عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
New member
قوله تعالى
( وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) الأنفال [71]
قوله «وإن يريدوا»: أي: الأسارى.
قاله الإيجي الشافعي، والبغوي، والسيوطي، والخطيب الشربيني.
قال مكي في الهداية: يعني الأسارى الذين افتدوا وأسلموا في ظاهر أمرهم.
قال ابن عطية: روي أن الأسرى ببدر أعلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم لهم ميل إلى الإسلام وأنهم يؤملونه وأنهم إن فدوا ورجعوا إلى قومهم التزموا جلبهم إلى الإسلام وسعوا في ذلك ونحو هذا الغرض، ففي ذلك نزلت هذه الآية.
قوله «خيانتك»: فيما أظهروا لك من الإسلام والإخلاص.
قاله الإيجي الشافعي.
قال يحيى بن سلام: يعني الذين أسروا يوم بدر ويريدوا خلافك في الدين أي الكفر بك.
قال السيوطي، والخطيب الشربيني: بما أظهروا من القول.
وقال ابن الجوزي في زاد المسير: إن أراد الأسارى خيانتك بالكفر بعد الإسلام فقد خانوا الله من قبل إذ كفروا به قبل أسرهم.
قال السمعاني: الخيانة ضد الأمانة؛ ومعناه: إن أرادوا أن يكفروا بك.
قال السمرقندي: يعني خلافك ويميلوا إلى الكفر بعد إسلامهم.
قال الواحدي: وذلك أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: آمنا بك ونشهد أنك رسول الله فقال الله تعالى: إن خانوك وكان قولهم هذا خيانة.
قوله «فقد خانوا الله»: بالكفر.
قاله الإيجي الشافعي، وابن الجوزي، والسيوطي، والقاسمي، وغيرهم.
إلا أن السيوطي قال: قبل بدر بالكفر.
قوله «من قبل»: يعني فقد كفروا بالله من قبل.
قاله يحيى بن سلام، وبه قال السمعاني.
وقال مكي في الهداية: خانوا أولياءه.
وقال ابن جريج: أراد بالخيانة الكفر، أي: إن كفروا بك فقد كفروا بالله من قبل فأمكن منهم المؤمنين ببدر حتى قتلوهم وأسروهم، وهذا تهديد لهم إن عادوا إلى قتال المؤمنين ومعاداتهم.
قاله البغوي.
قال السمرقندي: يعني عصوا الله وكفروا من قبل.
قلت ( عبدالرحيم ): فإن قال قائل: ما وجه تسمية الله الكفر خيانة؟
الجواب ( إن شاء الله ): لما أخذ الله عليهم الميثاق ألا يشركوا به فلم يفعلوا فكانت هذه أعظم الخيانة، فليس ثم خيانة أعظم من نقض هذا العهد بعد إقامة الحجة. قال الله
( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا )، فالخيانة هنا تعني الخلاف في الدين،
كما قال تعالى في سورة التحريم: (فخانتاهما): قال يحيى بن سلام: يعني فخالفتاهما في الدين، كانت كافرتين.
قال الخضيري: بالكفر، والمخالفة في الدين.
كما في قوله (قال يا نوح إنه ليس من أهلك): قال الإيجي الشافعي: ليس من أهل دينك. وعن ابن عباس وغيره رضى الله عنه: ما زنت امرأة نبي قط. انتهى.
قال الزجاج: خيانتهما لم تكن في بغاء، لأن الأنبياء لا يبتليهم الله في نسائهم بفساد.
وقوله كما في الآية التي نحن بصددها (وإن يريدوا خيانتك): قال ابن الجوزي في تذكرة الأريب: بالكفر بعد الاسلام.
وقوله في النساء: ( إن الله لا يحب من كان خوانا ):قال يحيى بن سلام: يعني في دينه. نزلت في طعمة بن أبيرق وكان منافقا. انتهى
قوله «فأمكن منهم»: يعني: مكنك منهم بأن نصرك فأقدرك عليهم ببدر؛ فقتلت منهم من قتلت، وأسرت من أسرت، فليتوقعوا مثل ذلك إن عادوا.
قال القاسمي: أي أظفرك بهم قتلا وأسرا، كما رأيتم يوم بدر، فسيمكن منهم إن عادوا إلى الخيانة.
قال الإيجي الشافعي: أي: فأمكنك (منهم) يوم بدر، فإن عادوا فعد.
وفيه بشارة للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه يتمكن من كل من يخونه وينقض عهده.
قاله الرازي.
قال الطاهر بن عاشور: أي أمكنك منهم يوم بدر، أي لم ينفلتوا منك .
قال ابن الجوزي: المعنى إن خانوك أمكنتك منهم كما أمكنتك يوم بدر.
قال السمرقندي: يعني فأمكنك منهم وأظهرك عليهم يوم بدر، حتى قهرتهم وأسرتهم.
قال الواحدي: وهذا تهديد لهم إن عادوا إلى القتال.
