عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
New member
*الوسيط في تفسير معاني وغريب القرآن*
قوله تعالى
( قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَامُوسَى (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58)قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى(59) ) طه
*قوله {قال}:* يعني فرعون.
*قوله {أجئتنا لتخرجنا من أرضنا}:* يعني: مصر.
*قوله {بسحرك}:* اليد والعصا؛
زعم فرعون أن هاتين الآيتين "سحر"، وإنما هي برهانان من الله الحق؛ لكن هذا شأن عدو الإسلام( يفتري).
لذا جاء بعدها في الآيات( قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى): فيسحتكم: يستأصلكم.
قاله غلام ثعلب.
*قوله {يا موسى}:* أي تريد أن تغلب على ديارنا فيكون لك الملك وتخرجنا منها.
*قوله {فلنأتينك بسحر مثله}:* فلنعارضنَّ سحرك بسحرٍ مثله.
*قوله {فاجعل}:* يعني: اختر أنت يا موسى - عليه السلام.
وهذا يدل على أن أمر موسى كان قد قوي، وكثر منعته من بني إسرائيل ووقع أمره في نفوس الناس.
*قوله {بيننا وبينك}:* لمعارضتنا إيَّاك.
*قوله {موعدا }:* يعني وقتا للاجتماع.
قال القرطبي: هو مصدر، أي وعدا.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى (بل زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً ): قال البقاعي: أي مكانا ووقتا نجمعكم فيه هذا الجمع فننجز ما وعدناكم به على ألسنة الرسل.
*قوله {لا نخلفه نحن ولا أنت}:* أي لا نتخلف نحن ولا أنت.
وأراد بالموعد ها هنا موضعاً يتواعدون للاجتماع هناك.
*قوله {مكانا سوى}:*: مكانا عدلا نصفا لنا ولك.
أي: مكانا عدلا وسطا بين الموضعين؛ تستوي مسافته إلينا وإليك؛ يعني مسافة الجائي من الطرفين.
قال الراغب: والسوي يقال فيما يصان عن الإفراط، والتفريط من حيث القدر، والكيفية.
وقال النحاس: وأهل التفسير على أن معنى" سوى" نصف وعدل وهو قول حسن،
قال سيبويه يقال: سوى وسوى أي عدل، يعني مكانا عدل، بين المكانين فيه النصفة.
قاله القرطبي، القرطبي.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى ) قال السمرقندي: يعني: العدل.
وقال ابن أبي زمنين: يعني: الطريق المعتدل.
ومنه ( أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ): قال ابن أبي زمنين: عدلا يبصر حيث يسلك، وهذا مثل المؤمن.
قال الواحدي في البسيط: معتدلا يبصر الطريق.
*قوله {قال}:* يعني: قال موسى لفرعون.
*قوله {موعدكم}:* والتقدير: وقت موعدكم، ووقت حشر الناس.
*قوله {يوم الزينة}:* يوم العيد.
قاله ابن قتيبة، وأبو عبيدة معمر بن المثنى، ومكي، وأبو بكر السجستاني، وأبو حيان الأندلسي، وابن الهائم .
وهو يوم عيد لهم في كل سنة؛ يتزينون فيه ويجتمعون.
والمعنى: سيقع في يوم الزينة.
وروي عن ابن عباس: هو يوم عاشوراء.
وقيل: يوم سوق كان لهم يتزينون فيه.
قال السمرقندي، ومقاتل: وهو يوم النيروز.
قلت: ولعل هذا ما حمل عطاء: على القول بكراهة الزينة للأعياد؛ وقال: هو من عمل الكفار.
وسيأتي بسط الكلام في هذه الآيات؛ عند تفسيرنا لسورة طه ( إن شاء الله ).
*قوله {وأن يحشر الناس}:* يجمع.
قاله مجير الدين العليمي، والواحدي(ج)، وجلال الدين المحلي.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( وإذا الوحوش حشرت ): قال الطبري، وابن أبي زمنين، ومكي: جمعت.
