عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
New member
*البسيط في تفسير معاني وغريب القرآن*
قوله تعالى
( أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ ۚ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) التوبة: 70
*قوله «ألم يأتهم»*: يعني المنافقين.
قاله البغوي. وبه قال الطبري، ومكي، وابن عطية.
*قوله «نبأ»*: خبر.
قاله الزجاج، والطبري، والسمرقندي، ومكي، والواحدي، والسمعاني، والقرطبي، والسيوطي، وغيرهم.
قال السمرقندي: يعني ألم يأتهم خبر الذين من قبلهم في القرآن عند التكذيب كيف فعلنا بهم؟!
قلت ( عبدالرحيم ): ونظيره في التنزيل كثير؛
فالنبأ، و الأنباء في القرآن كله بمعنى: الخبر. عدا قوله تعالى ( فعميت عليهم الأنباء): قال مقاتل، وابن أبي زمنين، والقرطبي: يعنى الحجج.
وبه قال ابن الجزري في النشر، والزركشي، والواحدي، والسمعاني، وصديق حسن خان.وابن الجوزي، والشوكاني، والسيوطي _في معترك الأقران وفي الإتقان.
وعزاه ابن أبي زمنين، والقرطبي، والجرجاني إلى مجاهد.
قال ابن قتيبة: و"الأنباء": الحجج هاهنا.
قال الزركشي في البرهان: النبأ والأنباء في القرآن الأخبار إلا قوله تعالى: ( فعميت عليهم الأنباء ) فإنه بمعنى الحجج.
وقال السيوطي في معترك الأقران، وكذلك في الإتقان: وكل نبأ فيه خبر، إلا: (فعميت عليهم الأنباء)، فهي الحجج.
وقال السيوطي في الدر: وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ( فعميت عليهم الأنباء ) قال: الحجج.
قال أبو الخير ابن الجزري في النشر في القراءات العشر: والمعنى ضلت عنهم حجتهم وخفيت محجتهم.
قال ابن الهائم، والقرطبي، والشوكاني، وصديق حسن خان: أي خفيت عليهم الحجج.
وزاد صديق خان:
قال السمعاني: أي الحجج؛ فكأنهم لما لم يجدوا حجة فقد عجزوا عنها.
قال ابن الجوزي في التذكرة: أي عمو عن الحجج فلا يسأل بعضهم بعضا عن حجة.
قال الواحدي في الوجيز: عميت عليهم الحجج لأن الله تعالى قد أعذر إليهم في الدنيا فلا تكون لهم حجة يومئذ فسكتوا فذلك قوله: ( فهم لا يتساءلون ) أي: لا يسأل بعضهم بعضا عم يحتجون به.
قال السمرقندي: يعني: ألبست عليهم الحجج يومئذ من الهول فهم لا يتساءلون.
قلت: ومما جاء في معنى الخبر قوله تعالى (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ. عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ): أي عن الخبر العظيم؛ وهو القرآن، وقيل البعث. وسيأتي مفصلا ( إن شاء الله ).
وقوله ( أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ ۛ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ ۛ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ ۚ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ ): قال الزجاج: أي ألم يأتهم أخبار أولئك والنوازل بهم. انتهى كلامه.
*قوله «الذين من قبلهم»*: قال مقاتل: ﻳﻌﻨﻰ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻬﻢ ﻳﻌﻨﻲ ﻋﺬﺍﺏ.
*قوله «قوم نوح»*: ومعنى الكلام: ألم يأت هؤلاء المنافقين خبر قوم نوح وصنيعي بهم، إذ كذبوا رسولي نوحًا، وخالفوا أمري؟ ألم أغرقهم بالطوفان؟.
قاله الطبري.
*قوله «وعاد»*: ﻭﺧﺒﺮ ﻋﺎﺩ، ﺇﺫ ﻋﺼﻮﺍ ﺭﺳﻮﻟﻲ ﻫﻮﺩﺍ، ﺃﻟﻢ ﺃﻫﻠﻜﻬﻢ ﺑﺮﻳﺢ ﺻﺮﺻﺮ ﻋﺎﺗﻴﺔ.
