مع أعظم إنسان (رمضانيات 2)

إنضم
19/09/2004
المشاركات
85
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
مع النبي في رمضان

1- سرية سيف البحر

بعد أن أذن للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالقتال بعد صبر دام أكثر من عشرين سنة كان أول بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية سيف البحر لاعتراض قافلة لقريش .

الهدف منها : الهدف المباشر اعتراض قافلة لقريش

المكان : سيف البحر

الزمان : رمضان سنة1هـ

القيادة :

قائد سرية المسلمين: حمزة ابن عبد المطلب رضي الله عنه .

قائد قافلة المشركين : أبو جهل .

قوة الطرفين :

المسلمون : ثلاثون رجلا .

المشركون : ثلاثمائة رجل .

نتيجة المعركة :

التقى الفريقان في سيف البحر بمكان يسمى العيص بين ينبع والمروة

وقد اصطف الفريقان للقتال لكن مجدي ابن عمرو الجهني مشى بين الفريقين – وكان حليفا للفريقين- وحال بينهما فلم يحدث قتال .

دروس من السرية :

1- لقد أضحى الموقف بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين مشركي قريش موقفا عسكريا بعد أن كان دعويا يتخذ من العرض السلمي أسلوبا له .

2- وقد جر إلى الموقف العسكري هذا المشركون ؛ وبالتالي فإن إضعاف قوتهم عملا عسكريا مشروعا... لإفساح المجال أمام دعوة الله في أرض الله تعالى لتعيد عباد الله إلى الله تعالى ، وإسعادهم بمنهج الله تعالى في دنياهم وآخرتهم.وقد أضحى المشركون بمكة بمثابة قطاع طرق يصدون الناس عن الأوبة إلى الله تعالى فوجب إزالة هذه العقبة أمام منهج الله تعالى إلى النفوس فإنه ظلم لا داعي له غير الكبر والغطرسة والتعدي على ملك الله تعالى ومنهجه سبحانه في حين أنه تعالى ينعم عليهم بجميع النعم التي يتمتعون بها ...إضافة إلى أنهم أخرجوا المسلمين واستولوا على أموالهم .

3- مقابلة فئة قليلة على عدد كثير يفوق عددا بعشر مرات ينبئ عن شجاعة نابعة من إيمان قوي بحقارة الدنيا إذا ما قيست بالجنة وهو يدل على أهمية التربية الإيمانية التي تجعل من المؤمن جنديا قويا أمام المعتدي يدفع عن دينه وعرضه وماله ومقدساته .

4- قيادة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وطاعتهم له كانت مبنية على توجيه من الله تعالى فقد مضى وقت ليس بالقليل وهم صابرون على الخصوم طاعة لله تعالى ولما أذن لهم بالقتال نشطوا فيه حتى إنه عد للنبي صلى الله عليه وسلم ستون غزوة وسرية فيما لو قسم على زمن بقائه حيا بعد الإذن كان المعدل ست غزوات في السنة وهذا في الدراسات العسكرية شيء كبير فإن المعركة الواحدة تستدعي عددا من الإجراءات : إعدادا ويندرج تحته تخطيط ودراسة الإيجابيات والسلبيات وتنفيذا ويندرج تحته أسفار وأموال وجهد . وتقويما ثم ما تخلفه المعارك العسكرية من مخلفات لا تخفى...
 
بارك الله فيك يادكتور محمد مشرح على هذه المشاركة اللطيفة الماتعة .
 
مع أعظم إنسان (رمضانيات 3)

مع أعظم إنسان (رمضانيات 3)

قبل غزوة بدر الكبرى

في الحلقة السابقة استخلصنا بعض الدروس من سرية سيف البحر ومن تلك الدروس تتابع العمل العسكري للنبي صلى الله عليه وسلم بعد الإذن بالقتال وسنعيش معه عليه الصلاة والسلام سنة من أجل التدليل على ذلك إلى موقعة بدر الكبرى في رمضان التالي ومن الأعمال العسكرية له عليه الصلاة والسلام :





سرية رابغ *[1]

المكان : قرية من أعمال جدة

الزمان : شوال سنة 1هـ623م

الهدف : المباشر اعتراض قافلة أبي سفيان ومن معه والهدف غير المباشر : إضعاف القوة العسكرية للمشركين لإفساح الطريق أمام دعوة الله تعالى .

القيادة :

قايد المسلمين: عبيدة بن الحارث بن المطلب رضي الله عنه

قائد المشركين : أبو سفيان بن حرب

قوة الطرفين :

المسلمون : ستون راكبا من المهاجرين

المشركون : مئتا رجل.

اللواء : كان لواء المسلمين أبيض ، وقد حمله مسطع بن أثاثة بن المطلب بن عبد مناف .

المواجهة :ترامى الفريقان بالنبل ولم يقع قتال أكثر من ذلك ولا خسائر بشرية بين الفريقين .

دروس من السرية

1- لقد كان زمن هذه السرية قريبا جدا من سرية سيف البحر حيث كانت الأولى في رمضان وهذه في شهر شوال الشهر الذي يليه مباشرة مما يدل على سرعة تتابع الأعمال العسكرية تتابعا ملحوظا ما يبرهن على أهمية الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله تعالى وأن من مهام ولاة أمور المسلمين إقامة هذه الوظيفة حفظا لبيضة الإسلام ودرءا لهجمة الأعداء ، ولأن ولي أمر المسلمين إذا لم يحيي هذه الفريضة فسينتج عن ذلك تحمس بعض

الشباب كردة فعل لممارسة الخصوم ويحدث ما يحدث من الإشكالات التي لا تخفى.

2- قيمة الغزو للعدو يضعفه ويجعله يراجع مواقفه تجاه المسلمين وربما غير منها وهذا هدف مهم للجهاد في سبيل الله تعالى .



--------------------------------------------------------------------------------

للاستزادة أنظر: الرحيق المختوم للمباركفوري 178 والسيرة النبوية لابن هشام - [1]
 
رمضانيات(5)

رمضانيات(5)

19/10/2004

كيف تتعلم التأهيل النفسي للطفل لصيام رمضان

الصحوة نت - متابعات

يحتاج الآباء إلى زاد ثقافي وإيماني لمساعدة من سيصوم لأول مرة من أبنائهم، وقد تختلف سبل الأسر في هذه المساعدة تبعا لاختلاف مستوى الوعي واختلاف العادات والتقاليد في كل بلد. وتبقى للتأهيل النفسي أهمية بالغة لابد للمربين أن يعلموا أهميته وكيفية القيام به من أجل صيام ناجح لأطفالهم.

ويؤكد الدكتور لطفي الحضري اختصاصي مغربي في علم النفس التواصلي هذه الأهمية بقوله: "تتجلى أهمية التأهيل النفسي "الرمضاني" للطفل في وضع أسس سليمة من الحوار يحس فيه الطفل أنه عنصر فعال ومحترم، وأن له دورا وحق الاختيار.

ويتم ذلك بترغيبه في الصيام باستعمال لفظ المحبة والحب، لأنها ألفاظ تشد الطفل إلى كل شيء يرغب فيه الآباء عن طريق التقمص إذ يعلل الآباء حبهم للصيام بحب الله ليقتدي بهم الابن على هذا المنوال".

ويوضح لطفي الحضري للوالدين أن تبيان أهمية التكليف بالصيام للطفل يتطلب نوعين من الحوار، أولهما يبين أن الصيام تكليف، وعليه فإن الذي يصوم يحس بنوع من الإعياء، فالصيام فيه مشقة.

وثانيهما أن الصيام بمشقته يروض النفس على الصبر، وربط الصبر بالعمل وخاصة الدراسي منه.

ويقدم " لطفي الحضري" تحليلا لكل نقطة على حدة، لتتجلى بصورة أوضح أهمية التأهيل النفسي:

النقطة الأولى: إن ترغيب الطفل في الصيام أساسي لكي يحس بالتقرب العاطفي والإحساس بالرضى من قبل الله ومن قبل الأبوين، إذ العنصر العاطفي مهم جدا في تنمية الطفل بشكل سوي من الناحية النفسية، فالعلاقة العاطفية أدوم وأبقى.

وبما أن الطفل قبل سن 14 لا يستطيع فهم وجود الله من الناحية العقلية (والدليل على ذلك نوع الأسئلة التي يطرحها حول ذات وصفات الله)، لأن التكوين العقلي للطفل لم يصل بعد إلى درجة كبيرة من "عملية التجريد المعرفي" ليفهم وجود الله دون أن يراه ويلمسه.

فالعلاقة العاطفية والإحساس الوجداني هما السمتان الأساسيتان اللتان تمكنان الطفل من أن يرتبط "ذهنه" بفكرة الله وطاعته.

كما أن الطفل في واقع الأمر يصوم لأن والديه يصومان،(عملية التقمص) فمحبة الله تمر عن طريق محبة الوالدين، فالعملية الفكرية عند الطفل تقوم على الأساس التالي: "إني أحب أبوي وأبواي يحبان الله، فأبواي يصومان إذن فأنا أصوم لأني أحب أبوي فأنا أحب الله".

وينصح الدكتور لطفي الحضري الآباء بالحرص على سلامة العلاقة العاطفية ونضجها لأنها بنظره تكًون "الشخصية القاعدية" التي تجعل منا ونحن كبارا نهفو لطاعة الله. رغم ما قد يتخلل تطورنا من ارتكاب عديد من المعاصي. فالشخصية القاعدية تجر العبد للرجوع إلى الله والعودة إلى محبته وطاعته.

أما النقطة الثانية: فهي تساعد على تطبيق مفهوم الترغيب بطريقة إيجابية دون تفريط أو إفراط، وحتى لا تنتج سلوكا سلبيا، إذ بدل من دفع الطفل لمحبة الصيام نخلق فيه نوعا من الخوف والتوجس.

ويركز الاختصاصي النفسي على أن محبة الطفل للآباء تدفعه للقيام بأي عمل يطلبه هؤلاء، إلا أنه ينصح الوالدين بتوضيح معنى الصيام للطفل على أساس التكليف والمشقة، وأن لله عز وجل يقبل من الطفل أن يحس بالإعياء وأن يتكلم عنه. وأن محبة الآباء ومحبة الله للطفل تبقى كما هي، صام الطفل أم لم يصم قبل البلوغ، وعند البلوغ فالله يقبل الصيام حتى وإن أحس وقر الإعياء والمشقة.

وأكد الحضري أن هذا التوضيح يكون وقاية للطفل من الإحساس بالنقص وأنه ليس في المستوى المطلوب حينما لا يستطيع القيام بما يرغب فيه والداه.

ويخلص لطفي الحضري إلى أن التأهيل النفسي يفتح المجال أمام الطفل ليحس باطمئنان داخلي، ويوفر عنه سوء استعمال "عملية المحبة" و"عملية الصيام" و"عملية التكليف". وهذا يرفع عن الطفل كبت أحاسيسه وأفكاره، فيخرجها للآباء وتصبح شيئا عاديا وبسيطا، بدل أن يكون هذا الكبت عقدا نفسية تضر بالنمو العاطفي للطفل. وتضر بتكوين "الشخصية القاعدية" التي تشكل أساس التمثل الاجتماعي.

وينبغي ربط التأهيل النفسي لرمضان بمكونات الحياة الاجتماعية، وهي فكرة شمولية الإسلام حتى لا يبقى رمضان منفصلا عن الحياة الاجتماعية. فتبيان أهمية التكليف للأبناء، وكيف أن التكليف عملية تربوية تساعدنا على الترويض النفسي، وتربينا على التحمل والصبر، وأن الحياة تتطلب منا شيئا من الصبر، فالصبر على الصيام يعلمنا كيف نصبر على تحمل التمارين المدرسية، وسهر الليالي للحفظ. فكل هذا مرتبط بشخصية واحدة، فالطفل الذي يستطيع الصبر على الصيام يستطيع الصبر على الدراسة وعلى تحمل مشاكل الحياة.

