مقال ((كيف تعامل المفسرون مع مبهمات القران ).

دمعة كرامة

New member
إنضم
11/02/2013
المشاركات
3
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
مكة المكرمة
قال الله تعالي (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). وقال ايضاً..(وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ).

تتوق نفوسنا البشرية لمعرفة ما ذكرة الله في كتابه من قصص الاولين ،وأخبارهم ،وماحل بهم ومتابعه تفاصيل حياتهم وذلك لما جبله الله فينا من حب الفضول والاطلاع .
والقارئ لكتاب الله يجد أمامه كم هائل من هذا النوع من انواع علوم القران وهو (علم المبهمات ).
وكما عرفه السهيلي :ما تضمنه كتاب الله العزيز من ذكر من لم يسمه الله فيه باسمه العلم ،من نبي أو ولي أو غيرها ،أو من آدمي أو ملك ،أو بلد أو كوكب أو شجر ،أو حيوان له اسم علم ،وقد عرف عند نقلة الأخبار ،والعلماء الأخيار ) .
وأضاف اليه ابن جماعه :( أو عدد لم يحدد ،أو زمن لم يبين أو مكان لم يعرف وغيرها ) .
وبالرغم من تضارب الأقوال في أهمية هذا العلم بين مؤيد ومعارض له ،فقد رأى مؤيدوه ان فيه ما يعين المفسر ،وقد تكون من وسائل الترجيح أحيانا ،وفيه ما يعين على التدبر والتأمل ..
بينما يرى معارضه كابن تيميه رحمه الله وكما ذكره في كتابه بعد ذكر اقسام الاختلاف في التفسير – فقال :(وهذا القسم الثاني من المنقول ،وهو مالا طريق لنا بالجزم بالصدق منه ،فالبحث عنه مما لا فائدة فيه ،والكلام فيه من فضول الكلام ....).
فلو كان ذا أهمية ومعينه على الفهم والتدبر لم حجب الله عنا تفاصيل الامور ،ودقائق الأحداث ،وعين لنا أشخاص وقد امرنا بالتدبر في كتابه بقوله (افَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا).ولم حجبها عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم
لان الهدف الحقيقي لعرض مثل هذه الاحداث والقصص هي لأخذ العظة والعبرة ،وتقرير القيم ،والانتفاع بما فيها من توجيهات ..
إذاً لماذا ظل عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما أربعه عشر سنه يطلب اسم الرجل الذي خرج من بيته مهاجرا إلي الله ورسوله ثم ادركه الموت حتى وجده !!.
ولماذا تردد ابن عباس في سؤال عمر بن الخطاب سنه كامله عن قوله تعالي (ان تتوبا إلي الله فقد صغت قلوبكما ).
ما ذاك الا لعنايتهم الشديد بالقران الكريم وحرصهم على الإلمام بما فيه من علوم لشرفه وفضله ليس إلا .
فنجد من جاء بعد الصحابة من التابعين واتباعهم من اهتم بهذا العلم اهتمام بالغ فلم يكتفوا بالعلم والمعرفة ،بل امتلأت كتبهم بتفسير هذه المبهمات ،وخاضوا وتوسعوا حتى ألفوا كتباً ومصنفات مستقله بهذا العلم .
وكان الواجب عليهم أن يسيروا ويعتمدوا على النقل المحض عن ما جاء به القران الكريم أو ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ،حيث لا مجال فيه للرأي والاجتهاد .
الا انهم توجهوا إلي مصادر بشريه عاجزة فخاضوا في الاسرائيليات والاساطيل المكذوبة ،يطلبون منها ما أُبهم ،وما أُجمل ،وما سكت عنه القران ،ظانين بعملهم هذا انهم خدموا كتاب الله وخدموا طالبيه ورواده .
ونسي هؤلاء قوله تعالي (قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاء ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا).وغيرها من الآيات التي تبطل علم أحد بهذه القصص .
و أختلف المفسرون في التعامل مع هذه المبهمات ،واخترت منهم (الطبري ـ ابن عاشور –ابن كثير ) لأوضح طريقة كل منهم من خلال قوله تعالي (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ)وقوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ)وقوله (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ).
فالطبري في كتابه (البحر المحيط )كان منهجه في التعامل مع المبهمات :
• يذكر الاقوال بأسانيدها
فقال اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي عَيْنِ الشَّجَرَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ أَكْلِ ثَمَرِهَا آدَمُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ السنبلة . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَحْمَسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، عَنِ النَّضْرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الشَّجَرَةُ الَّتِي نُهِيَ عَنْ أَكْلِ ثَمَرِهَا آدَمُ هِيَ السُّنْبُلَةُ .
وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " الشَّجَرَةُ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا آدَمُ: الْبُرُّ "
ثم ساق بقيه الاقوال ثم أصل لهذا العلم بقوله (وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ عِبَادَهُ أَنَّ آدَمَ وَزَوْجَتَهُ أَكَلَا مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نَهَاهُمَا رَبُّهُمَا عَنِ الْأَكْلِ مِنْهَا، فَأَتَيَا الْخَطِيئَةَ الَّتِي نَهَاهُمَا عَنْ إِتْيَانِهَا بِأَكْلِهِمَا مَا أَكَلَا مِنْهَا، بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَهُمَا عَيْنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نَهَاهُمَا عَنِ الْأَكْلِ مِنْهَا وَأَشَارَ لَهُمَا إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ: {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [البقرة: 35] وَلَمْ يَضَعِ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِعِبَادِهِ الْمُخَاطَبِينَ بِالْقُرْآنِ دَلَالَةً عَلَى أَيِّ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ كَانَ نَهْيُهُ آدَمَ أَنْ يَقْرَبَهَا بِنَصٍّ عَلَيْهَا بِاسْمِهَا وَلَا بِدَلَالَةٍ عَلَيْهَا. وَلَوْ كَانَ لِلَّهِ فِي الْعِلْمِ بِأَيِّ ذَلِكَ مِنْ أَيِّ رِضًا لَمْ يُخْلِ عِبَادَهُ مِنْ نَصْبِ دَلَالَةٍ لَهُمْ عَلَيْهَا يَصِلُونَ بِهَا إِلَى مَعْرِفَةِ عَيْنِهَا، لِيُطِيعُوهُ بِعِلْمِهِمْ بِهَا، كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا بِالْعِلْمِ بِهِ لَهُ رِضًا. فَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَهَى آدَمَ وَزَوْجَتَهُ عَنْ أَكْلِ شَجَرَةٍ بِعَيْنِهَا مِنْ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ دُونَ سَائِرِ أَشْجَارِهَا، فَخَالَفَا إِلَى مَا نَهَاهُمَا اللَّهُ عَنْهُ، فَأَكَلَا مِنْهَا كَمَا وَصَفَهُمَا اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِهِ. وَلَا عِلْمَ عِنْدَنَا أَيَّ شَجَرَةٍ كَانَتْ عَلَى التَّعْيِينِ، لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ لِعِبَادِهِ دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ).
وايضاً في قوله (أو كالذي مر على قرية )قال وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَجَّبَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ قَالَ إِذْ رَأَى قَرْيَةً خَاوِيَةً عَلَى عُرُوشِهَا: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} [البقرة: 259] مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ ابْتَدَأَ خَلْقَهَا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ، فَلَمْ يُقْنِعْهُ عِلْمُهُ بِقُدْرَتِهِ عَلَى ابْتِدَائِهَا، حَتَّى قَالَ: أَنَّى يُحْيِيهَا هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا؟ وَلَا بَيَانَ عِنْدَنَا مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي يَصِحُّ مِنْ قِبَلِهِ الْبَيَانُ عَلَى اسْمِ قَائِلِ ذَلِكَ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عُزَيْرًا، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ إِرْمِيَا، وَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى مَعْرِفَةِ اسْمِهِ، إِذْ لَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ بِالْآيَةِ تَعْرِيفَ الْخَلْقِ اسْمَ قَائِلِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ بِهَا تَعْرِيفُ الْمُنْكِرِينَ قُدْرَةَ اللَّهِ عَلَى إِحْيَائِهِ خَلْقَهُ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ، وَإِعَادَتِهِمْ بَعْدَ فَنَائِهِمْ.
• يعتبر مكثر من ذكر الاسرائيليات ولكنه يسوقها بإسنادها كما فسر قوله تعالي (لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ).
حيث ذكر حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: ثني عَبْدُ الصَّمَدِ أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يَقُولُ: " أَصَابَ نَاسًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَلَاءٌ وَشِدَّةٌ مِنَ الزَّمَانِ، فَشَكَوْا مَا أَصَابَهُمْ، وَقَالُوا: يَا لَيْتَنَا قَدْ مِتْنَا فَاسْتَرَحْنَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى حِزْقِيلَ: إِنَّ قَوْمَكَ صَاحُوا مِنَ الْبَلَاءِ، وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ وَدُّوا لَوْ مَاتُوا فَاسْتَرَاحُوا، وَأَيُّ رَاحَةٍ لَهُمْ فِي الْمَوْتِ أَيَظُنُّونَ أَنِّي لَا أَقْدِرُ أَنْ أَبْعَثَهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ؟ فَانْطَلِقْ إِلَى جَبَّانَةِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ فِيهَا أَرْبَعَةَ آلَافٍ قَالَ وَهْبٌ: وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ [ص: 415] اللَّهُ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} [البقرة: 243] فَقُمْ فِيهِمْ فَنَادِهِمْ وَكَانَتْ عِظَامُهُمْ قَدْ تَفَرَّقَتْ، فَرَّقَتْهَا الطَّيْرُ وَالسِّبَاعُ. فَنَادَاهُمْ حِزْقِيلُ، فَقَالَ: يَا أَيَّتُهَا الْعِظَامُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَجْتَمِعِيَ فَاجْتَمَعَ عِظَامُ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مَعًا. ثُمَّ نَادَى ثَانِيَةً حِزْقِيلُ، فَقَالَ: أَيَّتُهَا الْعِظَامُ، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَكْتَسِيَ اللَّحْمَ فَاكْتَسَتِ اللَّحْمَ، وَبَعْدَ اللَّحْمِ جَلْدًا، فَكَانَتْ أَجْسَادًا. ثُمَّ نَادَى حِزْقِيلُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: أَيَّتُهَا الْأَرْوَاحُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَعُودِي إِلَى أَجْسَادِكِ، فَقَامُوا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قُلْ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: " {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ} [البقرة: 243] يَقُولُ: عَدَدٌ كَثِيرٌ خَرَجُوا فِرَارًا مِنَ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ، ثُمَّ أَحْيَاهُمْ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُجَاهِدُوا عَدُوَّهُمْ؛ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سُمَيْعٌ عَلِيمٌ} .
بينما كان منهج ابن عاشور في كتابه (التدوير والتحرير ):
• يذكر الاقوال وينسب كل قول لقائله بدون ذكر الأسانيد .
فقال (الشجرة)التي نهي الله ادم عن أكلها فقال : وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْقَصَصِ فِي تَعْيِينِ نَوْعِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالسُّدِّيِّ أَنَّهَا الْكَرْمَةُ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَجُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهَا الْحِنْطَةُ، وَعَنْ قَتَادَةَ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَنَسَبَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ إِلَى جَمْعٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهَا شَجَرَةُ التِّينِ. وَوَقَعَ فِي سِفْرِ التَّكْوِينِ مِنَ التَّوْرَاةِ إِبْهَامُهَا وَعُبِّرَ عَنْهَا بِشَجَرَةِ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.