وزاد الطبري: فأميتت.
ومنه ( والطير محشورة كل له أواب ): أي مجموعة.
قاله الطبري، وابن فورك، والسمعاني.
*قوله {ضحى}:* يعنى: أول النهار؛ للجمع في اليوم الذي فيه العيد؛ نهارا جهارا، ليكون أبعد من الريبة.
وقد جرت العادة أن الأعياد تكون في أول النهار، وكذلك اجتماع الناس في الأمور أكثر ما يكون في أول النهار.
والمعنى: إذا رأيت الناس يُحشرونَ، ويجتمعون من كل فج وناحية وقت الضحى؛ فذلك الموعد ووقته؛ للنظر فيما يقع فيه.
وفيه إشارة إلى قوة يقين موسى - عليه السلام - وثقته بموعود بربه؛ أمام جبار عنيد؛ قال"أنا ربكم الأعلى".
وأنه أراد - صلوات الله عليه - أن يكون أبلغ في الحجَّة وأشهر ذكراً في الجمع.
_______________
المصدر:
تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب لأبي حيان الأندلسي، ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن لغلام ثعلب، تفسير المشكل من غريب القرآن لمكي القيسي، غريب القرآن لابن قتيبة، مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى، المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني، التبيان في تفسير غريب القرآن لابن الهائم، غريب القرآن لأبي بكر السجستاني، معاني القرآن للزجاج، معاني القرآن للفراء، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي، الوجيز للواحدي، تفسير البغوي، تفسير السمرقندي، تفسير السمعاني، تفسير مقاتل، تفسير الجلالين، تفسير ابن أبي زمنين، تفسير القرطبي، تفسير الطبري، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي، البسيط للواحدي، الوجيز للواحدي، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي، فتح الرحمن في تفسير القرآن لمجير الدين العليمي، تفسير ابن فورك، الكليات للكفوي.
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
*للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*
للمتابعة ( تليجرام ): https://t.me/abdelrehim19401940
قوله تعالى
( قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَامُوسَى (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58)قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى(59) ) طه
*قوله {قال}:* يعني فرعون.
*قوله {أجئتنا لتخرجنا من أرضنا}:* يعني: مصر.
*قوله {بسحرك}:* اليد والعصا؛
زعم فرعون أن هاتين الآيتين "سحر"، وإنما هي برهانان من الله الحق؛ لكن هذا شأن عدو الإسلام( يفتري).
لذا جاء بعدها في الآيات( قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى): فيسحتكم: يستأصلكم.
قاله غلام ثعلب.
*قوله {يا موسى}:* أي تريد أن تغلب على ديارنا فيكون لك الملك وتخرجنا منها.
*قوله {فلنأتينك بسحر مثله}:* فلنعارضنَّ سحرك بسحرٍ مثله.
*قوله {فاجعل}:* يعني: اختر أنت يا موسى - عليه السلام.
وهذا يدل على أن أمر موسى كان قد قوي، وكثر منعته من بني إسرائيل ووقع أمره في نفوس الناس.
*قوله {بيننا وبينك}:* لمعارضتنا إيَّاك.
*قوله {موعدا }:* يعني وقتا للاجتماع.
قال القرطبي: هو مصدر، أي وعدا.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى (بل زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً ): قال البقاعي: أي مكانا ووقتا نجمعكم فيه هذا الجمع فننجز ما وعدناكم به على ألسنة الرسل.
*قوله {لا نخلفه نحن ولا أنت}:* أي لا نتخلف نحن ولا أنت.
وأراد بالموعد ها هنا موضعاً يتواعدون للاجتماع هناك.
*قوله {مكانا سوى}:*: مكانا عدلا نصفا لنا ولك.
أي: مكانا عدلا وسطا بين الموضعين؛ تستوي مسافته إلينا وإليك؛ يعني مسافة الجائي من الطرفين.
