عمر المقبل
New member
- إنضم
- 06/07/2003
- المشاركات
- 805
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
هذه درة سعدية، من عالم نجد في زمانه، العلامة السعدي، كتبها قبل وفاته بخمس سنوات (شعبان 1371 تحديداً)
أرجو أن يكون في نشرها ههنا، أو من قبل الإخوة في مجموعاتهم البريدية نفعاً، فأضعف الإيمان ـ لمن تقاعس من أمثالي ـ أن يشجع القائمين، أو يحرك النائمين، بالتواصل والتواصي بالحق الذي في أمثال هذه الكلمات المؤثرة
عاملنا الله وإياكم بعفوه
العلامة ابن سعدي وواقع الأمة المعاصر !
فهذه أحرف دبجتها يراعة العالم الرباني، العالم العامل، ممن له قدم صدق في الغيرة الصادقة على الأمة، والرغبة مع العمل الجاد في نهضتها، والبذل المتواصل للرقي بجيلها، أحرفٌ تمتلئ تفجعاً وتوجعاً، مع ذكر العلاج الناجع – كعادته رحمه الله-، إنه العلامة الشيخ: عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله (المتوفى سنة 1376هـ)، وذلك حين شرح آخر حديث من أحاديث كتابه الفذ "بهجة قلوب الأبرار"، وهو حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: {يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر} رواه الترمذي.
يقول رحمه الله، وأنزل على قبره شآبيب الرضوان:
"هذا الحديث يقتضي خبراً وإرشاداً.
أما الخبر: فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر أنه في آخر الزمان يقل الخير وأسبابه، ويكثر الشر وأسبابه، وأنه عند ذلك يكون المتمسك بالدين من الناس أقل القليل، وهذا القليل في حالة شدة ومشقة عظيمة، كحالة القابض على الجمر، من قوة المعارضين، وكثرة الفتن المضلة، فتن الشبهات والشكوك والإلحاد، وفتن الشهوات وانصراف الخلق إلى الدنيا وانهماكهم فيها، ظاهراً وباطناً، وضعف الإيمان، وشدة التفرد لقلة المعين والمساعد.
ولكن المتمسك بدينه، القائم بدفع هذه المعارضات والعوائق التي لا يصمد لها إلا أهل البصيرة واليقين، وأهل الإيمان المتين، من أفضل الخلق، وأرفعهم عند الله درجة، وأعظمهم عنده قدراً.
وأما الإرشاد: فإنه إرشاد لأمته، أن يوطنوا أنفسهم على هذه الحالة، وأن يعرفوا أنه لا بد منها، وأن من اقتحم هذه العقبات، وصبر على دينه وإيمانه - مع هذه المعارضات - فإن له عند الله أعلى الدرجات، وسيعينه مولاه على ما يحبه ويرضاه؛ فإن المعونة على قدر المؤونة.
وما أشبه هذا الزمان بهذا الوصف الذي ذكره صلى الله عليه وسلم؛ فإنه ما بقي من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه! إيمان ضعيف، وقلوب متفرقة، وحكومات متشتتة، وعداوات وبغضاء باعدت بين المسلمين، وأعداء ظاهرون وباطنون، يعملون سراً وعلناً؛ للقضاء على الدين، وإلحاد وماديات، جرفت بتيارها الخبيث، وأمواجها المتلاطمةِ الشيوخَ والشبان، ودعايات إلى فساد الأخلاق، والقضاء على بقية الرمق!!
ثم إقبال الناس على زخارف الدنيا؛ بحيث أصبحت هي مبلغ علمهم، وأكبر همهم، ولها يرضون ويغضبون، ودعاية خبيثة للتزهيد في الآخرة، والإقبال بالكلية على تعمير الدنيا، وتدمير الدين واحتقار واستهزاء بالدين وما ينسب إليه، وفخر وفخفخة، واستكبار بالمدنيات المبنية على الإلحاد التي آثارها وشرها وشرورها قد شاهده العباد.
فمع هذه الشرور المتراكمة، والأمواج المتلاطمة، والمزعجات الملمة، والفتن الحاضرة والمستقبلة المدلهمة - مع هذه الأمور وغيرها - تجد مصداق هذا الحديث!!
ولكن مع ذلك:
فإن المؤمن لا يقنط من رحمة الله، ولا ييأس من روح الله، ولا يكون نظره مقصوراً على الأسباب الظاهرة، بل يكون ملتفتاً في قلبه كل وقت إلى مسبب الأسباب، الكريم الوهاب، ويكون الفرج بين عينيه، ووعده الذي لا يخلفه، بأنه سيجعل الله له بعد عسر يسراً، وأن الفرج مع الكرب، وأن تفريج الكربات مع شدة الكربات وحلول المفظعات.
فالمؤمن من يقول في هذه الأحوال: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، و: حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا، اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،ويقوم بما يقدر عليه من الإيمان والنصح والدعوة، ويقنع باليسير، إذا لم يمكن الكثير، وبزوال بعض الشر وتخفيفه، إذا تعذر غير ذلك: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً﴾[الطلاق:2]﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾، [الطلاق: 3]﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً﴾[الطلاق: 4].
انتهى كلامه رحمه الله ،،،