كيف وصف النبي صلى الله عليه وسلم نزول الوحي عليه ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
أجدبت الأرض كلها من مظاهر الإيمان واحتيج لغيث من الله تعالى الكريم الرحيم يُغيث به البشر كافة ، فقد جاء فى الحديث الصحيح" وإنَّ اللهَ نظر إلى أهلِ الأرضِ فمقتَهم ، عربهم وعجمهم ، إلا بقايا من أهلِ الكتابِ " فحينئذ جاءت اللحظة الفارقة لأهل الأرض جميعاً وظهرت أنوار البعثة، و أشرق نور الإسلام ، ونزل جبريل عليه السلام بأمر الواحد الأحد، يحمل أعظم رسالة للبشرية كافة ، وحينما أُوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم القرآن الذي هو كلام الله ، ترتب عليه جميع حقائق الدين بعقائده وتشريعاته وأخلاقه، وكان ذلك إيذانا ببدء الإتصال بين السماء والأرض ، بين الملأ الأعلى وبين البشرية .
فبدأ إذاً نزول الوحى وأفاض الله بالقرآن الكريم على قلب النبى صلى الله عليه وسلم ، وتعجب الناس،كما قال الله تعالى [ أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ [يونس: 2] ،أما المؤمنون المصدقون فتشوفوا لمعرفة كيفية نزول الوحى على نبيهم صلى الله عليه وسلم وهم يرونه أمامهم يصيبه ما يعجزون عن تفسيره ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعاني من التنزيل عليه بالوحي ، وتظهر هذه المعاناة فى صورة العرق الذي كان يسيل من جبهته في اليوم الشديد البرد ،وكانوا يسمعون من قِبل وجهه صوت كدوى النحل ،
فكانت تحصل مع النبي صلى الله عليه وسلم بنزول الوحي عليه أحوال ، يراها ويسمعها ويشعر بها من حوله من أصحابه رضي الله عنهم ، وفي بعضها معاناة شديدة ، فسألوا النبى صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث الصحيح " أنَّ الحارثَ بنَ هشامٍ رضي اللهُ عنه سأل رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال : يا رسولَ اللهِ، كيف يأتيك الوحيُ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : أحيانًا يأتيني مثلَ صلصلةِ الجرسِ، وهو أشدُّه عليَّ، فيفصِم عني وقد وعيتُ عنه ما قال، وأحيانًا يتمثَّل لي الملَكُ رجلًا، فيكلِّمُني فأعِي ما يقولُ . المصدر: صحيح البخاري .
ففى هذا الحديث وصفه النبى صلى الله عليه وسلم بوصفين :
الوصف الأول : مثل صلصلة الجرس وهذه الصورة أشد الصور على النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيها يأتيه جبريل على صورته الملكية ولكنه لايراه ، ويعرف مجيئه بهذا الصوت الذي يشبه صوت الجرس ولما يُفصم عنه يكون قد وعى عنه .
صلصلة الجرس: فِي الْأَصْل صَوْت وُقُوع الْحَدِيد بَعْضه عَلَى بَعْض1 ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُرِيد أَنَّهُ صَوْت مُتَدَارَك يَسْمَعهُ وَلَا يَتَبَيَّنهُ أَوَّل مَا يَسْمَعهُ حَتَّى يَفْهَمهُ بَعْد ،
وكان يشتد عليه لأنه كان يريد أن يحفظه ويفهمه مع كونه صوتا متتابعا مزعجاً ، ولذلك كان يتغير لونه ، ويتفصد عرقه ، ولولا أن الله تعالى قواه على ذلك لما استطاع شيئا من ذلك ، إذ ليس في قوى البشر المعتادة تحمل ذلك .
الوصف الثانى : أن يأتيه بصورة بشرية فيتمثل الملك كرجل يكلمه كما يكلم الرجل أخاه فيعى ما يقول، وهذه الصورة كانت أهون على النبى صلى الله عليه وسلم ، وكان أكثر ما يأتيه بصورة دحية الكلبى ،كما فى حديث " بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب . شديد سواد الشعر ... " الراوي: عمر بن الخطاب - المصدر: صحيح مسلم .
