مع د. موراني في اعتراضه على ما في كتاب المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم (حوار ثنائي)

إنضم
09/01/2006
المشاركات
77
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
الرياض
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فقد قرأت ما كتبه الدكتور موراني في اعتراضه ما في كتاب "المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم والرد على الشبهات المثارة حولها" ص151-156، من الحكم على قراءة :﴿فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما﴾ بالشذوذ، وقد أعدت قراءة كلامه عدة مرات فظهر لي أنه يدور حول خمسة محاور:
المحور الأول: في الاعتراض على دراستي لقراءة :﴿فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما﴾ المنسوبة لمصحف أبي بن كعب رضي الله عنه وحكمي عليه بالشذوذ.
المحور الثاني: في الاعتراض على دراستي لقراءة :﴿فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما﴾ المنسوبة لمصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وحكمي عليه بالشذوذ.
المحور الثالث: في الاعتراض على دراستي لقراءة :﴿فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما﴾ المنسوبة لمصحف عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وحكمي عليه بالشذوذ.
المحور الرابع: حول سبب نزول الآية، ولن أتعرض للنقاش في هذا المحور؛ فهو حشو لا داعي له في وجهة نظري.
المحور الخامس: التأكيد على النتائج التي استخرجها وهي وجود مصاحف متداولة في القرن الثاني الهجري لهؤلاء الصحابة وهم: أبي بن كعب رضي الله عنه، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
وقد جعلت الحوار معه في تمهيد، وخمسة مطالب كالتالي:
التمهيد: وفيها ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: في الفرق بين منهج المحدثين في الحكم على الأحاديث والأسانيد ومنهج القراء في الحكم على القراءات.
المسألة الثانية: في حكم الوجادة عند المحدثين من حيث اتصال السند بها من عدمه، وعند الفقهاء من حيث العمل بها.
المسألة الثالثة: في الموقف من القراءات الشاذة المخالفة للرسم العثماني.
المطلب الأول: مناقشة د. موراني في اعتراضه على قراءة:﴿فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما﴾ المنسوبة لمصحف أبي بن كعب رضي الله عنهوحكمي عليه بالشذوذ.
المطلب الثاني: مناقشة د. موراني في اعتراضه على قراءة:﴿فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما﴾ المنسوبة لمصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وحكمي عليه بالشذوذ.
المطلب الثالث: مناقشة د. موراني في اعتراضه على قراءة:﴿فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما﴾ المنسوبة لمصحف عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وحكمي عليه بالشذوذ.
المطلب الرابع: النتائج المستخرجة من اعتراض د. موراني.
المطلب الخامس: منهج د. موراني في اعتراضه.
وأحب الإشارة إلى أن كلامي على قراءة ﴿فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما﴾ في كتاب "المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهموالرد على الشبهات المثارة حولها" ص151-156، كان مرتباً كالتالي:
أولاً: القراءة المنسوبة لمصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
ثانياً: القراءة المنسوبة لمصحف أبي بن كعب رضي الله عنه.
ثالثاً: القراءة المنسوبة لمصحف عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
فلا أدري لماذا الدكتور موراني قدّم وأخّر؟
التمهيد:
وفيها ثلاث مسائل:

المسألة الأولى:
في الفرق بين منهج المحدثين في الحكم على الأحاديث والأسانيد ومنهج القراء في الحكم على القراءات.
قبل الشروع في الحوار مع الدكتور موراني يجب التنبه للفرق بين منهج المحدثين في الحكم على الأسانيد والآثار وبين منهج القراء في الحكم على القراءة، والرجوع في الحكم على القراءات من حيث الشذوذ والتواتر إنما يكون لأهل الاختصاص وقواعدهم وهم القراء فلو كان للقراءة إسنادٌ كالشمس صحةً وحكم عليها القراء بالشذوذ فالقول قولهم بلا مدافعة وإن أخرجها البخاري وسلم.
فصحة الإسناد شيء، والحكم على القراءة من حيث التواتر أو الشذوذ شيءٌ آخر.
وهذا ما كنت أفعله في الفصل الذي خصصته للقراءات المنسوبة لبعض مصاحف الصحابة ص114-317.
فهل التزم الدكتور موراني بهذا المنهج أو لا؟
سيتبين الجواب إن شاء الله في المطالب التالية لهذا التمهيد.
المسألة الثانية:
في حكم الوجادة عند المحدثين من حيث اتصال السند بها من عدمه، وعند الفقهاء من حيث العمل بها. ومن المناسب أولاً تعريف الوجادة عند أهل الاختصاص وهم المحدثون حيث قالوا :"الوجادة أن يقف الراوي على أحاديث بخط راويها لا يرويها الواجد فله أن يقول وجدت أو قرأتْ"
وفي الوجادة أمران لابد من التنبّه لهما والتفريق بينهما:
الأمر الأول: من حيث الصناعة الحديثية فهي عند المحدثين من قبيل المنقطع ويدل على هذا دليلان:
الدليل الأول: تتابعُ المحدثين على عدِّ الوجادة من قبيل الإسناد المنقطع، قال القاضي عياض في الإلماع:" الخط هو الوقوف على كتاب بخط محدث مشهور يعرف خطه ويصححه وإن لم يلقه ولا سمع منه أو لقيه ولكن لم يسمع منه كتابه هذا، وكذلك كتب أبيه وجده بخط أيديهم، فهذا لا أعلم من يقتدي به أجاز النقل فيه بحدثنا وأخبرنا، ولا من يعده معد المسند.."
وتابع القاضي عياض جماعة وافرة من المحدثين كابن الصلاح في التمهيد، والنووي في التقريب التيسير، والتبريزي في الكافي، وابن كثير في الباعث، والزركشي في النكت، والعراقي في الألفية وفي القييد وفي شرح التبصرة، وابن حجر في النزهة، والسخاوي في فتح المغيث، والسيوطي في التدريب، والصنعاني في توضيح الأفكار وغيرهم.
الدليل الثاني: تحقق المحدثين النقاد كمالك وشعبة والثوري ويحيى القطان وأحمد بن حنبل وابن معين وابن المديني والبخاري وأبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم من التصريح بالسماع بين التلميذ وشيخه في الجملة.
ونصوصهم في هذا الشأن كثيرة جداً، ينظر لها على سبيل المثال كتاب "الاتصال والانقطاع" للدكتور اللاحم ص95-111، وقراءة الكتاب كله أعظم فائدة.
الأمر الثاني: من حيث العمل بالوجادة -أحياناً- عند الفقهاء.
وكثيراً ما ينقد الترمذي الحديث ثم يقول:"والعمل عليه عند أهل العلم"، وتارة يقول:"والعمل عليه عند أكثر أهل العلم" ونحوها من العبارات.
والأمثلة على هذا كثيرة فمنها:
1-حديث أبي أمامة:"إن الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه وريحه" أخرجه ابن ماجه والحديث بزيادة:" إلا ما غلب على ريحه وطعمه وريحه" قال الشافعي:"لا يُثْبت أهل الحديث مثله"، وقال النووي:"اتفق المحدثون على تضعيفه" هذا من حيث الصناعة الحديثية.
أما من حيث الفقه والعمل به فقد قال الشافعي:"إنه قول العامة لا أعلم بينم اختلافاً" وحكى الإجماع أيضاً ابن المنذر والبيهقي وابن هبيرة وغيرهم.
2-حديث معاذ بن جبل:أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن زكاة الخضروات وهي البقول فقال:"ليس فيها شيء" قال الترمذي:"وليس يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء والعمل علي هذا عن أهل العلم أن ليس في الخضروات زكاة" وحكى الإجماع أيضاً مالك وأبو عبيد القاسم بن سلام وغيرهم.
3-حديث أبي هريرة:"من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقض" أخرجه الخمسة وهو حديث ضعيف ضعفه أحمد والبخاري والدارمي والخطابي هذا من حيث الصناعة الحديثية.
أما من حيث الفقه والعمل به فقد أجمعوا على أن من ذرعه القيء وغلبه فلا شيء عليه، حكى الإجماع الخطابي وابن قدامة.
ومن أراد الاستزادة فلينظر في كتاب "كشف اللثام عن الأحاديث الضعيفة في الأحكام المعمول بها عند الأئمة الأعلام" حيث ذكر بضعاً وستين حديثاً
وقد نص العراقي على هذا التفريق بين المسألتين فقال في شرح التبصرة والتذكرة بعد أن تكلم عن الوجادة عند المحدثين قال:"هذا الحكم في الرواية بالوجادة، وأما العمل بها فقال القاضي عياض: اختلف أئمة الحديث والفقه والأصول فيه مع اتفاقهم على منع النقل والرواية به، فمعظم المحدثين والفقهاء من المالكية وغيرهم لا يرون العمل به..."
فالعمل بالوجادة عند الفقهاء -أحياناً- شيء.
والحكم عليها بالانقطاع عند المحدثين شيءٌ آخر.
فالجهتان منفكتان والخلط بينهما مآله فسادٌ وخطأٌ في النتائج.
ولعمل الفقهاء بالحديث الضعيف -أحياناً ومنه الوجادة- اعتبارات متعددة تنظر: في خاتمة كتاب"كشف اللثام عن الأحاديث الضعيفة في الأحكام المعمول بها عند الأئمة الأعلام"
وبما سبق يعلم خطأ الدكتور موراني حين قال:"وجدير بالذكر أن هذا الإسناد ينتهي عند حماد بن سلمة وليس منقطعاً لأنه حماد يخبر بأنه وجد هذه القراءة في مصحف أبي بن كعب الذي كان حسبما جاء أعلاه متداولاً في نصف الأول من القرن الثاني الهجري فالمنقطع هو فقد الاتصال بالسند ومن هنا فالأمر لا يتطلب إدراكا زمنياً مباشراً لحماد بن سلمة أبي بن كعب.."

