مقصد سورة طه

إنضم
24/07/2016
المشاركات
6
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
العمر
29
الإقامة
السودان
من مقاصد سورة طه أنها جاءت في بيان عظمة وأهمية ومكانة هذا القرآن العظيم ، فبدأها سبحانه بقوله لنبيه (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) فبين فيه سبحانه أنه لم ينزل هذا الكتاب لشقاوة الخلق وذلك بما أوجبهم عليهم، قال القشيري: أي ليس المقصود من إيجابنا إليك تعبدك، وإنما هذا استفتاحُ الوُصلة، والتمهيد لبساط القُرْبَةِ ، ووقوع الفعل (أنزلنا) بعد نفي(ما) يسلتزم العموم ويفهم من ذلك نفي وجود أي شقاء متعلق بإنزال القرآن من أي وجه من الوجوه ، ولما نفى وجود شقاء متعلق بإنزال القرآن كان من المناسب أن يذكر الحكمة من إنزاله فقال ( إلا تذكرة لمن يخشى) والإستثناء منقطع أي أنه سبحانه لم ينزله إلا للتذكرة كما قال في آخر السورة (وكذلك أنزلناه قراءناً عربياً وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا)، ولما ذكر الحكمة من الإنزال أراد أن يبين عظمة المنزَّل ، وجاءت الآيات بعد ذلك في بيان عظمة المنزِّل ليدل ذلك على عظمة المنزَّل وببيان عظمة القائل يُعظم القول ، ثم ذكر سبحانه قصة موسى مع قومه وبين حكمة ذلك بقوله (وكذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق) وقصص القرآن جاءت تسلية للنبي وتثبيتاً له ، ثم جاء الذم والوعيد للمعرضين عن هذا الكتاب الكريم ( وقد ءاتيناك من لدنا ذكرا* من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا خالدين فيه وسآء لهم يوم القيامة حملا) ثم تحدث عن أهوال يوم القيامة ليزيد من التقريع والتخويف في نفوس المعرضين عن القرآن ، وذكر تلك الأهوال العظيمة يوقع في نفوس المؤمنين الخوف والرهبة فأمنَّ وبشر أهل الإيمان الأ يخافوا إذا عملوا صالحاً ، ثم بين سبحانه الحكمة من ذكر تلك الأهوال بقوله (وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا) ، قال ابن عاشور: "عطف على جملة
{ كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق }
[طه: 99]، والغرض واحد، وهو التنويه بالقرآن. فابتدىء بالتنويه به جزئياً بالتنويه بقصصه، ثمّ عطف عليه التنويه به كليّاً على طريقة تشبه التذييل لما في قوله {أنزلناه قرآناً عربياً} من معنى عموم ما فيه" ، ثم أثنى سبحانه على نفسه بقوله (الملك الحق) والملك لأنه ذكر أهوال يوم القيامة فهو ملك يوم القيامة وكما جاء في سورة الفاتحة برواية سبعية(ملك يوم الدين) وثناؤه على نفسه بالحق ليكون كلامه من باب أولى حق ، ثم ذكره قصة آدم وما ألى إليه من الهبوط من الجنة لتبدأ رحلة الشقاء في الأرض(فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) ثم أمره باتباع هداه ليسعد ولا يشقى ولا يضل وذكر جزاء من يعرض عن ذكره وأي ذكر أعظم من كلامه ، ثم بين في آخرها أن أعظم ما أوتيه هؤلاء المكذبون هو هذا القرآن فهذا أعظم آية بينة من ربه (وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى) وكما جاء في قوله تعالى ( أولم يكفهم إنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لآياتِ لأولي النهى) ، وقولهم( فنتبع ءاياتك من قبل أن نذل ونخزى) إشارة ودلالة على أن من أعرض عن هذا القرآن هذه نهايته ومئاله فإن لم يُهلك بعذاب كالأمم السابقة فسيعيش في ذلٍ وخزي.
 
مقصد سورة طه مختزل في اسمها
قال تعالى تفصيلا لحرفي طه :
مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى
لَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى
فالضلال هو الذي يؤدي إلى الشقاء ، بعكس الهدى الذي يؤدي إلى السعادة، فالآية الأولى وصف للقرءان بأنه هدى (ه) ، والآية الثانية طمأنينة ، فتلك نتيجة طبيعية منطقية ، فالطمأنينة هي نتيجة الهدى ، فالباحث عن ضالته لا يكون مرتاح البال مطمإن القلب إلا إذا اهتدى إلى وجودها ، عندئذ يزول القلق ويرتاح البال فيشعر بالطمأنينة (ط)، فقد ختمت سورة طه بآية تؤكد ما جاء في مطلع السورة وهي :
قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى .
وحتى القصص الواردة في سورة طه ضربت فيها أمثال من الهدى والطمأنينة، فقد طمأن الله موسى عليه الصلاة والسلام من الخوف من الحية (
قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى) ، وطمأنه من خوفه ألا يفقه فرعون كلامه لعقدة في لسانه بأن أجاب دعوته فانحلت عقدة اللسان، وطمأن الله موسى وأخاه هارون عليهما الصلاة والسلام من خوفهما من فرعون أن يفرط عليها أو يطغى (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى )، وطمأن الله موسى حين أوجس في نفسه خيفة من الحبال التي خيلت إليه أنها ثعابين (قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى)، وطمأن الله موسى من أن يدركه فرعون (اضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى)،
وقصة آدم أيضا تضمنت هدى الله لآدم بأن حذره من الشيطان وذكره بأنه عدو مبين، وطمأن الله آدم بأنه لن يجوع في الجنة ولن يعرى ، ولا يظمأ فيها ولا يضحى...
 
عودة
أعلى