ويوجه الاختصاصي النفسي الآباء إلى التركيز على لفظ الصبر والقدرة والإرادة لأنها تدفع عقل الطفل، وخاصة المراكز المهيمنة على الذاكرة، إلى حفظ هذه الألفاظ في علاقتها مع الصيام والحياة العملية. وهذا يساعده وهو ينمو ويكبر، على استخراج تلك الألفاظ لتؤثر على سلوكه الرمضاني وسلوكه اليومي بطريقة إيجابية ودون عناء يذكر. فذهنه المملوء بألفاظ دينية إيجابية تسيطر على شخصيته كلها. وهكذا كلما كانت "الشخصية القاعدية" مبنية على تصور صحيح للإسلام كلما نما الطفل وتطور الراشد بعيدا عن الصراعات النفسية حول فلسفة الإسلام وتطبيق شرائعه.
 
مع أعظم إنسان (رمضانيات 6)

مع أعظم إنسان (رمضانيات 6)

4غزوة الأبواء أو ودان[1]

عدد أفرادها سبعون كلهم من المهاجرين

يقودهم النبي الكريم ، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم،

وقعت سنة اثنتين من الهجرة ، حيث خرج النبي صلى الله عليه وسلم في صفر من السنة المذكورة ، ودفع لواءه إلى حمزة الموصوف بالمناقـب المبرورة .

واستخلف على المدينة سعد بن عبادة وسار معه المهاجرون الرافلون في حلل السعادة ، حتى بلغ الأبواء يريد عيرا لقريش فلم يلق كيدا ، فرجع بمن معه من الجيش وفي هذه الغزوة وادع بني ضمرة وكتب بينه وبينهم كتابا أجرى الثقات من الرواة ذكره ،وهي أول غزوة غزاها بنفسه وأخلى بسببها المدينة ، من بركته وأنسه.[2]

دروس من الغزوة :

من أهم الدروس التي يمكن استقاؤها من هذه الغزوة المعاهدة التي أبرمت بين المسلمين بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين بني ضمرة بقيادة عمرو الضمري وهي بادرة مهمة ؛ إنها بداية التحالفات مع القبائل حول المدينة وتمتين الجانب الأمني وهذا له نتائجه العسكرية المعلومة فإن المعاهدين سيصبحون في صف النبي صلى عليه وسلم أو على الأقل تحييدهم من أن يستفيد منهم العدو ضد المدينة في المستقبل وبالتالي فتح الباب على مصراعية في التفكير بالإسلام بسبب توطيد العلاقات وبخاصة أن تعامل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه سيؤثر على المعاهدين وهذا هو الهدف الأساسي من حركة النبي صلى عليه وسلم العسكرية وليس ثمة غرض دنيوي . وسيكوّن هؤلاء –المعاهدين – شبكة علاقات عامة مع جيرانهم مما يمهد أرضية للإسلام جديدة .



--------------------------------------------------------------------------------

مكانان بين مكة والمدينة بينهما وبين رابغ مما يلي المدينة تسعة وعشرون ميلا . -[1]

[2] -مراجع الغزوة: السيرة النبوية والرحيق المختوم و المكتفى و الاكتفاء والتحفة اللطيفة و التراتيب الإدارية.بتصرف وتنسيق وانتقاء .
 
رمضانيات(7، 8، 9)

رمضانيات(7، 8، 9)

رمضان وتأسيس التنوير الإسلامي - د. محمد عمارة *


7
في القرآن الكريم، يأتي تعريف شهر رمضان بأنه (الذي أنزل فيه القرآن).. وليس بأنه "شهر الصيام".. بل إن السبب في اختيار هذا الشهر ـ وهو ليس من الأشهر الحرم ـ ليكون ميقاتا لهذا الركن من أركان الإسلام ـ فريضة الصيام ـ هو نزول القرآن الكريم فيه.. فكأنه الاحتفال الديني ـ الجماعي ـ باللحظة التي نزل فيها الروح الأمين ـ جبريل عليه السلام ـ على قلب نبي الإسلام ورسوله، صلى الله عليه وسلم، ببواكير الوحي والتنزيل (اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان مالم يعلم.)
وإذا كان الوحي إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد تمثل في "النور.. والصوت" .. "لقد رأيت نورا، وسمعت صوتا.." فلقد كان هذا "النور" هو حامل القرآن الكريم، رسالة السماء إلى الأرض، وجماع الدين والدنيا، وديوان العقيدة والشريعة والقيم والأخلاق والأمة والدولة والحضارة، الذي أتم الله به دينه الواحد، واكتملت فيه مكارم الأخلاق.. (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولايريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ماهداكم ولعلكم تشكرون). ولقد كان انبثاق "النور ـ الملائكي" بهذا "النور ـ القرآني" في الليلة المباركة من هذا الشهر العظيم.. ليلة القدر والشرف والعظمة.. وفي لحظة مطلع الفجر منها على وجه التحديد (حم. والكتاب المبين. إنا أنزلناه في ليلة مباركة، إنا كنا منذرين. فيها يفرق كل أمر حكيم. أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين. رحمة من ربك، إنه هو السميع العليم) بل لقد أفرد القرآن الكريم لميقات هذا الميلاد.. ميلاد النور القرآني، في هذه الليلة من شهر رمضان، سورة تحدثت عن قدرها وشرفها وعظمتها ـ بل وحملت اسم هذا القدر وهذه العظمة ـ (إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ماليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر. تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر. سلام هي حتى مطلع الفجر).

* نور من الله:
وإذا كان الله، سبحانه وتعالى، بنص القرآن الكريم، هو (نور السموات والأرض). وإذا كان هذا التنزيل ـ الذي بدأ نزوله في رمضان ـ هو أيضا نور من الله (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا، والله بما تعملون خبير) (يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا).
إذا كان الرسول، الذي أوحي إليه هذا النور، قد غدا ـ بتلقي هذا النور ـ نورا (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا) (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير، قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)..
إذا كان "النور" الملائكي، قد حمل "النور" القرآني، إلى الرسول، الذي غدا ـ لذلك ـ "نورا وسراجا منيرا".. فإن هذه الثمرة التي تمثلت في الوحي والنبوة والرسالة قد تجسدت في هذا الدين ـ الإسلام ـ الذي أصبح ـ كذلك.. ولذلك ـ "نورا وتنويرا".. نورا يهدي به الله من اتبع رضوانه، وتنويرا إلهيا لكل من يستنير بنوره، فيخرج من الظلمات إلى النور : (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي، فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لاانفصام لها، والله سميع عليم. الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر، والله لايهدي القوم الظالمين. أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت، قال لبثت يوما أو بعض يوم، قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما، فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير. وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا، واعلم أن الله عزيز حكيم) (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله، أولئك في ضلال مبين)
فالله سبحانه وتعالى، الذي هو نور السموات والأرض، قد أوحى بالنور القرآني، فحمله النور الملائكي، إلى النور النبوي والرسالي، فكانت الثمرة هي النور الإسلامي، الذي يخرج المستنيرين به من الظلمات إلى النور.
والناظرون المتدبرون لهذه الآيات القرانية ـ التي أوردناها ـ شاهدا على هذا "التنوير الإسلامي" والتي تحدثت عن "نورالإسلام" سيجدون فيها مبادىء وقواعد وسمات وقسمات لهذا التنوير الإسلامي المبثوثة ملامحه في آيات القرآن الكريم.. سيجدون في هذه الآيات:

1 - تحرير الإرادة والضمير من العبودية لكل الطواغيت، بإفراد الله، سبحانه وتعالى، بالعبودية ـ وفي ذلك قمة التحرير للإنسان.
2 - واعتبار القرآن ـ أي "النقل" ـ والدين والشرع نورا للبصر والبصيرة ـ أي "للعقل " الإنساني ـ الأمر الذي ينفي التناقض بينهما.. حتى لا يصبح غناء ولا استغناء لأحدهما عن الآخر.
3-والاستدلال والبرهنة والاعتبار على الحقائق الإيمانية والعقائد الدينية بالآيات الكونية المبثوثة في الآفاق ـ الشروق والغروب ـ وبآيات الأنفس ـ الخلق والإحياء والإماتة والبعث ـ وليس بآيات النقل والغيبيات.
4 - والحوار ـ حتى مع الله ـ وذلك طلبا لليقين الديني الذي يطمئن به وإليه القلب، وذلك بواسطة التجربة الحسية ـ كما في حوار الخليل إبراهيم الخليل، عليه السلام، مع الله.