قال أبو السعود: أي أقدرك عليهم حسبما رأيت يوم بدر فإن أعادوا الخيانة فاعلم أنه سيمكنك منهم أيضا.
قال الرازي: والمعنى أنهم خانوا الله بما أقدموا عليه من محاربة الرسول يوم بدر فأمكن الله منهم قتلا وأسرا، وذلك نهاية الإمكان والظفر.
وقيل المراد بالخيانة: منع ما ضمنوا من الفداء.
قال أبو السعود: وهو بعيد.
قوله «والله عليم»: بكل شيء، بخيانة من خان، عليم كيف يقدرك عليهم كما أقدرك من ذي قبل، يعلم كيف يستدرج أعداءه؛ كما استدرجهم لوقعة بدر.
وهذا تثبيت من الله لنبيه ولأوليائه؛ أنه عليم بخيانتهم.
قال السمرقندي: يعني إن خانوك أمكنك منهم، لتفعل بهم مثل ما فعلت من قبل.
قال الزجاج: والله عليم بخيانة إن خانوها، حكيم في تدبيره عليهم ومجازاته إياهم.
حكاه ابن الجوزي.
قوله «حكيم»: في تدبيره ومجازاته إياهم.
قال ابن عطية: وقوله عليم حكيم صفتان مناسبتان، أي عليم بما يبطنونه من إخلاص أو خيانة حكيم فيما يجازيهم به.
المعنى الإجمالي للآية:
قال الزمخشري: وإن يريدوا خيانتك نكث ما بايعوك عليه من الإسلام والردة واستحباب دين آبائهم فقد خانوا الله من قبل في كفرهم به ونقض ما أخذ على كل عاقل من ميثاقه فأمكن منهم كما رأيتم يوم بدر فسيمكن منهم إن أعادوا الخيانة. وقيل: المراد بالخيانة منع ما ضمنوا من الفداء.
المصدر:
تذكرة الأريب في تفسير الغريب لابن الجوزي، معاني القرآن للزجاج، التصاريف ليحيى بن سلام، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي، تفسير السمرقندي، الوجيز للواحدي، تفسير السمعاني، تفسير البغوي، الكشاف للزمخشري، المحرر الوجيز لابن عطية، زاد المسير لابن الجوزي، التفسير الكبير للرازي، جامع البيان للإيجي الشافعي، السراج المنير للخطيب الشربيني، تفسير أبي السعود، محاسن التأويل للقاسمي، التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور، السراج في بيان غريب القرآن للخضيري، تفسير الجلالين.
كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك: 00966509006424
( وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) الأنفال [71]
قوله «وإن يريدوا»: أي: الأسارى.
قاله الإيجي الشافعي، والبغوي، والسيوطي، والخطيب الشربيني.
قال مكي في الهداية: يعني الأسارى الذين افتدوا وأسلموا في ظاهر أمرهم.
قال ابن عطية: روي أن الأسرى ببدر أعلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم لهم ميل إلى الإسلام وأنهم يؤملونه وأنهم إن فدوا ورجعوا إلى قومهم التزموا جلبهم إلى الإسلام وسعوا في ذلك ونحو هذا الغرض، ففي ذلك نزلت هذه الآية.
قوله «خيانتك»: فيما أظهروا لك من الإسلام والإخلاص.
قاله الإيجي الشافعي.
قال يحيى بن سلام: يعني الذين أسروا يوم بدر ويريدوا خلافك في الدين أي الكفر بك.
قال السيوطي، والخطيب الشربيني: بما أظهروا من القول.
وقال ابن الجوزي في زاد المسير: إن أراد الأسارى خيانتك بالكفر بعد الإسلام فقد خانوا الله من قبل إذ كفروا به قبل أسرهم.
قال السمعاني: الخيانة ضد الأمانة؛ ومعناه: إن أرادوا أن يكفروا بك.
قال السمرقندي: يعني خلافك ويميلوا إلى الكفر بعد إسلامهم.
قال الواحدي: وذلك أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: آمنا بك ونشهد أنك رسول الله فقال الله تعالى: إن خانوك وكان قولهم هذا خيانة.
قوله «فقد خانوا الله»: بالكفر.
قاله الإيجي الشافعي، وابن الجوزي، والسيوطي، والقاسمي، وغيرهم.
إلا أن السيوطي قال: قبل بدر بالكفر.
قوله «من قبل»: يعني فقد كفروا بالله من قبل.
قاله يحيى بن سلام، وبه قال السمعاني.
وقال مكي في الهداية: خانوا أولياءه.
وقال ابن جريج: أراد بالخيانة الكفر، أي: إن كفروا بك فقد كفروا بالله من قبل فأمكن منهم المؤمنين ببدر حتى قتلوهم وأسروهم، وهذا تهديد لهم إن عادوا إلى قتال المؤمنين ومعاداتهم.
قاله البغوي.
قال السمرقندي: يعني عصوا الله وكفروا من قبل.
