مفاهيم نفسية في سورة يوسف

ابو فارس

New member
إنضم
07/09/2008
المشاركات
23
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
تشير سورة يوسف إلى كثير من المفاهيم النفسية العميقة والجميلة والتي هي سرد لقصة يوسف علية السلام تلك القصة الرائعة ،التي تحتاج إلى الوقوف على آياتها بتأمل،ومن خلال هذه السطور نحاول إن نقف على تلك المفاهيم ونتأملها ،لنخرج ما احتوت علية من دلالات نفسية.

في البداية يذكر الله أنها من أحسن القصص....
* كما قال تعالى(نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القران) ،وقيل أنها أحسن القصص لان كل شي حدث فيها رجع إلى أحسن حال ،ولأنها أيضا نزلت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ليرى ما حدث ليوسف من أمور تبدو سيئة لكنها انتهت بأحسن حال ،من هنا نجد أهمية سرد القصص على من إصابة بعض الهموم والصعوبات ليعتبر ويعلم إن الأمور لا تبقى على حالها،ويقتدي الإنسان بمن يسمع عن قصصهم ويأخذ العبرة منهم وفي قصة يوسف نجد من خلال قراءتنا لقصة يوسف إن المرء يجد نفسه مندفعا لمجاراة إحداث القصة وملابستها ،حيث تتخللها مواقف مثيره تستدعي الانتباه لشحذ الفكر من اجل الاستفادة من العبر والدروس.
كيف ولا وهي من أحسن القصص التي تؤثر في النفس وتترك بصماتها الايجابية في تهذيب الأخلاق....

بدأت قصة يوسف برؤية دارت عليها إحداث القصة.....
* قال تعالى: (يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رايتهم لي ساجدين)....
فكانت هذه الرؤيا مقدمة لما وصل إلية يوسف علية السلام ،من الارتفاع من الدنيا والاخره ،وهكذا إذا أراد الله امرأ هي الأصول العظام،قدم بين يديه مقدمة توطئه له وتسهيلا لإمرة واستعدادا لما يرد على العبد من المشاق ولطفا بعبده وإحسانا إلية ،فأولها يعقوب بأنه سيكون له شأن عظيم، وهنا مفهوم مخالف للنظرة النفسية للأحلام التي تعتبر الأحلام مجرد مشاعر مكبوتة تظهر إثناء فقد السيطرة من الأنا ،والمفهوم الإسلامي أوسع وأعمق بكثير من هذه النظرة البسيطة..
· كما جاء في قولة تعالى: (إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين)....

تدل الآية على حاجة الأبناء إلى الحب من والديهم، وعدم إعطائهم هذه الحاجات النفسية للحب تدفعهم للغيرة من بعضهم...
تعتبر المحبة والانتظام في سلك نظام اجتماعي واحد أمر في غاية الأهمية في حياة الإنسان، إذ يظل الإنسان طيلة حياته تواقا إلى الشعور بالأهمية و حب الآخرين.والمتأمل في شعور الإخوة بتفضيل أبيهم ليوسف إنما هو خاطر ينبعث من داخلهم و لا يختلج قلب يعقوب عليه السلام فهو نبي الله ومسلح بكل أشكال القيم الإنسانية فما بالنا بعدله مع أبنائه، قد تكون شفقته عليهما لصغرهما ووفاة أمهما أمرا لا يمكن صرفه عن نفسه لكن لم يكن يؤثرهما عليهم في المعاملات والأمور الظاهرية.النتيجة الحتمية التي نلمسها من الآية هي حرص الأولاد على حب أبيهم وقد ذهبت بهم الغيرة وافتقارهم للحب إلى اتهام أبيهم بالضلال المبين.نستلهم إذن أن الحب حاجة ماسة والشخصية التي لم تتمتع بالحب قد تمرض وتموت وللحب سحر قوي على صحة الإنسان وسعادته وسلامة عقله. وقد كان في رسولنا صلى الله عليه وسلم من صفات الزعامة والرئاسة ما يجعله مطاع الأمر بين أتباعه بغير سلطان إلا سلطان الحب.إن الأسرة السعيدة بيئة سليمة يسودها الحب تساعد الأبناء على نمو سليم أما التربية العنيدة دونما نقاش فإنها تضطر الولد إلى الطاعة وربما إلى عصبية مفرطة أو خجلومن الضروري الإشارة إلى أن الحب الزائد ومبالغة المربي في حماية الابن ومحاصرته قد تؤدي إلى تجمد التطور لديه وعدم انطلاقته وتعرقل تحقيق الذات وتنمية الاستقلال والثقة بالنفس و إقامة علاقات حميمة أخرى.
** قال تعالى: (أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ)....
الإغراء بالأكل واللعب ( احتياجات الطفل الأساسية) :
يعتبر اللعب حاجة فطرية هامة و أداة رئيسة من أدوات التنشئة الاجتماعية، حيث يتعلم الطفل من خلاله الإدارة الاجتماعية ويتعود على مشاركة غيره. كما يساهم اللعب في بناء شخصية الطفل و تأهيله لتحمل المسؤولية في المستقبل.

"أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون"
أي أرسله معنا يتسع في أكل ما لذ وطاب، يلهو ويلعب وغيره.وزيادة توكيد النصح والإخلاص تصوير لما ينتظر يوسف من النشاط والمسرة والرياضة، مما ينشط والده لإرساله معهم كما يريدون.

وما كانت حيلة إخوة يوسف إلا لإيقاع الأذى والقضاء عليه إذ كان تبرير اصطحابه إلى البرية هو اللعب وإدخال السرور في نفسه ذلك اليوم.
وقد يشكل اللعب طريقا لاستدراج الطفل ووقوعه في يد منحرف أو قرين سوء. لذا ينبغي على المربي أن ينتبه للأنشطة التي يقوم بها الطفل والزملاء الذي نيشاركهم هذه الأنشطة. على أنه لا ينبغي للمربين أن يمنعوا أطفالهم من اللعب بحجة حمايتهم من اكتساب عادات سيئة لأن هذا مبرر خاطئ وقد يحرم الابن من اكتساب الخبرات الملائمة والقدرة على تجاوز المشكلات التي تعترضه.
يقول ابن سينا: الصبي للصبي ألقن، وهو عنه آخذ وبه. فالتعليم باللعب يوفر جوا طليقا يندفع فيه الفرد إلى العمل من تلقاء نفسه.
*قال تعالى: (بل سولت لكم أنفسكم فصبر جميل)
العلاج بالصبر
مما سبق من دراسات رأينا كيف يؤكد الباحثون أن معظم حالات الغضب تأتي بسبب عدم وجود البديل المناسب، أو عد موجود حل للمشكلة، أو عدم وجود شيء يستحق التسامح، وقد فشل علماء النفس في إيجاد بديل مناسب للغضب، إلا في حالة واحدة أن يحذروا الشخص الغاضب من مساوئ الغضب الطبية مثل أمراض القلب وضعف المناعة والوزن الزائد. وعلى الرغم من ذلك لا يجدون استجابة من قبل المرضى لنداءاتهم، فما هو الحل؟
لقد أعطانا القرآن الحل وهو بالصبر.
· قال تعالى: (وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله انه ربي أحسن مثواي انه لا يفلح الظالمون)...
هنا يتضح الدافع الروحي بحداء الذي يحرك جميع سلوكيات الإنسان وهو الأقوى من أي دافع أخر،فأين غريزة الجنس المحركة للإنسان يافرويد ،هذا يوسف تدعوه امراءة ذات منصب وجمال وهو في عنفوان شبابه وفي غربة ويأتي ويقول معاذ بالله ،إن الدافع الروحي يافرويد أقوى مما تقرره على البشر ،دافع ابتغاء رضا الله ،دافع رد الجميل ،وتلك الدوافع أرحب وأوسع من دافعك الذي احتكرت الإنسان فيه...
· قال تعالى: (وقطعن أيديهن وقلن حاشا لله)...
عندما دخل عليهن يوصف دهش وذهول وطارت عقولهن ،وسنين من الذهول والدهشة الألم فوقفت السكينة في يد كل واحده منهن ويقول بعض المفسرين الأنامل والكف لم يشغلهن الألم والدم إنما
ويمكن الاستدلال من خلال الآية على إن توجيه الانتباه في موضوع معين ترافق معه موضوع ألم جسدي أن يبدد الإحساس بهذا الألم بشكل كلي...
* قال تعالى: (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)
