[align=center]ثانيًا :
كتاب (القرآن ونقض مطاعن الرهبان) للدكتور صلاح الخالدي
إصدار : دار القلم - دمشق ..
والدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي مشهورٌ بكتاباته في الدفاع عن القرآن وفضح محاولات أهل الكتاب لتشويهه ..
بالإضافة إلى مساهماته القيمة في مجال مقارنة الأديان ونقد أسفار أهل الكتاب ..
والكتاب كما يصفه مؤلفه مخصص (( للانتصار للقرآن ، والدفاع عنه أمام هجمات أعدائه ، الذين انتقصوه وخطؤوه ، وأثاروا حوله الشبهات، ووجهوا له الاتهامات ، وتعاملوا معه بعداوة وجهل )) ..
وهو يرد على كتاب (هل القرآن معصوم) لعبد الله الفادي ، يقول الدكتور صلاح الخالدي :
(( الكتابُ الذي خصصنا كتابنا للرد عليه وتفنيد شبهاته واتهاماته هو هل القرآن معصوم؟ ونسب لرجل دين نصراني هو عبدالله الفادي ، ويبدو أن هذا الاسم مستعار . وصدر الكتاب عن مؤسسة تنصيرية في النمسا ، اسمها ضوء الحياة ، وظهرت طبعته الأولى عام 1994م وتوزعه هيئات ومراكز التبشير النصرانية ودعت مؤسسة ضوء الحياة إلى مراسلتها لإرسال الكتاب لمن يطلبونه كما أنها أنزلته على الانترنت )) ..
ويقول عن الدافع للرد على هذا الكتاب :
(( وقد رأينا من المناسب أن نرد على كتاب الفادي "هل القرآن معصوم؟" وأن نبين تهافت أسئلته ، وتفاهة انتقاداته .. والذي دفعنا إلى الرد عليه أنه يمثل خلاصة جهود النصارى في فحص القرآن ، وإثارة الأسئلة والشبهات حوله ، فهناك كتب كثيرة لنصارى عديدين ، تنتقد القرآن ، وتثير حوله الاعتراضات ، وتزعم الوقوف على أخطاء ، ولقد قرأنا بعض تلك الكتب ، ولدى مقرنتها بهذا الكتاب ، وجدناه خلاصة لها ، فالرد عليه رد عليها ، لأنه لخص ما في تلك الكتب من أسئلة وتشكيكات )) .
وفي نقده لمقدمة كتاب الفادي يحلل الدكتور الخالدي موطن الخلل عنده فينقل قول الفادي :
((رغبت منذ حداثتي أن أقوم بخدمة منتجة دائمة الأثر للجنس البشري ، وليس في مقدوري أن أكتشف قارة ، مثل ما فعل كولمبس ، ولا أن أخترع مذياعًا ، منا فعل ماركوني ، ولا أن أسخر الكهرباء ، مثل ما فعل أديسون ، ولا أن أحلل الذرة ، كما فعل أينشتاين ، فليس شيء من هذا يدخل في دائرة اختصاصي .. ولكنني كرجل دين ، رأيت أن أدرس القرآن ..))
ويعلق الدكتور الخالدي على كلام الفادي بقوله :
(( المؤلف عبد الله الفادي قسيس ، ورجل دين نصراني ، وبما أنه متخصص في الدين ، فهو يريد أن يقوم بدراسة دينية ، يخدم بها الجنس البشري خدمة دائمة ..
لم يبق أمامه إلا الإسلام ليدرسه ، وبما أن القرآن هو أساس الإسلام ، فليوجه القسيس الفادي نظراته الكنسية النصرانية إليه ، ليدرسه دراسة مفصلة ، يقدم بها خدمة للبشرية ! ))
فالفادي المسكين تراوده أحلام المجد وأن يكون في مصاف أديسون وماركوني وأينشتاين ..
لهذا وضع هذا الكتاب "خدمة للبشرية" ..!
فالمسكين أسير فكرة عجيبة استحوذت عليه وفرضت عليه المضي في هذا الطريق ..
وطبعًا لن ينال المجد إن درس القرآن دراسة منصفة محكمة ..
بل لابد أن تكون دراسته من منطلق نصراني ديني ضيق ..
كي ينال المجد الذي يحلم به !
