معاني وغريب القرآن ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ ).

إنضم
17/08/2016
المشاركات
680
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
المملكة العربية
قوله تعالى
( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) الأنفال [60]

قوله (وأعدوا ): قال السيوطي: لقتالهم.

قال الواحدي: أي: خذوا العدة لعدوكم

قوله ( لهم): للكفار.
قاله الإيجي الشافعي.

قال النسفي: لناقضي العهد أو لجميع الكفار.

قوله (ما استطعتم من قوة): قال صلى الله عليه وسلم: هي الرمي. رواه مسلم
قاله السيوطي.

قلت( عبدالرحيم ): يشير- رحمه الله - إلى حديث عقبة بن عامر، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر، يقول:
( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة )، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي. رواه مسلم.

قال الواحدي: مما تتقوون به على حربهم من السلاح والقسي وغيرهما.

قال ابن قتيبة: أي: من سلاح.

وقال عكرمة: الحصون.
حكاه السمرقندي.

قال أبوبكر الجرجاني: عام في كل ما يتقوى به على الأعداء من سلاح وكراع.

قال الزمخشري: من كل ما يتقوى به في الحرب من عددها.

قال الطبري: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أمر المؤمنين بإعداد الجهاد وآلة الحرب وما يتقوّون به على جهاد عدوه وعدوهم من المشركين، من السلاح والرمي وغير ذلك، ورباط الخيل ولا وجه لأن يقال: عني بـ " القوة "، معنى دون معنى من معاني " القوة ", وقد عمَّ الله الأمر بها.
فإن قال قائل: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بيَّن أن ذلك مراد به الخصوص بقوله: ألا إن القوة الرمي؟
قيل له: إن الخبر، وإن كان قد جاء بذلك، فليس في الخبر ما يدل على أنه مراد بها الرمي خاصة، دون سائر معاني القوة عليهم, فإن الرمي أحد معاني القوة, لأنه إنما قيل في الخبر: " ألا إن القوة الرمي"، ولم يقل: " دون غيرها "، ومن " القوة " أيضًا السيف والرمح والحربة, وكل ما كان معونة على قتال المشركين, كمعونة الرمي أو أبلغ من الرمي فيهم وفي النكاية منهم. هذا مع وهاء سند الخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى

قال ابن عطية: قال القاضي أبو محمد: وهذا هو الصواب، والخيل والمركوب في الجملة والمحمول عليه من الحيوان والسلاح كله والملابس الباهية والآلات والنفقات كلها داخلة في القوة، وأمر المسلمون بإعداد ما استطاعوا من ذلك، ولما كانت الخيل هي أصل الحروب وأوزارها والتي عقد الخير في نواصيها وهي أقوى القوة وحصون الفرسان خصها الله بالذكر تشريفا على نحو قوله ( من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال )، وعلى نحو قوله ( فاكهة ونخل ورمان ) وهذا كثير. انتهى

قوله (ومن رباط الخيل): مصدر. بمعنى حبسها في سبيل الله.
قاله السيوطي.

قال البغوي، وابن الجوزي: يعني ربطها واقتناؤها للغزو.

قال الواحدي: مما يرتبط من الفرس في سبيل الله.

قال عكرمة: القوة: ذكور الخيل. ورباط الخيل: إناثها.
قال ابن عطية: وهذا قول ضعيف.

قال القرطبي: والمستحب منها الإناث، قاله عكرمة وجماعة. وهو صحيح، فإن الأنثى بطنها كنز وظهرها عز.

وروي عن خالد بن الوليد أنه قال: لا يركب في القتال إلا الإناث لقلة صهيلها.
حكاه الخطيب الشربيني.

قوله (ترهبون به): تخيفونهم به.

قال الواحدي: تُخَوِّفون به بما استطعتم.

قال السمرقندي: تُخَوِّفون بالسلاح عدو الله وعدوكم، يعني: كفار العرب.

قوله (عدو الله وعدوكم): أي كفار مكة.
قاله السيوطي.

قال الواحدي: مشركي مكة وكفار العرب.

قلت ( عبدالرحيم ): لا يُتوهم أن هذا خاص بكفار العرب؛ فهذا عام في جميع الكفار؛ لعموم قوله ( عدو الله وعدوكم ).

قوله (وآخرين ): أي: من دون كفار مكة.
قاله الإيجي الشافعي.

قوله (من دونهم ): أي وترهبون آخرين من دونهم.
قاله الزجاج.

قال النحاس: أي وترهبون آخرين؛ أي: تخيفونهم.

قال السيوطي: أي غيرهم؛ وهم المنافقون أو اليهود.

قال مجاهد، وقتادة، والسمرقندي: هم بنو قريظة.

وقال مقاتل: أي من دون كفار العرب، يعني: اليهود.

وقال السدي: وآخرين من دونهم أهل فارس.

قال مكي متعقبا: وهذان القولان يردهما علم المؤمنين ببني قريظة وبفارس.

قال أبو بكر الجزائري: وما دام الله عز وجل لم يسمهم فلا يجوز أن يقال هم كذا.. بصيغة الجزم، غير أنا نعلم أن أعداء المسلمين كل أهل الأرض من أهل الشرك والكفر من الإنس والجن.

قال ابن زيد، والواحدي: هم المنافقون.