سيدنا يعقوب بعدما فقد ابنيه يوسف وأخاه، فلم ييأس من رحمة الله، وانظروا كيف خاطب أبناءه: (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [يوسف: 87]. انظروا كيف اعتبر القرآن أن اليأس هو كفر بالله تعالى!! لماذا ليعطينا رسالة قوية بأن اليأس من رحمة الله محرم في الإسلام، وهذا ما مارسه المسلمون الأوائل فمنحهم القوة وفتحوا به الدنيا!
قال باحثون أمريكيون في دراسة هي الأحدث من نوعها - ربما تعطي المتشائمين سبباً آخر للتذمر - إن الذين يتسمون بالتفاؤل يعيشون عمراً أطول وكذلك الأشخاص الأكثر صحة، وذلك بالمقارنة مع نظرائهم المتشائمين.
ودرس الباحثون في جامعة بيتسبورج معدلات الوفاة والظروف الصحية المزمنة بين المشاركات في دراسة "مبادرة الصحة للنساء" والتي تتبعت أكثر من 100 ألف امرأة تتراوح أعمارهن بين 50عاماً وأكثر منذ 1994. وكانت النساء اللائي يتسمن بالتفاؤل - يتوقعن حدوث الأمور الطيبة لا السيئة- أقل احتمالاً بواقع 14 % للوفاة لأي سبب مقارنة بالمتشائمات وأقل احتمالا بنسبة 30 % للوفاة من أمراض القلب بعد ثم انيسنوات من المتابعة في هذه الدراسة. وكانت المتفائلات كذلك أقل احتمال أللإصابة بارتفاع ضغط الدم والبول السكري أو الإقبال على تدخين السجائر.
ودرس الفريق الذي أشرفت عليه الدكتورة هيلاري تيندل النساء اللائي كن أكثر ارتياباً تجاه الآخرين - وهن مجموعة يطلق عليهن "معادون بشكل تشاؤمي" - وقارنوهم مع النساء اللائي يتسمن بأنهن أكثر ثقة في الآخرين. وكانت النتيجة أن النساء في مجموعة العِداء التشاؤمي يمِلن إلى الاتفاق مع أسئلة مثل "مِن الأكثر أمانا ألا أثق في أحد".
وقالت تيندل التي قدمت دراستها في (5مارس 2009) للاجتماع السنوي للمنظمة الأمريكية للأمراض الجسدية النفسية: هذه التساؤلات تدل على ارتياب عام في الناس، فالنساء اللائي يتسمن بالعداء التشاؤمي كن أكثر احتمالاً بنسبة 16 % للوفاة (خلال فترة الدراسة) مقارنة بالنساء اللائي كن الأقل في العداء التشاؤمي. وهؤلاء النسوة أيضاً هنَّ أكثر احتمالاً بواقع 23 % للوفاة بسبب السرطان إن الدراسة لا تثبت أن الاتجاهات السلبية تسبب آثاراً صحية سلبية، لكن هذه النتائج يبدو أنها مرتبطة بطريقة ما. فالباحثون يؤكدون أن هناك حاجة حقيقية إلى مزيد من الدراسات لإعداد علاجات من شأنها أن تستهدف اتجاهات الناس لرؤية ما إذا كان يمكن إحداث تعديل لديهم وما إذا كان هذا التعديل مفيداً للصحة. إنا لمتشائم ينتابه تفكير: أنا محكوم علي بالإخفاق... ليس هناك ما يمكنني عمله... لا أدري هل هذا صحيح...
قال تعالى وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ)
العلاقة بين الانفعالات النفسية والأمراض العضوية (كالمياه البيضاء والمياه الزرقاء) : { وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ }، وكظم غيظ شديد { وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ }
(وتسمى هذه الحالة بالمرض السيكسوماتي)
 
عودة
أعلى