منال السلمي
New member
بسم1
الحمدلله منزل الكتاب , هدى وبشرى لأولي الألباب, والصلاة والسلام على خاتم رسله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي تلقى عن الله وحيه فبلغه تاما كاملا كما وعاه أما بعد:
جاء القرآن الكريم خاتما للكتب السماوية , مهيمنا عليها ذا تميز وتفرد في أسلوبه وخصائصه ومنهجه وكان من تفرده اختصاصه بطريقة نزول لم تعهد في الكتب التي سبقته وقد سجل القرآن الكريم تعجب أهل الكتاب كما جاء في أثر عن ابن عباس أن المقصودين بالآية هم اليهود قال تعالى حاكيا مقالتهم: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا) (الفرقان :32) فرد الله مقالتهم مبينا أن هذا من فضل الله على عبده صلى الله عليه وسلم حيث قال :(كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا),وقال تعالى في موضع آخر (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النّاسِ عَلَىَ مُكْثٍ وَنَزّلْنَاهُ تَنْزِيلاً ) (الإسراء : 106)
قال ابن كثير: (وقوله فرقناه : على قراءة من قرأ بالتخفيف فمعناه فصلناه من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا ثم نزل منجما مفرقا على الوقائع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في (23) سنة )(1) , وهذا كان منشأ استغرابهم لما ألفوه من نزول الكتب السابقة جملة واحدة ولا شك أن لنزوله على هذه الصفة غير المعهودة حكم أرادها الشارع الحكيم أحاول بيانها في الأسطر التالية :
أولا : تثبيتا لقلب النبي صلى الله عليه وسلم :
إذ هو المخاطب بالكتاب ابتداء وهو المأمور بتبيلغه فجاءت آياته سلوى لقلبه وتقوية لمواقفه , وتثبيتا له كما قال تعالى : (كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا) (الفرقان : 32), قال القرطبي : (أي فعلنا ذلك لنثبت به فؤادك ونقوي به قلبك فيعيه وتحمله لأن الكتب المتقدمة أنزلت على أنبياء يقرأون ويكتبون , والقرآن أنزل على نبي أمي ..) (2).
ثانيا: التشوق والتطلع إلى تلقي آياته وتدبر معانيها وحفظه:
قال تعالى: (وَلَقَدْ وَصّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ) (القصص: 51)
قال الطاهر بن عاشور: (وللتوصيل أحوال كثيرة فهو باعتبار ألفاظه وصل بعضه ببعض , ولم ينزل جملة واحدة ...وفي كل ذلك عون على نشاط الذهن للتذكر والتدبر) (3).
ثالثا :التدرج في التشريع مراعاة لأحوال المكلفين :
وهذا يظهر جليا في آيات تحريم الخمر التي انتقل فيها الحكم من كراهة قربان الصلاة حال كون المسلم معاقرا للخمر انتهاءا بتحريمها بلفظ الاجتناب الدال على كمال التحريم لذات الخمر وللطرق المؤدية إليها .
رابعا: بيان حكمة الله تعالى باشتمال القرآن على الناسخ والمنسوخ :
وهذه من الحكم التي يجدر الإشارة إليها عند بيان الحكم من نزول القرآن مفرقا , فنزوله جملة واحدة ينافي هذه الحكمة , وهي من رحمة الله تعالى بعباده قال القرطبي : (ولأن من القرآن ناسخا ومنسوخا ففرقناه ليكون أوعى للنبي صلى الله عليه وسلم , وأيسر للعامل ).
وهذه الصفة للنزول بما اشتملته من هذه الحكم هي من كمال رحمة الله تعالى بهذه الأمة المرحومة أمة القرآن حيث جعل كتابها الخاتم هو معجزتها , وتكفل بحفظه , وتدرج سبحانه وتعالى في تنزيله مراعاة لأحوال المخاطبين وتثبيتا لقلب النبي الأمين صلى الله عليه وسلم,وتشويقا لهم للتطلع إلى آياته وأحكامه .
فالحمدلله رب العالمين القائل وهو أصدق القائلين : ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )(يونس: 58),
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : فَضْلُ اللَّهِ الْقُرْآنُ ، وَرَحْمَتُهُ الْإِسْلَامُ.