المسألة الثالثة:
في الموقف من القراءات الشاذة المخالفة للرسم العثماني وخاصة الواردة عن الصحابة وهو الاستعانة بها في تفسير القرآن الكريم وتوضيح معانيه يقول أبو عُبيد القاسم بن سلام في فضائل لقرآن 2/154-155 بعد أن ذكر عدداً من قراءات الصحابة:" فهذه الحروف وأشباه لها كثير قد صارت مفسرة للقرآن، وقد كان يروى مثل هذا عن بعض التابعين في التفسير فيستحسن ذلك، فكيف إذا روي عن لباب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ثم صار في نفس القراءة، فهو الآن أكثر من التفسير وأقوى، فأدنى ما يستنبط من علم هذه الحروف معرفة صحة التأويل... في أشياء من هذه كثيرة لو تدبرت وجد فيها علم واسع لمن فهمه".
المطلب الأول:
مناقشة د. موراني في اعتراضه على قراءة:﴿فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما﴾ المنسوبة لمصحف أبي بن كعب رضي الله عنه وحكمي عليه بالشذوذ

حيث قال:"وجدير بالذكر أن هذا الإسناد ينتهي عند حماد بن سلمة وليس منقطعاً لأنه حماد يخبر بأنه وجد هذه القراءة في مصحف أبي بن كعب الذي كان حسبما جاء أعلاه متداولاً في نصف الأول من القرن الثاني الهجري فالمنقطع هو فقد الاتصال بالسند ومن هنا فالأمر لا يتطلب إدراكا زمنيا مباشراً لحماد بن سلمة أبي بن كعب، فالحكم بالشواذ لسبب انقطاع الإسناد المذكور ليس بحجة في هذا الموضع . بل ينبغي أن نذكر آراء معاصريه فيه مثل يحيى بن معين الذي قال: (ومن سمع من حماد بن سلمة نسخا فهو صحيح : تهذيب الكمال للمزي، ج 7 ، ص 262-263 ) ؛ وأيضا عن عفان بن مسلم : ( ما رأيت أشد مواظبة على الخير، وقراءة القرآن، والعمل لله من حماد بن سلمة، نفس الموضع".
ولي مع كلام الدكتور موراني ثلاث وقفات:

الوقفة الأولى: مع قوله:"أن هذا الإسناد ينتهي عند حماد بن سلمة وليس منقطعاً لأنه حماد يخبر بأنه وجد هذه القراءة في مصحف أبي بن كعب".
هنا ينفي الدكتور موراني الانقطاع في هذا الإسناد لأنه وجادة. وقد سبق الكلام على الوجادة في المسألة الثانية من التمهيد وبيان حكمها وأنها عند المحدثين في حكم الإسناد المنقطع وبه يتضح خطأ الدكتور موراني هنا.

الوقفة الثانية: مع قوله:"فالحكم بالشواذ لسبب انقطاع الإسناد المذكور ليس بحجة في هذا الموضع...".
الدكتور موراني هنا بتر كلامي في كتاب: "المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم والرد على الشبهات المثارة حولها" ص154 فتتمة الكلام ما يلي:" القراءة في عداد الشواذ لأمرين: الأول: إسنادها ضعيف لانقطاعه؛ فحماد توفي سنة(167هـ)، وأبي توفي(32هـ) وقيل غير هذا، وأياً ما قيل فقطعاً حماد لم يدركه. الثاني: مخالفتها الرسم العثماني"أ.هـ
ومن خلال كلامي يظهر بوضوح تام أني ذكرت مقاييس المحدثين وذكرتُ مقاييس القراء حين حكمت على القراءة بالشذوذ لمخالفتها الرسم العثماني ولكنْ بسبب بتر الدكتور موراني كلامي لم يظهر للقارئ الكريم.
فكان من الواجب العلمي على الدكتور موراني أن يذكر السبب الثاني في حكمي على القراءة بالشذوذ وهو مخالفة القراءة للرسم العثماني فهو الفيصل والمعيار في الحكم على القراءة وهو الحجة في هذا الموضع لا كما أوهم الدكتور بأني جعلتُ الانقطاع هو الحجة في الحكم على القراءة دون النظر في مقاييس القراء !!

