مع الدكتور دراز وهو طالب في القسم الثانوي الأزهري..

إنضم
10/09/2009
المشاركات
35
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
العمر
43
الموقع الالكتروني
elmorsykhalid.blogspot.com
هذه الكلمات كتبها الشيخ الشاب في القسم الثانوي الأزهري بالمعهد الأحمدي بطنطا المنتهي في رجب 1330 هجرية والسنة الأولى من القسم الثالث الموافق 1331 هجرية
منشورة لأول مرة في كتاب حصاد قلم من الصفحة 391 الى 419 عبارة عن 22 كلمة وسأنقل لكم كل أسبوع كلمتين ان شاء الله.
رجاء دخول هذين الرابطين للتعرف على الدكتور دراز
http://elmorsykhalid.blogspot.com/20...g-post_05.html
http://elmorsykhalid.blogspot.com/20...g-post_07.htm1
بين يدي هذه الكلمات (من كلام خادم تراث الشيخ دراز وهو الشيخ أحمد مصطفى فضلية حفظه الله )
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه، وبعد...


فان الكلمة الطيبة من أفضل مايثقف الطباع، وينمي ملكات الفضائل، ويقرر العقائد السليمة، ويمهد للسعادة السبل المستقيمة، ويبلغ بالانسان الكمال النفسي، والسمو الروحي، فينال به عز الأولى، وفلاح الآخرة...


فالكلمة الطيبة هي التي تخرج من عقل مؤمن.. ويخطها قلم حكيم، وهذا النوع من الكلام يظل حياً مزدهراً لايموت، بل يزدهر ويزداد ضياءًا مع الأيام، وهي كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين باذن ربها.


قال الله تعالى :


( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ) ابراهيم 24،25


فجدير بالمؤمن أن يطالع هذا الزاد، ويتزود بمافيه من هداية ورشاد، وخير وسداد، وعلم ومعرفة، فيهديه ويرشده ويقومه ويسدده ويرقى به الى منازل الطهر والطهارة، ويكون له سياجا منيًعا لصلاحه وكماله، ويحميه من عوادي الحياة، ويصونه من الشذوذ والانحراف.


وفي هذا الباب أقدم للقارئ العزيز هذه الكلمات المضيئة والخواطر الايمانية المشرقة التي كتبها الشيخ محمد عبدالله دراز وهو لايزال طالب علم بالقسم الثانوي بالأزهر المعمور وهو لم يتعد بعد العشرين ربيعا. عثرت عليها ضمن أوراق الشيخ الخاصة وهي تدل على امتلاكه ناصية البيان، وتنبئ عن كاتب يملك قوة الروح، قبل نعمة البيان الساحر.


سيجد القارئ بين يديه لونا من الأدب الديني الرشيد الذي يدل على نبوغه المبكر، وميلاد قلم عرف بعد ذلك بأمانته وأصالته وسلامة رأيه وقوة بصيرته واتساع ثقافته وفكره وصدق رؤيته، فهو يكتب عن طبع وسليقة لاعن تكلف واصطناع، وسيجد القارئ في هذه الكلمات والخواطر الايمانية العبرة النافعة، والموعظة الدقيقة، والفكرة المثيرة، والنظرة الصائبة، بها تهتدي القلوب، وتسلم عقول من الزيغ والضلال.


وسيتأكد عند القارئ هذه الحقيقة التي أفرزتها الأقلام المؤمنة ألا وهي:


"ان كل كلمة عاشت قد اقتاتت قلب انسان، أما الكلمات التي ولدت في الأفواه، وقذفت بها الألسنة، ولم تتصل بذلك النبع الالهي فقد ولدت ميتة والناس لايتبنون الأموات = انظر مقدمة الأستاذ/ عبد الباقي محمد حسين، لديوان الأستاذ سيد قطب دار الوفاء –


وسيدرك القارئ أن محمد عبد الله دراز من الذين فهموا أمانة الموهبة والكلمة، وعلم أن الصدق فيها أمر ضروري للتأثير والتعبير، ومن هنا ندرك السر العجيب في قوة التعبير وحيويته في كل ماكُتب ليس في بريق الكلمات وأنغام العبارات وانما هو في قوة الايمان بمدلول الكلمات وماوراء الكلمات وأنه في ذلك التصميم الحاسم على تحويل الكلمة المكتوبة الى حركة حية، والمعنى المفهوم الى واقع ملموس.


والان أدعو القارئ الى مطالعة هذه الأفكار والخواطر لتشرق روحه ويزداد ايمانه.


وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 
فهرس الكلمات
1-من كلام عمر: لاتؤخر عمل يومك الى غدك.

2-رأس الحكمة مخافة الله.
3-أول الفكر آخر العمل
4-العالم أمين الله في أرضه.
5-أتحب أن تكون موسراً مع الجهل أم عالما مع الفقر.
6- من كلام ابن حزم.
7- كتاب الى صديق رزئ بفقد ولده.
8- حب الدنيا رأس كل خطيئة.
9- قال الشاعر الأديب.
10- ومالمرء الا حيث يجعل نفسه ----- ففي صالح الأعمال نفسك فاجعل.
11- كتاب الى صديق نال شهادة العالِمية.
12- كتاب الى صديق معاتب.
13- كتاب أدوار الشوق الى صاحب فارق عاحلاً.
14- كتاب في معناه.
15- كتاب مختوم بالانذار.
16- كتاب يتضمن سبب ارسال سابقة والشكر على اجابة الدعاء.
17- بعد طئ. ببداء الامتحان بالسنة الثامنة.
18- كتاب الى صديق نأى فلم يواصل
19- كتاب بعد فترة – أو نافثات الصدور ودموع الشجى.
20- كتاب الى مربي صالح ليستمد منه النظر.
21- الى الوالد الجليل: الشيخ عبدالله دراز.
 