نعم، من هذه الآيات ـ وهي مجرد شاهد ـ يمكن للمتدبر أن يستخلص هذه القواعد للتنوير الإسلامي.. المحرر للضمير والإرادة.. والمؤاخى بين العقل والنقل.. والجاعل من الآيات الكونية والتجربة الحسية الطريق إلى اليقين الديني.
ولهذه الحقيقة من حقائق امتياز وتميز "التنوير الإسلامي" بالتوازن الجامع بين أنوار الشرع وأنوار العقل ـ كانت الوسطية الإسلامية، التي رفضت ـ منذ قرون ـ غلو الإفراط، الذي وقف أهله عند ظواهر النصوص والمأثورات، متنكرين للعقل والعقلانية ـ والذين مثلوا في ثقافتنا تيار الجمود والتقليد ـ كما رفضت هذه الوسطية، كذلك، غلو التفريط، الذي توهم أصحابه تناقض المعقول مع المنقول، فانحازوا للعقل وحده دون النصوص والمأثورات.
ووجدنا حجة الإسلام الغزالي "450 ـ 505 هـ 1058 ـ 1111م" يعبر عن هذه الوسطية الإسلامية الجامعة، وهذا "التنوير الإسلامي" ـ الرافض لغلوى الإفراط والتفريط ـ والذي يجمع بين نوري الشرع والعقل، اللذين هما نور على نور: وجدنا الغزالي يعبر عن هذا "التنوير الإسلامي"، فيقول: "إن أهل السنة قد تحققوا أن لامعاندة بين الشرع المنقول والحق المعقول، وعرفوا أن من ظن وجود الجمود على التقليد، واتباع الظواهر، ما أتوا به إلا من ضعف العقول وقلة البصائر. وأن من تغلغل في تصرف العقل حتى صادموا به قواطع الشرع، ما أتوا به إلا من خبث الضمائر. فميل أولئك إلى التفريط، وميل هؤلاء إلى الإفراط، وكلاهما بعيد عن الحزم والاحتياط، فمثال العقل البصر السليم من الآفات والآذاء، ومثال القرآن: الشمس المنتشرة الضياء، فأخلق بأن يكون طالب الاهتداء المستغنى إذا استغنى بأحدهما عن الآخر في غمار الأغبياء. فالمعرض عن العقل، مكتفيا بنور القرآن، مثاله: المتعرض لنور الشمس مغمضاً للأجفان، فلا فرق بينه وبين العميان. فالعقل مع الشرع نور على نور".
فبهذا "التنوير ـ الإسلامي" ـ المؤمن بالعقل والنقل ـ والجامع بين نورهما جميعا ـ صنعت الأمة الإسلامية حضارتها، المتميزة بين الحضارات، التي ـ لذلك التميز ـ تدينت فيها الفلسفة، كما تفلسف الدين!.. وغدا "العقل" ـ فيها: الأفق الذي يشرق فيه "الإيمان".
8
* خيارات النهضة:
لكن أمتنا قد أتى عليها حين من الدهر، غابت عن حياتها الفكرية هذه الموازنة بين العقل والنقل، بين البرهان والشرع، بين آيات الله في كتاب الكون المنظور وآياته في كتاب الوحي المسطور، فركنت الأمة إلى ظواهر النصوص، وجمدت عند حرفية المأثورات، واسترابت في أنوار العقل العقلانية.
فلما كان وتحسست أمتنا ـ في عصرنا الحديث ـ طريقها إلى اليقظة والنهضة والإحياء والتجديد ـ وكانت قد حدثت صلات بينها وبين الحضارة الغربية الناهضة ـ وجدت نفسها أمام خيارين في النهضة، ونموذجين للتنوير:
أ ـ التنوير الغربي ـ الوضعى، وأحيانا المادي ـ الذي أقام قطيعة معرفية مع الموروث الديني، وذلك عندما أحل فلاسفته العقل والعلم والفلسفة محل الله والكنيسة واللاهوت، وأعلنوا أنه لاسلطان على العقل إلا للعقل وحده، وجاهروا بأن استخدام المصطلحات الدينية لايعني التخلي عن هذه القطيعة المعرفية مع الدين. "فبعد أن كان المسيحي حريصا على طاعة الله وكتابه، لم يعد الإنسان يخضع إلا لعقله، فأيديولوجية التنوير قد أقامت القطيعة الابستمولوجية "المعرفية" الكبرى التي تفصل بين عصرين من الروح البشرية: عصر الخلاصة اللاهوتية للقديس توما الأكويني، وعصر الموسوعة لفلاسفة التنوير، فمنذ الآن فصاعدا راح الأمل بمملكة الله ينزاح لكي يخلي المكان لتقدم عصر العقل وهيمنته. وهكذا راح نظام النعمة الإلهية ينمحي ويتلاشى أمام نظام الطبيعة، لقد أصبح الإنسان وحده مقياسا للإنسان، وأصبح حكم الله خاضعا لحكم الوعي البشري، الذي يطلق الحكم الأخير باسم الحرية، ويمكن للمعجم اللاهوتي القديم أن يستمر، ولكنه لم يعد يوهم أحدا، فنفس الكلمات لم يعد لها نفس المعاني" (أميل بولا "نقلا عن هاشم صالح")
وجدت أمتنا ـ وهي تتحسس طريقها لليقظة والنهوض ـ نفسها أمام هذا الخيال للتنوير الغربي ـ الوضعي، العلماني ـ الذي يقيم قطيعة معرفية مع الدين، ويفرغ مصطلحات المعجم الديني ـ إذا هو استخدمها ـ مما لها من مضامين!
ب ـ وبين "التنوير الإسلامي" ـ الجامع بين الشرع والعقل، بين الحكمة والشريعة، بين آيات الله المنزلة وآياته المبثوثة في الأنفس والآفاق.
لقد اختارت مدرسة الإحياء والتجديد التي تبلورت من حول موقظ الشرق وفيلسوف الإسلام جمال الدين الأفغاني "1254 ـ 1314 هـ 1838 ـ 1897م" اختارت لأمتنا هذا الطريق، طريق الاستنارة والتنوير بالإسلام، وليس بالقطيعة المعرفية مع الإسلام. فهي قد رفضت غلو الجمود والتقليد، حتى ولو كان أصحابه قد امتازوا بتنقية العقيدة من البدع والإضافات والخرافات، لأنهم بمعاداة العقلانية الإسلامية لم يتجاوزوا مواقع التقليد، الذي جنى على حضارتنا العربية الإسلامية "فهذا الدين يطالب المتدينين أن يأخذوا بالبرهان في أصول دينهم، وكلما خاطب خاطب العقل، وكلما حاكم حاكم إلى العقل، تنطق نصوصه بأن السعادة من نتائج العقل والبصيرة، وأن الشقاء والضلالة من لواحق الغفلة وإهمال العقل وانطفاء نور البصيرة، فالعقل مشرق الإيمان، ومن تحول عنه فقد دابر الإيمان".
وفي نفس الوقت، رفضت هذه المدرسة الإحيائية التجديدية عقلانية التنوير الغربي، تلك التي تأسست على النزعة الوضعية والمادية، فوجهت شديد النقد لفلاسفة التنوير الغربي ـ من مثل فولتير "1964 ـ 1778م" ورسو "1712 ـ 1778م" ـ وقالت عن هذا التنوير: إنه قد بعث مذهب اللذة، والدهرية وبعبارة الأفغاني: فلقد ظهر وولتير وروسو، يزعمان حماية العدل ومغالبة الظلم، والقيام بإنارة الأفكار وهداية العقول، فنبشا قبر "أبيقور" الكلبي "341 ـ 270 ق.م" وأحييا مايلي من عظام الدهريين، ونبذا كل تكليف ديني، وغرسا بذور الإباحية والاشتراك، وزعما أن الآداب الإلهية جعليات خرافية، كما زعما أن الأديان مخترعات أحدثها نقص العقل الإنساني، وجهر كلاهما بإنكار الألوهية، ورفع كل عقيرته بالتشنيع على الأنبياء، فأخذت هذه الأباطيل من نفوس الفرنساويين، فنبذوا الديانة العيسوية، وفتحوا على أنفسهم أبواب الشريعة المقدسة ـ في زعمهم ـ شريعة الطبيعة، ولقد بذل نابليون الأول جهده في إعادة الديانة المسيحية إلى ذلك الشعب، استدراكا لشأنه، لكنه لم يستطع محو آثار تلك الأضاليل".
ذلك هو رأي مدرسة التجديد الإسلامي في فلاسفة الأنوار الغربيين وفي تنويرهم المادي العلماني. ثم هي قد وجهت شديد النقد للمقلدين ـ من مثقفينا ـ لهذا التنوير الغربي، فالمقلدون لتمدن الأمم الأخرى ـ كما يقول الأفغاني: "ليسوا أرباب تلك العلوم التي ينقلونها، وإنما هم حملة، نقلة! لايراعون فيها النسبة بينها وبين مشارب الأمة وطباعها، وهم ربما لايقصدون إلا خيراً، إن كانوا من المخلصين! لكنهم يوسعون بذلك الخروق حتى تعود أبوابا، لتداخل الأجانب فيهم، فيذهبون بأمتهم إلى الفناء والاضمحلال، وبئس المصير"!
بل إن الاستعارة والتقليد للنموذج الأجنبي ـ إذا كان الأجنبي غازيا مستعمرا ـ قد تتحول إلى ثغرات اختراق للأمن الوطني والقومي والحضاري "فمتى طرق الأجانب أرضا لأية أمة، ترى هؤلاء المتعلمين المقلدين فيها أول من يقبلون عليهم ويعرضون أنفسهم لخدمتهم، كأنما هم منهم، ويعدون الغلبة الأجنبية في بلادهم أعظم بركة عليهم، ولقد علمتنا التجارب أن المقلدين من كل أمة، المنتحلين أطوار غيرها، يكونون فيها منافذ لتطرق الأعداء إليها، وطلائع لجيوش الغالبين وأرباب الغارات، يمهدون لهم السبيل، ويفتحون الأبواب، ثم يثبتون أقدامهم".
وبعد النقد والنقض والرفض لفلسفة الأنوار الغربية، والإدانة لتقليدها واستعارتها سبيلا لنهضتنا قدمت مدرسة الإحياء والتجديد المذهب الإسلامي في النهضة، المستنير بالتنوير الإسلامي، بديلا عن غلوى الإفراط والتفريط ـ جمود المتنكرين للعقل والمنكرين للعقلانية، وأنصار التأليه للعقل، الذين استبدلوه بالدين.
9
* الإسلام وحافز النهوض:
فالإسلام هو الحافز على النهوض وليس عقبة في سبيله، ذلك "أن الدين قد أكسب عقول البشر ثلاث عقائد، وأودع نفوسهم ثلاث خصال، كل منها ركن لوجود الأمم وعماد لبناء هيئتها الاجتماعية وأساس محكم لمدنيتها، وفي كل منها سائق يحث الشعوب والقبائل على التقدم لغايات الكمال والرقي إلى ذرى السعادة:
العقيدة الأولى: التصديق بأن الإنسان ملك أرضي، وهو أشرف المخلوقات.
والثانية: يقين كل ذي دين بأن أمته أشرف الأمم.
والثالثة: جزمه بأن الإنسان إنما ورد هذه الحياة الدنيا لاستحصال كمال يهيئه للعروج إلى عالم أرفع وأوسع من هذا العالم الدنيوي".
فعقائد الدين هي الحافز على التقدم والنهوض والتدافع والتسابق والارتقاء.
وهذا التقدم، الذي يحث عليه الدين ـ بسبب من توازنه وموازنته بين غرائز وملكات ومكونات الإنسان ـ هو وحده الكافل تحقيق السعادة لهذا الإنسان "فلم تبق ريبة أن الدين هو السبب المفرد لسعادة الإنسان السعادة التامة، يذهب بمعتقديه في جواد الكمال الصوري والمعنوي، ويصعد بهم إلى ذروة الفضل الظاهري والباطني، ويرفع أعلام المدنية لطلابها، بل يفيض على التمدن من ديم الكمال العقلي والنفسي مايظفرهم بسعادة الدارين".
وإذا كانت الأمة العربية قد نهضت وعزت وسادت ـ قديما ـ بالتنوير الإسلامي، فإنه وحده، دون سواه، السبيل إلى إصلاح الخلل الحضاري الذي طرأ على مسيرتها. "أرسل فكرك إلى نشأة الأمة التي خملت بعد نباهة، واطلب أسباب نهوضها الأولى، إنه دين قويم الأصول، محكم القواعد، شامل لأنواع الحكم، باعث على الألفة، داع إلى المحبة، مزك للنفوس، مطهر للقلوب من أدران الخسائس، منور للعقول بإشراق الحق من مطالع قضاياه، كافل لكل مايحتاج إليه الإنسان من مباني الاجتماعات البشرية، وحافظ وجودها، ويتأدى بمعتقديه إلى جميع فروع المدنية، فإن كانت هذه شرعة تلك الأمة، ولها وردت وعنها صدرت، فما تراه من عارض خللها، وهبوط عن مكانتها، إنما يكون من طرح تلك الأصول ونبذها ظهريا، فعلاجها الناجع إنما يكون برجوعها إلى قواعد دينها، والأخذ بأحكامه على ماكان في بدايته".
وحتى بمنطق "المنفعة، والمصلحة، والجدوى، وفعالية النهضة، وسرعة الإقلاع الحضاري"، فإن طريق التنوير الإسلامي أقرب وأفعل ـ لأنه الموروث، والمألوف، والحاضر، من ذلك "التنوير الغربي" الغريب والذي يستريب منه الجمهور.
وإذا كانت أمتنا قد جربت ـ عبر القرنين الماضيين ـ كل تجليات التنوير الغربي ـ من الليبرالية الرأسمالية، إلى الشمولية الشيوعية، إلى القومية الشيفونية، إلى الأخلاط التي اصطنعت المزج بين هذه التجليات ـ فإننا مدعوون إلى تأمل هذا الذي بشرت به مدرسة الإحياء الإسلامي ـ قبل هذه التجارب الفاشلة ـ من "أن جراثيم الدين متأصلة في النفوس، والقلوب مطمئنة إليه، وفي زواياها نور خفي من محبته، فلا يحتاج القائم بإحياء الأمة إلا إلى نفخة واحدة يسري نفسها في جميع الأرواح لأقرب وقت، فإذا قاموا، وجعلو أصول دينهم الحقة نصب أعينهم، فلا يعجزهم أن يبلغوا في سيرهم منتهى الكمال الإنساني".
بل لقد بلغ الاعتقاد ـ عند مدرسة الإحياء والتجديد ـ بأن التنوير الإسلامي هو السبيل المفرد والطريق الأوحد لنهوض هذه الأمة، بلغ هذا الاعتقاد حد اليقين، فقال الأفغاني "ومن طلب إصلاح أمة شأنها ماذكرنا بوسيلة سوى هذه، فقد ركب بها شططا، وجعل النهاية بداية، وانعكست التربية، وانعكس فيها نظام الوجود، فينعكس عليه القصد، ولايزيد الأمة إلا نحسا، ولايكسبها إلا تعسا"!
فهل كان الرجل يقرأ الحال الذي وصلنا إليه، بعد التجارب الفاشلة التي انزلقنا إليها?
إنه يواصل حديثه ـ متعجبا من هؤلاء الذين سلكوا كل الطرق، سوى طريق التنوير الإسلامي، والنهوض بالإسلام ـ فيقول: "ومن يعجب من قولي: إن الأصول الدينية الحقة تنشىء للأمم قوة الاتحاد، وائتلاف الشمل، وتفضيل الشرف على لذة الحياة، وتبعثها على اقتناء الفضائل، وتوسيع دائرة المعارف، وتنتهي بها إلى أقصى غاية في المدنية ـ فإن عجبي من عجبه أشد! ودونك تاريخ الأمة العربية، وما كانت عليه قبل الإسلام من الهمجية، حتى جاءها الدين فوحدها، وقواها، ونور عقلها، وقوم أخلاقها وسدد أحكامها، فسادت على العالم"!
فهو طريق التنويرالإسلامي، السبيل الطبيعي ـ والوحيد ـ لنهوض هذه الأمة، ولاطريق سواه.
إن اختلاف المناهج، ومن ثم الحضارات، سنة من سنن الله التي لاتبديل لها ولاتحويل، ولقد اختار الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة هذا المنهاج في النهضة والإحياء والتجديد، وذلك منذ اللحظة التاريخية والقدسية التي انفرجت فيها السماء عن "النور الملائكي" الحامل لوحي "النور القرآني" إلى "النورالنبوي"، والذي اكتمل في "نورالإسلام"، فمنذ هذه اللحظة القدسية، في مطلع فجر الليلة المباركة ـ ليلة القدر ـ من رمضان سنة 13 ق. هـ سنة 610م كان ميلاد "التنوير الإسلامي" الذي يستنير به كل المستنيرين بنور الإسلام.
___________________
* الكاتب مفكر إسلامي مصري، والموضوع نقلا عن موقع الوحدة الإسلامية.
 