قاله الطبري.
قال السمرقندي: وقوم عاد كيف أهلكناهم بالريح العقيم؟
*قوله «وثمود»،*: وخبر ثمود، إذ عصوا رسولي صالحًا، ألم أهلكهم بالرجفة؛ فأتركهم بأفنيتهم خمودًا؟
قاله الطبري.
قال السمرقندي: وقوم ثمود، وهم قوم صالح كيف أهلكناهم بالصيحة؟
*قوله «وقوم إبراهيم»*: وخبر قوم إبراهيم، إذ عصوه وردُّوا عليه ما جاءهم به من عند الله من الحق، ألم أسلبهم النعمة، وأهلك ملكهم نمرود؟.
قاله الطبري.
*قوله «وأصحاب مدين»*: وخبر أصحابِ مَدْين بن إبراهيم، ألم أهلكهم بعذاب يوم الظلة إذ كذبوا رسولي شعيبًا؟.
قاله الطبري.
قال السمرقندي: وأصحاب مدين وهم قوم شعيب كيف أهلكناهم بعذاب يوم الظلة؟
*قوله «والمؤتفكات»*: المنقلبات، والمكذبات؛ قرى قوم لوط. يعني: أهلها.
قال الصافي: ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺣﺬﻑ ﻣﻀﺎﻑ ﺃﻱ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺆﺗﻔﻜﺎﺕ. انتهى كلامه.
فالمنقلبات: جمع المؤتفكة، وهي المنقلبة؛ قلبها جبريل بأمر ربه.
وهي المؤتفكة: أي المكذبة؛ كذبت رسل الله، بتكذيبهم لوطا_ عليه السلام_ فهي من الإفك. اي: الكذب؛ وسمي الكذب: إفكا: لقلبه الحق إلى ضده.
فالإفك: القلب. فيشمل قلب القرية، ويشمل كذبهم؛ لأنه قلب عن الحق؛ وهذا واقعهم.
وحملني أمران على القول بالجمع بين الإنقلاب، والتكذيب:
الأول: من ناحية الواقع؛ فهي منقلبات؛ انقلبت، وغشاها ما غشى؛ بأن جعل عاليها سافلها، وأمطرت.
قال ابن أبي زمنين: يعني المنقلبات.
قال الواحدي في البسيط: ومعنى الائتفاك في اللغة: الانقلاب.
قال السمرقندي: والمؤتفكات، يعني: مدائن قوم لوط. والمؤتفكات جمع المؤتفكة، لأنها ائتفكت بهم، يعني: انقلبت بهم.
قال الألوسي: جمع مؤتفكة من الائتفاك وهو الانقلاب بجعل أعلى الشيء أسفل بالخسف ، والمراد بها إما قريات قوم لوط عليه السلام فالائتفاك على حقيقته فإنها انقلبت بهم وصار عاليها سافلها وأمطر على من فيها حجارة من سجيل.
قال معمر بن المثنى: ﻗﻮﻡ ﻟﻮﻁ ﺍﺋﺘﻔﻜﺖ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﺄﺭﺽ ﺃﻱ ﺍﻧﻘﻠﺒﺖ ﺑﻬﻢ.
قال ابن قتيبة: ﻣﺪﺍﺋﻦ ﻗﻮﻡ ﻟﻮﻁ؛ ﻟﺄﻧﻬﺎ ﺍﺋﺘﻔﻜﺖ ﺃﻱ ﺍﻧﻘﻠﺒﺖ.
قال غلام ثعلب: ﺍﻟﻤﺘﻘﻠﺒﺎﺕ ﺑﺎﻟﺨﺴﻒ ﻭﺍﻟﺰﻟﺎﺯﻝ.