21=إلى الوالد الجليل
الديباجة.... ... أحييك بما أنت أهله وأسأل لك من الله طول البقاء، وبعد فإن هذا النجل الخاضع يتشرف بأن يبدي كلمات طالما جاشت بها نفسه وضاق بها صدره ولم يأن لها أن تنسخ من صحيفة الفؤاد إلى قرطاس المداد إلا في هذا الوقت المناسب لبروزها.
أي والدي العزيز !
منذ عامين أو ثلاثة أعوام أتيح لي يوم، أخذت فيه مضجعي وسرحت نظري إلى هذا الكون الضخم والعالم العظيم وعلاقة الناس عمومًا به وعلاقتي به خصوصًا، فإذا هو ميدان واسع لايحرز فيه قصب السبق إلا من أعدَّ له عُدتين أمَّا إحداهما فأن يتزود من علومه الدينية والدنيوية ويملأ منها وطابه. وأما الأخرى فأن يطيل ممارسته ويكثر من خبرته وتجريبه حتى يعرف سننه وقواعده ويميز نفعه من ضرره وصفوه من كدره وحتى يسلم من بوائقه ويسلك سبيله السويّ.
هنالك رأيتني بإزاء أشياء جمّة ومسائل متشعبة. كثير منها ما أنكره ألبتة ومنها ماأنكر باطنه وأعرف ظاهره وقليل ماكشفت ستره وسبرت غوره رأيتني كذلك فهاج بي التوق ونازعتني نفسي أن ألتمس من عباب معارفكم قطرة وأقتبس من شهاب تجاريبكم جذوة علّني أروي بالأولى غُلّتي وأضئ بالثانية ظلمتي فأهتدي بهما صراطًا مستقيما.
هاجت بي تلك الرغبة ونازعتني هذه النفس ولكن ضاق صدري ولم ينطلق لساني حينما أشفقت ألا أكون لذلك أهلا وكففت عن الدخول فيما عساه أن يخجلني أو يوجلني.
كان ذلك حينئذ، أما الآن وقد زال بعض هذا الإشفاق وصرت أراني حقيقًًا بذلك الالتماس لالعلمي بعلو المكانة وسمو المنزلة عن ذي قبل ولكن لأني سمعت فيما سمعت من أقوال الشعراء الحكماء قول القائل:
قد ينفع الحَدَثَ التأديبُ في صِغَر وليس ينفع بَعَدَ الشيبة الأدبُ
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ولن يلين إذا قومته الخشبُ
لذلك ولحذري من أن يجئ يوم إتمام الدراسة وأنا لما أتقن عدتي فلاأري إذ ذاك متسعا لسؤال ولايسعني إلا الصبر على مضاضة الإقلال.
فالآن وفي هذه الحال – قد يحق لي أن أبدي لكم، مابدا لي فإما قبولاً حسنًا وإما صفحًا جميلا.
أي والدي: إني سلكت سبيل العلم مع من سلكه من أترابي وأقراني ولم نزل نقطع في صحاريه ونطوي من فيافيه حتى انقضى جُلُّه ولم يبق إلا قُلُّه. ثم اننا كم غادرنا فيه من وديان وشعوب لم نقف على دقائقها ولم نكتنه حقائقها ‘إذ كان مَرُّنا عليها مر الكرام على لغو الكلام او لسحابة الصيف وخيال الطيف وأخرى لم تنصرف نحوها الهمم ولم يطأها منا قدم فرضينا فيها من الغنيمة بالإياب، وهانحن أولاء أبصرنا ما يحف بهذا الطريق من المخاوف والمخاطر لمن لم يقتعد صهوته ويركب ذروته غايته فأنى لنا بهاتيك المكانة القعساء ومَن لنا بها.
ياأبت إن ذهني"على قصوره" ليس يرى وسيلة لتخطي هذه العقبات بعزم وحزم إلا الاستمداد من خزائنكم الكمينة والتزود من نصائحكم الثمينة فهي في ملتي واعتقادي السلم الوحيد الذي بتوالي مدارجه وتتابع معارجه يمكنني أن أجتاز هذا السبيل بأمان بل هي ماء الحياة الطيب الذي بطول استقائه وكثرة تعهدي به أستطيع أن أحظى بنعمة الحياة الكبرى وأتمتع بنسيمها اللذيذ هنيئا مريئا، نعم، ولقد كنت كلما ذكرت قولكم للتلميذ الأسبق – حسنين محمد مخلوف (إحفظ هذا الخطاب وانسج على منواله) طار فؤادي أسى وأسفا وفاضت نفسي غيظًا وغبطة على هذه الحظوظ التي فاز بها الأجنبي البعيد وحُرِمَها المنسوب القريب، غير أني كنت أطمئنها برجاء المستقبل وأقول لها: يانفس صبرا لعل الخير عقباك، وعسى يوما أن تبوئي بهذه المنزلة ياأبت أفلم يأن لها أن تحملها؟.
هذا ثم إني رأيت في عُدّتي الأخرى بضاعةً مزجاة وتجارة كاسدة ماكان احوجني فيها إلى القوة والنماء، تلك تجاريب الزمان وسبل الحزم في الأعمال واستباط العواقب ومعرفة أخلاق الناس وحسن معاملتهم وطريق الجمع بين رضى الله ورضاه.إلخ.إلخ فأنى لهذا الشاب الذي لم يَعْدُ(بل لم يبلغ) العشرين وهو لايزال عاكفًا على الدرس في مسجده والتحصيل في حجرته – أنى له – ان يعرف من ذلك قليلا او كثيرا إلاماسنح له سنوحًا وفاجأه مفاجأة.
على أنني كنت أحسب على نفسي غُليطات اجتماعية وعدم حزم في أعمال جزيئة فأأنبها عليها معتقدًا بأن الذي عرفت منها أقل مماجهلت على حد قول القائل:
العين تبصر منها مانأى ودنا ولاترى نفسها إلا بمرآة
وربما وقعت تلك الغليطات على مرأى منك فلاأرى إنكارًا لها ولاإرشادًا إلى الصواب فيها حتى كأنما عمدت لتسلمني إلى معترك الأيام لتريني عيانًا ماترينيه بيانًا.
حبذا الرأي ونعمَّا هو بيد أنه شئ يطول مراسه وطريق واسع ينبغي اختزاله لاسيما على ناشئ مثلي ليس له من سعة الوقت وتقدم السن ووفور الحلم مايؤهله لهذه الخبرة وذلك الابتلاء اللذين قد تفنى فيهما الأعمار ولايهتدي إليهما إلا من شاء الله.
إلا وأنك ياأبت قد عرفت من ذلك مالم يعرفه غيرك وبصرت بمالم يبصر به أندادك فضلاً عمن سواهم فلهذا وذاك لجأت إلى هذا القرطاس فبعثته رسول سلام وسفير استرحام وأنا على رجاء أكيد وأمل وطيد في إكرام وفادته وسلام عليكم.
19 شعبان سنة 1331 هجرية – 22 يوليو سنة 1913م
الدكتور محمد عبدالله دراز – رحمه الله تعالى -
 
أحسن الله إليك أخي الكريم خالد على هذه الاختيارات من كلام الدكتور محمد دارز فهي من أجود النقول والاختيارات، ومقالاته في تلك السنِّ كانت تبشر بميلاد عالم جليل محقق رحمه الله وجمعنا به وبك في جنات النعيم .

ملحوظة : ليتك مستقبلاً تعيد النظر في المقالة قبل نشرها فقد وقعت بعض الأخطاء الطباعية القليلة جزاك الله خيراً وأكرمك، ولعل الزميل المشرف هنا يراجعها ويصحح تلك الأخطاء .
 
عودة
أعلى