مع أعظم إنسان (رمضانيات 10)

مع أعظم إنسان (رمضانيات 10)

10 غزوة بواط [1]

مقدمة : كانت ضمن التحركات العسكرية التي وقعت بين رمضان سنة 1هـ ورمضان 2هـ

الهدف من الغزوة : اعتراض قافلة لقريش

زمانها تحديدا: ربيع الأول سنة2هـ

المكان : جبلان لجهينة بين المدينة والشام .

قوة الطرفين :

المسلمون : 200

المشركون :100

القيادة العامة :

المسلمون:النبي صلى الله عليه وسلم

المشركون : أمية بن خلف

حاملوا اللواء:

المسلمون : سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه .

المشركون : ـــــــ

وقائع المعركة :لم يحدث قتال حيث فاتت القافلة .



دروس من الغزوة :

1- يقظة المسلمين بتتبع أنفاس المشركين وتحركاتهم .

2- لقد فاتت القافلة ، لكن الأهم من هذا إنزال الرعب في عدو متربص أذاق المسلمين الأمرين ...فقد أضحى غير آمن على مصدر قوته وقوت من يعول بل على نفسه جزاء وفاقا.



--------------------------------------------------------------------------------

[1] -مراجع الغزوة :جامع السير ، يسري السيد محمد ص 60 وغيرها من مراجع السيرة .
 
مع أعظم إنسان (رمضانيات 11،12)

مع أعظم إنسان (رمضانيات 11،12)

غزوة سفوان11

الزمان : ربيع الأول عام الهجرة الثاني

المكان : سفوان وادٍ بناحية بدر ( وتسمى فزوة بدر الصغرى)

سببها : غارة كرز بن جابر الفهري إلى مراعي المدينة ونهب بعض المواشي .

القائد : الرسول القائد صلى الله عليه وسلم

قوة المسلمين : سبعون رجلا من الصحابة

استخلف على المدينة : زيد بن حارثة رضي الله عنه .

حامل اللواء :علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

نتيجة الغزوة : لم يدرك كرزا فرجع ولم يلق كيدا عليه الصلاة والسلام .





غزوة ذي العشيرة 12

إحدى حبات العقد ،في مسار التحرك العسكري للرسول القائد ، خرج صلى الله عليه وسلم في جمادى الأولى والآخره الكائنين في السنة الثانية من تاريخ مهاجره، واستخلف أبا سلمة بن عبد الأسد على طيبة ، ودفع لواه إلى أسد الله حمزة ، وسار في مائة وخمسين من ذوي الهجرة ،لا يشوب عزمهم في طاعته تقصير ولا فترة ، حيث بلغه أن عير قريش فصلت بأموالها ، وخرجت من مكة إلى الشام محفوظة بالحمس من رجالها، فانتهى إلى ذي العشيرة بناحية ينبع، فوجد العير قد دخلت منهم المنازل والأربع ، وفي هذه الغزاة كنى عليا أبا تراب حين وجده نائما ليس بينه وبين الأرض حجاب...[1]

دروس من الغزوة

ورجع عليه الصلاة والسلام منتصرا لم يلق كيدا ، تاركا وراءه الأخبار المزعجة ، للفئة المتجبرة ، وأضحت تحسب لأخطائها ألف حساب ، ووجدت لوقوفها أم منهج الله تعالى الجواب، فلعلها ومن يقف موقفها يئوب إلى الصواب ، وعلى الله تعالى حسن المئات‘ لنبيه وصحبه الأحباب ،ومن سار على نهجهم إلى يوم الحساب .




--------------------------------------------------------------------------------

[1] - مراجع الغزوة ، ارحيق المختوم ، والمكتفى والاكتفاء وغيرها بتصرف وتشذيب وتنسيق وانتقاءوصياغة .
 
مع أعظم إنسان (رمضانيات 13، 14 ،15)

مع أعظم إنسان (رمضانيات 13، 14 ،15)

13
كيف يقضي السياسي والمثقف رمضان؟ *
د.نجيب غانم: رمضان محطة لتطهير الروح، واستيعاب أهمية الوقت، تجعلنا أكثر انضباطاً واحتراماً للذات وللآخرين.

وقفة رمضانية جديدة عبر "الصحوة نت" مع د. نجيب غانم- رئيس الدائرة الإعلامية في التجمع اليمني للإصلاح الذي بدأ وقفته الرمضانية بالحديث عن برنامجه خلال الشهر الكريم:
* ما يميز يومي الرمضاني عن غيره الارتباط بالمسجد أكثر والمواظبة على صلاة الجماعة بصورة أكثر انضباطاً، وكذا تلاوة القرآن الكريم وتدبر آياته واستلهام معانية، وكذا العمل قدر المستطاع على استلهام ذلك وجدانياً ونفسياً وعلى مستوى الواقع والتطبيق العملي سائلين الله الرشد والسداد.
* الشهر الكريم أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، نسأل الله أن نحظى بالرحمة والمغفرة والعتق من النار.
* لاشك أن رمضان يعمل على ترتيب حياة المسلم وفق مناسك معينة حيث يبدأ المسلم بالاستيعاب الدقيق لأوقات الصلوات ودخول الفجر ودخول وقت المغرب على وجه التحديد حتى يعرف متى يمسك ومتى يفطر وينعكس هذا على حياة المسلم فيتدرب على استيعاب أهمية الوقت ومعنى قيمة الدقائق والثواني، فضلا ًعن الساعات والأيام، كما يقترب المسلم من استيعاب التقويم الهجري فيرتبط بمواعيد ومناسبات في هذا الشهر الهجري، ويعد فيقول موعد إنجاز هذا العمل منتصف رمضان وذاك في ستة شوال وهكذا يعيد هذا الشهر الاعتبار للتقويم الهجري
* حياة المسلم في رمضان أكثر انضباطاً وأكثر احتراماً للذات وللآخرين.
* رمضان ذروة العطاء، فرمضان يشهد الكثير من التضحيات ومنها الكف عن الشراب والطعام والشهوة مع القدرة على إتيانها، كما يتعلم المسلم من سيرة الرسول أنه كان أجود ما يكون في رمضان من حيث الإنفاق والسخاء، ويبدأ المسلم بالإكثار من النفقات والصدقات وتشاهد في رمضان الكثير من الموسرين يحرصون على دفع الزكاة في هذا الشهر الكريم.
* لاشك أن للعادة نصيب في رمضان، خاصة فيما يتعلق بالمأكل والمشرب والضيافات وغيرها.. لكن المسلم ينبغي عليه أن يقتنص فرصة رمضان ويستثمرها أفضل استثمار خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن أجر النوافل في رمضان تعادل أجر الفروض وأجر الفروض تعادل أكثر من سبعين فريضة فيما عداها.
* الإكثار من تلاوة القرآن والذكر والدعاء والصدقات وصلة الرحم.
* الأصل في رمضان أن يحترم الصائم قيمة العمل خاصة إذا تذكر أن أجر العمل مضاعف سواء من خلال وظيفته التي يقتات منها ويطعم منها نفسه وأسرته وكذا بقية الأعمال فالأصل أن يكثر الصائم من نشاطه وعمله في رمضان.
* الأصل أن يتخفف الإنسان من الذنوب ويتطهر منها بالطاعات والنوافل والقربات إلى الله، بحيث يغدو بعد رمضان أقل حملاً وأكثر قرباً إلى الله، مستلهماً معنى الآية الكريمة "وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما".
* محطات رمضان ستصبح محطات لغسيل النفس وتطهير الروح بالتقرب إلى الله ويغدو المسلم وهو ينتقل من رمضان إلى آخر أكثر قرباً من الله ورجاءً لعفوه ومغفرته ومرضاته.


14
كيف يقضي السياسي والمثقف رمضان ؟*
الشاعر حسن الشرفي: رمضان المحطة الأجمل في حياة المسلم ، وفرصة لأن يراجع المسلم علاقته مع الأخر، وأن يبحث عن محطات القصور التي لم يكن فيها مسلماً كما يجب

وقفة رمضانية شاعرية ممتعة تصحبكم فيها "الصحوة نت" مع الشاعر الكبير الأستاذ حسن عبدالله الشرفي متحدثا عن رمضان المحطة الأفضل في حياة المسلم كما قال ، وأضاف:
مناسبة طيبة وكل عام وانتم بخير وصوماً مقبولاً وذنباً مغفوراً بإذن الله .
رمضان الموسم الأفضل والمحطة الأجمل في حياة الإنسان المسلم وهذا الموسم يتكرر في حياة المسلم مره كل عام وعلى الانسان أن يجعل من هذا الموسم وهذه المحطة فرصة لمراجعة كشف الحساب الشامل لما حققه لدينه ودنياه في الفترة ما بين رمضان الفائت ورمضان الذي هو فيه وان يقف وقفة تأمل ويبحث عن محطات القصور التي لم يكن فيها مسلماً كما يجب وكيف كانت علاقته مع الآخر والأخر هنا اسرته وجيرانه واقاربه وعامة معاريفة .
رمضان موسم خير وبركة ورحمة وعلى كل مسلم ألا يكون فيه ضيق الأفق وان يفتح لنفسه مساحة واسعة لعمل الخير والسؤال عن المحتاجين ومد يد العون بقدر المستطاع لمن يستحق ذلك وخاصة اولئك الذين هم في امس الحاجة ولا يسألون الناس الحافا ومتى استطاع الانسان المسلم أن يحقق حتى ولو الحد الأدني مما هو واجب عليه تجاه نفسه وتجاه الآخرين .

