مقال:كيف تعامل المفسرون مع المجمل في القرآن الكريم

إنضم
05/04/2007
المشاركات
54
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
الناظر والمتأمل في صنيع هؤلاء الأفذاذ من العلماء يعجب ولا ينقضي عجبه من خدمتهم لنصوص الوحيين
لمابدأت في بحث المجمل قلت يبدو أنه أو كأنه غريب القرآن أو المحكم والمتشابه أو لعله مشكل القرآن
ثم يتضح لي لا هذا ولا هذا, إنها الدقة المتناهية لعلمائنا في دراسة المفردة القرآنية ,فلما تجلت لي الفروقات بينهم تجلي لي معها جهلي بهذا الكلام العربي المبين المعجز المبههر
فمبحث المجمل محوره الكلمة القرآنية ,وجاء في تقسيم الكلام عامة إلى ثلاثة أقسام :
إما نصا :صريحا في لفظ معين, في معنى معين
الظاهر: وهو المتردد بين معنيين , وهو في أحدهما أرجح.
والقسيم الثالث هو المجمل و يقابله المبين
و تعريفه لغة .هو المجموع , وجملة الشيء مجموعه ,
أصطلاحا عرفه الأصوليون-لأن المبحث عندهم وأصله هناك وإن كان من علوم القرآن - قالوا :هو ما إحتمل معنيين أو أكثر من غير ترجح لواحد منهما-
وحكم المجمل أيان كان نوعه : التوقف فيه حتى يرد تفسيره
وبيانه أن يحال إلى خطاب آخر , سواء كان متصل به أو منفصلا . كما أحال الله تعالى بيان أشياء على النبي صلى الله عليه وسلم
وقد يكون الإجمال مطلقا , وكما يكون من وجه دون وجه
فدرءا لما يمكن أن تتعرض لها هذه النصوص المجملة للإحتمالات, وأظف لما قُعد للفظ أنه إذا تطرق إليه الإحتمال كساه ثوب الإجمال وسقط به الإستدلال ,جاءت عناية المفسرين بهذا المبحث المهم وأكثر من تكلم وفصل فيه الإمام الشنقيطي في مقدمة الأضواء , حيث أطال الإمام في بيان أنواع الإجمال وطريقة بيانها , وكما ذُكر عند السيوطي في الإتقان للإجمال أسباب ومن بين هذه الأسباب التي ذكرت في مقدمة الأضواء:
إشتراك في الإسم أوالفعل أوالحرف ,بيان الإجمال الواقع بسبب إبهام في اسم جنس جمعا كان أو مفردا أو اسم جمع أو صلة موصول أو معنى حرفا
والإجمال الواقع بسبب ابهام في اسم جنس جمعا كان أو مفردا .كذلك بسبب احتمال مفسر الضمير وغيرها
نأخذ مثال على تعامل الإمام مع المجمل وطريقة إبانته له رحمه الله في مثل قول الله تعالى:"فامسَحُوا بوُجُوهِكم وَأيديكم منه" وقع الإشتراك في الحرف "من" فقيل للتبعيض ,ولذا اشترطوا صعيدا له غبار يعلق باليد,وقيل هي لابتداء الغاية ولذا لم يشترطوا ماله غبارا بل يجوز التيمم على الرمل والحجارة ,وهذا أنسب لما بعده وهو قوله تعالى " مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَعَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج" أي حرج.والتكليف بما فيه غبار فيه نوع من الحرج ,لأن كثيرا من بلاد الله لايوجد فيها إلا الجبال أو الرمال

نرى هنا الامام كيف أبان من خلال السياق عن المراد من هذا المجمل يذكر أن "من" هنا لابتداء الغاية.
نجد أيضا كيفية ابانته لهذا المجمل من خلال القرينة :
أن يكون في الآية قرينة تدل على منع أحد المعاني أو ردِّ بعض الأقوال:
ومن أمثلته: قوله تعالى:"وَكَتبنَا عَلَيهِم فِيهَا أنَّ النَّفسَ بالنَّفس" فيرى أبو حنيفة-رحمه الله-أن عموم الآية يفيد أن المسلم يُقتل بالكافر، ويمنع منه قوله في آخر الآية"فَمَن تصَدَّق بهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَه". فإنها قرينة على عدم دخول الكافر، لأن صدقته لا تكفر عنه شيئا، إذ لاتنفع الأعمال الصالحة مع الكفر
في هذين المثالين يتبين أهمية السياق والقرائن وذُكر هذا في قاعدة من القواعد التي ضبطت المجمل وهي:
السياق والقرائن الدالة على مراد المتكلم ترشد إلى بيان المجمل وتعين المحتمل
والإجمال تارة يكون في لفظ مفرد, وتارة يكون في لفظ مركب, وتارة في نظم الكلام والتصريف,وحروف النسق, ومواضع الوقف الإبتداء
قال تعالى "وآتوا حقه يوم حصادة "
فهذا واضح في ايتاء الحق مجمل في مقداره ,أيضا في المثال المشهور عند الفقهاء وغيرهم :والمطلقات يتربصن,فهو نص في ايجاب العدة,مجمل في صفة الأقراء هل هي الحيض أو الأطهار.
مبحث دقيق ماتع كغيره من بحوث علوم القرآن.
المصادر:
أضواء البيان
قواعد التفسير
الاتقان




رقم الأكاديمي: 12136
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى