مــا أصعب الآيـــات في القرآن إعراباً ونظماً وحكماً؟

إنضم
13 يناير 2006
المشاركات
245
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
[align=center]قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين * فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين) (المائدة:105-106)[/align]
قال الشوكاني رحمه الله : "قال مكيّ: هذه الآيات الثلاث عند أهل المعاني من أشكل ما في القرآن إعراباً ومعنى وحكماً. قال ابن عطية: هذا كلام من لم يقع له النتاج في تفسيرها، وذلك بين من كتابه رحمه الله، يعني من كتاب مكي. قال القرطبي: ما ذكره مكي ذكره أبو جعفر النحاس قبله أيضاً. قال السعد في حاشيته على الكشاف: واتفقوا على أنها أصعب ما في القرآن إعراباً ونظماً وحكماً" أ.هـ.
 
ليتكم تحررون وتفصلون سبب هذه الصعوبة عند أبي جعفر النحاس ومكي وغيرهم حتى يتضح الأمر للجميع. ولعلك تراجع كتاب (الدر المصون) للسمين الحلبي 4/450 وما بعدها (تحقيق د.أحمد الخراط) فقد نقل السمين الحلبي نص كلام مكي ، وذكر السمين أن (هذه الآية وما بعدها من أشكل القرآن حكماً وإعراباً وتفسيراً ، ولم يزل العلماء يستشكلونها ويَكِعُّون - أي يَجْبُنُون - عنها). وذكر أن مكي قال :(ويحتمل أن يبسط ما فيها من العلوم في ثلاثين ورقة أو أكثر... وقد ذكرناها مشروحة في كتاب مفرد).
ولولا ضيق الوقت لكفيت الأمر أخي عبدالله ، غير أنك من ابتدأ الفائدة فأتممها رعاك الله وسددك.
 
قال ابن عطية في المحرر الوجيز ( طبعة قطر 5 : 77 ) : (( قال مكي بن أبي طالب رضي الله عنه : هذه الآية عند أهل المعاني من أشكل ما في القرآن : إعرابًا ومعنًى وحكمًا .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله : وهذا كلام من لم يقع له الثَّلجُ في تفسيرها ، وذلك بيِّن من كتابه رحمه الله )) .
قال المحقق : ثلجت النفس بالشيء : رضيت به ، وارتاحت واطمانت إليه ، وقيل : عرفته وسُرَّت به .
 
[align=center][align=center][align=center]أولاً ، أرحب بكما وأسأل الله لكما الفلاح في الدنيا والآخرة ، وقد نُقل أن الصعوبة في ثلاثة : في الحكم ، والإعراب ، و النظم. أما بالنسبة للنظم فإني لا أراه إلا وجهاً من وجوه الاعجاز البلاغي - اختصار اللفظ مع المعاني الجمّة - المعروفة في القرآن ، كما في أول السورة نفسها ، في قوله تعالى
[/align] (يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ).

قال الشوكاني - رحمه الله - في تفسيره لهذه الآيــة
(هذه الآية التي افتتح الله بها هذه السورة إلى قوله: { إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ } فيها من البلاغة ما تتقاصر عنده القوى البشرية، مع شمولها لأحكام عدّة: منها الوفاء بالعقود، ومنها تحليل بهيمة الأنعام، ومنها استثناء ما سيتلى مما لا يحلّ، ومنها تحريم الصيد على المحرم، ومنها إباحة الصيد لمن ليس بمحرم. وقد حكى النقاش: أن أصحاب الفيلسوف الكندي قالوا له: أيها الحكيم اعمل لنا مثل هذا القرآن، فقال: نعم أعمل مثل بعضه، فاحتجب أياماً كثيرة ثم خرج فقال: والله ما أقدر، ولا يطيق هذا أحد، إني فتحت المصحف فخرجت سورة المائدة، فنظرت فإذا هو قد نطق بالوفاء، ونهى عن النكث، وحلل تحليلاً عاماً، ثم استثنى بعد استثناء، ثم أخبر عن قدرته وحكمته في سطرين، ولا يقدر أحد أن يأتي بهذا) أ.هـ.

أما بالنسبة للصعوبة حكماً - كما صرح مكّي - فيكفي في الوقوف على طرف من ذلك اختلاف آراء العلماء حول المقصود بقوله (اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم ) ، - فضلاً عن ما في سائر الآية - وقد حصرها إجمالاً ابن الجوزي في زاد المسير ، فقال - رحمه الله :

"وفي قوله: «منكم» قولان:

أحدهما: من أهل دينكم وملتكم، قاله ابن مسعود، وابن عباس، وسعيد ابن المسيب، وسعيد بن جبير، وشريح، وابن سيرين، والشعبي، وهو قول أصحابنا.

والثاني: من عشيرتكم وقبيلتكم، وهم مسلمون أيضاً، قاله الحسن، وعكرمة، والزهري، والسدي.

قوله تعالى: { أو آخران من غيركم } تقديره: أو شهادة آخرين من غيركم. وفي قوله: «من غيركم» قولان.

أحدهما: من غير ملتكم ودينكم، قاله أرباب القول الأول.

والثاني: من غير عشيرتكم وقبيلتكم، وهم مسلمون أيضاً، قاله أرباب القول الثاني،

وفي «أوْ» قولان.