• قد يعتمد علي كتب بني اسرائيل في بيان معني المبهمة.
وذلك في قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ).
فذكر: فَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّهُمْ قَوْمٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَحْيَاهُمُ اللَّهُ بِدَعْوَةِ حِزْقِيَالَ، وَالَّذِينَ قَالُوا إِنَّمَا هَذَا مَثَلٌ لَا قِصَّةٌ وَاقِعَةٌ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا الرُّؤْيَا الَّتِي ذُكِرَتْ فِي كِتَابِ حِزْقِيَالَ فِي الْإِصْحَاحِ 37 مِنْهُ إِذْ قَالَ: «أَخْرَجَنِي رُوحُ الرَّبِّ وَأَنْزَلَنِي فِي وَسَطِ بُقْعَةٍ مَلْآنَةٍ عِظَامًا وَمُرَّ بِي مِنْ حَوْلِهَا وَإِذَا هِيَ كَثِيرَةٌ وَيَابِسَةٌ فَقَالَ لِي يَا ابْنَ آدَمَ أَتَحْيَا هَذِهِ الْعِظَامُ؟ فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي أَنْتَ تَعْلَمُ، فَقَالَ لِي تَنَبَّأْ عَلَى هَذِهِ الْعِظَامِ وَقُلْ لَهَا أَيَّتُهَا الْعِظَامُ الْيَابِسَةُ اسْمَعِي كَلِمَةَ الرَّبِّ، فَتَقَارَبَتِ الْعِظَامُ، وَإِذَا بِالْعَصَبِ وَاللَّحْمِ كَسَاهَا وَبُسِطَ الْجِلْدُ عَلَيْهَا مِنْ فَوْقُ وَلَيْسَ فِيهَا رُوحٌ فَقَالَ لِي تَنَبَّأْ لِلرُّوحِ وَقُلْ قَالَ الرَّبُّ هَلُمَّ يَا رُوحُ مِنَ الرِّيَاحِ الْأَرْبَعِ وَهَبَّ عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَتْلَى فَتَنَبَّأْتُ كَمَا أَمَرَنِي فَدَخَلَ فِيهِمُ الرُّوحُ فَحَيَوْا وَقَامُوا عَلَى أَقْدَامِهِمْ جَيْشٌ عَظِيمٌ جِدًّا جِدًّا» وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ النَّبِيءُ لِاسْتِمَاتَةِ قَوْمِهِ، وَاسْتِسْلَامِهِمْ لِأَعْدَائِهِمْ، لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَهُ «هَذِهِ الْعِظَامُ وَهِي كُلُّ بُيُوتِ إِسْرَائِيلَ هُمْ يَقُولُونَ يَبِسَتْ عِظَامُنَا وَهَلَكَ رَجَاؤُنَا قَدِ انْقَطَعْنَا فَتَنَبَّأْ وَقُلْ لَهُمْ قَالَ السَّيِّد الرب هأنذا أَفْتَحُ قُبُورَكُمْ وَأُصْعِدُكُمْ مِنْهَا يَا شَعْبِي وَآتِي بِكُمْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ وَأَجْعَلُ رُوحِي فِيكُمْ فَتَحْيَوْنَ» فَلَعَلَّ هَذَا الْمَثَلَ مَعَ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَت فِيهِ مرائي هَذَا النَّبِي، وَهُوَ الْخَابُورُ، وَهُوَ قُرْبُ وَاسِطَ، هُوَ الَّذِي حَدَا بَعْضَ أَهْلِ الْقِصَصِ إِلَى دَعْوَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ مِنْ أَهْلِ دَاوَرْدَانَ: إِذْ لَعَلَّ دَاوَرْدَانَ كَانَتْ بِجِهَاتِ الْخَابُورِ الَّذِي رَأَى عِنْدَهُ النَّبِيءُ حِزْقِيَالُ مَا رَأَى.
وابن كثيركان منهجه في كتابة (تفسير القرآن العظيم ).
• سار علي منهج الطبري في سياق الاسانيد ..
قَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الشَّجَرَةِ: مَا هِيَ؟
فَقَالَ السُّدِّيُّ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الشجرة التي نهي عنها آدم، عليه السلام، هِيَ الكَرْم. وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالسُّدِّيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وجَعْدة بْنُ هُبَيرة، وَمُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ -أَيْضًا-فِي خَبَرٍ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -وَعَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ نَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ: {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} هِيَ الْكَرْمُ. وَتَزْعُمُ يَهُودُ أَنَّهَا الْحِنْطَةُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ الْأَحْمَسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الحِمَّاني، حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَبُو عُمَرَ الْخَرَّازُ، عَنْ عِكْرِمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الشجرة التي نُهِي عنها آدم، عليه السلام، هِيَ السُّنْبُلَةُ.
• قد يسوق الاقوال بدون ذكر اسانيدها وامتاز عن غيره بالترجيح بين الأقوال .
{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْمَارِّ مَنْ هُوَ؟ فَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عِصَامِ بْنِ رَوَّاد عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ عُزَيْرٌ.
وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ نَاجِيَةَ نَفْسِهِ. وَحَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ وَسُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَة وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ.
وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: هُوَ أَرْمِيَا بْنُ حَلْقِيَا. قَالَ مُحَمَّدُ بن إسحاق؛ عمن لا يتهم عن وهب بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ اسْمُ الْخِضْرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ (5) سُلَيْمَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْيَسَارِيَّ الجاري -من أهل الجار، ابن عم مطرف-قال: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَقُولُ: إِنَّ الَّذِي أَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ اسْمُهُ: حِزْقِيلُ بْنُ بُورَا.
هذا ما يسره الله لي
والله أعلم​
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آلة وصحبه أجمعين ..
___
الرقم الإكاديمي :12125
 
