معضلة الهاء !

إنضم
04/08/2006
المشاركات
133
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
فلسطين
السلام عليكم.

بعض الناس ينطقون بالهاء كهيئة هواء كثير خارج من الفم، وقد قال بعض أهل العلم إن الهاء أشبه بالهواء الخارج ولم يقل إنها بنفسها مجرد هواء خارج، وفي ذلك أن الهاء لا بد أن تكون معتمدة على مخرج محقق كما لا يختلف فيه أهل العلم بالأصوات والحروف.

أقول: وقد قرأت الهاء بصوت زائد على مجرد الهواء الخارج عند أحد المشايخ الكرام، فقال لي: أنت تجهر بالهاء، فقلت له هكذا أقرئنيها شيخي أبو عثمان - حفظه الله - فما انتهى إلا إلى استنكار ذلك !

وقد سمعت الشيخ أيمن السويد - حفظه الله - يقول مثل قولي هذا، سمعته يبين أن الهاء ينبغي أن يخالطها صوت الحرف وألا تكون مجرد هواء خارج من الفم، لكن المعضلة ههنا أن هذا الصوت الذي يميز الهاء عن الهواء المجرد صوت يشبه الصوت الجهري كما اعترض به الشيخ المذكور أعلاه.

يزاد على ذلك أن رسومات المخارج في كتاب (المنير في أحكام التجويد) تميز الهاء عن سائر حروف الهمس بأن للوترين الصوتيين اهتزازًا خفيفًا عند النطق بالهاء؟

فكيف يجمع بين كل ذلك وبين إطباق علمائنا على أن الهاء حرف مهموس؟
أرجو من أهل العلم الأفاضل حل الإشكال فإنه لازمني زمانًا طويلا، ولا شيء أكثر ظلمة من مرافقة الجهل.
 
إنّ الهاء من حروف الخفاء بعيدة المخرج ، ولو تدفّق الهواء بكثرة لاشتبهت بالحاء و لم يُسمع صوتها جلياً ، فاحتاجت إلى زيادة بيان وتوضيح وقد يُفضي ذلك إلى اهتزاز خفيف للوترين. وهذا في نظري يحتاج إلى منا يؤيّده من المتقدّمين حتّى نتأكّد من صحّة الأداء وإلاّ لبقي الأمر ظنّياً وإن كنت أميل إليه.
والعلم عند الله تعالى.
 
إنّ الهاء من حروف الخفاء بعيدة المخرج ، ولو تدفّق الهواء بكثرة لاشتبهت بالحاء و لم يُسمع صوتها جلياً
جزاك الله خيرًا، ولهذا فإن بعض مشايخي أنكروا علي لفظ الهاء على هيئة الهواء الخارج وقالوا إنها هكذا تشبه الحاء.
احتاجت إلى زيادة بيان وتوضيح وقد يُفضي ذلك إلى اهتزاز خفيف للوترين.
كلام منطقي، لكن هل له شاهد من كلام علماء الصوتيات المحدثين؟
 
علماء الأصوات مجمعون - في ما أعلم - على أنَّ الهاءَ صَوْتٌ رِخْوٌ مهموس ، ولعل من المناسب في هذا المقام نقل كلام الدكتور إبراهيم أنيس (الأصوات اللغوية ص77):
" الهاء صوتٌ رخو مهموس ، عند النطق به يظل المزمار منبسطا دون أن يتحرك الوتران الصوتيان ، ولكن اندفاع الهواء يحدث نوعا من الحفيف يسمع في أقصى الحلق أو داخل المزمار...والهاء عادة صوت مهموس يجهر به في بعض الظروف اللغوية الخاصة...وعند النطق بالهاء المجهورة يندفع من الرئتين كمية كبيرة من الهواء أكبر مما يندفع من الأصوات الأخرى ، فيترتب عليه سماع صوت الحفيف مختلطا بذبذبة الوتريين الصوتيين ".
ويقول الدكتور محمود السعران (علم اللغة 178-179):
" ويمر الهواء خلال الانفراج الواسع الناتج عن تباعد الوتريين الصوتيين بالحنجرة محدثا صوتا احتكاكيا ، يرفع الحنك اللين ولا يتذبذب الوتران الصوتيان.
فالهاء العربي صوت مهموس حنجري احتكاكي ".
وقد ذكر علماء التجويد أنَّ الهاءَ حرفٌ خفي صعيف ، وأنها من الحروف المهموسة الرخوة...وأشاروا إلى أنه ينبغي للقارئ أَنْ يُنْعِمَ إظهارها من غير مبالغة.
قال أبو عمرو الداني (التحديد ص123):
"...فإذا أتت ساكنة أو متحركة فينبغي للقارئ أن يُنْعِمَ بيانها ، من غير تكلف ولا ابتهار...".
وقال عبد الوهاب القرطبي (الموضح ص122):
"...وينبغي أن يُجادَ إظهارها للسمع ويُنْعَمَ بيانُها ، لأن الخفاء يُسْرِع إليها بل يغلب عليها...وفيها مع ذلك همس وضعف ، فيجتنب إفراط ابتهارها...".

والله أعلم.
 
لعلَّ شيخنا أبا عبد الله (الدكتور غانم) يكرمنا بما عنده.
 