قلت ( عبدالرحيم ): فإن قال قائل: ما وجه تسمية الله الكفر خيانة؟
الجواب ( إن شاء الله ): لما أخذ الله عليهم الميثاق ألا يشركوا به فلم يفعلوا فكانت هذه أعظم الخيانة، فليس ثم خيانة أعظم من نقض هذا العهد بعد إقامة الحجة. قال الله
( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا )، فالخيانة هنا تعني الخلاف في الدين،
كما قال تعالى في سورة التحريم: (فخانتاهما): قال يحيى بن سلام: يعني فخالفتاهما في الدين، كانت كافرتين.
قال الخضيري: بالكفر، والمخالفة في الدين.
كما في قوله (قال يا نوح إنه ليس من أهلك): قال الإيجي الشافعي: ليس من أهل دينك. وعن ابن عباس وغيره رضى الله عنه: ما زنت امرأة نبي قط. انتهى.
قال الزجاج: خيانتهما لم تكن في بغاء، لأن الأنبياء لا يبتليهم الله في نسائهم بفساد.
وقوله كما في الآية التي نحن بصددها (وإن يريدوا خيانتك): قال ابن الجوزي في تذكرة الأريب: بالكفر بعد الاسلام.
وقوله في النساء: ( إن الله لا يحب من كان خوانا ):قال يحيى بن سلام: يعني في دينه. نزلت في طعمة بن أبيرق وكان منافقا. انتهى
قوله «فأمكن منهم»: يعني: مكنك منهم بأن نصرك فأقدرك عليهم ببدر؛ فقتلت منهم من قتلت، وأسرت من أسرت، فليتوقعوا مثل ذلك إن عادوا.
قال القاسمي: أي أظفرك بهم قتلا وأسرا، كما رأيتم يوم بدر، فسيمكن منهم إن عادوا إلى الخيانة.
قال الإيجي الشافعي: أي: فأمكنك (منهم) يوم بدر، فإن عادوا فعد.
وفيه بشارة للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه يتمكن من كل من يخونه وينقض عهده.
قاله الرازي.
قال الطاهر بن عاشور: أي أمكنك منهم يوم بدر، أي لم ينفلتوا منك .
قال ابن الجوزي: المعنى إن خانوك أمكنتك منهم كما أمكنتك يوم بدر.
قال السمرقندي: يعني فأمكنك منهم وأظهرك عليهم يوم بدر، حتى قهرتهم وأسرتهم.
قال الواحدي: وهذا تهديد لهم إن عادوا إلى القتال.
قال أبو السعود: أي أقدرك عليهم حسبما رأيت يوم بدر فإن أعادوا الخيانة فاعلم أنه سيمكنك منهم أيضا.
قال الرازي: والمعنى أنهم خانوا الله بما أقدموا عليه من محاربة الرسول يوم بدر فأمكن الله منهم قتلا وأسرا، وذلك نهاية الإمكان والظفر.
وقيل المراد بالخيانة: منع ما ضمنوا من الفداء.
قال أبو السعود: وهو بعيد.
قوله «والله عليم»: بكل شيء، بخيانة من خان، عليم كيف يقدرك عليهم كما أقدرك من ذي قبل، يعلم كيف يستدرج أعداءه؛ كما استدرجهم لوقعة بدر.
وهذا تثبيت من الله لنبيه ولأوليائه؛ أنه عليم بخيانتهم.
قال السمرقندي: يعني إن خانوك أمكنك منهم، لتفعل بهم مثل ما فعلت من قبل.
قال الزجاج: والله عليم بخيانة إن خانوها، حكيم في تدبيره عليهم ومجازاته إياهم.
حكاه ابن الجوزي.
قوله «حكيم»: في تدبيره ومجازاته إياهم.
قال ابن عطية: وقوله عليم حكيم صفتان مناسبتان، أي عليم بما يبطنونه من إخلاص أو خيانة حكيم فيما يجازيهم به.
المعنى الإجمالي للآية:
قال الزمخشري: وإن يريدوا خيانتك نكث ما بايعوك عليه من الإسلام والردة واستحباب دين آبائهم فقد خانوا الله من قبل في كفرهم به ونقض ما أخذ على كل عاقل من ميثاقه فأمكن منهم كما رأيتم يوم بدر فسيمكن منهم إن أعادوا الخيانة. وقيل: المراد بالخيانة منع ما ضمنوا من الفداء.
المصدر:
تذكرة الأريب في تفسير الغريب لابن الجوزي، معاني القرآن للزجاج، التصاريف ليحيى بن سلام، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي، تفسير السمرقندي، الوجيز للواحدي، تفسير السمعاني، تفسير البغوي، الكشاف للزمخشري، المحرر الوجيز لابن عطية، زاد المسير لابن الجوزي، التفسير الكبير للرازي، جامع البيان للإيجي الشافعي، السراج المنير للخطيب الشربيني، تفسير أبي السعود، محاسن التأويل للقاسمي، التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور، السراج في بيان غريب القرآن للخضيري، تفسير الجلالين.
كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك: 00966509006424