قال ابن الهائم: ﻣﺪﺍﺋﻦ ﻗﻮﻡ ﻟﻮﻁ. ﺍﺋﺘﻔﻜﺖ ﺑﻬﻢ: ﺃﻱ ﺍﻧﻘﻠﺒﺖ.
قال النحاس: ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺳﻤﻴﺖ ﻣﺆﺗﻔﻜﺎﺕ ﻟﺄﻧﻬﺎ ﺍﺋﺘﻔﻜﺖ ﺑﻬﻢ ﺃﻱ ﺍﻧﻘﻠﺒﺖ. ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﺈﻓﻚ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻟﺄﻧﻪ ﻣﻘﻠﻮﺏ ﻭﻣﺼﺮﻭﻑ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺪﻕ.
والثاني: المكذبات؛ لأنهم كذبوا لوطا_ عليه السلام_؛ قال الله ( كذبت قوم لوط المرسلين )، ولقوله ( والمؤتفكة أهوى ): أي المكذبة أهوى. يعني: أسقط. وهي قرية قوم لوط بإجماع من المفسرين،كما حكاه ابن عطية.
فلا يصلح أن يقال والمنقلبة: قلبها! فهذا تحصيل حاصل. ( ينظر التفسير الكبير للرازي )،و( تفسير السمرقندي ).
وإن كان لقائل أن يقول: إن هذا تفسير باللازم.
قال الكرماني: أبو الليث( السمرقندي ): فسرها بالمكذبة من الإفك.
قال مقاتل: والمؤتفكات يعني المكذبات يعني قوم لوط القرى الأربعة أتتهم رسلهم بالبينات تخبرهم أن العذاب نازل بهم في الدنيا فكذبوهم فأهلكوا.
*قوله «أتتهم رسلهم»*: يعني جميع الأنبياء.
قاله القرطبي.
وزاد: وقيل أتت أصحابَ الموتفكاتِ رسلُهم.
قلت ( عبدالرحيم ): وعليه: فكيف جمع الله الرسل، ولم يرسل لهم إلا رسولا واحدا؟
فالجواب: قال الله ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله )، وقال النبي: والأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد. شطر من حديث رواه البخاري من حديث أبي هريرة.
فمن كذب برسول كذب بهم جميعا لذا قال تعالى ( كذبت قوم لوط المرسلين )، وما كان في معناها في القرآن كله.
*قوله «بالبيِّنات»*: بالكتب، والمعجزات؛ فكذبوهم فأُهلكوا.
*قوله «فما كان الله ليظلمهم»*: لتمام عدله، وحكمته؛ فلم يهلكهم بغير ذنب.
قال السمرقندي: يعني لم يهلكهم بغير ذنب.
وبنحوه قال مقاتل.
*قوله «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون»*: بمعصية الله، وتكذيبهم الرسل.
_______________
المصدر:
مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى، غريب القرآن لابن قتيبة، معاني القرآن للنحاس، ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن لغلام ثعلب، التبيان في تفسير غريب القرآن لابن الهائم، تذكرة الأريب في تفسير الغريب لابن الجوزي، معاني القرآن للزجاج، معاني القرآن للنحاس، تفسير مقاتل، الجدول في إعراب القرآن لمحمود الصافي، تفسير مقاتل، تفسير الطبري، البرهان في علوم القرآن للزركشي، الإتقان في علوم القرآن للسيوطي، معترك الأقران في إعجاز القرآن للسيوطي، النشر في القراءات العشر لأبي الخير ابن الجزري، غرائب التفسير وعجائب التأويل لبرهان الدين الكرماني، المحرر الوجيز لابن عطية، تفسير السمرقندي، الوجيز للواحدي، البسيط للواحدي، تفسير السمعاني، تفسير القرطبي، الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي، درج الدرر في تفسير الآي والسور للجرجاني، فتح القدير للشوكاني، فتح البيان في مقاصد القرآن لصديق حسن خان، تفسير ابن أبي زمنين، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي.