الوقفة الثالثة: مع قوله:"بل ينبغي أن نذكر آراء معاصريه فيه مثل يحيى بن معين الذي قال: (ومن سمع من حماد بن سلمة نسخا فهو صحيح : تهذيب الكمال للمزي ، ج 7 ، ص 262-263 ) ؛ وأيضا عن عفان بن مسلم : ( ما رأيت أشد مواظبة على الخير ، وقراءة القرآن ، والعمل لله من حماد بن سلمة ، نفس الموضع" أ.هـ المراد من كلامه.
وهذا من أعجب ما في كلام الدكتور موراني حين قال:" فالحكم بالشواذ لسبب انقطاع الإسناد المذكور ليس بحجة في هذا الموضع . بل ينبغي أن نذكر آراء معاصريه فيه مثل يحيى بن معين الذي قال : (ومن سمع من حماد بن سلمة نسخا فهو صحيح..."أ.هـ المراد من كلامه.
فما دخل معاصريه؟
وما دخل ما كلام ابن معين وعفان بن مسلم؟
وما هو الرابط بين حماد ومعاصريه؟
أنا لم أذكر حماد بن سلمة بضعف حتى يذكر كلام معاصريه وكلامي عن حماد في كتاب "المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم والرد على الشبهات المثارة حولها" ص154 هذا نصّه:" حماد بن سلمة بن دينار البصري، أبو سلمة، ثقة عابد أثبت الناس في ثابت وتغير حفظه بأخرة، من كبار الثامنة، توفي سنة(167هـ) وهو بحروفه من تقريب التهذيب.
إلاّ إن كان الدكتور موراني يريد إيهام القارئ أني أضعف حماد بن سلمة !!
فهذا أمرٌ آخر.
وعلى كلٍ فأنا بشوق لمعرفة الرابط بين ما ذكره من كلام معاصري حماد بن سلمة وما في كتاب المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم والرد على الشبهات المثارة حولها وفكِّ هذا الطلسم!!
وللفائدة يحيى بن معين حين مات حماد بن سلمة كان عمره قرابة العشر سنين أو أكثر بقليل فقد قال حين سئل متى ولدت قال:"ولدت ثمان وخمسين ومائة" تهذيب الكمال 31/564.
ولم يدخل يحيى بن معين البصرة بلد حماد بن سلمة إلا وعمره في الثامنة عشرة أو أكثر. ينظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 1/52.
المطلب الثاني:

مناقشة د. موراني في اعتراضه على قراءة:﴿فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما﴾ المنسوبة لمصحف مصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وحكمي عليه بالشذوذ.

حيث قال:" أما القراءة المنسوبة لمصحف عبد الله بن مسعود التي أسندها أبو جعفر الطبري في جامع البيان بروايته عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح ( فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ) فالمؤلف يسلك نفس المنهج في حكمه بشواذ هذه القراءة ، مشيرا إلى انقطاع الإسناد بين عطاء بن أبي رباح وابن مسعود وبالحجة أن القراءة في هذا الموضع ( وجادة ، والوجادة « داخلة في باب المقطوع عند علماء الرواية » .... - هذا ، فقول عطاء في شرحه المسألة في موضعه: (من أجل قول الله في مصحف عبد الله بن مسعود ( فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما...) لا يعتبر وجادة ، بل إحالة صريحة إلى مصحف ابن مسعود بعينه الذي ، كما يبدو ، كان في متداولا بين الناس في عصر عطاء بن أبي رباح وبكونه لا يحتاج إلى »رواية « عن ابن مسعود من طريق مباشر لأنه ليس قولا للصحابي أو قولا مرفوعا بروايته ، بل هو إحالة إلى القراءة المكتوبة في نص مصحف ابن مسعود . والحكم بالشواذ بمقاييس ومطالب رواية الحديث أو نقد الرجال ليس حجة في هذا الموضع"أ.هـ كلام الدكتور موراني
ولي مع كلامه خمس وقفات:

الوقفة الأولى: مع قوله:"فالمؤلف يسلك نفس المنهج في حكمه بشواذ هذه القراءة".
بما أن الدكتور موراني أعاد نفس الكلام في اعتراضه على قراءة:﴿فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما﴾ المنسوبة لمصحف أبي بن كعب رضي الله عنه فإني سأعيد نفس الجواب الذي ذكرته في المطلب الأول.
فالدكتور موراني أستخدم نفس الأسلوب في اعتراضه على قراءة:﴿فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما﴾ المنسوبة لمصحف أبي بن كعب رضي الله عنه، من حيث بتر الكلام.
فتتمة الكلام الذي تركه تنقض ما يدعيه هنا ونص الكلام في كتاب: "المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم والرد على الشبهات المثارة حولها" ص153-154 ما يلي:" القراءة في عداد الشواذ لأمرين:
الأول: إسنادها ضعيف لانقطاعه؛ فعطاء اشتهر بكثرة الإرسال ولم يصرح بتلقيه هذه القراءة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه والظاهر من الصيغة التي روى بها هذه القراءة أنها وجادة والوجادة "داخلة في باب المقطوع عند علماء الرواية"، ويبعد جداً أن يكون عطاء أدرك عبد الله بن مسعود فعبد الله بن مسعود توفي سنة 32هـ أو التي بعدها، وعطاء توفي سنة:(114هـ) على المشهور وقد قال حينما سئل "متى ولدت؟ قال: لعامين خلوا من خلافة عثمان رضي الله عنه"، وعثمان رضي الله عنه ولي الخلافة سنة أربع وعشرين فيكون عمر عطاء حين مات عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قرابة الست سنين.
أما عن الصيغة التي روى بها ابن جريج عن عطاء هذه القراءة وقول الإمام أحمد:"إذا قال ابن جريج: قال: فلان، قال: فلان، وأخبرت، جاء بمناكير، فإذا قال: أخبرني، وسمعت فحسبك به"، وقال أيضاً:"إذا قال ابن جريج: قال فاحذروه، وإذا قال: سمعت أو سألت جاء بشيء ليس بالنفس منه شيء"، وقال يحيى بن سعيد القطان:" كان ابن جريج صدوقاً، إذا قال: حدثني فهو سماع، وإذا قال: أخبرنا أو أخبرني فهو قراءة، وإذا قال: قال فهو شبه الريح" فهذا في روايات ابن جريج عامة يُخَصُّ منها روايته عن عطاء حيث قال ابن جريج:"إذا قلت: قال عطاء، فأنا سمعته منه، وإن لم أقل سمعت".
الثاني: مخالفتها الرسم العثماني"أ.هـ الكلام المقصود من كتاب "المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم والرد على الشبهات المثارة حولها".
فالدكتور موراني لم يذكر كلامي كاملاً في الحكم على القراءة وترَكَ السبب الثاني وهو المخالفة للرسم العثماني في الحكم على القراءة وهو الحجة في هذا الموضع ثم ذهب يؤكد ما بتره فقال:"والحكم بالشواذ بمقاييس ومطالب رواية الحديث أو نقد الرجال ليس حجة في هذا الموضع"!!
فمنطوق كلامه أني أطبق منهج المحدثين في الحكم على القراءة وأترك منهج القراء!! في حين أني قد جمعت بينهما، فأسأل الله للدكتور موراني أن يهدني وإياه للحق واليقين!!
وأقول: أين الإنصاف والعدل؟
وأين الدقة والموضوعية؟

الوقفة الثانية: مع قوله:" ، مشيرا إلى انقطاع الإسناد بين عطاء بن أبي رباح وابن مسعود وبالحجة أن القراءة في هذا الموضع ( وجادة ، والوجادة « داخلة في باب المقطوع عند علماء الرواية » .... – هذا.."
قارن أيها القارئ كلام الدكتور موراني هذا بكلامي في كتاب "المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم والرد على الشبهات المثارة حولها" ص153 حيث قلت في الحكم على القراءة:" إسنادها ضعيف لانقطاعه؛ فعطاء اشتهر بكثرة الإرسال ولم يصرح بتلقيه هذه القراءة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه والظاهر من الصيغة التي روى بها هذه القراءة أنها وجادة والوجادة "داخلة في باب المقطوع عند علماء الرواية"، ويبعد جداً أن يكون عطاء أدرك عبد الله بن مسعود فعبد الله بن مسعود توفي سنة 32هـ أو التي بعدها، وعطاء توفي سنة:(114هـ) على المشهور وقد قال حينما سئل "متى ولدت؟ قال: لعامين خلوا من خلافة عثمان رضي الله عنه"، وعثمان رضي الله عنه ولي الخلافة سنة أربع وعشرين فيكون عمر عطاء حين مات عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قرابة الست سنين..".
فحكمتُ على إسناد القراءة بالانقطاع لثلاثة أسباب:
السبب الأول: أن عطاء اشتهر بكثرة الإرسال ولم يصرح بتلقيه هذه القراءة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
السبب الثاني: الصيغة التي روى بها هذه القراءة واحتمال أن تكون وجادة.
السبب الثالث: أنه يبعد جداً أن يكون عطاء قد أدرك عبد الله بن مسعود؛ فعبد الله بن مسعود توفي سنة 32هـ أو التي بعدها، وعطاء توفي سنة:(114هـ) على المشهور وقد قال حينما سئل "متى ولدت؟ قال: لعامين خلوا من خلافة عثمان رضي الله عنه"، وعثمان رضي الله عنه ولي الخلافة سنة أربع وعشرين فيكون عمر عطاء حين مات عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قرابة الست سنين.
فكان من الواجب العلمي عليه أن ينقض الأسباب الثلاثة السابقة واحداً تلو الآخر، فما الذي صنعه الدكتور موراني في مقابل ما ذكرته؟
الجواب: في الوقفة التالية..