الصلاة والصيام في رمضان ركنان اساسيان للعبادة ولكنهما وحدهما لا يكفيان إذا تصرف هذا المصلي وهذا الصائم التصرف الذي يخل به وبالفريضة أو تحول إلى شخصية عصبية تؤذي الآخرين خصوصاً قبل ساعة الافطار .
والأثر يحث على التسامح والتصافي ومقابلة السيئة بالحسنه وينطلق من منطلق اللهم أني صائم .
* رمضان صنعاء مسكين .

شخصياً ليس لدي فرق بين رمضان القرية ورمضان صنعاء والفارق الرئيسي يتعلق بالطقوس الرمضانية .
فرمضان صنعاء مسكين والاهتمام به قليل .

القرية في رمضان تزدحم مساجدها بالمصلين ويبقى الناس في المساجد لقراءة القرآن حتى وقت السحور ثم يدخل الناس إلى منازلهم لتناول السحور ويعودون إلى المسجد لأداء صلاة الفجر .
رمضان يضفي على القرية جواً من البهجة والروحانية القريبة إلى النفوس بحكم العادة قبل كل شيء .

والمشترك هنا وهناك اخذ هذا الشهر الكريم على انه موسم فسحة وراحة واكل وشرب ونوم إضافة مواد جديدة إلى المائدة المعتادة وغيرها من الملذات وكأن رمضان جاء لنرضي غرائزنا ورغباتنا من الجديد الذي نوفره في مائدة رمضان وننسى أن رمضان مطلوب فيه العمل اكثر والانتاج اكثر وان تكون الضمائر اصفى والسرائر انقى فتتخلص فيه كموسم عبادة وعمل من كل الشوائب التي علقت بنا أو علقنا بها نحن على مدى شهور العام .
* القراءة في رمضان اقل من غيره لأنها تنحصر بقراءة القرآن وللأسف يأخذ النوم في رمضان وقتاً طويلاً .

15
كيف يقضي السياسي والمثقف رمضان؟ *
سعيد ثابت : لا أنظر إلى رمضان كاستراحة محارب، ولا شيئا من العبارات الموحية بالسكونية والوقوف، بل هوطريق جديد باتجاه قمة العبودية لله تعالى

كيف يقضي الكاتب والسياسي سعيد ثابت سعيد رمضان ؟ وقفة رمضانية جديدة عبر"الصحوة نت" نتابعها اليوم مع الوكيل الأول لنقابة الصحفيين اليمنيين الذي قال:
**** رمضان بالنسبة للمثقف والسياسي يعني له الكثير من قيم النضال الدؤوب، والوفاء اللامحدود، والتسامي على عاديات الحياة، ومتعها الزائلة، كما أنه يعني له الانضباط والتنظيم الحياتي، والتكيف مع المتغيرات، والتمرن على التأمل الفكري والذهني، والتخفف، إن لم يكن الصيام، من أثقال التعبيرات اللفظية غير ذات المعنى التي اعتاد عليها في بقية أيامه.

وأعتقد أن مايريده المثقف من شهر رمضان ليس بعيد المنال عنه، كما أن رمضان هذا ليس شيئا أو شخصا مجسدا يمكن أن نذهب إليه ونطلب ما نريد، وإنما هو رمز مكثف لما يحلم به الإنسان محض الإنسان، فضلا عن المسلم، من حياة فاضلة، ومطمئنة، وسعيدة، ولما يطمح إليه من سلام مع ذاته، ومع من حوله من بشر وبيئة.
لذلك فإن المثقف والسياسي إذا نجح في احتمال تكاليف أداء العبادات، وأثقال الشرع، وبلوغ الإحساس بضوابط التقوى والخشية من غضب الله وعذابه عند المصير وتحقيق دوافع التوكل عليه والرجاء والإقدام إلى مبتغى النعيم والرضوان، فإنه يكون قد حاز على ثمرة هذا الشهر الكريم.

**** من أسوأ العادات التي نعيشها في رمضان، هو هذا الانقلاب الشكلي في سير حياتنا، وبرنامجنا اليومي، فالأصل أن لا يتحول رمضان إلى موسم للخمول وللنوم وللراحة البليدة، والأصل أن لا تنقلب ليالينا إلى نهار، ونهارنا إلى ليل، لكن هكذا هو منطق
العادات والتقاليد التي توطنا عليها منذ أزمان، وهي في اعتقادي عادات في معظمهاليست إيجابية.

* برنامجي اليومي يبدأ مع صلاة الظهر، لأبدأ عملي بالذهاب إلى مقر النقابة لتصريف بعض الأعمال، ثم العودة إلى المنزل عقب صلاة العصر، ومحاولة إيجاد جو عائلي وأسري، من خلال العمل على قراءة القرآن جماعيا مع أولادي، لمدة نصف ساعة، فقراءة كتابي الذي اخترته لهذا الشهر وهو بعنوان السياسة والحكم: النظم السلطانية بين الأصول وسنن الواقع للدكتور حسن الترابي، وتناول الإفطار، وصلاة المغرب، ومشاهدة التلفزيون، ثم صلاة العشاء، والسمر مع الأصدقاء أو الأقارب، فالعودة إلى
المنزل، لإنجاز أعمالي الكتابية سواء الصحفية، أو التأليف، حتى يحين السحور، فأنا للأسف لا أنام في رمضان ليلا، وتأدية صلاة الفجر، وقراءة كتابي الثاني الذي اعتمدته في هذا الشهر، بعنوان الفكر الأصولي وإشكالية السلطة العلمية في الإسلام للدكتور عبد المجيد الصغير، وأنام في السادسة صباحا.

***** يجيء رمضان هذا العام كعادته حزينا محملا بمآسي الإنسان الظالم لنفسه، يجء في وضع عربي وإسلامي بائس وكئيب، كما أنه يأتي هذا العام وقد تزايدت أعباء المواطن جراء سياسات السلطة القائمة وفسادها، وتخبطها المستمر، وفي ظل عجز وإحباط النخب السياسية والثقافية اليمن، ومن ثم فإن الآمال ستظل معلقة على إنساننا اليمني والعربي والمسلم في أن يستثمر الدقائق الغاليات من هذا الشهر الفضيل، كي يخرج من
النفق المظلم المحشور فيه منذ زمان طويل، وأن يتحرر من العادات التي تشده إلى أسر الخوف من الطغيان، أو قيد الرغبة في استمرار حياة الذل والجوع والقهر.

***** لا أنظر إلى رمضان كاستراحة محارب، ولا محطة للتزود ولا شيئا من تلك العبارات الموحية بالسكونية والوقوف، بل رمضان على العكس من ذ لك، هو شهر كريم وفضيل، وجزء من عمر الإنسان المسلم، وينبغي أن لا يتوقف كثيرا عنده، بقدر ما هو يحتاج أن
يحيله إلى طريق جديد يسلك فيه باتجاه قمة العبودية لله تعالى، والمجد الإنساني، والتجرد من آصار النفاق الاجتماعي، والتحرر من التزلف للسلاطين، وأهل الثراء، وأصحاب النفوذ، وحث الخطى سريعا لتحقيق معاني الربانية التي طالما نسعى لها على مدى عمرنا القصير على هذه الأرض.


منقول
 
رمضانيات (16)

رمضانيات (16)

رمضانيات *
دعاء اليوم:

اللهم نور بالعلم قلبي، واستعمل بطاعتك بدني، وخلص من الفتن سري، واشغل بالاعتبار فكري، وقني شر وساوس الشيطان، وأجرني منه يا رحمن حتى لا يكون له عليّ سلطان



حديث اليوم: قال الله تعالى فى الحديث القدسى :

(عبدى خلقتك لعبادتى فلا تلعب، وقسمت لك رزقك فلا تتعب، إن قل فلا تحزن وإن كثر فلا تفرح ... إن أنت رضيت بما قسمته لك أرحت بدنك وعقلك وكنت عندى محمودا ... وإن لم ترض بما قسمته لك أتعبت بدنك وعقلك وكنت عندى مذموماً ... وعزتى وجلالى لأسلطن عليك الدنيا، تركض فيها ركض الوحوش فى الفلاة، ولا تصيب منها إلا ما كتبته لك)


حوارات حية

الضيف:
الشيخ منير الركراكي

الموضوع:
استشارات إيمانية

اليوم:
الخميس 28/10/2004

الوقت:
مكة 13:30 : 14:30

غرينتش 10:00 : 11:30



درس التجويد اليومي:

الدرس السادس عشر:

المد الفرعي وحكم كل نوع

وهو إما مد متصل أو منفصل أو عارض للسكون أو مد لين أو مد بدل أو مد لازم مثقل أو مخفف في الكلمة أو في الحرف وإليك توضيح كل ذلك:

1- المد الواجب المتصل: وهو ما كان سببه الهمزة المتصلة بحرف المد قبلها من نفس الكلمة، مثل جاء، جيئ، سوء. تمد كل منها أربع أو خمس حركات وجوباً.

2- المد الجائز المنفصل: وهو ما كان سببه الهمزة المنفصلة من حرف المد في كلمة أخرى مثل: ((إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ)) ((إِنِّي أَنَا الله)) ((قُولُوا آمَنَّا)) ويجوز مده من أربع حركات إلى خمس جوازاً.

3- المد العارض للسكون: وهو أن يأتي بعد حرف المد سكون غير أصلي بل سببه الوقف فقط، مثل: ((وَإِيَاكَ نَسْتَعِينْ)) ((لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيد)) ويمد حركتان أو أكثر إلى ست حركات.

4- المد اللين: ويلحق بالمد العارض للسكون، وتكون عندما يقع السكون بعد حرف لين الواو والياء الساكنتين المفتوح ما قبلهما مثل: ((عَلَيْهِم دَائِرَة السَّوءِ)) ((مِنْ شيءٍ)) ((قُرَيش)) ((البَيْت)) ويمد حركتان ويجوز مده أكثر.

فتاوى رمضان:

هل هناك لفتات إيمانية في رمضان يمكننى الاستعانة بها على طريق الله تعالى؟

بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..

من القيم التربوية في رمضان، أنه جعل التقوى هدفا يسعى إليه الساعون، فيقبل الفرد على الطاعات ويبتعد عن المعاصي، وهذا يزيد الإيمان ويجعله حيا في القلوب، ويعود الإنسان على الطاعة وترتيب أولوياته، ويجعل من بيته بيتا إيمانيا.
يقول الشيخ أحمد حمود الدبوس إمام وخطيب بالكويت:

القيم التربوية في شهر رمضان، كثيرة جدا، وأطرح عليك شيئا منها:
اللفتة التربوية الأولى: رمضان شهر التقوى؛ فأرجوك أن تعطي المعاني التربوية لما تحمل هذه الكلمة من معان عظيمة في اتباع الأوامر واجتناب النواهي، وتتطرق في اتباع الأوامر والطاعات والصالحات، وغيرها من أعمال البر، والنواهي من خطورة المعصية والكبائر وغيرها.
اللفتة التربوية الثانية: رمضان شهر التغيير من ضعف الإيمان إلى قوة الإيمان، ومن السلبية إلى الإيجابية، ومن الفتور إلى الهمة، وغيرها من الأمور الأخرى.
اللفتة الثالثة: التهديف في رمضان للفردوس الأعلى، من حيث تعرض صور جيل السلف في حرصهم على تحقيق ذلك المنال.
اللفتة الرابعة: العمل والنشاط والهمة، لا الكسل ولا النوم .
اللفتة الخامسة: نقل فضائل رمضان عمليا، والحرص والاجتهاد في تحقيقها.
واللفتة السادسة والأخيرة: اقتناص الفرص، ورمضان من أعظم الفرص لتحصيل الخير، وتربية النفس.
والله أعلم.