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
*للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ*: 00966509006424
قوله تعالى
( أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ ۚ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) التوبة: 70
*قوله «ألم يأتهم»*: يعني المنافقين.
قاله البغوي. وبه قال الطبري، ومكي، وابن عطية.
*قوله «نبأ»*: خبر.
قاله الزجاج، والطبري، والسمرقندي، ومكي، والواحدي، والسمعاني، والقرطبي، والسيوطي، وغيرهم.
قال السمرقندي: يعني ألم يأتهم خبر الذين من قبلهم في القرآن عند التكذيب كيف فعلنا بهم؟!
قلت ( عبدالرحيم ): ونظيره في التنزيل كثير؛
فالنبأ، و الأنباء في القرآن كله بمعنى: الخبر. عدا قوله تعالى ( فعميت عليهم الأنباء): قال مقاتل، وابن أبي زمنين، والقرطبي: يعنى الحجج.
وبه قال ابن الجزري في النشر، والزركشي، والواحدي، والسمعاني، وصديق حسن خان.وابن الجوزي، والشوكاني، والسيوطي _في معترك الأقران وفي الإتقان.
وعزاه ابن أبي زمنين، والقرطبي، والجرجاني إلى مجاهد.
قال ابن قتيبة: و"الأنباء": الحجج هاهنا.
قال الزركشي في البرهان: النبأ والأنباء في القرآن الأخبار إلا قوله تعالى: ( فعميت عليهم الأنباء ) فإنه بمعنى الحجج.
وقال السيوطي في معترك الأقران، وكذلك في الإتقان: وكل نبأ فيه خبر، إلا: (فعميت عليهم الأنباء)، فهي الحجج.
وقال السيوطي في الدر: وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ( فعميت عليهم الأنباء ) قال: الحجج.
قال أبو الخير ابن الجزري في النشر في القراءات العشر: والمعنى ضلت عنهم حجتهم وخفيت محجتهم.
قال ابن الهائم، والقرطبي، والشوكاني، وصديق حسن خان: أي خفيت عليهم الحجج.
وزاد صديق خان:
قال السمعاني: أي الحجج؛ فكأنهم لما لم يجدوا حجة فقد عجزوا عنها.
قال ابن الجوزي في التذكرة: أي عمو عن الحجج فلا يسأل بعضهم بعضا عن حجة.
قال الواحدي في الوجيز: عميت عليهم الحجج لأن الله تعالى قد أعذر إليهم في الدنيا فلا تكون لهم حجة يومئذ فسكتوا فذلك قوله: ( فهم لا يتساءلون ) أي: لا يسأل بعضهم بعضا عم يحتجون به.
قال السمرقندي: يعني: ألبست عليهم الحجج يومئذ من الهول فهم لا يتساءلون.
قلت: ومما جاء في معنى الخبر قوله تعالى (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ. عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ): أي عن الخبر العظيم؛ وهو القرآن، وقيل البعث. وسيأتي مفصلا ( إن شاء الله ).
وقوله ( أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ ۛ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ ۛ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ ۚ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ ): قال الزجاج: أي ألم يأتهم أخبار أولئك والنوازل بهم. انتهى كلامه.
*قوله «الذين من قبلهم»*: قال مقاتل: ﻳﻌﻨﻰ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻬﻢ ﻳﻌﻨﻲ ﻋﺬﺍﺏ.
*قوله «قوم نوح»*: ومعنى الكلام: ألم يأت هؤلاء المنافقين خبر قوم نوح وصنيعي بهم، إذ كذبوا رسولي نوحًا، وخالفوا أمري؟ ألم أغرقهم بالطوفان؟.
قاله الطبري.
*قوله «وعاد»*: ﻭﺧﺒﺮ ﻋﺎﺩ، ﺇﺫ ﻋﺼﻮﺍ ﺭﺳﻮﻟﻲ ﻫﻮﺩﺍ، ﺃﻟﻢ ﺃﻫﻠﻜﻬﻢ ﺑﺮﻳﺢ ﺻﺮﺻﺮ ﻋﺎﺗﻴﺔ.