الوقفة الثالثة: مع قوله:" فقول عطاء في شرحه المسألة في موضعه: (من أجل قول الله في مصحف عبد الله بن مسعود ( فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما...) لا يعتبر وجادة ، بل إحالة صريحة إلى مصحف ابن مسعود بعينه..."
يرى الدكتور موراني أن هذا يُعَدُّ اتصالاً وهو قول عطاء:" من أجل قول الله في مصحف عبد الله بن مسعود.."
وهذا رأي الدكتور موراني بيْد أن رأي المحدثين على خلافه!!!
فالدكتور موراني يرى أن رواية عطاء للقراءة المنسوبة لمصحف مصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ليست انقطاعاً وليست من قبيل الوجادة!! إذن ماذا؟
تأمل أيها القارئ براعة هروب الدكتور موراني في قوله:" لا يعتبر وجادة ، بل إحالة صريحة إلى مصحف ابن مسعود بعينه الذي ، كما يبدو ، كان في متداولا بين الناس في عصر عطاء بن أبي رباح وبكونه لا يحتاج إلى »رواية « عن ابن مسعود من طريق مباشر لأنه ليس قولا للصحابي أو قولا مرفوعا بروايته ، بل هو إحالة إلى القراءة المكتوبة في نص مصحف ابن مسعود..".
ولكي يظهر هروب د. موراني جلياً أقول: إن المتأمل في صيغة رواية عطاء يجدها لا تحتمل غير أمرين لا ثالث لهما:
الأمر الأول: أن تكون سماعاً مباشراً من عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وهذا غير ممكن للأسباب الثلاثة التي ذكرتها في الوقفة السابقة.
الأمر الثاني: أن تكون وجادة وهو الأقرب وقد سبق الكلام على الوجادة في المسألة الثانية من التمهيد وبيان أن حكمها عند المحدثين الانقطاع.
والدكتور موراني يهرب من نقاش هذين الاحتمالين ليثبت قسْراً ما في الوقفة التالية..
الوقفة الرابعة: إثبات وجود مصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في عصر عطاء حيث قال بعد كلامه السابق مباشرة:"بل إحالة صريحة إلى مصحف ابن مسعود بعينه الذي ، كما يبدو ، كان في متداولا بين الناس في عصر عطاء بن أبي رباح.."
وقضية إثبات مصاحف للصحابة رضي الله عنهم يطول الكلام عليها ولعلي أُثْبِته لاحقاً -بإذن الله- في موضوع جديد، أما هنا فأريد إثبات الطريقة التي سار عليها الدكتور موراني لإثبات بعض المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم.

الوقفة الخامسة: مع قوله:"والحكم بالشواذ بمقاييس ومطالب رواية الحديث أو نقد الرجال ليس حجة في هذا الموضع".
وما قلته في الوقفة الأولى من هذا المطلب منسحبٌ تماماً على كلامه هنا فقد ذكرتُ مقاييس المحدثين وذكرتُ مقاييس القراء حين حكمت على القراءة بالشذوذ لمخالفتها الرسم العثماني ولكن بسبب بتر الدكتور موراني كلامي لم يظهر للقارئ الكريم.
وأقول مرةً أخرى: أين الإنصاف والصدق؟ وأين الدقة والموضوعية؟
المطلب الثالث:

مناقشة د. موراني في اعتراضه على قراءة:﴿فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما﴾ المنسوبة لمصحف مصحف عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وحكمي عليه بالشذوذ.

حيث قال:" أما القراءة المنسوبة لمصحف ابن عباس فهي تروى عنه من طريقين ذكرهما المؤلف وعلل أسانيدهما قائلا إنها حسن ، ( فقد تعددت طرقها عن ابن عباس وهي توافق ما اشتهر من مذهبه الفقهي في هذه المسألة إلا أن حسن إسنادها لا يخرجها من دائرة القراءات الشاذة لمخالفتها الرسم العثماني عند الاستقراء لهذه القراءات التي قام المؤلف بجمعها بمنتهى الدقة مشكورا ، وعللها كما ذكرت أعلاه ، تبين لي كأنه - ربما ! ينكر وجود هذه المصاحف في القرن الثاني الهجري أو ما فيها من الشواذ المذكورة على الأقل".
ولي مع كلام الدكتور موراني وقفتان:
الوقفة الأولى: مع قوله:" عند الاستقراء لهذه القراءات التي قام المؤلف بجمعها بمنتهى الدقة مشكورا ، وعللها كما ذكرت أعلاه ، تبين لي كأنه - ربما ! ينكر وجود هذه المصاحف في القرن الثاني الهجري أو ما فيها من الشواذ المذكورة على الأقل"
تأمل أيها القارئ في كلماته التالية:
الكلمة الأول: "عند الاستقراء" والكلمة الثانية: "تبيّن لي" فهل يصلح مع الاستقراء والتبيّن أن يبقى هناك شكٌ ليقول:" كأنه - ربما ! ينكر وجود هذه المصاحف في القرن الثاني الهجري أو ما فيها من الشواذ المذكورة على الأقل" يا لهذه العجمة!!
ثم هو الآن يتكلم عن ما في كتاب: "المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم والرد على الشبهات المثارة حولها" ص152-156 ألم يطف بالتمهيد قبل هذه الصفحات ففيه التصريح بموقفي من حقيقة المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم بالأدلة والمناقشة ؟
أم هي محاولة التركيز على الوجادة والتشبث بها وإحاطتها بالقداسة؟
الوقفة الثانية: مع قوله:" أو ما فيها من الشواذ المذكورة على الأقل" يعود الدكتور موراني للقسر تارةً أخرى فيربط بين إنكار المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم وبين القراءات المخالفة للرسم العثماني؛ فمنطوق كلامه أن من أنكر وجود المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم فإنه ينكر قراءات الصحابة رضي الله عنهم المخالفة للرسم العثماني.
وليس الأمر كما يوهم الدكتور موراني فالجهتان منفكتان تماماً؛ فللمصاحف حقيقة وتعريف يخصها، وكذلك للقراءات حقيقة وتعريف يخصها.والخلط بينهما كما فعل الدكتور موراني يؤدي إلى فساد وخطأ في النتائج!!
المطلب الرابع:
النتائج المستخرجة من اعتراض د. موراني.