قال الراغب: والسوي يقال فيما يصان عن الإفراط، والتفريط من حيث القدر، والكيفية.
وقال النحاس: وأهل التفسير على أن معنى" سوى" نصف وعدل وهو قول حسن،
قال سيبويه يقال: سوى وسوى أي عدل، يعني مكانا عدل، بين المكانين فيه النصفة.
قاله القرطبي، القرطبي.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى ) قال السمرقندي: يعني: العدل.
وقال ابن أبي زمنين: يعني: الطريق المعتدل.
ومنه ( أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ): قال ابن أبي زمنين: عدلا يبصر حيث يسلك، وهذا مثل المؤمن.
قال الواحدي في البسيط: معتدلا يبصر الطريق.
*قوله {قال}:* يعني: قال موسى لفرعون.
*قوله {موعدكم}:* والتقدير: وقت موعدكم، ووقت حشر الناس.
*قوله {يوم الزينة}:* يوم العيد.
قاله ابن قتيبة، وأبو عبيدة معمر بن المثنى، ومكي، وأبو بكر السجستاني، وأبو حيان الأندلسي، وابن الهائم .
وهو يوم عيد لهم في كل سنة؛ يتزينون فيه ويجتمعون.
والمعنى: سيقع في يوم الزينة.
وروي عن ابن عباس: هو يوم عاشوراء.
وقيل: يوم سوق كان لهم يتزينون فيه.
قال السمرقندي، ومقاتل: وهو يوم النيروز.
قلت: ولعل هذا ما حمل عطاء: على القول بكراهة الزينة للأعياد؛ وقال: هو من عمل الكفار.
وسيأتي بسط الكلام في هذه الآيات؛ عند تفسيرنا لسورة طه ( إن شاء الله ).
*قوله {وأن يحشر الناس}:* يجمع.
قاله مجير الدين العليمي، والواحدي(ج)، وجلال الدين المحلي.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( وإذا الوحوش حشرت ): قال الطبري، وابن أبي زمنين، ومكي: جمعت.
وزاد الطبري: فأميتت.
ومنه ( والطير محشورة كل له أواب ): أي مجموعة.
قاله الطبري، وابن فورك، والسمعاني.
*قوله {ضحى}:* يعنى: أول النهار؛ للجمع في اليوم الذي فيه العيد؛ نهارا جهارا، ليكون أبعد من الريبة.
وقد جرت العادة أن الأعياد تكون في أول النهار، وكذلك اجتماع الناس في الأمور أكثر ما يكون في أول النهار.
والمعنى: إذا رأيت الناس يُحشرونَ، ويجتمعون من كل فج وناحية وقت الضحى؛ فذلك الموعد ووقته؛ للنظر فيما يقع فيه.
وفيه إشارة إلى قوة يقين موسى - عليه السلام - وثقته بموعود بربه؛ أمام جبار عنيد؛ قال"أنا ربكم الأعلى".
وأنه أراد - صلوات الله عليه - أن يكون أبلغ في الحجَّة وأشهر ذكراً في الجمع.
_______________
المصدر:
تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب لأبي حيان الأندلسي، ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن لغلام ثعلب، تفسير المشكل من غريب القرآن لمكي القيسي، غريب القرآن لابن قتيبة، مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى، المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني، التبيان في تفسير غريب القرآن لابن الهائم، غريب القرآن لأبي بكر السجستاني، معاني القرآن للزجاج، معاني القرآن للفراء، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي، الوجيز للواحدي، تفسير البغوي، تفسير السمرقندي، تفسير السمعاني، تفسير مقاتل، تفسير الجلالين، تفسير ابن أبي زمنين، تفسير القرطبي، تفسير الطبري، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي، البسيط للواحدي، الوجيز للواحدي، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي، فتح الرحمن في تفسير القرآن لمجير الدين العليمي، تفسير ابن فورك، الكليات للكفوي.
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
*للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*
للمتابعة ( تليجرام ): https://t.me/abdelrehim19401940