معنى "شجْر الفم"

[محمد سيف]

يستوقفني كثيراً في كتب العربية والتجويد مصطلح "شجْر الفم"، يقول الخليل بن أحمد (ت170هـ): "والجيم والشين والضاد شجْرية؛ لأن مبدأها من شجْر الفم، أي: مفرج الفم"(1) ، ويقول أيضاً: "والشجْر مفرج الفم"(2)، ويفسر مكي بن أبي طالب (ت437هـ) مفرج الفم بقوله: "أي: مفتحه"(3)، وينقل ابن فارس (ت395هـ) المعنى الذي ذكره الخليل، ثم يقول: "وكان الأصمعي يقول: الشجْر الذَّقن بعينه"، ويُعَقِّب على ذلك فيقول: "والقولان عندنا متقاربان؛ لأن اللحيين إذا اجتمعا فقد اشتجرا"(4)، وينقل ابن منظور (ت711هـ) معاني أخرى، هي: مؤخر الفم، والصامغ(5)، وما انفتح من منطبق الفم، وملتقى اللِّهزِمتين(6)، وما بين اللَّحيين(7).
ويظهر أن القول بأنه الذقن بعينه، والقول بأنه ملتقى اللهزمتين، والقول بأنه ما بين اللحيين، كلها بمعنى واحد؛ إذ الذقن هو ملتقى اللحيين واللهزمتين، والله أعلم، ويذكر الزبيدي (ت1205هـ) قولاً يزيد هذا القول تعييناً ووضوحاً، فيقول: "وقيل: هو مجتمع اللحيين عند العنفقة(8)"(9).
ويمكن بعد هذا حصر معنى "شجْر الفم" في خمسة أقوال:

1. مفرج الفم، وهو مفتحه.
2. الذقن، وهو ملتقى اللحيين واللهزمتين عند العنفقة.
3. مؤخر الفم.
4. الصامغ (ملتقى الشفتين).
5. ما انفتح من منطبق الفم.

ويبدو أن أحظَّ الأقوال بالصواب لا يخرج عن القولين الأولين، والقول الأخير فيه غرابة؛ إذ كيف يكون الفم منطبقاً، ويكون في نفس الوقت فيه مكان منفتح؟!
وإذا كان القول الثاني واضحاً جلياً وفيه تعيين واضح للموضع، فإن القول الأول يبقى مشكلاً وغير واضح عندي، فما هو مفرج الفم؟ وما هو مفتحه؟ أعني: أين هذا الموضع في الفم، هل هو متعلق بالشفتين أو الأسنان أو الحنك؟ ولعل قول ابن فارس رحمه الله: "والقولان عندنا متقاربان؛ لأن اللحيين إذا اجتمعا فقد اشتجرا" يرجِّح أن مفرج الفم ومفتحه هو بمعنى القول الثاني، فيكون مفتح الفم هو ملتقى اللحيين.
ويبقى القول الثاني مع وضوحه وجلائه عليه علامة استفهام، وهي: ما علاقة الذقن (ملتقى اللحيين) بحروف وسط اللسان (الجيم والشين والياء أو الضاد على قول الخليل)؟

أطرح هذه التساؤلات على المشايخ الفضلاء، والقراء النبلاء، فيتحفوننا -إن شاء الله- بما فيه للعِيِّ شفاء.
جزاكم الله خيرا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) العين 1/58.
(2) العين (شجر) 6/32.
(3) الرعاية ص140.
(4) معجم مقاييس اللغة (شجر) 3/247.
(5) الصامغان: جانبا الفم أو ملتقى الشفتين من الجانبين. انظر: لسان العرب 4/2499.
(6) اللهزمتان: أصول الحنكين أو العظمان الناتئان في اللحيين تحت الأذنين. انظر: لسان العرب 5/4086.
(7) انظر: لسان العرب (شجر) 4/2199.
(8) العنفقة: ما بين الشفة السفلى والذقن، أو ما نبت على الشفة السفلى من الشعر. انظر: لسان العرب 4/3133.
(9) تاج العروس (شجر) 12/142.

 

[كريم جبر منصور]

والقول الأخير فيه غرابة؛ إذ كيف يكون الفم منطبقاً، ويكون في نفس الوقت فيه مكان منفتح؟!
وإذا كان القول الثاني واضحاً جلياً وفيه تعيين واضح للموضع، فإن القول الأول يبقى مشكلاً وغير واضح عندي، فما هو مفرج الفم؟ وما هو مفتحه؟ أعني: أين هذا الموضع في الفم، هل هو متعلق بالشفتين أو الأسنان أو الحنك؟

احسنت الطرح والشرح يا استاذ محمد سيف فتح الله عليك ابواب المعرفة
واسمح لي بمشاركتك همك وتساؤلك
اذا قلنا بان منطبق الفم بمعنى منطبق تجويفه فلا يصح اذ لا ينطبق سقفه على قاعه مطلقا بل تنطبق اسنان فكيه، اذن فمعنى منطبقه بوابته المفضية الى تجويفه، اي فتحته التي تغلق بانطباق الشفتين العليا والسفلى بفعل ارتفاع الفك الاسفل(الذقن) وتنفتح بفعل انخفاضه ولا دور للشفة العليا فهي ثابتة مع فكها العلوي.
اذن فهمنا ان الانفتاح لشيء منطبق والانطباق لشيء منفتح وليس في نفس الوقت منطبقا منفتحا
والانفراج بعد الضيق(والفرج بعد الشدة) بمعنى الانفتاح بعد الانطباق،
ومفرج الفم شجره: اذ تتصل الشفة العليا بالسفلى تشريحيا بزاويتي الفم اليمنى واليسرى، والخط الوهمي المار بين الزاويتين عبر وسط اللسان هو شجر الفم ومفرجه ومنفتحه ، كمن يصع قلما عرضا-افقيا- بين شفتيه
ولا اظن معناه هو التقاء مفصلي الفك الاسفل بالاعلى -الايمن والايسر- لان الخط الواصل بينهما سيمر باقصى الفم المفضي الى الحلق
والله اعلم.