من خلال قراءة كلام الدكتور موراني يمكن استخراج النتيجتين التاليتين بوضوح تام:
النتيجة الأولى: تصحيح إسناد القراءة المنسوبة لمصحف عبد الله بن مسعود ومصحف أبي بن كعب ومصحف عبد الله بن عباس رضي الله عنهم.
النتيجة الثانية: -وهي مبنية على النتيجة الأولى- وجود مصحف لأبي بن كعب رضي الله عنه النصف الأول من القرن الثاني الهجري، ومصحف عبد الله بن مسعود ومصحف أبي بن كعب ومصحف عبد الله بن عباس رضي الله عنهم.
فهل النتيجتان اللتان توصل إليهما الدكتور موراني صحيحتان أو لا؟
تبيّن في المطالب الثلاثة الأولى خطأُ مأْخذِهِ وبعدهِ عن أصول وقواعد المختصين وهم المحدثون والقراء في إثبات هاتين النتيجتين.
ويبدو أن الدكتور موراني منحاز وبشدة لطائفة من المستشرقين يقوم منهجها على أساسين:
الأساس الأول: محاولة إثبات عدة مصاحف للصحابةرضي الله عنهم قبل المصحف العثماني والضرب بينها.
الأساس الثاني: العناية بالكتب التي تذكر القراءات المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم المخالفة للرسم العثماني ونشرها مع التقديس من طرْفٍ خفي.
المطلب الخامس:
منهج د. موراني في اعتراضه.
وللأسف أقولها أن منهجه قام على ثلاث طرائق:
الطريقة الأولى: طريقة البتر وقد بينت هذا في الوقفة الثانية من المطلب الأول، وتكرر منه هذا كما بينته في الوقفة الأولى من المطلب الثاني.
الطريقة الثانية: طريقة إيهام القارئ والتلبيس عليه وهذه الطريقة نتاج الطريقة الأولى فأوهم القارئ أني أطبق منهج المحدثين على القراء وأخلط بينهما، وقد ظهرت هذه الطريقة في الوقفة الأولى والثانية من المطلب الأول، وكذلك في الوقفة الثانية من المطلب الثاني.
الطريقة الثالثة: طريقة المراوغة والهروب كما في الوقفة الثالثة من المطلب الثاني.
والدكتور موراني من خلال ما كتب في الاعتراض على ما في كتاب المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم لا يهمُّه المنهج العلمي ولا التمييز بين الحقائق وإنما يهمه شيء واحد وهو إثبات وجود مصاحف متعددة للصحابة رضي الله عنهم لا شيء غير هذا!!
وكذلك الحفاظ على القراءات المخالفة للرسم العثماني لدلالتها على وجود مصاحف متعددة للصحابة رضي الله عنهم ، وإن ترتب على هذا بعده عن المنهج العلمي، والنقد الصحيح المبني على الأسس السليمة.
وأختم هذا الحوار بما ذكرته في إحدى نتائج كتاب "المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم والرد على الشبهات المثارة حولها"ص696 حيث قلت:" طابعٌ آخر اتسمت به غالب الشبهات التي يثيرها المستشرقون خاصة وهو طابع الوصاية على الإسلام وأهله بحجة الموضوعية والبحث العلمي وكأن الإسلام لا رجال له ولا تاريخ ملآ الدنيا نوراً ورحمة وعلماً وعدلاً فجازا الخيال وفاقا الأساطير ومما يحزن له اغترار بعض المختصين والباحثين وراء هذه الدعوة البراقة ونسوا قوله تعالى:
قوله تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة:109]، وقوله تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) [البقرة:120]، في حين ازدحمت مساجد المسلمين ومدارسهم بمئات الآلاف من العلماء وطلابهم، وزخرت مكتبات المسلمين بعشرات الآلاف من الكتب والأجزاء في كافة فنون الدين وروافده عبر أربعة عشر قرناً حافلاً بكل عجيبة، وقبل أن يخلق هؤلاء المستشرقون ويولدوا فلمَ الاغترار والانخداع بهم؟!

