معنى {عنها } في قوله تعالى {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ }

إنضم
21/12/2015
المشاركات
1,712
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
مصر
قوله تعالى في سُورة الواقعة :{لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19)}
قال أبو السعود رحمه الله : { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا } أيْ بسببها . وحقيقتُه لا يصدرُ صداعُهم عنْهَا . وقُرِىءَ لا يصَّدَّعُون أي لا يتصدَّعُون ولا يتفرقونَ ، كقولِه تعالى : { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } وقرىءَ لا يُصدعونَ أي لا يفرقُ بعضُهم بعضاً { وَلاَ يُنزِفُونَ } أي لا يسكرُون من أُنزِفَ الشاربُ إذا نفدَ عقلُه أو شرابُه .
قال القرطبي رحمه الله وغيره :
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا يُصَدَّعُونَ عَنْها) أي لا تنصدع رؤوسهم مِنْ شُرْبِهَا، أَيْ أَنَّهَا لَذَّةٌ بِلَا أَذًى بِخِلَافِ شَرَابِ الدُّنْيَا. (وَلا يُنْزِفُونَ) تَقَدَّمَ فِي (وَالصَّافَّاتِ) أَيْ لَا يَسْكَرُونَ فَتَذْهَبُ عُقُولُهُمْ. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ: (لَا يُصَدَّعُونَ) بِمَعْنَى لَا يَتَصَدَّعُونَ أَيْ لَا يَتَفَرَّقُونَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ). وَقَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ (يُنْزِفُونَ) بِكَسْرِ الزَّايِ، أَيْ لَا ينفد شرابهم ولا تقنى خَمْرُهُمْ.
قال ابن كثير رحمه الله : وَقَوْلُهُ: {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزفُونَ} أي: لا تصدع رؤوسهم وَلَا تُنْزَفُ عُقُولُهُمْ، بَلْ هِيَ ثَابِتَةٌ مَعَ الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ وَاللَّذَّةِ الْحَاصِلَةِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وعِكْرِمَة، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْر، وَعَطِيَّةُ، وَقَتَادَةُ، والسُّدِّيّ: {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا} يَقُولُ: لَيْسَ لَهُمْ فِيهَا صُدَاعُ رَأْسٍ.وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ: {وَلا يُنزفُونَ} أَيْ: لَا تَذْهَبُ بِعُقُولِهِمْ.
قال في التحرير والتنوير : وَالتَّصْدِيعُ: الْإِصَابَةُ بِالصُّدَاعِ، وَهُوَ وَجَعُ الرَّأْسِ مِنَ الْخُمَارِ النَّاشِئِ عَنِ السُّكْرِ، أَيْ لَا تُصِيبُهُمُ الْخَمْرُ بِصُدَاعٍ.
وَمَعْنَى (عَنْهَا) مُجَاوِزِينَ لَهَا، أَيْ لَا يَقَعُ لَهُم صداع ناشىء عَنْهَا، أَيْ فَهِيَ مُنَزَّهَةٌ عَنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ خُمُورِ الدُّنْيَا فَاسْتُعْمِلَتْ (عَنْ) فِي مَعْنَى السَّبَبِيَّةَ.
وَعُطِفَ {وَلا يُنْزِفُونَ} عَلَى{ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْها } فَيُقَدَّرُ لَهُ مُتَعَلِّقٌ دَلَّ عَلَيْهِ مُتَعَلِّقُ {لَا يُصَدَّعُونَ} فَقَدْ قَالَ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ [47] ، {وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ} أَيْ لَا يَعْتَرِيهِمْ نَزْفٌ بِسَبَبِهَا كَمَا يَحْصُلُ لِلشَّارِبِينَ فِي الدُّنْيَا. وَالنَّزْفُ: اخْتِلَاطُ الْعَقْلِ، وَفِعْلُهُ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ يُقَالُ: نُزِفَ عَقْلُهُ مِثْلُ: عُنِيَ فَهُوَ مَنْزُوفٌ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يُنْزِفُونَ بِفَتْحِ الزَّايِ مَنْ أَنْزَفَ الَّذِي هَمْزَتُهُ لِلتَّعْدِيَةِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَة وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ بِكَسْرِ الزَّايِ مِنْ أَنْزَفَ الْمَهْمُوزِ الْقَاصِرِ إِذا سكر وذهر عَقْلُهُ.
 
عودة
أعلى