وممن صحح هذا القول الرازي. حيث قال: الأصح أنهم هم المنافقون، والمعنى: أن تكثير أسباب الغزو كما يوجب رهبة الكفار فكذلك يوجب رهبة المنافقين.
فإن قيل: المنافقون لا يخافون القتال فكيف يوجب ما ذكرتموه الإرهاب؟
قلنا: هذا الإرهاب من وجهين: الأول: أنهم إذا شاهدوا قوة المسلمين وكثرة آلاتهم وأدواتهم انقطع عنهم طمعهم من أن يصيروا مغلوبين، وذلك يحملهم على أن يتركوا الكفر في قلوبهم وبواطنهم ويصيروا مخلصين في الإيمان، والثاني: أن المنافق من عادته أن يتربص ظهور الآفات ويحتال في إلقاء الإفساد والتفريق فيما بين المسلمين، فإذا شاهد كون المسلمين في غاية القوة خافهم وترك هذه الأفعال المذمومة. انتهى

قال مكي: وهذا قول حسن موافق لقوله: ( لا تعلمونهم )، فالله هو المطلع على سرائرهم.

وقيل: هم كفار الجن.
حكاه البغوي.

قال الجرجاني: الجن. واختاره الطبري.

قال مكي في الهداية: وهو أحسن الأقوال؛ لما روي أن الجن تفر من صهيل الخيل. وروي: أن الجن لا تقرب دارا فيها فرس، وأيضا: فإن لا نعلمهم، كما قال عز وجل. روى ابن مقسم: أن رجلا أتى ابن عباس، فشكا إليه ابنته تعترى، فقال له: ارتبط فرسا، إن كنت ممن يركب الخيل وإلا فاتخذه، فإن الله جل اسمه، يقول: ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم )، فإن الجن من الذين لا تعلمونهم، ففعل الرجل ما أمره، فانصرف عن ابنته العارض. انتهى

قال الطبري: وأما قوله: (وآخرين من دونهم لا تعلمونهم)، فإن قول من قال: عنى به الجن, أقربُ وأشبهُ بالصواب، لأنه جل ثناؤه قد أدخل بقوله: وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ، الأمرَ بارتباط الخيل لإرهاب كل عدوٍّ لله وللمؤمنين يعلمونهم, ولا شك أن المؤمنين كانوا عالمين بعداوة قريظة وفارس لهم, لعلمهم بأنهم مشركون، وأنهم لهم حرب. ولا معنى لأن يقال: وهم يعلمونهم لهم أعداءً: (وآخرين من دونهم لا تعلمونهم)، ولكن معنى ذلك إن شاء الله: ترهبون بارتباطكم، أيها المؤمنون، الخيلَ عدوَّ الله وأعداءكم من بني آدم الذين قد علمتم عداوتهم لكم، لكفرهم بالله ورسوله, وترهبون بذلك جنسًا آخر من غير بني آدم، لا تعلمون أماكنهم وأحوالهم، الله يعلمهم دونكم, لأن بني آدم لا يرونهم. وقيل: إن صهيل الخيل يرهب الجن, وأن الجن لا تقرب دارًا فيها فرس. انتهى

قال الرازي: وهذا القول مشكل، لأن تكثير آلات الجهاد لا يعقل تأثيره في إرهاب الجن.

قال ابن عطية معقبا على قول الطبري : وفيه على احتماله نظر، وكان الأهم في هذه الآيات أن يبرز معناها في كل ما يقوي المسلمين على عدوهم من الإنس وهم المحاربون والذين يدافعون على الكفر ورهبتهم من المسلمين هي النافعة للإسلام وأهله، ورهبة الجن وفزعهم لا غناء له في ظهور الإسلام، بل هو تابع لظهور الإسلام وهو أجنبي جدا والأولى أن يتأول المسلمين إذا ظهروا وعزوا هابهم من جاورهم من العدو المحارب لهم، فإذا اتصلت حالهم تلك بمن بعد من الكفار داخلته الهيبة وإن لم يقصد المسلمون إرهابهم فأولئك هم الآخرون.

قوله (لا تعلمونهم الله يعلمهم): فأعدوا لهم أيضا.

قال النسفي: لا تعرفونهم بأعيانهم.

قوله ( وما تنفقوا من شيء في سبيل الله ): يعني: السلاح والخيل.

قال الواحدي: من آلة وسلاح وصفراء وبيضاء.

قوله ( يوف إليكم): جزاؤه .

وقال السمرقندي: يوف إليكم ثوابه.

قال الواحدي: خلف لكم في العاجل ويوفر لكم أجره في الآخرة.

قوله (وأنتم لا تظلمون): تنقصون منه شيئا.
قال السيوطي.

قال السمرقندي: أي لا تنقصون من ثواب أعمالكم. ويقال: إن الجن لا يدخل في بيت فيه قوس وسهام. انتهى

قال الواحدي: لا تنقصون من الثواب.

قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى( ولم تظلم منه شيئا ): قال ابن قتيبة: أي لم تنقص منه.
____________
المصدر:
غريب القرآن لابن قتيبة، تذكرة الأريب في تفسير الغريب لابن الجوزي، معاني القرآن للزجاج، معاني القرآن للنحاس، معاني القرآن للفراء، المحرر الوجيز لابن عطية، درج الدرر في تفسير الآي والسور للجرجاني، التفسير الكبير للرازي، تفسير النسفي، الكشاف للزمخشري، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي، الوجيز للواحدي، جامع البيان للإيجي الشافعي، تفسير الطبري، تفسير البغوي، تفسير القرطبي، تفسير السمرقندي، السراج المنير للخطيب الشربيني، تفسير الجلالين، أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري.

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك: 00966509006424
 
عودة
أعلى