* المرجع : الإسلام أون لاين
 
مع أعظم إنسان (رمضانيات17)

مع أعظم إنسان (رمضانيات17)

سببها المباشر :
( قال ابن اسحاق ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع بأبي سفيان بن حرب مقبلا من الشام في عير لقريش عظيمة فيها أموال لقريش وتجارة من تجاراتهم وفيها ثلاثون رجلا من قريش أو أربعون منهم مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة وعمرو بن العاص بن وائل بن هشام قال ابن هشام ويقال عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم سماعة صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان وندب المسلمين للتجارة التي معه قال ابن اسحاق فحدثني محمد بن مسلم الزهري وعاصم ابن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر ويزيد بن رومان عن عروة ابن الزبير وغيرهم من علمائنا عن ابن عباس كل قد حدثني بعض هذا الحديث فاجتمع حديثهم فيما سقته من حديث بدر قالوا لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان مقبلا من الشام ندب المسلمين إليهم وقال هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى حربا وكان أبو سفيان حين دنا من الحجار يتحسس الأخبار ويسأل من لقي من الركبان تخوفا على امر الناس حتى أصاب خبرا من بعض الركبان أن محمدا قد استنفر أصحابه لك ولعيرك فحذر عند ذلك فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه الى مكة وأمره أن يأتي قريشا فيستنفرهم الى أموالهم ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها في اصحابه فخرج ضمضم بن عمرو سريعا الى مكة

رؤيا عاتكة بنت عبد المطلب
قال ابن اسحاق فأخبرني من لا أتهم عن عكرمة عن ابن عباس ويزيد بن رومان عن عروة ابن الزبير قالا وقد رأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم مكة بثلاث ليال رؤيا أفزعتها فبعث الى أخيها العباس بن عبد المطلب فقالت له يا أخي والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة فاكتم عني ما أحدثك به فقال لها وما رأيت قالت رأيت راكبا أقبل على بعير له حتى وقف بالأبطح ثم صرخ بأعلى صوته ألا انفروا يا لغدر لمصارعكم في ثلاث فأرى الناس اجتمعوا إليه ثم دخل المسجد والناس يتبعونه فبينما هم حوله مثل به بعيره على ظهر الكعبة صرخ بمثلها ألا أنفروا يالغدر لمصارعكم في ثلاث ثم مثل به بعيره على رأس أبي قبيس فصرخ بمثلها ثم اخذ صخرة فأرسلها فأقبلت تهوي حتى إذا كانت بأسفل الجبل أرفضت فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دار إلا دخلتها منها فلقة قال العباس والله إن هذه لرؤيا وأنت فاكتميها ولا تذكريها لأحد .


انتشار حديث الرؤيا في قريش
ثم خرج العباس فلقي الوليد ابن عتبة بن ربيعة وكان له صديقا فذكرها له واستكتمه إياها فذكرها الوليد لأبيه عتبة ففشا الحديث بمكة حتى تحدثت به قريش في أنديتها قال العباس فغدوت لأطوف بالبيت وابو جهل بن هشام في رهط من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة فلما رآني أبو جهل قال يا ابا الفضل إذا فرغت من طوافك فأقبل إلينا فلما فرغت أقبلت حتى جلست معهم فقال لي ابو جهل يا بني عبد المطلب متى حدثت فيكم هذه النبية قال قلت وما ذاك قال تلك الرؤيا التي رأت عاتكة قال فقلت وما رأت قال يا بني عبد المطلب أما رضيتم ان يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم قد زعمت عاتكة في رؤيا أنه قال انفروا في ثلاث فسنتربص بكم هذه الثلاث فإن يك حقا ما تقول فسيكون إن تمض الثلاث ولم يكن من ذلك شيء نكتب عليكم كتابا أنكم أكذب أهل بيت في العرب قال العباس فوالله ما كان مني إليه كبير إلا أني جحدت ذلك وأنكرت أن تكون رأت شيئا قال ثم تفرقا فلما أمسيت لم تبق امرأة من بن عبد المطلب إلا أتتني فقالت أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم ثم قد تناول النساء وأنت تسمع ثم لم يكن عندك غيرة لشيء مما سمعت ! قال قلت قد والله فعلت ما كان مني إليه من كبير وأيم الله لأتعرضن له لأكفينكنه ...
 
مع أعظم إنسان (رمضانيات 18)

مع أعظم إنسان (رمضانيات 18)

4-ضمضم الغفاري يستنجد قريشا لأبي سفيان
قال[العباس] فغدوت في اليوم الثلاث من رؤيا عاتكة وأنا حديد مغضب أرى أني قد فاتني منه أمر أحب أن أدركه منه قال فدخلت المسجد فرأيته فوالله إني لأمشي نحوه أتعرضه ليعود لبعض ما قال فأقع به وكان رجلا خفيفا جديد الوجه حديد اللسان حديد النظر قال إذ خرج نحو باب المسجد يشتد قال فقلت في نفسي ما له لعنه الله أكل هذا فرق مني أن أشاتمه قال وإذا هو قد سمع ما لم أسمع صوت ضمضم بن عمرو الغفاري وهو يصرخ ببطن الوادي واقفا على بعيره قد جدع بعيره وحول رحله وشق قيمصه وهو يقول يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه لا أرى أن تدركوها الغوث الغوث قال فشغلني عنه وشغله عني ما جاء من الأمر .
5-قريش تتجهز للخروج
فتجهز[وا] سراعا وقالوا أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي كلا والله ليعلمن غير ذلك فكانوا بين رجلين إما خارج وإما باعث مكانه رجلا وأوعبت قريش فلما يتخلف من اشرافها أحد ... إلا أن ابا لهب بن عبد المطلب تخلف وبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة بأربعة آلاف درهم كانت له عليه أفلس بها فاستأجره بها على ان يجزىء عنه بعثه فخرج عنه وتخلف أبو لهب .
6-أمية بن خلف يحاول التخلف
قال ابن اسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح أن أمية بن خلف كان أجمع القعود وكان شيخا جليلا جسيما ثقيلا فأتاه عقبة بن ابي معيط وهو جالس في المسجد بين ظهراني قومه بمجمرة يحملها فيها نار ومجمر حتى وضعها بين يديه ثم قال يا أبا علي استجمر فإنما أنت من النساء قال قبحك الله وقبح ما جئت به قال ثم تجهز فخرج مع الناس.
7- ما وقع بين قريش وكنانة من الحرب قبل بدر
قال ابن اسحاق ولما فرغوا من جهازهم واجمعوا المسير ذكروا ما كان بينهم وبين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة من الحرب فقالوا إنا نخشى أنا يأتونا من خلفنا وكانت الحرب التي كانت بين قريش وبين بني بكر كما حدثني بعض بني عامر بن لؤي عن محمد بن سعيد بن المسيب في ابن لحفص بن الأخيف أحد بني معيص بن عامر بن لؤي خرج يبتغي ضالة له بضجنان وهو غلام حدث في رأسه ذؤابة وعليه حلة له وكان غلاما وضيئا نظيفا فمر بعامر بن يزيد بن عامر بن الملوح أحد بني يعمر بن عوف ابن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة وهو بضجنان وهو سيد بني بكر يؤمئذ فرآه فأعجبه فقال من أنت يا غلام قال انا ابن لحفص بن الأخيف القرشي فلما ولى الغلام قال عامر بن زيد يا بني بكر ولكم في قريش من دم قالوا بلى والله إن لنا فيهم لدماء قال ما كان رجل ليقتل هذا الغلام برجله إلا كان قد استوفى دمه قال فتبعه رجل من بني بكر فقتله بدم كان له في قريش فتكلمت فيه قريش فقال عامر عمر بن يزيد يا معشر قريش قد كانت لنا قبلكم دماء فما شئتم إن شئتم فأدوا علينا ما لنا قبلكم ونؤدي ما لكم قبلنا وإن شئتم فإنما هي الدماء رجل برجل فتجافوا عما لكم قبلنا ونتجافى عما لنا قبلكم فهان ذلك الغلام على هذا الحي من قريش وقالوا صدق رجل برجل فلهوا عنه فلم يطلبوا به قتل مكرز عامر بن الملوح قال فبينما اخوه مكرز بن حفص بن الأخيف يسير بمر الظهران إذ نظر الى عامر بن يزيد ابن الملوح على جمل له فلما رآه أقبل إليه حتى أناخ به وعامر متوشح سيفه فعلاه مكرز بسيفه حتى قتله ثم خاض بطنه بسيفه ثم أتى به مكة قعلقه من الليل بأستار الكعبة فلما اصبحت قريش رأوا سيف عامر بن يزيد بن عامر معلقا بأستار الكعبة فعرفوه فقالوا إن هذا لسيف عامر بن يزيد عدا عليه مكرز بن حفص فقتله فكان ذلك من أمرهم فبينما هم في ذلك من حربهم حجز الإسلام بين الناس فتشاغلوا به حتى أجمعت قريش المسير الى بدر فذكروا الذي بينهم وبين بني بكر فخافوهم .

8- ما قاله مكرز شعرا في قتله عامرا
وقال مكرز بن حفص في قتله عامرا:
لما رأيت انه هو عامر تذكرت أشلاء الحبيب الملحب وقلت لنفسي إنه هو عامر فلا ترهبيه وانظري أي مركب وأيقنت أني إن أجلله ضربة متى ماأصبه بالفرافر يعطب خفضت له جأشي وألقيت كلكلي
على بطل شاكي السلاح مجرب
ولم أك لما التف روعي وروعه
عصارة هجن من نساء ولا أب
حللت به وتري ولم أنس ذحله
إذا ما تناسى ذحله كل عيهب
قال ابن هشام الفرار في غير هذا الموضع الرجل الأضبط وفي هذا الموضع السيف والعيهب الذي لا عقل له ويقال لتيس الظباء وفحل النعام العيهب قال الخليل العيهب الرجل الضعيف عن إدراك وتره قال ابن اسحاق وحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قال لما أجمعت قريش المسير ذكرت الذي كان بينها وبين بني بكر فكاد ذلك يثنيهم فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي وكان من أشراف بني كنانة فقال لهم أنا ا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشئ تكرهونه فخرجوا سراعا .

[دروس من المقاطع السابقة ]
[1- في رؤيا عاتقة عبر ، منها خطورة تبادل السر ، فإنه سرعان ما يفشو وينتشر .
2- الجزاء من جنس العمل ، لقد قتل عامر قصاصا من المولى الأجلّ ، لتحريضه على غلام حفص بن يزيد ، فالله يفعل ما يريد . فسبحان الحكم العدل القدير، القوي العزيز اللطيف الخبير .
3- عقبة بن أبي معيط ؛هذا الرجل العبيط ، يتقد حماسا وتفانيا من أجل الباطل ، ويستخدم الوسائل والأساليب المؤثرة ليكثر سواد الكفر العاطل، فباليت شعري هل يعي هذا أهل الحق ، فيتفانوا من أجل الحق ! وتعجب من أميه ، كيف أخذته الحميه ، وتأثر بأسلوب عقبه ، وسـابق ألمنيه . ]
 
مع أعظم إنسان (رمضانيات 19)

مع أعظم إنسان (رمضانيات 19)

9-خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال ابن اسحاق وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليال مضت من شهر رمضان في أصحابه قال ابن هشام خرج يوم الأثنين لثمان ليال خلون من شهر رمضان واستعمل عمرو ابن أم مكتوم ويقال اسمه عبدالله ابن أم مكتوم أخا بني عامر بن لؤي على الصلاة بالناس ثم رد ابا لبابة من الروحاء واستعمله على المدينة

10- اللواء والرايتان

قال ابن اسحاق ودفع اللواء الى مصعب ابن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار قال ابن هشام وكان أبيض قال ابن اسحاق وكان أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم رايتان سوداوان إحداهاما مع علي بن أبي طالب يقال لها العقاب والأخرى مع بعص الأنصار .