قاله الطبري.
قال السمرقندي: وقوم عاد كيف أهلكناهم بالريح العقيم؟
*قوله «وثمود»،*: وخبر ثمود، إذ عصوا رسولي صالحًا، ألم أهلكهم بالرجفة؛ فأتركهم بأفنيتهم خمودًا؟
قاله الطبري.
قال السمرقندي: وقوم ثمود، وهم قوم صالح كيف أهلكناهم بالصيحة؟
*قوله «وقوم إبراهيم»*: وخبر قوم إبراهيم، إذ عصوه وردُّوا عليه ما جاءهم به من عند الله من الحق، ألم أسلبهم النعمة، وأهلك ملكهم نمرود؟.
قاله الطبري.
*قوله «وأصحاب مدين»*: وخبر أصحابِ مَدْين بن إبراهيم، ألم أهلكهم بعذاب يوم الظلة إذ كذبوا رسولي شعيبًا؟.
قاله الطبري.
قال السمرقندي: وأصحاب مدين وهم قوم شعيب كيف أهلكناهم بعذاب يوم الظلة؟
*قوله «والمؤتفكات»*: المنقلبات، والمكذبات؛ قرى قوم لوط. يعني: أهلها.
قال الصافي: ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺣﺬﻑ ﻣﻀﺎﻑ ﺃﻱ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺆﺗﻔﻜﺎﺕ. انتهى كلامه.
فالمنقلبات: جمع المؤتفكة، وهي المنقلبة؛ قلبها جبريل بأمر ربه.
وهي المؤتفكة: أي المكذبة؛ كذبت رسل الله، بتكذيبهم لوطا_ عليه السلام_ فهي من الإفك. اي: الكذب؛ وسمي الكذب: إفكا: لقلبه الحق إلى ضده.
فالإفك: القلب. فيشمل قلب القرية، ويشمل كذبهم؛ لأنه قلب عن الحق؛ وهذا واقعهم.
وحملني أمران على القول بالجمع بين الإنقلاب، والتكذيب:
الأول: من ناحية الواقع؛ فهي منقلبات؛ انقلبت، وغشاها ما غشى؛ بأن جعل عاليها سافلها، وأمطرت.
قال ابن أبي زمنين: يعني المنقلبات.
قال الواحدي في البسيط: ومعنى الائتفاك في اللغة: الانقلاب.
قال السمرقندي: والمؤتفكات، يعني: مدائن قوم لوط. والمؤتفكات جمع المؤتفكة، لأنها ائتفكت بهم، يعني: انقلبت بهم.
قال الألوسي: جمع مؤتفكة من الائتفاك وهو الانقلاب بجعل أعلى الشيء أسفل بالخسف ، والمراد بها إما قريات قوم لوط عليه السلام فالائتفاك على حقيقته فإنها انقلبت بهم وصار عاليها سافلها وأمطر على من فيها حجارة من سجيل.
قال معمر بن المثنى: ﻗﻮﻡ ﻟﻮﻁ ﺍﺋﺘﻔﻜﺖ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﺄﺭﺽ ﺃﻱ ﺍﻧﻘﻠﺒﺖ ﺑﻬﻢ.
قال ابن قتيبة: ﻣﺪﺍﺋﻦ ﻗﻮﻡ ﻟﻮﻁ؛ ﻟﺄﻧﻬﺎ ﺍﺋﺘﻔﻜﺖ ﺃﻱ ﺍﻧﻘﻠﺒﺖ.
قال غلام ثعلب: ﺍﻟﻤﺘﻘﻠﺒﺎﺕ ﺑﺎﻟﺨﺴﻒ ﻭﺍﻟﺰﻟﺎﺯﻝ.
