سمير القدوري
New member
الحمد لله وحده والصلاة على محمد خير خلقه
أما بعد فهذا طرف من آداب الجدل والمناظرة كما سطرها جملة من العلماء, جعلتها على شكل بنود وهي:
[1] على المناظر إخلاص النية وذلك ألا يقصد بنظره المباهاة وطلب الجاه, والتكسب والمماراة, والمحك, والرياء, ولا قصده الظفر بالخصم والسرور بالغلبة والقهر.
[2] وعليه أن يحذر رفع الصوت جهرا زائدا على مقدار الحاجة, فإن ذلك من شأنه أن يورث الحدة والضجر. والضجر يورث البلادة ويقطع مادة الفهم والخاطر.
[3] ويلزم الخشوع والتواضع, ويقصد الإنقياد للحق فيكون من جملة الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
[4] وألا يعود نفسه الإسهاب في الجدل بالباطل والمبادرة إلى كل ما سبق إليه الخاطر واللسان.
[5] و لا يسرع في مكالمة من يستشعر في نفسه منه العداوة والبغض لأنه يقوده إلى الغضب فيورثه ذلك تشوش الخاطر والعي.
[6] وعليه أن يحذر الاعتماد -أثناء كلامه- على من يظن أنه معه أو يستحسن كلامه في جملة الحاضرين فربما تبين له عدم موافقته لكلامه فيضعف ذهنه وخاطره ويذهب عنه كثير مما لا يستغني عنه.
[7] وعليه ألا يلتفت للحاضرين خالفوه أو وافقوه.
[8] وعليه تجنب الكلام في مجلس يخشى فيه على نفسه أو تغلب فيه عليه هيبة ذي سلطان, فإنه يكون منشغلا حينئذ بحراسة الروح عن نصرة المذهب.
[9] وتجنب مجلس لا يسوي بين الخصوم في الإقبال والاستماع وإنزال كل منزلته ورتبته فإن الكلام هناك يعد ذلا وصغارا يورثان الغم والغضب لكل ذي نفس أبية.
[10] وتجنب المجلس الذي غرض أصحابه من انعقاده التلهي لا تمييز الحق عن الباطل, وأقل ما فيه مجالسة من لا يحسن بأهل العلم مجالسته.
[11] وإياك واستصغار من تناظره والاستهزاء به-كائنا من كان- لأن خصمك إن كان المفترض عليك مناظرته فهو نظيرك, ولا يجمل بك إلا مناظرة النظير للنظير. لأنه إن يك من تكلمه غير أهل لأن تناظره, كان الواجب ألا تفاتحه بالكلام, فإذا فاتحته ثم استصغرته واستخففت به لم يجتمع ذهنك ولا صفاء قريحتك ولا اشتد خاطرك.
[12] وعليك المحافظة على قدرك وقدر خصمك وإنزال كل أحد -في وجه كلامك معه- درجته ومنزلته, فتميز بين النظير وبين المسترشد, وبين الأستاذ ومن يصلح لك. ولا تناظر النظير مناظرة المبتدئ والمسترشد, ولا تناظر أستاذينك مناظرة الأكفاء والنظراء بل تناظر كلا على حقه, وتحفظ كلا على رتبته.
[13] وكن مع خصمك مستبشرا متبسما غير عبوس, فتبتعدان معا عن دواعي الغضب والضجر.
[14] وعليك ألا تفاتح بالمناظرة من تعلمه متعنتا, لأن كلام المتعنت ومن لا يقصد تعرف الحق والحقيقة بما تقوله- يورث المباهاة والضجر وحزن القلب وتعدي الأحد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فإن لم تعلمه متعنتا حتى فاتحته بالكلام, وجب عليك حينها الإمساك عن مناظرته.
[15] وإن كان خصمك منتهيا عالما يقصد المناظرة واستبانة ما التبس, فلا تتعمق في العبارة, فإنك تطول عليه وعلى نفسك الأمر, بل اقصد بأسهل العبارات إلى مربط الفرس.