11- عدد إبل المسلمن الى بدر

قال ابن اسحاق وكانت إبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ سبعين بعيرا فاعتقبوها فكان رسول الله وعلي بن ابي طالب ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعتقبون بعيرا وكان حمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة وأبو كبشة وأنسه موليا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتقبون بعيرا وكان أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف يعتقبون بعيرا قال ابن اسحاق وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة أخا بني مازن بن النجار وكانت راية الأنصار مع سعد بن معاذ فيما قال ابن هشام منها حتى إذا كان بالمنصرف ترك طريق مكة بيسار وسلك ذات اليمين على النازية يريد بدرا فسلك في ناحية منها حتى جزع واديا يقال له رقحان بين النازية وبين مضيق الصفراء ثم على المضيق ثم انصب منه حتى إذا كان قريبا من الصفراء بعث بسبس ابن الجهني حليف بني ساعدة وعدي بن أبي الزغباء الجهني حليف بني النجار الى بدر يتحسسان له الأخبار عن أبي سفيان ابن حرب وغيره ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قدمها فلما استقبل الصفراء وهي قرية بين جبلين سأل عن جبلهما وما اسماهما فقالوا يقال لأحدهما هذا مسلح وللآخر هذا مخزىء وسأل عن أهلهما فقيل بنو النار وبنو حراق بطنان من بني غفار فكرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم والمرور بينهما وتفاءل بأسمائهما وأسماء أهلهما فتركهما رسول الله صلى الله عليه وسلم والصفراء بيسار وسلك ذات اليمين على واد يقال له ذفران فجزع فيه ثم نزل .

12-ما قاله أبو بكر وعمر المقداد تشجيعا للجهاد

وأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم فاستشار الناس وأخبرهم عن قريش فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن ثم قام المقداد بن عمرو فقال يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا الى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له به .

13استشارة الأنصار

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشيروا علي أيها الناس وإنما يريد الأنصار وذلك أنهم عدد الناس وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا يا رسول الله إنا براء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا نمنعنك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصره إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه وأن ليس عليهم أن يسير بهم الى عدو من بلادهم فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له سعد بن معاذ والله لكأنك تريدنا يا رسول الله قال أجل قال فقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا إنا لصُبُر في الحرب صدق في اللقاء لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد ونشطه ذلك ثم قال سيروا وابشروا فأن الله تعالى قد وعدني إحد الطائفتين والله لكأني الآن أنظر الى مصارع القوم .*

[دروس من المقاطع السابقة]

[1- موقف المواجهة الدامية ، من قبل الأنصار والمهاجرة ،،، موقف يحتذى ، إنه موقف الشرفا ،لم يثنهم قلة عددهم وعُددهم ، وكثرة ذلك عند عدوهم .

2- الكلمات التي تدب فيها الحياة ، من قبل القيادات السراة ، رضي الله عنهم وأرضاهم ، وجعل الجنة مأواهم ، كلمات حادية ، إلى المواجهة الدامية ، وفي وقت النفوس بحاجة إلى سماعها ، لتكون عونا لها ، في ملاقاتها مع عدوها

3- أسلوب قيادة الحبيب صلى الله عليه وسلم لم تكن بالعنجهية ، والأوامر الناشفة ، لكن بالتراضي، والمشاورات

4- قيمة الشورى في الإسلام كبيرة ، عمدت بالدماء في غزوة أحد وفي مواطن كثيرة . ]

* المرجع السابق .
 
مع أعظم إنسان (رمضانيات20)

مع أعظم إنسان (رمضانيات20)

14-التعرف على أخبار قريش
ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذفران فسلك على ثنايا يقال لها الأصافر ثم انحط منها إلى بلد يقال له الدبة وترك الحنان بيمين وهو كثيب عظيم كالجبل العظيم ثم نزل قريبا من بدر فركب هو ورجل من أصحابه قال ابن هشام الرجل هو أبو بكر الصديق قال ابن إسحاق كما حدثني محمد بن يحيى بن حبان حتى وقف على شيخ من العرب فسأله عن قريش وعن محمد وأصحابه وما بلغه عنهم فقال الشيخ لا أخبركما حتى تخبراني ممن أنتما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخبرتنا أخبرناك قال أذاك بذاك قال نعم قال الشيخ فإنه بلغني أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا للمكان الذي به رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغني ان قريشا خرجوا يوم كذا وكذا فإن كان الذي أخبرني صدقني فهم اليوم بمكان كذا وكذا للمكان الذي فيه قريش فلما فرغ من خبره قال ممن أنتما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن من ماء ثم انصرف عنه قال يقول ما من ماء أمن ماء العراق قال ابن هشام يقال ذلك الشيخ سفيان الضمري قال ابن اسحاق ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى أصحابه فلما أمسى بعث علي بن اي طالب والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص في نفر من أصحابه الى ماء بدر يلتمسون الخبر له عليه كما حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير فأصابوا رواية لقريش فيها أسلم غلام بني الحجاج وعريض أبو يسار غلام بني العاص بن سعيد فأتوا بهما فسألوهما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي فقالا نحن سقاة قريش بعثونا نسقيهم من الماء فكره القوم خبرهما ورجوا أن يكونا لأبي سفيان فضربوهما فلما أذلقوهما قالا نحن لأبي سفيان فتركوهما وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد سجدتيه ثم سلم وقال إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كبذبا كم تركتموهما صدقا والله إنما لقريش أخبراني عن قريش قالا هم والله وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى والكثيب العقنقل فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم كم القوم قالا كثيرا قال ما عدتهم قالا لا ندري قال كم ينحرون كل يوم قال يوما تسعا ويوما عشرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم القوم فيما بين التسع مئة والألف ثم قال لهما فمن فيهم من أشراف قريش قالا عتبة ابن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو البختري بن هشام وحكيم بن حزام ونوفل بن خويلد والحارث بن عامر بن نوفل وطعيمة بن عدي ابن نوفل والنضر بن الحارث وزمعة بن الأسود وأبو جهل بن هشام وأمية بن خلف ونبيه ومنبه ابنا الحجاج وسهيل بن عمرو وعمرو ابن عبد ود فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها قال ابن إسحاق وكان بسبس بن عمرو وعدي بن أبي الزغباء قد مضيا حتى نزلا بدرا فأناخا إلى تل قريب من الماء ثم أخذا شنا لهما يسقيان فيه ومجدي بن عمرو الجهني على الماء فسمع عدي وبسبس جاريتن من جواري الحاضر وهما يتلازمان على الماء والملزومة تقول لصاحبتها إنما تأتي العير غدا أو بعد غد فأعمل لهم ثم أقضيك الذي لك قال مجدي صدقت ثم خلص بينهما وسمع ذلك عدي وبسبس فجلسا على بعيرهما ثم انطلقا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه بما سمعا .
الحلقة 21
15- نجاة أبي سفيان بالعير
وأقبل أبو سفيان بن حرب حتى تقدم العير حذرا حتى ورد الماء فقال لمجدي بن عمرو هل أحسست أحدا فقال ما رأيت أحدا أنكره إلا أني قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل ثم استقيا في شن لهما ثم انطلقا فأتى أبو سفيان مناخهما فأخذ من أبعار بعيرهما ففته فإذا فيه النوى فقال هذه والله علائف يثرب فرجع الى اصحابه سريعا فضرب وجه عيره عن الطريق فساحل بها فترك بدرا بيسار وانطلق حتى اسرع
[دروس من المقطع السابق]
[1-القائد يختلف عن غيره ، وهذا يظهر في المواقف الصعبه والأيام الشديده ، استطاع صلى الله عليه وسلم أن يصل إلى أخبار العدو الدقيفة ، بنفسه ، وباستطلاعاته العسكرية ،بدقة وواقعية . وبتوجيهاته السديدة للجيش ، بدون عجلة ولا طيش .
2- الاتصال بالله تعالى أولى عوامل النصر ، في كل عصر ومصر .ويليه خلق الصبر؛ لقد كانت هذه واضحة في تصرفات الرسول القائد صلى الله عليه وسلم .
3- الحرص على السريّة التامة ، في تحركات الجيش العامة والخاصة ،مقوم وأسلوب من الأساليب العسكريةالناجحة .]
 
مع أعظم إنسان (رمضانيات22)

مع أعظم إنسان (رمضانيات22)

16-رؤيا جهيم عن مصارع قريش
وأقبلت قريش فلما نزلوا الجحفة رأى جهيم بن الصلت بن مخرمة بن عبد المطلب ابن عبد مناف رؤيا فقال إني رأيت فيما يرى النائم وإني لبين النائم واليقظان إذ نظرت الى رجل قد أقبل على فرس حتى وقف ومعه بعير له ثم قال قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وابو الحكم بن هشام وأمية بن خلف وفلان وفلان فعدد رجالا ممن قتل يوم بدر من اشراف قريش ثم رأيته ضرب في لبة بعيره ثم أرسله في العسكر فما بقي خباء من اخبية العسكر إلا أصابه نضج من دمه قال فبلغت أبا جهل فقال وهذا أيضا نبي آخر من بني المطلب سيعلم غدا من المقتول إن نحن التقينا .
17 أبو سفيان يرسل الى قريش يطلب منهم الرجوع
قال ابن اسحاق ولما رأى أبو سفيان أنه قد أحرز عيره ارسل الى قريش إنكم إنما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم فقد نجاها الله فارجعوا فقال ابو جهل بن هشام والله لا نرجع حتى نرد بدرا- وكان بدر موسما من مواسم العرب يجتمع لهم به سوق كل عام- فنقيم عليه ثلاثا فننحر الجزر ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف علينا القيان وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبادا بعدها فامضوا .
18 الأخنس يرجع ببني زهرة
وقال الأخنس بن شريق بن عمرو ابن وهب الثقفي وكان حليفا لبني زهرة بالجحفة يا بني زهرة قد نحى الله لكم أموالكم وخلص لكم صاحبكم مخرمة بن نوفل وإنما نفرتم لتمنعوه وماله فاجعلوا لي جبنها وارجعوا فإنه لا حاجة لكم بأن تخرجوا في ضيعة لا ما يقول هذا يعني ابا جهل فرجعوا فلم يشهدها زهري واحد أطاعوه وكان فيهم مطاعا ولم يكن بقي من قريش بطن إلا وقد نفر منهم ناس إلا بني عدي بن كعب لم يخرج منهم رجل واحد فرجعت بنو زهرة مع الأخنس بن شريق فلم يشهد بدرا من هاتين القبيلتين أحد ومشى القوم وكان بين طالب بن ابي طالب وكان في القوم وبين بعض قريش محاورة فقالوا والله لقد عرفنا يا بني هاشم وإن خرجتم معنا أن هواكم لمع محمد فرجع طالب الى مكة مع من رجع وقال طالب بن أبي طالب
لاهم إما يغزون طالب
في عصبة محالف محارب
في مقنب من هذه المقانب
فليكن المسلوب غير السالب
وليكن المغلوب غير الغالب
قال ابن هشام قوله فليكن المسلوب وقوله ولكن المغلوب عن غير واحد من الرواة للشعر.
(دروس من الغزوة )
[الكبر والعنجهية ، تورد المرء الموارد المهلكة ، لم يكن مأرب أبي جهل من اللقاء يوم بدر إلا الشهرة ، والكبر والعنجهية ، فخسر دنياه وآخرته ، نسأل الله تعالى أن يقينا والمسلمين الخذلان ، وأن يكتب لنا الرحمة والغفران ]
 