قال ابن الهائم: ﻣﺪﺍﺋﻦ ﻗﻮﻡ ﻟﻮﻁ. ﺍﺋﺘﻔﻜﺖ ﺑﻬﻢ: ﺃﻱ ﺍﻧﻘﻠﺒﺖ.
قال النحاس: ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺳﻤﻴﺖ ﻣﺆﺗﻔﻜﺎﺕ ﻟﺄﻧﻬﺎ ﺍﺋﺘﻔﻜﺖ ﺑﻬﻢ ﺃﻱ ﺍﻧﻘﻠﺒﺖ. ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﺈﻓﻚ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻟﺄﻧﻪ ﻣﻘﻠﻮﺏ ﻭﻣﺼﺮﻭﻑ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺪﻕ.
والثاني: المكذبات؛ لأنهم كذبوا لوطا_ عليه السلام_؛ قال الله ( كذبت قوم لوط المرسلين )، ولقوله ( والمؤتفكة أهوى ): أي المكذبة أهوى. يعني: أسقط. وهي قرية قوم لوط بإجماع من المفسرين،كما حكاه ابن عطية.
فلا يصلح أن يقال والمنقلبة: قلبها! فهذا تحصيل حاصل. ( ينظر التفسير الكبير للرازي )،و( تفسير السمرقندي ).
وإن كان لقائل أن يقول: إن هذا تفسير باللازم.
قال الكرماني: أبو الليث( السمرقندي ): فسرها بالمكذبة من الإفك.
قال مقاتل: والمؤتفكات يعني المكذبات يعني قوم لوط القرى الأربعة أتتهم رسلهم بالبينات تخبرهم أن العذاب نازل بهم في الدنيا فكذبوهم فأهلكوا.
*قوله «أتتهم رسلهم»*: يعني جميع الأنبياء.
قاله القرطبي.
وزاد: وقيل أتت أصحابَ الموتفكاتِ رسلُهم.
قلت ( عبدالرحيم ): وعليه: فكيف جمع الله الرسل، ولم يرسل لهم إلا رسولا واحدا؟
فالجواب: قال الله ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله )، وقال النبي: والأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد. شطر من حديث رواه البخاري من حديث أبي هريرة.
فمن كذب برسول كذب بهم جميعا لذا قال تعالى ( كذبت قوم لوط المرسلين )، وما كان في معناها في القرآن كله.
*قوله «بالبيِّنات»*: بالكتب، والمعجزات؛ فكذبوهم فأُهلكوا.
*قوله «فما كان الله ليظلمهم»*: لتمام عدله، وحكمته؛ فلم يهلكهم بغير ذنب.
قال السمرقندي: يعني لم يهلكهم بغير ذنب.
وبنحوه قال مقاتل.
*قوله «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون»*: بمعصية الله، وتكذيبهم الرسل.
_______________
المصدر:
مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى، غريب القرآن لابن قتيبة، معاني القرآن للنحاس، ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن لغلام ثعلب، التبيان في تفسير غريب القرآن لابن الهائم، تذكرة الأريب في تفسير الغريب لابن الجوزي، معاني القرآن للزجاج، معاني القرآن للنحاس، تفسير مقاتل، الجدول في إعراب القرآن لمحمود الصافي، تفسير مقاتل، تفسير الطبري، البرهان في علوم القرآن للزركشي، الإتقان في علوم القرآن للسيوطي، معترك الأقران في إعجاز القرآن للسيوطي، النشر في القراءات العشر لأبي الخير ابن الجزري، غرائب التفسير وعجائب التأويل لبرهان الدين الكرماني، المحرر الوجيز لابن عطية، تفسير السمرقندي، الوجيز للواحدي، البسيط للواحدي، تفسير السمعاني، تفسير القرطبي، الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي، درج الدرر في تفسير الآي والسور للجرجاني، فتح القدير للشوكاني، فتح البيان في مقاصد القرآن لصديق حسن خان، تفسير ابن أبي زمنين، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي.
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
*للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ*: 00966509006424