وهذا هو موطن الخلل : الأفكار المسبقة ، والتحيز والتحامل ..
وقد صرح الفادي بتحيزه المسبق في قوله في مقدمة كتابه :
(( وبما أن الله واحد ، ودينه واحد ، وكتابه المقدس واحد ، الذي ختمه بظهور المسيح كلمته المتجسد ، وقال: إن من يزيد على هذا الكتاب ، يزيد الله عليه الضربات المكتوبة فيه ، وبما أن القرآن يقول: إنه وحي ، أخذت على عاتقي دراسته )) .
ويعلق الدكتور الخالدي على كلام الفادي قائلاً :
(( آمن القسيس بهذه الفكرة ، وتسلح بهذا السلاح ، ووضع هذا المنظار على عينيه ، وأقبل على القرآن بدرسه وينظر فيه ، ويقدم بذلك خدمة للجنس البشري ! ))
ويكشف الدكتور الخالدي عن الوسيلة السليمة لدراسة القرآن :
(( ولا مانع من أن يدرس أي إنسان القرآن ، والقرآن لا يخشى من أن يدرسه أي إنسان ، سواء كان مسلمًا أو يهوديًا أو نصرانيًا ، قسيسًا أو باحثًا أو عالمًا ، لكنه يشترط على الذي سيدرسه شرطًا واحدًا ، هو : أن يقبل على القرآن بمقرر فكري أو عقيدي مسبق ، وأن لا يحمل فكرة يريد إثباتها في القرآن ! إنه إن فعل ذلك تكون دراسته منحازة متحاملة ، ومن ثم سيخرج من هذه الدراسة بنتائج خاطئة ، تقوم على التحامل والهوى والمزاجية ...
أما إذا وضع الدارس في ذهنه مقررًَا مسبقًا عن القرآن ، وأقبل عليه يدرسه لتحقيق وتأكيد هذا المقرر ، فسوف تكون دراسته متحاملة منحازة ضده ، وسيكون نظره في القرآن نظرًا خاطئًا . كأن يوقن القسيس أن القرآن ليس وحيًا من الله ، وأنه من تاليف البشر ، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم ليس رسولاً ، وإنما هو مدع مفتر ، وأن في القرآن أخطاء عديدة ، ثم يدرس القرآن ليأخذ منه الأدلة والأمثلة على ما يؤمن به ! عند ذلك سيخرج بنتائج خاطئة ، ويزعم أنه وجد الأدلة على ما يريد ! ))
أما عن الكتاب نفسه فيقول الدكتور :
(( ونُقَدِّمُ هذا الكتاب (القرآن ونقض مطاعن الرهبان) إلى المسلمين, ليزدادوا يقيناً بأنَّ القرآن كلام الله, وأنه منزَّه عن الأخطاء والمطاعن, وليقفوا على تهافت وتفاهة أسئلة واعتراضات الكفار عليه, وليعرفوا كيفية الرَّدِّ عليها )) .
ويقع الكتاب في عشرة فصول, هي:
الفصل الأول: نقض المطاعن الجغرافية
الفصل الثاني: نقض المطاعن التاريخية
الفصل الثالث: نقض المطاعن الأخلاقية
الفصل الرابع: نقض المطاعن اللاهوتية
الفصل الخامس: نقض المطاعن اللغوية
الفصل السادس: نقض المطاعن التشريعية
الفصل السابع: نقض المطاعن الاجتماعية
الفصل الثامن: نقض المطاعن العلمية
الفصل التاسع: نقض المطاعن الفنية
الفصل العاشر: نقض المطاعن الموجهة إلى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
والواقع أن هذا الكتاب عبارة عن معركة غير متكافئة إطلاقًا بين العلم والجهل ..
بين الدقة العلمية والخبط العشوائي ..
وقد كان واضحًا للغاية ضعف مستوى كتاب الفادي أمام انتقادات الدكتور الخالدي ..
حتى صرح الدكتور صلاح الخالدي بهذه الحقيقة في قوله :
(( ونشهد أن كلام الفادي المفتري في كتابه تافه متهافت ، والرد عليه وإظهار تهافته سهل ميسور ، والرد على الأسئلة المثارة مقدور عليه ، ولم يأخذ منا جهدًا كبيرًا ولله الحمد )) .
يزعم الفادي أنه درس القرآن وتفاسيره عدة مرات ..