[16] وعلى المتناظرين جميعا أن يصبر كل واحد منهما لصاحبه في نوبته وإن كان ما يسمعه منه قد بلغ الغاية في التشويش, لأنهما متساويان في
حق المناوبة في الكلام. فمن لم يصبر منهما لصاحبه فقد قطع عليه حقه, ولأن ما يظنه السامع تشويشا ربما كان هو موضع الاتباس والشبهة عنده, فلا بد من الصبر على سماعه ليصير عنده معلوم الأول والآخر, ثم يتكلم فيه بعد ذلك على حقه. فإذا لم يصبر له خصمه بل داخله بالاعتراض أو الجواب في نوبته, احتمله ووعظه, فإن أصر عليه, قطع مكالمته. لأنه لا سبيل إلى كشف الحق مع التقطيع بل مع حسن الاستماع.
[17] وعلى كل واحد منهما أن يقبل بوجهه على خصمه الذي يناظره : المتكلم أثناء كلامه, والمستمع أثناء استماعه.
[18] وعليه ألا يناظر الأستاذَ إلا على على جهة الاسترشاد مع غاية الاحترام والتواضع وخفض الصوت وقطع اللجاج عند ظهور الرشد.
[19] وعليه مراعاة كلام الخصم, وتفهم معانيه على غاية الجد والاستقصاء.
[20] والحذر من إلزام الخصم بما لا يتحقق لزومه له.
[21] وعليه ألا يقصر في تنبيه الخصم وإعلامه بما يرى من مناقضاته في كلامه, وهكذا إذا رجع فيما سلم, نبههه عليه, لآنه إن لم يفعل ترك معظم المقصود من الجدل. وهو نصرة الحق.
[22] ولا تواخذ الخصم بما تعلم أنه لا يقصده من أنواع الزلل, بل تعلم أنه لسبق اللسان ولما لا يخلو المتكلم منه. فإن أشكل عليك قصده في ذلك نبهته, فإن قال: هو سبق اللسان ولم أقصده, تجاوزت ذلك, وإن علمته مقصودا منه واخذته به.
[23] و لا تورد في كل موضع من الكلام إلا قدر ما تحتاج إليه.
[24] ولا تقدم جواب ما لم يرد عليك سؤاله.
و ليس للمجيب مع السائل إذا ألزمه منوالا إلا أحد ثلاث:
- إما الانقياد أو الإسقاط أو الإعراض:
[أ] فأما الانقياد: فكل موضع ورد عليه ما يؤثر في كلامه ودليله فعليه الانقياد لا محالة, لأنه قد انكشف بسؤاله خطؤه فيما قال.
[ب] وأما الإسقاط: فهو أن تبين خطأه في سؤاله وتلبيسه والتباسه فالوجه فيه على كل حال إسقاط ذلك السؤال.
[ج] وأما الإعراض عن مكالمته: فهو إذا عدل السائل عما يورد في كلام المجيب أو ما يشتبه ويلتبس, فلا وجه إلا الإعراض عن مكالمته لأنه إنما يجوز للسائل أن يورد من الكلام ما يقدح في كلام المجيب أو ما يتوهم كونه قادحا, فيكون شبهة. ولا ثالث لهذين إلا المعارضة أو الاستعجال بما يعلم السائل من نفسه بطلانه, وأي ذلك كان فلا وجه لمكالمته.
[25] وأحسن شيء في الجدال المحافظة من كل واحد من المتجادلين على أدب الجدل.
ومما يعود بنفع على صنعة الجدل:
* محافظة كل من المتجادلين على مرتبته ويعلم أن مرتبة المجيب التأسيس و البناء فلا يتعدى عن هذه المرتبة إلى غيرها, ومرتبة السائل الدفع والهدم.
*1- فحق المجيب أن يبني مذهبه الذي سئل عنه على أساس قويم وأصول صحيحة من الأدلة وغيرها.
*2- وحق السائل أن يكشف عن عجز المسؤول عن بناء مذهبه على أصل صحيح. أو بيان عجزه عن الخروج مما ألزمه مما له من القول الفاسد, ومتى تم للسائل هذا فقد استعلى, ويكفيه عن الاشتغال بأمر زائد.
