مقال: كيف تعامل المفسرون مع المُعرَّب في القرآن ؟

إنضم
06/01/2013
المشاركات
90
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
الرياض
بسم1

شرف الله لسان العرب بأن أنزل به آخر كتبه الذي جعله هدى الناس كافة، ومصدقا لما قبله من الكتب و مهيمنا عليها. فقال جل وعلا : (لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين) وقال تعالى: (لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين) وقال جل وعلا: (قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون) وقال تعالى: (ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أاعجمي وعربي) .
وكان مما أجمع عليه العلماء رحمهم الله أنه لا يرد في القرآن أسلوب أعجمي ولا تركيب أعجمي أبدا، واتفقوا كذلك أن فيه أعلاما أعجمية: كإلياس وعيسى وآزر وهامان وعزير وغير ذلك . لكنهم اختلفوا على ثلاثة أقوال حول وجود المُعرَّب في القرآن، والمُعرَّب: كلمة أعجمية نُقلتْ إلى العربية ، وتفوَّهت بها العرب على طريقتها، وعرفه السيوطي بأنه :ما استعملته العرب من الألفاظ الموضوعة لمعان في غير لغتها.
القول الأول: أن لا مُعرَّب في القرآن وأن الألفاظ التي قيل بأنها مُعرَّبة إنما هي ألفاظ عربية اتفق استعمال العرب لها مع غيرهم . قال بهذا أبو عبيدة معمر ين المثنى والإمام الشافعي وابن جرير الطبري وأبو بكر الأنباري وابن فارس وغيرهم . يقول شيخ المفسرين الطبري رحمه الله في مقدمة تفسيره: "إذ كان استعمال ذلك بلفظ واحد ومعنى واحد موجودا في الجنسين (يقصد اللسانين العربي و الأعجمي) ، وإذ كان ذلك موجودا على ما وصفنا في الجنسين ، فليس أحد الجنسين أولى بأن يكون أصل ذلك كان من عنده من الجنس الآخر . والمدعي أن مخرج أصل ذلك إنما كان من أحد الجنسين إلى الآخر، مدع أمرا لا يوصل إلى حقيقة صحته إلا بخبر يوجب العلم ويزيل الشك ويقطع العذر صحته ، بل الصواب في ذلك عندنا أن يسمى عربيا أعجميا ، أو حبشيا عربيا ، إذ كانت الأمتان له مستعملتين في بيانها ومنطقها استعمال سائر منطقها وبيانها . فليس غير ذلك من كلام كل أمة منهما ، بأولى أن يكون إليها منسوبا منه" .
القول الثاني: أن المعرب موجود في القرآن و أنه لا يخرجه عن عربيته، قال به ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء ووهب بن منبه والجو يني وغيرهم .
القول الثالث: التوسط بين القولين و مفاده أن هذه الأحرف أصولها أعجمية لكنها وقعت للعرب فعرَّبتها بألسنتها ، وحوَّلتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها. قال به أبو عبيد القاسم بن سلام وابن الجوزي وآخرون. ولا تزال اللغات تأخذ من بعضها البعض و تستفيد من غيرها المعاني و الألفاظ و تدرجها فيها و تحت قوانينها ، وهي علامة قدرة اللغة على الإحاطة بالمعاني و الألفاظ و دليل تجددها و استيعابها و حسن انتقاءها و سطوتها على اللفظ و المعنى بحيث تستطيع تطويعه في قانونها. و قد أحصى الإمام السيوطي الألفاظ المعربة في القرآن في كتابه الجليل : المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب فوجدها نحوا من مئة و عشرين لفظا نظم شيئا منها الإمام السبكي و ذيل عليها ابن حجر و استدرك عليهما السيوطي رحم الله الجميع رحمة واسعة.

المراجع:
- تفسير ابن جرير الطبري رحمه الله.
- المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب لجلال الدين السيوطي رحمه الله.
- مقال : المُعرَّبُ في القرآن الكريم للدكتور عبدالحي محمد عبدالحي.
 
عودة
أعلى