الحمدلله منزل الكتاب , هدى وبشرى لأولي الألباب, والصلاة والسلام على خاتم رسله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي تلقى عن الله وحيه فبلغه تاما كاملا كما وعاه أما بعد:
جاء القرآن الكريم خاتما للكتب السماوية , مهيمنا عليها ذا تميز وتفرد في أسلوبه وخصائصه ومنهجه وكان من تفرده اختصاصه بطريقة نزول لم تعهد في الكتب التي سبقته وقد سجل القرآن الكريم تعجب أهل الكتاب كما جاء في أثر عن ابن عباس أن المقصودين بالآية هم اليهود قال تعالى حاكيا مقالتهم: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا) (الفرقان :32) فرد الله مقالتهم مبينا أن هذا من فضل الله على عبده صلى الله عليه وسلم حيث قال :(كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا),وقال تعالى في موضع آخر (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النّاسِ عَلَىَ مُكْثٍ وَنَزّلْنَاهُ تَنْزِيلاً ) (الإسراء : 106)
قال ابن كثير: (وقوله فرقناه : على قراءة من قرأ بالتخفيف فمعناه فصلناه من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا ثم نزل منجما مفرقا على الوقائع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في (23) سنة )(1) , وهذا كان منشأ استغرابهم لما ألفوه من نزول الكتب السابقة جملة واحدة ولا شك أن لنزوله على هذه الصفة غير المعهودة حكم أرادها الشارع الحكيم أحاول بيانها في الأسطر التالية :
أولا : تثبيتا لقلب النبي صلى الله عليه وسلم :
إذ هو المخاطب بالكتاب ابتداء وهو المأمور بتبيلغه فجاءت آياته سلوى لقلبه وتقوية لمواقفه , وتثبيتا له كما قال تعالى : (كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا) (الفرقان : 32), قال القرطبي : (أي فعلنا ذلك لنثبت به فؤادك ونقوي به قلبك فيعيه وتحمله لأن الكتب المتقدمة أنزلت على أنبياء يقرأون ويكتبون , والقرآن أنزل على نبي أمي ..) (2).
ثانيا: التشوق والتطلع إلى تلقي آياته وتدبر معانيها وحفظه:
قال تعالى: (وَلَقَدْ وَصّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ) (القصص: 51)
قال الطاهر بن عاشور: (وللتوصيل أحوال كثيرة فهو باعتبار ألفاظه وصل بعضه ببعض , ولم ينزل جملة واحدة ...وفي كل ذلك عون على نشاط الذهن للتذكر والتدبر) (3).
ثالثا :التدرج في التشريع مراعاة لأحوال المكلفين :
وهذا يظهر جليا في آيات تحريم الخمر التي انتقل فيها الحكم من كراهة قربان الصلاة حال كون المسلم معاقرا للخمر انتهاءا بتحريمها بلفظ الاجتناب الدال على كمال التحريم لذات الخمر وللطرق المؤدية إليها .
رابعا: بيان حكمة الله تعالى باشتمال القرآن على الناسخ والمنسوخ :
وهذه من الحكم التي يجدر الإشارة إليها عند بيان الحكم من نزول القرآن مفرقا , فنزوله جملة واحدة ينافي هذه الحكمة , وهي من رحمة الله تعالى بعباده قال القرطبي : (ولأن من القرآن ناسخا ومنسوخا ففرقناه ليكون أوعى للنبي صلى الله عليه وسلم , وأيسر للعامل ).
وهذه الصفة للنزول بما اشتملته من هذه الحكم هي من كمال رحمة الله تعالى بهذه الأمة المرحومة أمة القرآن حيث جعل كتابها الخاتم هو معجزتها , وتكفل بحفظه , وتدرج سبحانه وتعالى في تنزيله مراعاة لأحوال المخاطبين وتثبيتا لقلب النبي الأمين صلى الله عليه وسلم,وتشويقا لهم للتطلع إلى آياته وأحكامه .
فالحمدلله رب العالمين القائل وهو أصدق القائلين : ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )(يونس: 58),
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : فَضْلُ اللَّهِ الْقُرْآنُ ، وَرَحْمَتُهُ الْإِسْلَامُ.