أقول - والله أعلم - إن جميع الأصوات متصفة بالهمس وبالجهر في آن واحد ، مع أنهما ضدان لا يجتمعان ! لكن قد تغلب صفة على الأخرى فينسب الصوت إليها دون الأخرى ؛ فلا صوت يسمع بلا خروج للنفس ، ولا صوت يسمع بلا اهتزاز للأحبال الصوتية ، وهو ما يفسر كلام الدكتور أنيس الذي أورده أخونا عمار الخطيب . وتفسير ذلك : أن الصوت لا يحدث إلا بحبس كلي أو جزئي للهواء الخارج من الرئتين في نقطة من نقاط التقاء الجهاز الصوتي ، وهي المعروفة بالمقاطع أو المخارج ، فما الفرق إذن بين الصوت والنفس ؟! النفس هو الهواء الزائد على تكوين الصوت ، سواء استمر الصوت بالحبس الجزئي عند تضييق المجرى ، أو توقف بالحبس الكلي عن إغلاق المجرى ، ولننصت لهذه الأصوات الأربعة ( د ت ز س ) :
* (د) = ينحبس فيه الصوت فلا يستمر ، وينحبس فيه كذلك الهواء الزائد ؛ حبس الصوت = شدة ، وحبس النفس = جهر .
* (ت) = ينحبس فيه الصوت كالدال ( شديد ) ، ولا ينحبس فيه الهواء الزائد على تكوين الصوت ( النفس ) ؛ فهو شديد مهموس ، وما من شديد مهموس في النطق القديم غير التاء والكاف ، وفي عصرنا الطاء والقاف كذلك . فهل هذا يعني أن الحبلين الصوتيين هادئين تماماً مع التاء ؟ طبعاً لا ! ولكن لضعف هذا الاهتزاز لا يذكر ، ولولاه ما سمع الصوت ، وهل الهواء لم يخرج مع الدال ، كلا ! لكنه مقتصر على ما يتكون به الصوت فيسمى صوتاً لا نفَساً .
* (ز) = يستمر فيها الصوت ، والصوت يحدث باحتكاك الهواء ، لكن الهواء مقتصر على ما يتكون به الصوت دون زيادة نفخ فلا يسمى نفَساً . فهو رخو مجهور .
* (س) = يستمر فيها الصوت كالزاي ، والصوت بالهواء ، لكن يخرج معه هواء زائد على اللازم لتكوين الصوت وهو الذي يسمى نفَساً ، فالسين صوت رخو مهموس .
ملاحظة : يغلب اهتزاز الوترين الصوتيين بوضوح مع التي يقتصر فيها الهواء على المكون للصوت ، وهو حقيقة الجهر .
ويغلب خروج الهواء الزائد على تكوين الصوت ( النفَس ) مع التي يحدث فيها اهتزاز ضعيف لا يعتد به مع ضرورة وجوده ، وهو حقيقة الهمس .
فالهاء مهموسة باتفاق ، لخروج النفس ، وهو الهواء الزائد على صوتها ، وصوتها يحدث باحتكاك الهواء بالوترين الصوتيين أنفسهما إذا اقتربا من بعضهما وضيقا مجرى الهواء ، مع وجود اهتزاز طفيف بالضرورة لا يعتد به فلا يذكر ، أما نطقها بخروج الهواء الزاء دون احتكاك ، وهو ما يفعله بعض الصغار والمبتدئين في قراءة القرآن العزيز ، فهو صوت إنساني غير لغوي ، وقد يكون - مع بعض الإتقان - صوتاً لغوياً غير شرعي .
 
جزاك الله خيرًا أبا لقمان.
لكن الإشكال أن اهتزاز الوترين مع الهاء يتولد منه صوت يشبه صوت الجهر.
أضف إلى ذلك أن الرسم التوضيحي لمخارج الحروف في كتاب المنير بكلية الشريعة بالجامعة الأردنية يميز الهاء عن سائر حروف الهمس باهتزاز يسير للوترين الصوتيين.
 
جزى الله خيرا الأستاذ الكريم أبا لقمان على مشاركته النافعة ، وبارك الله فيه.
قلتم: " أقول - والله أعلم - إن جميع الأصوات متصفة بالهمس وبالجهر في آن واحد..."
" ولا صوت يسمع بلا اهتزاز للأحبال الصوتية "
قلتُ: هل سبقك إلى هذا القول أحدٌ من العلماء المتقدمين أو المعاصرين؟
إِنَّ كلامَ الدكتور إبراهيم أنيس وغيره لا يتفق مع ما قلتم (الأصوات اللغوية ص22):
" فالصوت المهموس هو الذي يهتز الوتران الصوتيان ولا يسمع لها رنين حين النطق به. وليس معنى هذا أن ليس للنفس معه ذبذبات مطلقا وإلا لم تدركه الأذن ، ولكن المراد بهمس الصوت هو صمت الوترين الصوتيين معه ، رغم أن الهواء في أثناء اندفاعه من الحلق أو الفم يحدث ذبذبات يحملها الهواء الخارجي إلى حاسة السمع فيدركها المرء من أجل هذا ".

أما ما أشرتم إليه مِنْ أَنَّ نَفَسَ الحرف المجهور قليل ، ونَفَس الحرف المهموس كثير...فلا أخالفكم فيه.
 
عودة
أعلى