او خطوط متوازية في شبكاته الدقيقة اللطيفة إنما هو انتاجهم الفكري الذي تشكل بعد انتاجه في رواية او لقطة او قصة او مشهد او فيلم او سيميائيات مجتمعات ناشئة ضاغطة!
 
كتاب تعدد الزوجات والعدل الإلهي

كتاب تعدد الزوجات والعدل الإلهي

http://www.facebook.com/pages/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/290551407635379?sk=wall#!/pages/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/290551407635379
من المصادفة انه قد قمت بالدفاع عن الإسلام وسيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم أمام التشكيك في تعدد الزوجات وان القرآن من تأليف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلمبتأليف كتاب تعدد الزوجات والعدل الإلهي وهو أعجاز علمي عظيم و واضح في القران الكريم لماذا المسلم له الحق في الجمع بين أربع زوجات ولماذا لم تكن أكثر أو اقل ولقد شاء القدر أن يكون تأريخ الموافقة يوم 17 فبراير 2011 تاريخ انطلاق الثورة التي أساسها الاعتصام أمام القنصلية الإيطالية ببنغازي غضبا عن الإسأة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم , كتاب تعدد الزوجات والعدل الإلهي ستجده قريبا بالمكتبات في ليبيا الحرة والعالم , والذي يرد على كل مشكك في القران الكريم و تعدد الزوجات منطلقا من المفاهيم العلمية والتقنية الحديثة فإننا نقبل نقدكم أنشاء الله
 
300899_290551570968696_290551407635379_1088304_189 5147828_n.jpg


من المصادفة انه قد قمت بالدفاع عن الإسلام وسيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم أمام التشكيك في تعدد الزوجات وان القرآن من تأليف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلمبتأليف كتاب تعدد الزوجات والعدل الإلهي وهو أعجاز علمي عظيم و واضح في القران الكريم لماذا المسلم له الحق في الجمع بين أربع زوجات ولماذا لم تكن أكثر أو اقل, كتاب تعدد الزوجات والعدل الإلهي ستجده قريبا بالمكتبات في ليبيا الحرة والعالم , والذي يرد على كل مشكك في القران الكريم و تعدد الزوجات منطلقا من المفاهيم العلمية والتقنية الحديثة فإننا نقبل نقدكم أنشاء الله
أخي الكريم ... (رفع الله قدرك ونفع بك)
لقد شوقتنا ـ بارك الله فيك ـ لكتابك هذا؛ فما أحوج الأمة الإسلامية لمن يدافع عن هذه الجبهة تحديدا, فياليتك تتكرم ـ مشكورا ـ بإتحافنا بمقاطع من كتابك في موضوع مستقل.
وجزاك الله خيرا.
 
عودة
أعلى