وكان يأتيه جبريل عليه السلام على صورته الملائكية الحقيقة التي خلقه الله عليها ، وهذه الصورة نادرة ، فقط رآه مرتين . وقد سألت عائشة رضى الله عنها النبى صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ) فَقَالَ ( إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنْ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ )
فالقرآن كلام الله أوحى به لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وليس وحيا نفسيا نابعا من نفسه كما يزعم بعض المستشرقين ، وقد قال الدكتور عبد دراز ( هذا الكتاب الكريم يأبى بطبيعته أن يكون من صنع البشر، وينادي بلسان حاله أنه رسالة القضاء والقدر، حتى إنه لو وجد ملقى في صحراء لأيقن الناظر فيه أن ليس من هذه الأرض منبعه ومنبته ، وإنما كان من أفق السماء مطلعه ومهبطه ، هو آية ليست من صنع الناس )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الحافظ ابن حجر . كتاب فتح البارى
بسم الله الرحمن الرحيم
أجدبت الأرض كلها من مظاهر الإيمان واحتيج لغيث من الله تعالى الكريم الرحيم يُغيث به البشر كافة ، فقد جاء فى الحديث الصحيح" وإنَّ اللهَ نظر إلى أهلِ الأرضِ فمقتَهم ، عربهم وعجمهم ، إلا بقايا من أهلِ الكتابِ " فحينئذ جاءت اللحظة الفارقة لأهل الأرض جميعاً وظهرت أنوار البعثة، و أشرق نور الإسلام ، ونزل جبريل عليه السلام بأمر الواحد الأحد، يحمل أعظم رسالة للبشرية كافة ، وحينما أُوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم القرآن الذي هو كلام الله ، ترتب عليه جميع حقائق الدين بعقائده وتشريعاته وأخلاقه، وكان ذلك إيذانا ببدء الإتصال بين السماء والأرض ، بين الملأ الأعلى وبين البشرية .
فبدأ إذاً نزول الوحى وأفاض الله بالقرآن الكريم على قلب النبى صلى الله عليه وسلم ، وتعجب الناس،كما قال الله تعالى [ أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ [يونس: 2] ،أما المؤمنون المصدقون فتشوفوا لمعرفة كيفية نزول الوحى على نبيهم صلى الله عليه وسلم وهم يرونه أمامهم يصيبه ما يعجزون عن تفسيره ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعاني من التنزيل عليه بالوحي ، وتظهر هذه المعاناة فى صورة العرق الذي كان يسيل من جبهته في اليوم الشديد البرد ،وكانوا يسمعون من قِبل وجهه صوت كدوى النحل ،
فكانت تحصل مع النبي صلى الله عليه وسلم بنزول الوحي عليه أحوال ، يراها ويسمعها ويشعر بها من حوله من أصحابه رضي الله عنهم ، وفي بعضها معاناة شديدة ، فسألوا النبى صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث الصحيح " أنَّ الحارثَ بنَ هشامٍ رضي اللهُ عنه سأل رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال : يا رسولَ اللهِ، كيف يأتيك الوحيُ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : أحيانًا يأتيني مثلَ صلصلةِ الجرسِ، وهو أشدُّه عليَّ، فيفصِم عني وقد وعيتُ عنه ما قال، وأحيانًا يتمثَّل لي الملَكُ رجلًا، فيكلِّمُني فأعِي ما يقولُ . المصدر: صحيح البخاري .
ففى هذا الحديث وصفه النبى صلى الله عليه وسلم بوصفين :
الوصف الأول : مثل صلصلة الجرس وهذه الصورة أشد الصور على النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيها يأتيه جبريل على صورته الملكية ولكنه لايراه ، ويعرف مجيئه بهذا الصوت الذي يشبه صوت الجرس ولما يُفصم عنه يكون قد وعى عنه .
صلصلة الجرس: فِي الْأَصْل صَوْت وُقُوع الْحَدِيد بَعْضه عَلَى بَعْض1 ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُرِيد أَنَّهُ صَوْت مُتَدَارَك يَسْمَعهُ وَلَا يَتَبَيَّنهُ أَوَّل مَا يَسْمَعهُ حَتَّى يَفْهَمهُ بَعْد ،
وكان يشتد عليه لأنه كان يريد أن يحفظه ويفهمه مع كونه صوتا متتابعا مزعجاً ، ولذلك كان يتغير لونه ، ويتفصد عرقه ، ولولا أن الله تعالى قواه على ذلك لما استطاع شيئا من ذلك ، إذ ليس في قوى البشر المعتادة تحمل ذلك .
الوصف الثانى : أن يأتيه بصورة بشرية فيتمثل الملك كرجل يكلمه كما يكلم الرجل أخاه فيعى ما يقول، وهذه الصورة كانت أهون على النبى صلى الله عليه وسلم ، وكان أكثر ما يأتيه بصورة دحية الكلبى ،كما فى حديث " بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب . شديد سواد الشعر ... " الراوي: عمر بن الخطاب - المصدر: صحيح مسلم .
وكان يأتيه جبريل عليه السلام على صورته الملائكية الحقيقة التي خلقه الله عليها ، وهذه الصورة نادرة ، فقط رآه مرتين . وقد سألت عائشة رضى الله عنها النبى صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ) فَقَالَ ( إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنْ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ )
فالقرآن كلام الله أوحى به لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وليس وحيا نفسيا نابعا من نفسه كما يزعم بعض المستشرقين ، وقد قال الدكتور عبد دراز ( هذا الكتاب الكريم يأبى بطبيعته أن يكون من صنع البشر، وينادي بلسان حاله أنه رسالة القضاء والقدر، حتى إنه لو وجد ملقى في صحراء لأيقن الناظر فيه أن ليس من هذه الأرض منبعه ومنبته ، وإنما كان من أفق السماء مطلعه ومهبطه ، هو آية ليست من صنع الناس )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الحافظ ابن حجر . كتاب فتح البارى