ولي عودة -بمشيئة الله- لأتكلم بالتفصيل عن حقيقة المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
 
السيد محمد الطاسان المحترم ،
إنني لا أنوي أن أطيل عليك الكلام كما فعلت أنت . بل أبدأ بما تبين فيه تقديرك في عملي أو أبحاثي ، حيث تقول :
ويبدو أن الدكتور موراني منحاز وبشدة لطائفة من المستشرقين يقوم منهجها على أساسين:
الأساس الأول: محاولة إثبات عدة مصاحف للصحابةرضي الله عنهم قبل المصحف العثماني والضرب بينها.
الأساس الثاني: العناية بالكتب التي تذكر القراءات المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم المخالفة للرسم العثماني ونشرها مع التقديس من طرْفٍ خفي.

فأقول : لست منحازا للمستشرقين لا في هذا الأمر ولا في قضايا أخرى ، بل أواجه منذ عقود تحديات من جانبهم . لو لم يكن هناك الحاجز اللغوي لكان من إمكانك قراءة كثير من الأمثلة . فالقراءات المنسوبة لم يشغّل المستشرقين فحسب ، بل أجيالا من علماء المسلمين منذ قرون ...حتى جاء ابن مجاهد فجلد من قرأ ودرّس مصحف ابن مسعود وقراءته . هل هذا كلّ اختراع من "أعداء المصحف العثماني" ؟ وما هو التحديد الدقيق للمصحف العثماني ؟ لم أجد إجابة على ذلك في كتابك القيم الذي أعتبره عملا جادا وهاما .

فأقول أيضا : مصاحف الصحابة من الوقائع التأريخية وهي ليس في حاجة إلى إثباتها . لقد وجد الفضل بن شاذان تأليف مصحف ابن مسعود في القرن الثالث الهجري على ترتيب كما ذكره ، ومصحف أبي بن كعب كذلك . فإن وجده هكذا ، فكان موجودا . فأنظر الفن الثالث في فهرست ابن نديم .

لا أعيد كلامي مرة أخرى بل أقول : الوجادة من باب مصطلحات الحديث ، وهو نوع من المنقطع . وإن وجد فلان مصحفا لفلان وهذا الأخير توفي قبله بمئة سنة ، فهذا ليس وجادة حسب مقاييس الحديث ، لأنّ هذا ليس حديثا ، بل هو خبر . عند استقراءك في تفسير الطبري تجد ما يزيد على ٢٠٠ فقرة فيها ذكر مصحف فلان وفلان . أنا لست في حاجة إلى إثبات شيء من هذا الجانب .

وهنا تكرر حديثك على طريقة لم نتعود عليها في الحوار العلمي عندنا :

والدكتور موراني من خلال ما كتب في الاعتراض على ما في كتاب المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم لا يهمُّه المنهج العلمي ولا التمييز بين الحقائق وإنما يهمه شيء واحد وهو إثبات وجود مصاحف متعددة للصحابة رضي الله عنهم لا شيء غير هذا!!

وفي الختام: أمّا تأليف / ترتيب السور على غير ترتيبه في القرآن المطبوع منذ بداية القرن العشرين ، والذي ذكره ابن نديم ، فله شواهد في المصاحف في مكتبة صنعاء أيضا : تنتهي فيها سورة كذا وتليه على نفس الورقة (!) سورة كذا كما ذكره ابن نديم . وبما فيه من الرسوم المخالفة "للرسم العثماني ". لقد جرى الحديث في ذلك قبل أعوام في الملتقى .

فيما ذكرتَ حول الشواذ في سوورة النور ، الآية ٢٧ فربما تضيف إليه ما ذكر ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ، ج ١١ ، ص ٨-٩ فإنه لافت النظر في البحث العلمي المتكامل .


والسلام




 
أهلاً ومرحباً بك يا دكتور موراني واعلم أن غايتي رضا الله ودخول جنة عرضها السماوات والأرض!! وهذا ما أتمناه لك وأدعو الله به..
وهذا ما علمناه نبيناصلى الله عليه وسلم حين قال لعلي رضي الله عنه :"فلئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم"
فما أريده من الله لي أتمناه لك وأدعو به..

ولي عودة بإذن الله يا دكتور موراني حول ما ذكرت
ولك مني الشكر والتقدير
 
* ملاحظة إدارية:

بناء على طلب العضوين محمد الطاسان وموراني أن يكون الحوار بينهما ثنائياً
يرجى التكرم بالتزام ذلك
وعلى من لديه ملاحظات وردود من الأعضاء
التكرم بكتابتها في الموضوع أدناه
http://vb.tafsir.net/tafsir35478/
 
عودة
أعلى