مع أعظم إنسان (رمضانيات23)

مع أعظم إنسان (رمضانيات23)

الحلقة23

19- قريش تنزل بالعدوة والمسلمون ببدر *

قال ابن اسحاق ومضت قريش حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادي خلف العقنقل وبطن الوادي وهو يليل بني بدر بين العقنقل الكثيب الذي خلفه قريش والقليب ببدر في العدوة الدنيا من بطن يليل إلى المدينة وبعث الله السماء وكان الوادي دهسا فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه منها ما لبد لهم الأرض ولم يمنعهم عن السير وأصاب قريشا منها ما لم يقدروا على أن يرتحلوا معه فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يبادرهم إلى الماء حتى إذا جاء أدنى ماء من بدر نزل به

20-الحباب يشير عليه صلى الله عليه وسلم بمكان النزول

قال ابن اسحاق فحدثت عن رجال من بن سلمة أنهم ذكروا أن الحباب بن المنذر ابن الجموح قال يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نقدمه ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة قال بل هو الرأي والحرب والمكيدة فقال يا رسول الله فأن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ثم تغور ما وراءه من القلب ثم نبنبي عليه حوضا فنملؤه ماء ثم نقاتل القوم فشرب ولا يشربون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أشرت بالرأي فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الناس فسار حتى إذا أتى أدنى ماء من القوم نزل عليه ثم امر بالقلب فغورت وبني حوضا على القليب الذي نزل فملىء ماء ثم قذفوا فيه الآنية

21 بناء العريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم

قال ابن اسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث أن سعد بن معاذ قال يا نبي الله ألا نبني لك عريشا تكون فيه ونعد عندك ركائبك ثم نلقى عدونا فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حبا منهم ولو ظنوا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير ثم بني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريش فكان فيه .





22 ارتحال قريش ودعاء الرسول عليهم.

قال ابن اسحاق وقد ارتحلت قريش حين فأقبلت فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم تصوب من العقنقل وهوالكثيب الذي جاءوا منه الى الوادي قال اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك اللهم فنصرك الذي وعدتني اللهم أحنهم الغداة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر إن يكن في أحد القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر إن يطيعوه يرشدوا وقد كان خفاف بن أيماء بن رحضة الغفاري أو أبوه أيماء بن رحضة الغفاري بعث الى قريش حين مروا به ابنا له بجزائره أهداها لهم وقال إن أحببتم أن نمدكم بسلاح ورجال فعلنا قال فأرسلوا إليه مع ابنه أن وصلتك رحم قد قضيت الذي عليك فلعمري لئن كنا إنما نقاتل الناس فما بنا من ضعف عنهم ولئن كنا إنما نقاتل الله كما يزعم محمد فما لأحد بالله من طاقة فلما نزل الناس أقبل نفر من قريش حتى وردوا حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم حكيم بن حزام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوهم فما شرب منه رجل يومئذ إلا قتل إلا ما كان من حكيم بن حزام فإنه لم يقتل ثم أسلم بعد ذلك فحسن إسلامه فكان إذا جهد في يمينه قال لا والذي نجاني من يوم بدر .

دروس من المقاطع السابقة

[ وأوشكت المواجهة الساخنة أن تقترب ، وليس الحديث عن الحرب كممارسة الحرب ، تخيل ساعة الصفر ، وأنت مع الجيش تشاهد العدو أمامك ، إنها معركة فاصلة ، ولقاء له ما بعده بين الحق والباطل .ومن يدري لمن تكون الدائرة لكن الرسول القائد صلى الله عليه وسلم كان قد وعد من ربه أن الإحد الطائفتين ستكون ، والقافلة قد نجت فما بقي إلا الأخرى ؛ النصر في المعركة ، ولكن الا بتهال المتواصل منه عليه الصلاة والسلام وتحميس الجيش ظل مستمرا فمن يدري قد يحدث مخالفة من الجيش فتكون النتيجة مختلفة هذا أمر والأمر الآخر فإنه ينبغي استمرار الاتصال بالله تعالى ، واستخدام الأسباب .]

* السيرة النبوية ، ابن هشام .
 
مع أعظم إنسان (رمضانيات24)

مع أعظم إنسان (رمضانيات24)

الحلقة 24
23 محاولة قريش الرجوع عن القتال
قال ابن اسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار وغيره من أهل العلم عن أشياخ من الأنصار قالوا لما اطمأن القوم بعثوا عمير بن وهب الجمحي فقالوا احرزوا لنا اصحاب محمد قال فاستجال بفرسه حول العسكر ثم رجع إليهم فقال ثلاث مئة رجل يزيدون قليلا أو ينقصون ولكن أمهلوني حتى أنظر اللقوم كمين أو مدد قال فضرب في الوادي حتى أبعد فلم ير شيئا فرجع إليهم فقال ما وجدت شيئا ولكن قد رايت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا نواضح يثرب تحمل الموت الناقع قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلا منكم فإذا أصابوا منكم اعدادهم فما خير العيش بعد ذلك فرو رأيكم فلما سمع حكيم بن حزام ذلك مشى في الناس فأتى عتبة بن ربيعة فقال يا الوليد إنك كبير قريش وسيدها والمطاع فيها هل لك إلى أن لا تزال تذكر فيها بخير إلى آخر الدهر قال وما ذاك يا حكيم قال ترجع بالناس وتحمل أمر حليفك عمرو ابن الحضرمي قال قد فعلت أنت علي بذلك إنما هو حليفي فعلي عقله وما أصيب من ماله فأت ابن الحنطلية والحنظلية نسبها ؛ قال ابن هشام والحنظلية أم أبي جهل وهي أسماء بنت مخرمة أحد بني نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة ابن مالك بن زيد مناة بن تميم فإني لا أخشى أن يشجر أمر الناس غيره يعني أبا جهل بن هشام ثم قام عبتة بن ربيعة خطيبا فقال يا معشر قريش إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمدا وأصحابه شيئا والله لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه قتل ابن عمه وابن خاله أو رجالا من عشيرته فارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر العرب فإن أصابوا فذاك الذي أردتم وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون قال حكيم فانطلقت حتى جئت أبا جهل فوجدته قد نثل درعا له من جرابها فهو يهنئها قال ابن هشام يهيئها فقلت له يا أبا الحكم إن عتبة أرسلني إليك بكذا وكذا للذي قال فقال انتفخ والله سحره حين رأى محمدا وأصحابه كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد وما بعتبة ما قال ولكنه قد رأى أن محمد وأصحابه أكله جزور وفيهم ابنه فقد تخوفكم عليه ثم بعث إلى عامر بن الحضرمي فقال هذا يريد أن يرجع بالناس وقد رأيت ثأرك بعينك فقم فأنشد خفرتك ومقتل أخيك . فقام عامر بن الحضرمي فاكتشف ثم صرخ واعمراه واعمراه فحميت الحرب وحقب الناس واستوسقوا على ما هم عليه من الشر وأفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة فلما بلغ عبتة قول ابي جهل انتفخ والله سحره قال سيعلم مصفر استه من انتفخ سحره أنا أم هو قال ابن هشام السحر الرئة وما حولها مما يعلق بالحلقوم من فوق السرة وما كان تحت السرة فهو القصب ومن قوله رأيت عمرو بن لحي يجر قصبة في النار قال ابن هشام حدثني بذلك أبو عبيدة ثم التمس عتبة بيضة ليدخلها في رأسه فما وجد في الجيش بيضة تسعه من عظم هامته فلما رأى ذلك اعتجر على رأسه ببرد له .
[دروس من المقطع السابق ]
[إنه أمر أراده الله لتحصد رءوس ، طالما وقفت أمام منهج الحق أن يصل إلى النفوس ، ولله فيما يقدر حكم قد لا تظهر للإنسان إلا بعد حين ]
 
مع أعظم إنسان (رمضانيات26)

مع أعظم إنسان (رمضانيات26)

الحلقة 26

26- التقاء الفريقين

قال ابن إسحاق ثم تزاحف الناس ودنا بعضهم من بعض وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن لا يحملوا حتى يأمرهم وقال إن اكتنفكم القوم فانضحوهم عنكم بالنبل ورسول الله صلى الله عليه وسلم قي العريش معه أبو بكر الصديق .

27- تاريخ وقعة بدر

فكانت وقعة بدر يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من شهر رمضان قال ابن إسحاق كما حدثني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين

28- ضرب الرسول ابن غزية

قال ابن اسحاق وحدثني حبان ابن واسع بن حبان عن أشياخ من قومه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر وفي يده قدح يعدل به القوم فمر بسواد بن غزية حليف بن عدي بن النجار قال ابن هشام يقال سواد مثقلة وسواد في الأنصار غير هذا مخفف وهو مستنل من الصف قال ابن هشام ويقال مستنصل من الصف فطعن في بطنه بالقدح وقال استو يا سواد فقال يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل قال فأقدني فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه وقال استقد قال فاعتنقه فقبل بطنه فقال ما حملك على هذا يا سواد قال يا رسول الله حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير ...

29- الرسول يناشد ربه النصر

قال ابن إسحاق ثم عدل رسول الله الصفوف ورجع الى العريش فدخله ومعه فيه أبو بكر الصديق ليس معه فيه غيره ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناشد ربه ما وعده من النصر ويقول فيما يقول اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد وأبو بكر يقول يا نبي الله بعض مناشدتك ربك فإن الله منجز لك ما وعدك وقد خفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة وهو في العريش ثم انتبه فقال ابشر يا أبا بكر أتاك نصر الله هذا جبريل آخذ بعنان فرس يقوده على ثناياه النقع .





30- أول شهيد من المسلمين

قال ابن اسحاق وقد رمى مهجع مولى عمر بن الخطاب بسهم فقتل فكان أول قتيل من المسلمين ثم رمى حارثة بن سراقة أحد بني عدي بن النجار وهو يشرب من الحوض بسهم فأصاب نحره فقتل .

31- الرسول يحرض على القتال

قال ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فحرصهم وقال والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة فقال عمير بن الحمام اخو بن سلمة وفي يده تمرات يأكلهن بخ بخ أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ثم قذف التمرات من يده وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل قال ابن اسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عوف ابن الحارث وهو ابن عفراء قال يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده قال غمسه يده في العدو حاسرا فنزع درعا كانت عليه فقذفها ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل .

[ دروس من القاطع السابقة

1- المبالغة في القود من النفس حيث كشف النبي صلى الله عليه وسلم بطنه ليقاد منه وله معان ودلالات عظيمة .

2 حب الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا دليل على حسن تعامله عليه الصلاة والسلام لهم ، وهو و واجب على القائد في أي مجال من المجالات ، أما القيادة بالشدة والعنف فليست قيادة – في نظري-

3- تسابق الصحابة إلى الجنة وهو دليل على عمق إيمانهم ومعرفتهم لقيمة الحياتين من خلال التربية القرآنية والنبوية ما يحتم على المربين في جميع المؤسسات التربوية مراعاة ذلك .]
 
عودة
أعلى