فهو يقول في مقدمة كتابه :
((.. وبما أن القرآن يقول : إنه وحي ، أخذت على عاتقي دراسته ، ودراسة تفاسيره ، فدرسته مرارًا عديدة ، ووقفت على ما جاء به ))
ويعلق الدكتور الخالدي قائلاً :
(( والتفسير الوحيد الذي أثبته الفادي في قائمة المراجع هو تفسير البيضاوي ، ولا أدري لماذا تفسير البيضاوي دون غيره ؟ فهناك تفاسير مأثورة أفضل منه ، كتفسير الطبري وتفسير ابن كثير )) .
فالفادي الجاهل يزعم أنه درس "تفاسير" القرآن ، ليس مرة واحدة ، بل "مرارًا عديدة" !!
رغم هذا هو لم يستشهد في كتابه كله إلا بتفسير البيضاوي دون غيره ..
بل إنه في هذا التفسير لم يتورع عن الكذب والغش ..
ففي السؤال رقم 25 (هل أشرك آدم وحواء بالله؟) ينقل كلامًا ينسبه للبيضاوي في تفسيره ..
فيتعقبه الدكتور صلاح الخالدي بقوله :
(( لم يكن الفادي أمينًا في النقل عن البيضاوي ، مع أنه زاد على البيضاوي ما لم يقله ، وحذف منه كلامًا مهمًا ))
ثم ينقل الدكتور كلام البيضاوي كاملاً ، ثم يعقب :
(( وأدعو إلى المقارنة بين كلام البيضاوي في تفسيره ، والكلام الذي زعم الفادي أنه للبيضاوي في تفسيره ، لمعرفة الفرق بينهما ، والوقوف على تلاعب الفادي وعدم أمانته ! ))
ويكمل قائلاً :
(( ولقد حرف الفادي المفتري كلام البيضاوي ، ليجعله دليلاً له على تخطئة القرآن ... فالبيضاوي يصرح بأن الذين جعلوا لله شركاء هم أولاد آدم وحواء ، واتهم المفتري البيضاوي بأنه يرى أن آدم وحواء هما اللذان جعلا لله شركاء !!
ومن افتراء المفتري الفادي افتراؤه على البيضاوي بأنه يعتقد صحة قصة إبليس مع حواء وعبد الحارث ، مع أن البيضاوي لا يرى صحة القصة الموضوعة التي ذكرها ))
ويواصل الدكتور بقوله :
(( ومن باب الإمعان في الكذب والافتراء لم يذكر تعقيب البيضاوي على القصة ، وهو تعقيب مهم ، لأنه يبين رفض البيضاوي للقصة ، لمعارضتها لعصمة الأنبياء ، وهو قوله : "وأمثال ذلك لا يليق بالأنبياء .." !
كما أن الفادي المفتري لم يذكر الاحتمال الثاني الذي أورده البيضاوي في تحديد الشخصين المشركين ، أنه ينقض ويرد اتهامه لآدم وحواء بالشرك )) ..
وينتهي إلى النتيجة :
((المهم أن آدم وحواء لم يشركا بالله ، والبيضاوي لم ينسب ذلك لهما ، وكان الفادي مفتريًا كاذبًا في زعمه ونقله عن البيضاوي )) ..
ولا يفوت الدكتور أن ينبه على مقدار القوم من الأمانة العلمية فيقول :
(( إن هذا التصرف الشائن والتلاعب المرذول من الفادي المفتري يدل على فقدانه الأمانة العلمية فيما ينقله من كلام ، ينسبه للعلماء والمسلمين ليوافق هواه ، ويحرفه عن معناه !! وأدعو إلى الشك في كل ما ينقله الفادي وأهل ملته من أقوال ينسبونها للمسلمين ، وإذا أحالوا على كتاب لعالم مسلم ، وزعموا وجود الكلام فيه ، فأدعوا إلى العودة المباشرة إلى الكتاب الإسلامي ، وسوف نجد فرقًا بعيدًا بين الكلام في الكتاب الإسلامي وبين الكلام المنقول منه !! وبهذا نعرف تخلي اليهود والنصارى والمستشرقين عن الأمانة العلمية في بحوثهم العلمية !! ))
ونعوذ بالله من الكذب وأهله .[/align]