عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
New member
قوله تعالى
( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ ) التوبة [63]
قوله «ألم يعلموا»: يعني المنافقين.
قاله مقاتل في تفسيره.
قوله «أنه»: أي أن الأمر والشأن.
قوله «من يحادد الله ورسولَه »: أي يحارب ويعاد.
قاله أبو بكر السجستاني، وابن الهائم.
قلت ( عبدالرحيم ): فتدبر كلام الذي علم البيان- جل شأنه - في وصف المنافقين بقوله ( يحادد الله ورسولَه )، وما هذا إلا لكثرة عدواتهم؛ من عدم توقفهم واستمراريتهم ومبالغتهم في شقاق ومحاربة الله ورسوله، قال النسفي: يجاوز الحد بالخلاف وهي مفاعلة من الحد كالمشاقة من الشق. انتهى كلامه،
وكذا أخذهم جنبا من شرعه بالعداوة؛ فتراهم إذا ذكر حكم الله، ورسوله؛ في شق وجانب عن من ليس لهم غنى عنه طرفة عين؛ وقد وصفهم الله بقوله ( هم العدو فاحذرهم ). قال الواحدي، والسمعاني: يحادد الله: يعني: من يكون في حد وجانب من الله ورسوله.
وقال صديق حسن خان: وأصل المحاددة في اللغة وقوع هذا في حد وذلك في حد كالمشاققة، يقال حاد فلان فلانا أي صار في حد غير حده، وكأن كل واحد من المتخاصمين صار في محل غير محل صاحبه.
انتهى
قال مقاتل: يعني يعادي الله ورسوله.
قال الفراء: أي من يحارب الله ويشاقق الله ورسوله.
وقال غلام ثعلب: أي: يخالفهما.
قال السمرقندي: يعني: يخالف الله ورسوله ويقال: يخالف أمر الله وأمر رسوله، يعني: أمر الله تعالى في الفرائض، وأمر رسوله في السنن وفيما بين.
قلت ( عبدالرحيم ): قول السمرقندي _ رحمه الله _: " ويقال: يخالف أمر الله وأمر رسوله، يعني: أمر الله تعالى في الفرائض، وأمر رسوله في السنن وفيما بين".
لا يتوهم أحد أن معنى المخالفة هنا بترك السنن_ مثلا _ فالأمر ليس كذلك؛ إنما المراد في مثل هذا المقام أن من حاد وعاد الله ورسوله في أمر ولو كان في سنة ثابتة عن رسول الله؛ فهو معنيٌ بهذه الآية؛ إذ الكل حق من عند الله؛ فمن استهزأ بسنة ثابتة فإنه يمرق من الدين كما لو استهزأ بفرض؛ ومن حارب الله في سنة عن رسول الله ؛ كمن حارب في فرض؛ سيان. وليس المعنى من تعمد ترك السنن.
انتهى
قال الزجاج: معناه من يعادي الله ورسوله، ومن يشاقق الله ورسوله. أي: يجانبه ويعاديه وحقيقته: أنه يقال: حاد فلان فلانا، أي: صار في حد غيره حده.
وبنحوه قال النحاس.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين ): قال أبو بكر السجستاني: يحادون الله: يحاربون الله جل وعز، ويعادونه، ويخالفونه.
وقوله ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ): قال أبو حيان: عادى وحارب.
قال أبو بكر السجستاني: حاد الله: وشاق الله: أي عادى الله وخالفه. ويقال: المحادة: الممانعة.
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى، وابن قتيبة: « حاد الله»: ومن شاق الله واحد.
قوله « فأن له»: على حذف الخبر أي فحق أن له.
قاله النسفي.
قوله «نار جهنم»: جزاء.
قاله السيوطي.
قال الزجاج: المعنى فله نار جهنم.
قوله «خالدا فيها»: لا يموت.
قاله مقاتل.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( وما هو بميت )،
وقوله ( لا يقضى عليهم فيموتوا ): قال يحيى بن سلام: يعني لا ينزل بهم الموت فيموتوا.
وقوله ( ونادوا يامالك ليقض علينا ربك ): قال يحيى بن سلام: يعنون الموت.
وقال الراغب الأصفهاني: وذلك كناية عن الموت.
قال الزجاج: والمعنى لا يقضى عليهم الموت فيموتوا.
وقال مكي: أي لابثا أبدا.
قوله « ذلك الخزي العظيم»: ذلك العذاب الخزي العظيم.
قاله مقاتل.
قال السمرقندي: يعني: العذاب الشديد.
قال مكي: أي الهوان والذل.
قلت ( عبدالرحيم ): وصف الله جهنم مثوى المنافقين؛ بكونها ( الخزي )؛ لأنهم افتضحوا بين الخلائق بدخولهم فيها؛ وقد كانوا يخفون كفرهم عن الناس. قال السمعاني- في قوله ( ذلك الخزي العظيم ): الفضيحة العظيمة والنكال العظيم. وبنحوه قال البغوي.
________
المصدر:
تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب لأبي حيان، المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني، ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن لغلام ثعلب، غريب القرآن لابن قتيبة، غريب القرآن لأبي بكر السجستاني، التبيان في تفسير غريب القرآن لابن الهائم، تفسير مقاتل، معاني القرآن للزجاج، معاني القرآن للفراء، معاني القرآن للنحاس، التصاريف ليحيى بن سلام، مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى، تفسير السمرقندي، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي، تفسير السمعاني، تفسير البغوي، فتح البيان في مقاصد القرآن لصديق حسن خان، تفسير الجلالين.
كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ ) التوبة [63]
قوله «ألم يعلموا»: يعني المنافقين.
قاله مقاتل في تفسيره.
قوله «أنه»: أي أن الأمر والشأن.
قوله «من يحادد الله ورسولَه »: أي يحارب ويعاد.
قاله أبو بكر السجستاني، وابن الهائم.
قلت ( عبدالرحيم ): فتدبر كلام الذي علم البيان- جل شأنه - في وصف المنافقين بقوله ( يحادد الله ورسولَه )، وما هذا إلا لكثرة عدواتهم؛ من عدم توقفهم واستمراريتهم ومبالغتهم في شقاق ومحاربة الله ورسوله، قال النسفي: يجاوز الحد بالخلاف وهي مفاعلة من الحد كالمشاقة من الشق. انتهى كلامه،
وكذا أخذهم جنبا من شرعه بالعداوة؛ فتراهم إذا ذكر حكم الله، ورسوله؛ في شق وجانب عن من ليس لهم غنى عنه طرفة عين؛ وقد وصفهم الله بقوله ( هم العدو فاحذرهم ). قال الواحدي، والسمعاني: يحادد الله: يعني: من يكون في حد وجانب من الله ورسوله.
وقال صديق حسن خان: وأصل المحاددة في اللغة وقوع هذا في حد وذلك في حد كالمشاققة، يقال حاد فلان فلانا أي صار في حد غير حده، وكأن كل واحد من المتخاصمين صار في محل غير محل صاحبه.
انتهى
قال مقاتل: يعني يعادي الله ورسوله.
قال الفراء: أي من يحارب الله ويشاقق الله ورسوله.
وقال غلام ثعلب: أي: يخالفهما.
قال السمرقندي: يعني: يخالف الله ورسوله ويقال: يخالف أمر الله وأمر رسوله، يعني: أمر الله تعالى في الفرائض، وأمر رسوله في السنن وفيما بين.
قلت ( عبدالرحيم ): قول السمرقندي _ رحمه الله _: " ويقال: يخالف أمر الله وأمر رسوله، يعني: أمر الله تعالى في الفرائض، وأمر رسوله في السنن وفيما بين".
لا يتوهم أحد أن معنى المخالفة هنا بترك السنن_ مثلا _ فالأمر ليس كذلك؛ إنما المراد في مثل هذا المقام أن من حاد وعاد الله ورسوله في أمر ولو كان في سنة ثابتة عن رسول الله؛ فهو معنيٌ بهذه الآية؛ إذ الكل حق من عند الله؛ فمن استهزأ بسنة ثابتة فإنه يمرق من الدين كما لو استهزأ بفرض؛ ومن حارب الله في سنة عن رسول الله ؛ كمن حارب في فرض؛ سيان. وليس المعنى من تعمد ترك السنن.
انتهى
قال الزجاج: معناه من يعادي الله ورسوله، ومن يشاقق الله ورسوله. أي: يجانبه ويعاديه وحقيقته: أنه يقال: حاد فلان فلانا، أي: صار في حد غيره حده.
وبنحوه قال النحاس.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين ): قال أبو بكر السجستاني: يحادون الله: يحاربون الله جل وعز، ويعادونه، ويخالفونه.
وقوله ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ): قال أبو حيان: عادى وحارب.
قال أبو بكر السجستاني: حاد الله: وشاق الله: أي عادى الله وخالفه. ويقال: المحادة: الممانعة.
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى، وابن قتيبة: « حاد الله»: ومن شاق الله واحد.
قوله « فأن له»: على حذف الخبر أي فحق أن له.
قاله النسفي.
قوله «نار جهنم»: جزاء.
قاله السيوطي.
قال الزجاج: المعنى فله نار جهنم.
قوله «خالدا فيها»: لا يموت.
قاله مقاتل.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( وما هو بميت )،
وقوله ( لا يقضى عليهم فيموتوا ): قال يحيى بن سلام: يعني لا ينزل بهم الموت فيموتوا.
وقوله ( ونادوا يامالك ليقض علينا ربك ): قال يحيى بن سلام: يعنون الموت.
وقال الراغب الأصفهاني: وذلك كناية عن الموت.
قال الزجاج: والمعنى لا يقضى عليهم الموت فيموتوا.
وقال مكي: أي لابثا أبدا.
قوله « ذلك الخزي العظيم»: ذلك العذاب الخزي العظيم.
قاله مقاتل.
قال السمرقندي: يعني: العذاب الشديد.
قال مكي: أي الهوان والذل.
قلت ( عبدالرحيم ): وصف الله جهنم مثوى المنافقين؛ بكونها ( الخزي )؛ لأنهم افتضحوا بين الخلائق بدخولهم فيها؛ وقد كانوا يخفون كفرهم عن الناس. قال السمعاني- في قوله ( ذلك الخزي العظيم ): الفضيحة العظيمة والنكال العظيم. وبنحوه قال البغوي.
________
المصدر:
تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب لأبي حيان، المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني، ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن لغلام ثعلب، غريب القرآن لابن قتيبة، غريب القرآن لأبي بكر السجستاني، التبيان في تفسير غريب القرآن لابن الهائم، تفسير مقاتل، معاني القرآن للزجاج، معاني القرآن للفراء، معاني القرآن للنحاس، التصاريف ليحيى بن سلام، مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى، تفسير السمرقندي، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي، تفسير السمعاني، تفسير البغوي، فتح البيان في مقاصد القرآن لصديق حسن خان، تفسير الجلالين.
كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424