معنى (الزيادة) و(الحذف) في علم الكتابة وعلم الرسم

إنضم
29/10/2023
المشاركات
50
مستوى التفاعل
2
النقاط
8
الإقامة
ليبيا
نقرأ في كتب الإملاء مصطلَحَيْ: (الزيادة)، و(النقص أو الحذف)، فما المراد بهما؟
هذان المصطلحان يعبَّر بهما عن بابين من أبواب علم الإملاء، ولكنّ كثيرًا من الطلاب يقع لهم إشكالات عندما يقرؤون في كتب الإملاء، فيظنون أن ضبطَ أَفرادِ هذَيْن البابين أمرٌ غيرُ يسيرٍ.
وهذه الإشكالات في الغالب ترجع -في ظني القاصر- إلى أمرين:
الأمر الأول- عدم تحرير المصطلحات:
إنّ المراد بالزيادة في علم الإملاء: أن يزيد حرفٌ في الخط ولا ينطق، مثال ذلك: (عمرو)، إذ إنك تنطق ثلاثة أحرف، هي: العين والميم والراء، وتكتب الواو ولا تنطقها. فهذه صورة من صور الزيادة.
والمراد بالنقص أن ينطَقَ الحرف ولا يكتَب، كما في كلمة: (داود)؛ فأنت تنطق خمسة أحرف: الدال، والألف المدية، والواو المضمومة، والواو المدية، والدال الأُخرى، في حين أنك تكتب أربعة أحرف، أي لا تكتبُ الواو المديّة. فهذه صورة من صور النقص.
وقد يجتمع في كلمة زيادةٌ ونَقص، ككلمة: (أولئك)، إذ إن الواو تكتب ولا تنطق، والألف المدية التي بعد اللام تنطق ولا تكتب. فهذه صورة من صور الزيادة، وفي الوقت نفسه صورة من صور النقص.
الأمر الثاني- عدم إدراك حقيقة المسائل التي يتناولها علم الإملاء:
إنّ الأصل في كتب الإملاء أن تذكر ما خالفَ فيه المكتوبُ المنطوقَ، وأما ما لا يخالف فيه المنطوق المكتوب فلا يُذكَر فيها إلا من باب التتميم والتفصيل.
قال أستاذنا الدكتور غانم قدوري الحمَد: «أما حذف ياء المنقوص في مثل (قاضٍ)، وألف الاستفهام في مثل (عَلامَ)، ونحو ذلك مما يجري فيه الخط على نحوٍ لا يخالف النطق فينبغي عدم ذكره في كتب الإملاء ... وعلماء الإملاء إنما ينصّون على ما خالف الأصلَ وخرجَ عن مطابقة المرسوم للمنطوق».
وأوْردَ كلامَ نَصْرٍ الهُوريني حين قال: «فهذا مما يُحذف خطًّا تبعًا لحذفِه لفظًا -كما هو معلوم من المبادئ النحوية-».
وهذا الإشكال يقع أيضًا لطلاب التجويد والقراءات؛ فكثير منهم يظن أن كتب التجويد تختص برواية حفص عن عاصم أو برواية أخرى معيّنة، وهذا ظنٌّ خطأٌ؛ فعلم التجويد يُعنى بتجويد ألفاظ القرآن بأيّ رواية أو قراءة كانت، لكنها إنما يُذكر فيها الأغلب والشائع بين القراء، وأما الأحكام التي ينفرد بها أحد القراء أو القليل منهم فهذه لا تتناولها كتب التجويد، وإنما هي من تـخصص كتب القراءات، وإذا ذُكرت في بعض كتب التجويد الموسعة فإنما تذكر من باب التتميم والتوسع في عرض المسائل.
قال المرعشي: «وأما علم التجويد فالغرض منه معرفة ماهيات صفات الحروف، فإذا ذكر فيه شيء من اختلاف الأئمة فهو تتميم».
وقال أيضا: «اعلم أن علم القراءة يخالف علم التجويد؛ لأن المقصود من الثاني معرفة حقائق صفات الحروف مع قطع النظر عن الخلاف فيها».
وقال مكي بن أبي طالب في مقدمة (الرعاية): «ولست أذكر في هذا الكتاب إلا ما لا اختلاف فيه بين أكثر القراء...».
فهذا هو الأصل في كتب التجويد، بخلاف كتب القراءات؛ فإنّ الأصل فيها أنها تُعنى بذكر اختلاف القراء في أداء كلمات القرآن، فإذا ذُكر فيها شيء من ذكر المخارج والصفات فهو تتميم وتفصيل.
وقد قال مكيٌّ في هذا الصدد: «وقد تقدم ذكر أصول القراء واختلافهم في الهمز وتليينه وحذفه وبدله وتحقيقه وغير ذلك من أحكامه في غير هذا الكتاب، فلا حاجة بنا إلى ذكر ذلك، وكذلك ما شابهه، فليس هذا كتاب اختلاف... ».

✍️
علي المالكي
أستاذ اللغة العربية بكلية التربية - جامعة بنغازي
 
عودة
أعلى