أحدهما: أنها ليست للتخيير، وإِنما المعنى: أو آخران من غيركم إِن لم تجدوا منكم، وبه قال ابن عباس، وابن جبير، والثاني: أنها للتخيير، ذكره الماوردي" أ.هـ. [/align]

وأما الصعوبة إعراباً ، فإني وجدت نفَسَاً من ذلك عند الزمخشري في "الكشاف" (اسمك المستعار، جعل الله لك من علمه أوفر الحظ والنصيب) وكذلك عند الطبري ، وهو كعادته يرجح عقب الخلاف الإعرابي ما يراه ، بخلاف الزمخشري ، فقد رأيته يورد الاحتمالات الاعرابية لهذه الآية دون ترجيح واضح ، وأما كتاب "الدر المصون" فليس عندي - مع بالغ الشكر على الإحالة - ولعلي أبحث عنه ، وإن استطعت أن تنقل أهم ما جاء فيه تؤجر إن شاء الله.[/align]
 
أخي الكريم جزاك الله خيرا على هذا السؤال الذي من شأنه بعث النفس وإحياء الهمة والاستفادة من البحث.
أولاً:
يقول الإمام محمود الألوسي رحمه الله في تفسيره:
(قال الزجاج : إن هذه الآية من أشكل مافي القرآن ,
وقال الواحدي :
روي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال هذه الآية أعضل مافي هذه السورة من الأحكام.
وقال الإمام :
اتفقوا على أن هذه الآية أصعب ما في القرآن إعرابا ونظما وحكما.
وقال الشهاب : اعلم أنهم قالوا ليس في القرآن أعظم إشكالا وحكما إعرابيا وتفسيرا من هذه الآية والتي بعدها يعني (يا أيها الذين آمنوا)..الخ وقوله تعالى(فإن عثر)..الخ حتى صنفوا فيها تصانيف مفردة قالوا ومع ذلك لم يخرج أحد من عهدتها .
وذكر الطبرسي أن الآيتين من أعوص القرآن حكما ومعنى وإعرابا وافتخر بما أتى فيهما ولم يأت بشيئ إلى غير ذلك من أقوالهم وسبحان الخبير بحقائق كلامه)
انتهى نقلا منه ج/7 ص:53
ثانيا:ً
وأما غير هذه الآية مما ذكربعض العلماء رحمهم الله صعوبته وظهر عليهم استشكاله فمنه قوله تعالى(لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين....)
قال الشوكاني رحمه الله عندها نقلا عن الواحدي:
(وهذه الآية من أصعب ما في القرآن نظما وتفسيرا وقد تخبط فيها الكبار من العلماء وسلكوا في تفسيرها طرقا لا تفضي بهم إلى الصواب والوجه ما أخبرتك فاحمد الله إذ أتاك بيانها من غير لبس ولا إشكال قال: ويدل على أن البينة محمدٌ صلى الله عليه وسلم أنه فسرها وأبدل منها فقال:(رسول من الله يتلو صحفا مطهرة) يعني ما تتضمنه الصحف من المكتوب فيها وهو القرآن ويدل على ذلك أنه كان يتلو عن ظهر قلبه لا عن كتاب.. انتهى كلامه )
فتح القديرج/5 ص:673
ويقول الإمام الرازي رحمه الله متعقبا الإمام الواحدي رحمه الله:
(ثم إنه رحمه الله لم يلخص كيفية الإشكال فيها وأنا أقول وجه الإشكال أن تقدير الآية لم يكن الذين كفروا منفكين حتى تأتيهم البينة التي هي الرسول ثم إنه تعالى لم يذكر أنهم منفكون عن ماذا لكنه معلوم إذ المراد هو الكفر الذي كانوا عليه فصار التقدير لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم حتى تأتيهم البينة التي هي الرسول ثم إن كلمة حتى لانتهاء الغاية فهذه الآية تقتضي أنهم صاروا منفكين عن كفرهم عند إتيان الرسول ثم قال بعد ذلك(وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة)وهذا يقتضي أن كفرهم قد ازداد عند مجيئ الرسول عليه السلام فحينئذ يحصل بين الآية الأولى والآية الثانية مناقضة في الظاهر.
هذا منتهى الإشكال والجواب عنه من وجوه أولها وأحسنها الوجه الذي لخصه صاحب الكشاف وهو أن الكفارَ من الفريقينِ أهلِ الكتاب وعبدةِ الأوثان كانوا يقولون قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم لا ننفك عما نحن عليه من ديننا ولا نتركه حتى يبعث النبي الموعود الذي هو مكتوب في التوراة والإنجيل وهو محمد عليه السلام فحكى الله تعالى ما كانوا يقولونه ثم قال(وما تفرق الذين أوتوا الكتاب) يعني أنهم كانوا يعدون اجتماع الكلمة والاتفاق على الحق إذا جاءهم الرسول ثم ما فرقهم عن الحق ولا أقرهم على الكفر إلا مجيئ الرسول ونظيره في الكلام أن يقول الفقير الفاسق لمن يعظه لست أمتنع مما أنا فيه من الأفعال القبيحة حتى يرزقني الله الغنى فلما رزقه الله الغنى ازداد فسقا فيقول واعظه لم تكن منفكا عن الفسق حتى توسر وما غمست رأسك في الفسق إلا بعد اليساريذكره ما كان يقول توبيخا وإلزاما
وحاصل هذا الجواب يرجع إلى حرف واحد وهو أن قوله لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم حتى تأتيهم البينة مذكورة حكاية عنهم وقوله وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إخبار عن الواقع والمعنى أن الذي وقع كان على خلاف ما ادعوا) انتهى
هذا هوالوجه الأول وقد أعقبه الرازي بأربعة أوجه رجح هذا منها كما هو ظاهر مما سبق.
التفسير الكبير للرازي ج/32 ص: 37ــ 38
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين
 
عودة
أعلى