*3- وإن تم للمجيب -بما أقام من البرهان على ما دعاه- تعجيز السائل عن القدح فيما أقام بنقض أو معارضة, أو اشتراك فيماأقام, فقد استعلى المجيب وانقطع السائل.
*4- وعلى المجيب أن يتأمل ما يورده السائل على كلامه, حتى إن كان فيه شبهة توهم القدح فيما بناه, وجب عليه الكشف بالجواب, ليزول الإيهام. وإن كانت الشبهة مما لا يوهم ولا يبين منها هدم ما بناه لم يلزم المجيب الكلام عليه في حق الجدل, فإن فعل وكشف عنه كان متبرعا.
*5- وعلى السائل أن يتأمل انفصال المجيب عما ألزمه إياه, فإن كان فيه ما يوهم تحقيق ما بناه أولا, كلمه السائل, وإن لم يكن فيه تحقيق ما بناه, لم يلزم السائل الكلام عليه, بل له أن يسكت عنه, فإن اختار الكشف عن تمويهه, كان متبرعا.
[26] وعليهما أن ينصفا في حكاية كل واحد منهما كلام صاحبه من غير زيادة ولا نقصان إلا فيما يرجع إلى حذف حشو الكلام وزيادة في الكلام لا يعود بتحصيل في معنى ولا فائدة.
[27] و لايستحقر أحدهما صاحبه بما يقع له من الخطأ في مذهب أو دلالة أو غير ذلك, فإنه إذا اغتر بخطئه ربما أصاب الخصم فيما لاخروج لمناظره عنه, واستحقار الخصم كاستحقار يسير من النار فإنه ينتشر من يسيرها ما يحترق به كثير من الدنيا.
[28] والمحافظة على تقوى الله أثناء المناظرة مما يغني المناظر عن كثير من النصيحة ويبلغه إلى أسهل الطرق في الهداية إلى الحق.
وللكلام بقية إن شاء الله تعالى فقد والله افتقدنا المشاركة معكم في الملتقى.
أما بعد فهذا طرف من آداب الجدل والمناظرة كما سطرها جملة من العلماء, جعلتها على شكل بنود وهي:
[1] على المناظر إخلاص النية وذلك ألا يقصد بنظره المباهاة وطلب الجاه, والتكسب والمماراة, والمحك, والرياء, ولا قصده الظفر بالخصم والسرور بالغلبة والقهر.
[2] وعليه أن يحذر رفع الصوت جهرا زائدا على مقدار الحاجة, فإن ذلك من شأنه أن يورث الحدة والضجر. والضجر يورث البلادة ويقطع مادة الفهم والخاطر.
[3] ويلزم الخشوع والتواضع, ويقصد الإنقياد للحق فيكون من جملة الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
[4] وألا يعود نفسه الإسهاب في الجدل بالباطل والمبادرة إلى كل ما سبق إليه الخاطر واللسان.
[5] و لا يسرع في مكالمة من يستشعر في نفسه منه العداوة والبغض لأنه يقوده إلى الغضب فيورثه ذلك تشوش الخاطر والعي.
[6] وعليه أن يحذر الاعتماد -أثناء كلامه- على من يظن أنه معه أو يستحسن كلامه في جملة الحاضرين فربما تبين له عدم موافقته لكلامه فيضعف ذهنه وخاطره ويذهب عنه كثير مما لا يستغني عنه.
[7] وعليه ألا يلتفت للحاضرين خالفوه أو وافقوه.
[8] وعليه تجنب الكلام في مجلس يخشى فيه على نفسه أو تغلب فيه عليه هيبة ذي سلطان, فإنه يكون منشغلا حينئذ بحراسة الروح عن نصرة المذهب.
[9] وتجنب مجلس لا يسوي بين الخصوم في الإقبال والاستماع وإنزال كل منزلته ورتبته فإن الكلام هناك يعد ذلا وصغارا يورثان الغم والغضب لكل ذي نفس أبية.
[10] وتجنب المجلس الذي غرض أصحابه من انعقاده التلهي لا تمييز الحق عن الباطل, وأقل ما فيه مجالسة من لا يحسن بأهل العلم مجالسته.
[11] وإياك واستصغار من تناظره والاستهزاء به-كائنا من كان- لأن خصمك إن كان المفترض عليك مناظرته فهو نظيرك, ولا يجمل بك إلا مناظرة النظير للنظير. لأنه إن يك من تكلمه غير أهل لأن تناظره, كان الواجب ألا تفاتحه بالكلام, فإذا فاتحته ثم استصغرته واستخففت به لم يجتمع ذهنك ولا صفاء قريحتك ولا اشتد خاطرك.
[12] وعليك المحافظة على قدرك وقدر خصمك وإنزال كل أحد -في وجه كلامك معه- درجته ومنزلته, فتميز بين النظير وبين المسترشد, وبين الأستاذ ومن يصلح لك. ولا تناظر النظير مناظرة المبتدئ والمسترشد, ولا تناظر أستاذينك مناظرة الأكفاء والنظراء بل تناظر كلا على حقه, وتحفظ كلا على رتبته.
[13] وكن مع خصمك مستبشرا متبسما غير عبوس, فتبتعدان معا عن دواعي الغضب والضجر.
[14] وعليك ألا تفاتح بالمناظرة من تعلمه متعنتا, لأن كلام المتعنت ومن لا يقصد تعرف الحق والحقيقة بما تقوله- يورث المباهاة والضجر وحزن القلب وتعدي الأحد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فإن لم تعلمه متعنتا حتى فاتحته بالكلام, وجب عليك حينها الإمساك عن مناظرته.
[15] وإن كان خصمك منتهيا عالما يقصد المناظرة واستبانة ما التبس, فلا تتعمق في العبارة, فإنك تطول عليه وعلى نفسك الأمر, بل اقصد بأسهل العبارات إلى مربط الفرس.
[16] وعلى المتناظرين جميعا أن يصبر كل واحد منهما لصاحبه في نوبته وإن كان ما يسمعه منه قد بلغ الغاية في التشويش, لأنهما متساويان في
حق المناوبة في الكلام. فمن لم يصبر منهما لصاحبه فقد قطع عليه حقه, ولأن ما يظنه السامع تشويشا ربما كان هو موضع الاتباس والشبهة عنده, فلا بد من الصبر على سماعه ليصير عنده معلوم الأول والآخر, ثم يتكلم فيه بعد ذلك على حقه. فإذا لم يصبر له خصمه بل داخله بالاعتراض أو الجواب في نوبته, احتمله ووعظه, فإن أصر عليه, قطع مكالمته. لأنه لا سبيل إلى كشف الحق مع التقطيع بل مع حسن الاستماع.
[17] وعلى كل واحد منهما أن يقبل بوجهه على خصمه الذي يناظره : المتكلم أثناء كلامه, والمستمع أثناء استماعه.
[18] وعليه ألا يناظر الأستاذَ إلا على على جهة الاسترشاد مع غاية الاحترام والتواضع وخفض الصوت وقطع اللجاج عند ظهور الرشد.
[19] وعليه مراعاة كلام الخصم, وتفهم معانيه على غاية الجد والاستقصاء.
[20] والحذر من إلزام الخصم بما لا يتحقق لزومه له.
[21] وعليه ألا يقصر في تنبيه الخصم وإعلامه بما يرى من مناقضاته في كلامه, وهكذا إذا رجع فيما سلم, نبههه عليه, لآنه إن لم يفعل ترك معظم المقصود من الجدل. وهو نصرة الحق.
[22] ولا تواخذ الخصم بما تعلم أنه لا يقصده من أنواع الزلل, بل تعلم أنه لسبق اللسان ولما لا يخلو المتكلم منه. فإن أشكل عليك قصده في ذلك نبهته, فإن قال: هو سبق اللسان ولم أقصده, تجاوزت ذلك, وإن علمته مقصودا منه واخذته به.
[23] و لا تورد في كل موضع من الكلام إلا قدر ما تحتاج إليه.
