تفاؤل
New member
إن النسخ في الشريعة الإسلامية بوجه عام وسيلة من أعظم الوسائل التربوية الحكيمة، فهو نوع من التدرج في التشريع ، روعي فيه مصالح العباد في العاجل والآجل ؛ فإن من الأمور التكليفية ما يصلح في وقت دون وقت ، وفي حال دون حال ، فأخذ الله عباده بالحكمة في وقت كان الناس فيه يعانون من انحلال خلقي واجتماعي يصعب عليهم التخلص منه دفعة واحدة ، كما يصعب عليهم أن يتحملوا في بداية أمرهم بالإسلام جميع التكاليف التي أناطها بهم ، ولم يكن من الحكمة أخذهم بالشدة والعنف في وقت كانوا فيه في ضلالة عمياء ، وجهالة ، وتعلق شديد بعبادات سيئة ، ومعتقدات فاسدة ، فكان النسخ في بعض الأحكام الشرعية معالجة لتلك النفوس الجامحة ، حتى تتخلص من أوزارها .
وكذلك النسخ في القرآن الكريم كان لحكمة من الله العليم الحكيم ، علمها من علمها، وجهلها من جهلها ، وعدم العلم بالشيء لا يعني العدم ، ولسنا مكلفين بمعرفة الحكمة من كل تشريع ؛ إلا أن البحث عنها مما يزيد القلب طمأنينة بسلامة هذا القرآن ، وخلوه من التناقض والاختلاف ، والخلل والانحراف ، وصلاحيته لكل زمان ومكان .
ومما وقفت عليه من حكمة وقوع النسخ في القرآن مايلي :
1. الدلالة على بعض صفات الله كالعلم فهو سبحانه عالم بأحوال الناس جملة وتفصيلا ، وعالم بما يصلحهم وينفعهم والطريقة التي تصلح لهم ، وفيه دلالة على صفة الحكمة والرحمة .
2. التذكير بنعمة الله لاسيما في بعض أنواع النسخ الذي يكون فيها من أثقل إلى أخف كما هو الحال في عدة المتوفى عنها زوجها وغير ذلك .
3. نسخ الحكم بمساويه في صعوبته أو سهولته فللابتلاء والاختبار ليظهر المؤمن فيفوز والمنافق فيهلك ، ليميز الخبيث من الطيب .
4. إرادة الخير بهذه الأمة ، فإن النسخ إن كان إلى ما هو أخف ففيه سهولة ويسر، وإن كان إلى ما هو أثقل ففيه زيادة الثواب والأجر .
5. ومن حكمة نسخ الحكم وبقاء التلاوة أن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم منه، والعمل به ، فإنه كذلك يتلى لكونه كلام الله تعالى ، فيثاب عليه ، فتركت التلاوة لهذه الحكمة .
6. كما أن النسخ غالبا يكون للتخفيف فأبقيت التلاوة تذكيرا بالنعمة ، ورفع المشقة حتى يتذكر المسلم نعمة الله عليه .
7. وأيضا الآية بعد نسخها لا تخلو غالبا من دعوة إلى عقيدة، أو إرشاد إلى فضيلة ، أو ترغيب في خير ، ومثل ذلك لا ينسخ بنسخ الحكم بل تبقى الآية مفيدة له لأن النسخ لا يتعلق به.
8. ومن الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم أنه يظهر به مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به ، فيسرعون بأيسر شيء ، كما سارع الخليل إلى ذبح ولده بمنام ، والمنام أدنى طريق الوحي.
9. في نسخ التلاوة مع بقاء الحكم حكمة تظهر في كل آية تناسبها : ومثال ذلك نسخ تلاوة آية الرجم : ( والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) وبقي حكمها معمولا به إلى اليوم ، و الحكمة -والله أعلم -في ذلك أنها كانت تتلى أولا لتقرير حكمها ردعا لمن تحدثه نفسه أنه يتلطخ بهذا العار الفاحش من شيوخ وشيخات ؛ حتى إذا ما تقرر هذا الحكم في النفوس ، نسخ الله تلاوتها لحكمة أخرى هي الإشارة لشناعة الفاحشة وبشاعة صدورها من شيخ وشيخة زنيا ، حيث سلكها مسلك مالا يليق أن يذكر فضلا عن أن يفعل .