...........
وبالرغم من تضارب الأقوال في أهمية هذا العلم بين مؤيد ومعارض له ،فقد رأى مؤيدوه ان فيه ما يعين المفسر ،وقد تكون من وسائل الترجيح أحيانا ،وفيه ما يعين على التدبر والتأمل ..
..
___
الرقم الإكاديمي :12125

هل أستطيع دراسة ترجيح مبهم كما في المثال التالي

ومثلا في تفسير (قال كبيرهم .....)
قال عطاء عن ابن عباس: يعني يهوذا وكان أعقلهم، وهو قول وهب والكلبي ومقاتل بن سليمان :لم يكن أكبرهم في السن لكنه كان أكبرهم في صحة الرأي.
وقال مجاهد: شمعون، وكان أكبرهم في العلم والعقل لا في السن.
وقال قتادة والسدي والضحاك وكعب: هو روبيل وكان أكبرهم سنا، وهذا هو الظاهر.


 
تعليق بسيط
تفسير البحر المحيط لابن حيان وليس للطبري …
فهل المثال الاول للطبري او لابن حيان

ايضا اسم كتاب التحرير والتنوير لابن عاشور فيه خطا


[تمت المشاركة باستخدام تطبيق ملتقى أهل التفسير]
 
عودة
أعلى