[24] ولا تقدم جواب ما لم يرد عليك سؤاله.
و ليس للمجيب مع السائل إذا ألزمه منوالا إلا أحد ثلاث:
- إما الانقياد أو الإسقاط أو الإعراض:
[أ] فأما الانقياد: فكل موضع ورد عليه ما يؤثر في كلامه ودليله فعليه الانقياد لا محالة, لأنه قد انكشف بسؤاله خطؤه فيما قال.
[ب] وأما الإسقاط: فهو أن تبين خطأه في سؤاله وتلبيسه والتباسه فالوجه فيه على كل حال إسقاط ذلك السؤال.
[ج] وأما الإعراض عن مكالمته: فهو إذا عدل السائل عما يورد في كلام المجيب أو ما يشتبه ويلتبس, فلا وجه إلا الإعراض عن مكالمته لأنه إنما يجوز للسائل أن يورد من الكلام ما يقدح في كلام المجيب أو ما يتوهم كونه قادحا, فيكون شبهة. ولا ثالث لهذين إلا المعارضة أو الاستعجال بما يعلم السائل من نفسه بطلانه, وأي ذلك كان فلا وجه لمكالمته.
[25] وأحسن شيء في الجدال المحافظة من كل واحد من المتجادلين على أدب الجدل.
ومما يعود بنفع على صنعة الجدل:
* محافظة كل من المتجادلين على مرتبته ويعلم أن مرتبة المجيب التأسيس و البناء فلا يتعدى عن هذه المرتبة إلى غيرها, ومرتبة السائل الدفع والهدم.
*1- فحق المجيب أن يبني مذهبه الذي سئل عنه على أساس قويم وأصول صحيحة من الأدلة وغيرها.
*2- وحق السائل أن يكشف عن عجز المسؤول عن بناء مذهبه على أصل صحيح. أو بيان عجزه عن الخروج مما ألزمه مما له من القول الفاسد, ومتى تم للسائل هذا فقد استعلى, ويكفيه عن الاشتغال بأمر زائد.
*3- وإن تم للمجيب -بما أقام من البرهان على ما دعاه- تعجيز السائل عن القدح فيما أقام بنقض أو معارضة, أو اشتراك فيماأقام, فقد استعلى المجيب وانقطع السائل.
*4- وعلى المجيب أن يتأمل ما يورده السائل على كلامه, حتى إن كان فيه شبهة توهم القدح فيما بناه, وجب عليه الكشف بالجواب, ليزول الإيهام. وإن كانت الشبهة مما لا يوهم ولا يبين منها هدم ما بناه لم يلزم المجيب الكلام عليه في حق الجدل, فإن فعل وكشف عنه كان متبرعا.
*5- وعلى السائل أن يتأمل انفصال المجيب عما ألزمه إياه, فإن كان فيه ما يوهم تحقيق ما بناه أولا, كلمه السائل, وإن لم يكن فيه تحقيق ما بناه, لم يلزم السائل الكلام عليه, بل له أن يسكت عنه, فإن اختار الكشف عن تمويهه, كان متبرعا.
[26] وعليهما أن ينصفا في حكاية كل واحد منهما كلام صاحبه من غير زيادة ولا نقصان إلا فيما يرجع إلى حذف حشو الكلام وزيادة في الكلام لا يعود بتحصيل في معنى ولا فائدة.
[27] و لايستحقر أحدهما صاحبه بما يقع له من الخطأ في مذهب أو دلالة أو غير ذلك, فإنه إذا اغتر بخطئه ربما أصاب الخصم فيما لاخروج لمناظره عنه, واستحقار الخصم كاستحقار يسير من النار فإنه ينتشر من يسيرها ما يحترق به كثير من الدنيا.
[28] والمحافظة على تقوى الله أثناء المناظرة مما يغني المناظر عن كثير من النصيحة ويبلغه إلى أسهل الطرق في الهداية إلى الحق.
وللكلام بقية إن شاء الله تعالى فقد والله افتقدنا المشاركة معكم في الملتقى.