المراجع :
• البرهان في علوم القرآن الزركشي.
• مناهل العرفان في علوم القرآن الزرقاني.
• دراسات في علوم القرآن محمد بكر إسماعيل.
• دعاوى الطاعنين في القرآن الكريم عبد المحسن المطيري.
• الموسوعة القرآنية المتخصصة .
منال الرشيدي
12116
وكذلك النسخ في القرآن الكريم كان لحكمة من الله العليم الحكيم ، علمها من علمها، وجهلها من جهلها ، وعدم العلم بالشيء لا يعني العدم ، ولسنا مكلفين بمعرفة الحكمة من كل تشريع ؛ إلا أن البحث عنها مما يزيد القلب طمأنينة بسلامة هذا القرآن ، وخلوه من التناقض والاختلاف ، والخلل والانحراف ، وصلاحيته لكل زمان ومكان .
ومما وقفت عليه من حكمة وقوع النسخ في القرآن مايلي :
1. الدلالة على بعض صفات الله كالعلم فهو سبحانه عالم بأحوال الناس جملة وتفصيلا ، وعالم بما يصلحهم وينفعهم والطريقة التي تصلح لهم ، وفيه دلالة على صفة الحكمة والرحمة .
2. التذكير بنعمة الله لاسيما في بعض أنواع النسخ الذي يكون فيها من أثقل إلى أخف كما هو الحال في عدة المتوفى عنها زوجها وغير ذلك .
3. نسخ الحكم بمساويه في صعوبته أو سهولته فللابتلاء والاختبار ليظهر المؤمن فيفوز والمنافق فيهلك ، ليميز الخبيث من الطيب .
4. إرادة الخير بهذه الأمة ، فإن النسخ إن كان إلى ما هو أخف ففيه سهولة ويسر، وإن كان إلى ما هو أثقل ففيه زيادة الثواب والأجر .
5. ومن حكمة نسخ الحكم وبقاء التلاوة أن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم منه، والعمل به ، فإنه كذلك يتلى لكونه كلام الله تعالى ، فيثاب عليه ، فتركت التلاوة لهذه الحكمة .
6. كما أن النسخ غالبا يكون للتخفيف فأبقيت التلاوة تذكيرا بالنعمة ، ورفع المشقة حتى يتذكر المسلم نعمة الله عليه .
7. وأيضا الآية بعد نسخها لا تخلو غالبا من دعوة إلى عقيدة، أو إرشاد إلى فضيلة ، أو ترغيب في خير ، ومثل ذلك لا ينسخ بنسخ الحكم بل تبقى الآية مفيدة له لأن النسخ لا يتعلق به.
8. ومن الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم أنه يظهر به مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به ، فيسرعون بأيسر شيء ، كما سارع الخليل إلى ذبح ولده بمنام ، والمنام أدنى طريق الوحي.
9. في نسخ التلاوة مع بقاء الحكم حكمة تظهر في كل آية تناسبها : ومثال ذلك نسخ تلاوة آية الرجم : ( والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) وبقي حكمها معمولا به إلى اليوم ، و الحكمة -والله أعلم -في ذلك أنها كانت تتلى أولا لتقرير حكمها ردعا لمن تحدثه نفسه أنه يتلطخ بهذا العار الفاحش من شيوخ وشيخات ؛ حتى إذا ما تقرر هذا الحكم في النفوس ، نسخ الله تلاوتها لحكمة أخرى هي الإشارة لشناعة الفاحشة وبشاعة صدورها من شيخ وشيخة زنيا ، حيث سلكها مسلك مالا يليق أن يذكر فضلا عن أن يفعل .
المراجع :
• البرهان في علوم القرآن الزركشي.
• مناهل العرفان في علوم القرآن الزرقاني.
• دراسات في علوم القرآن محمد بكر إسماعيل.
• دعاوى الطاعنين في القرآن الكريم عبد المحسن المطيري.
• الموسوعة القرآنية المتخصصة .
منال الرشيدي
12116