عبد الرحمن ناصر الشيبان
New member
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده،والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ،، وبعد ،
فإن الإعجاز العلمي اصطلاح حادث قصد به : سبق هذا الكتاب العزيز بالإشارة إلى عددٍ من حقائق الكون وظواهره ، التي لم يتمكن العلم الكسبي من الوصول إلى فهم شيء منه ، إلا بعد قرون متطاولة من تنزل القرآن الكريم.
وقد كثر الشد والجذب حول هذا المصطلح ، بين مانعٍ له ومشدّد ومنكرٍ على القائل به ، وبين متوسعٍ فيه ومتجاوز لكثير من الضوابط.
وتوسط فريق فقالوا : بجواز البحث في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، ولكن بمنهج منضبط ببعض القيود ، حتى لا يحصل شطط ولا حيف وميل ، وأن يكون ذلك من باب الاستئناس به ، وليس أصلاً يبنى عليه ، فالقرآن كلام الله جل وعلا هو الأصل.
• ومن أبرز الانتقادات الموجهة للباحثين في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم :
1- ضعف التكوين العلمي لمن كتب فيه . ومن أثر ذلك عدم الاعتداد بأقوال السلف رحمهم الله عند بعضهم ، أو الفهم القاصر لها عند البعض الآخر، وعدم مراعاة مصطلحات اللغة والشريعة ، ومحاولة تركيب ما ورد في البحوث التجريبية على ما ورد في القرآن ، كما يؤكد ذلك الدكتور مساعد الطيار بقوله : " إن كثيرًا ممن كتب في الإعجاز العلمي، ليس ممن له قدم في العلم الشرعي فضلاً عن علم التفسير . " (1)
2- توسع بعض من كتب في الإعجاز ، بجعله آيات القرآن الكريم خاضعة لهذه النظريات ،ومحاولة التلاعب بالنصوص لأجل تأكيد النظريات وكأنها هي الأصل !
يقول الشيخ صالح آلشيخ –حفظه الله-: " والإعجاز العلمي في القرآن حق؛ لكن له ضوابط، توسَّعَ فيه بعضهم فخرجوا به عن المقصود إلى أنَّ يجعلوا آيات القرآن خاضعة للنظريات، وهذا باطل؛ بل النظريات خاضعة للقرآن ، لأن القرآن حق من عند الله والنظريات من صنع البشر لكن بالفهم الصحيح للقرآن." (2)
3- محاولة بعض من كتب في الإعجاز أخذ ما عند الغرب من جديد في العلوم التجريبية والكونية والاكتشافات العلمية ، ثمَّ التكلف في بحث ما يوافقه في كتاب الله لإثبات صحة هذا الدين ، لأولئك الذين لا يؤمنون إلا بالحقائق المادية، وهذا ضعف واضح ، فالدين عزيز ومتين .
4- أن النظريات العلمية البشرية عرضة للتبديل والتغيير، فإذا حملنا عليها ألفاظ القرآن ، كان فهم آياته عرضة للتغيير والتبديل مما يبعث على الشك في كلام الله ، ويؤدي إلى البلبلة والاضطراب .
5- " أن بعض الباحثين ، دخلوا في هذا المجال بسبب ردود الفعل ؛ إما بما رأوا من تنقص بعض الملحدين للمسلمين ودينهم ، وإما بسبب ما يرونه من الهجمة الشرسة على الإسلام والدعوى بأنه دين جامد يحارب العلم ، ولقد كان لردة الفعل هذه أثرٌ في طريقة تفكيرهم وتناولهم لتفسير الآيات تفسيرًا يتناسب مع ما أُوتوه من علم بشري تجريبي أو كوني ." (3)
والحقيقة أن مثلي ممن بضاعته مزجاة ، ليس له أن يُلِّم بهذا الموضوع في مقالة عابرة ، وفيه من هو أعلم مني في هذا المجال من المشايخ والعلماء ، لكنه جهد المقصر في استقراء سريع لكلام بعض العلماء والباحثين ممن لهم سبق وتخصص وتبحر ومزيد بحث في هذا الموضوع ، وأعترف بالتقصير والخلل وأستغفر الله عز وجل .
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) لقاء مع الدكتور مساعد الطيار منشور في ملتقى أهل التفسير على الشبكة العنكبوتية.
(2) شرح العقيدة الطحاوية 1/127.
(3) مقتبس من مقال للدكتور مساعد الطيار في ملحق الرسالة بجريدة المدينة ، نشر في ملتقى أهل التفسير.