مقامُ الْأَدَبِ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

إنضم
21/12/2015
المشاركات
1,712
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
مصر
بسم1
قال في تهذيب مدارج السالكين :
وَأَمَّا الْأَدَبُ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ بِهِ.
فَرَأَسُ الْأَدَبِ مَعَهُ: كَمَالُ التَّسْلِيمِ لَهُ، وَالِانْقِيَادُ لِأَمْرِهِ. وَتَلَقِّي خَبَرِهِ بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ، دُونَ أَنْ يُحَمِّلَهُ مُعَارَضَةَ خَيَالٍ بَاطِلٍ، يُسَمِّيهِ مَعْقُولًا. أَوْ يُحَمِّلَهُ شُبْهَةً أَوْ شَكًّا، أَوْ يُقَدِّمَ عَلَيْهِ آرَاءَ الرِّجَالِ، وَزُبَالَاتِ أَذْهَانِهِمْ، فَيُوَحِّدُهُ بِالتَّحْكِيمِ وَالتَّسْلِيمِ، وَالِانْقِيَادِ وَالْإِذْعَانِ. كَمَا وَحَّدَ الْمُرْسِلَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالْعِبَادَةِ وَالْخُضُوعِ وَالذُّلِّ، وَالْإِنَابَةِ وَالتَّوَكُّلِ.
فَهُمَا تَوْحِيدَانِ. لَا نَجَاةَ لِلْعَبْدِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ إِلَّا بِهِمَا: تَوْحِيدُ الْمُرْسِلِ. وَتَوْحِيدُ مُتَابَعَةِ الرَّسُولِ. فَلَا يُحَاكِمُ إِلَى غَيْرِهِ. وَلَا يَرْضَى بِحُكْمِ غَيْرِهِ. وَلَا يَقِفُ تَنْفِيذُ أَمْرِهِ. وَتَصْدِيقُ خَبَرِهِ. عَلَى عَرْضِهِ عَلَى قَوْلِ شَيْخِهِ وَإِمَامِهِ، وَذَوِي مَذْهَبِهِ وَطَائِفَتِهِ، وَمَنْ يُعَظِّمُهُ. فَإِنْ أَذِنُوا لَهُ نَفَّذَهُ وَقَبِلَ خَبَرَهُ، وَإِلَّا فَإِنْ طَلَبَ السَّلَامَةَ: أَعْرَضَ عَنْ أَمْرِهِ وَخَبَرِهِ وَفَوَّضَهُ إِلَيْهِمْ، وَإِلَّا حَرَّفَهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ. وَسَمَّى تَحْرِيفَهُ: تَأْوِيلًا، وَحَمْلًا. فَقَالَ: نُؤَوِّلُهُ وَنَحْمِلُهُ.
فَلَأَنْ يَلْقَى الْعَبْدُ رَبَّهُ بِكُلِّ ذَنْبٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ - مَا خَلَا الشِّرْكَ بِاللَّهِ - خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِهَذِهِ الْحَالِ.

وَلَقَدْ خَاطَبْتُ يَوْمًا بَعْضَ أَكَابِرِ هَؤُلَاءِ. فَقُلْتُ لَهُ: سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ. لَوْ قُدِّرَ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا. وَقَدْ وَاجَهَنَا بِكَلَامِهِ وَبِخِطَابِهِ. أَكَانَ فَرْضًا عَلَيْنَا أَنْ نَتْبَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَى رَأْيِ غَيْرِهِ وَكَلَامِهِ وَمَذْهَبِهِ، أَمْ لَا نَتْبَعَهُ حَتَّى نَعْرِضَ مَا سَمِعْنَاهُ مِنْهُ عَلَى آرَاءِ النَّاسِ وَعُقُولِهِمْ؟
فَقَالَ: بَلْ كَانَ الْفَرْضُ الْمُبَادَرَةَ إِلَى الِامْتِثَالِ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إِلَى سِوَاهُ.
فَقُلْتُ: فَمَا الَّذِي نَسَخَ هَذَا الْفَرْضَ عَنَّا؟ وَبِأَيِّ شَيْءٍ نُسِخَ؟
فَوَضَعَ إِصْبَعَهُ عَلَى فِيهِ. وَبَقِيَ بَاهِتًا مُتَحَيِّرًا. وَمَا نَطَقَ بِكَلِمَةٍ.
 
عودة
أعلى