معاني وغريب القرآن لسورة الأنفال- آية [67]

إنضم
17/08/2016
المشاركات
680
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
المملكة العربية
قوله تعالى
( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) الأنفال [67]

نزلت لما أخذوا الفداء من أسرى بدر.

قال بيان الحق: في أسارى بدر حين رأى النبي عليه السلام فيهم الفداء، بعد شُورَى الصحابة.

قال الجرجاني: وقد كان النبي -عليه السلام- مَنّ على أساريه وأنعم عليهم بقبول الفداء قبل أن يثخن في أعدائه القتل، وكان ذلك بمشاورة بعض الصحابة فعاتبه الله على ذلك وأخبر عن غرض أصحابه في قبول الفداء.

قوله « مَا كَانَ لِنَبِي »: إخبار عن ما مضى من شأن الأنبياء نزل على سبيل الإنكار والعتاب، أي ما جاز لنبي قط أن يكون له أسرى يفتدون منه.
قاله الجرجاني.

قال الزمخشري: ومعنى ما كانَ ما صح له وما استقام، وكان هذا يوم بدر، فلما كثر المسلمون نزل ( فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً ).

قوله «حتى يثخن في الأرض»: أي حتى يبالغ في قتل الكفار؛ إذ الأسر بعد المبالغة في القتل.

قال الإيجي الشافعي: يكثر القتل فيعز الإسلام ويذل الكفر.
قال الزجاج: فالأسر بعد المبالغة في القتل.

وقال أيضا: معناه حتى يبالغ في قتل أعدائه، ويجوز أن يكون حتى يتمكن في الأرض.
والِإثخان في كل شيء قوة الشيء وشدته يقال قد أثخنته.

قال بيان الحق، ونجم الدين النيسابوري: يُكْثِر القتل.

قال الخازن: والمعنى حتى يبالغ في قتال المشركين ويغلبهم ويقهرهم فإذا حصل ذلك فله أن يقدم على الأسر فيأسر الأسارى.

قال ابن الجوزي: أي يبالغ في قتل اعدائه وكانوا اشاروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم باخذ الفدية يوم بدر فنزلت الآية.

قال الزمخشري: يعنى حتى يذل الكفر ويضعفه بإشاعة القتل في أهله، ويعز الإسلام ويقويه بالاستيلاء والقهر. ثم الأسر بعد ذلك.

قال السمعاني: الْإِثْخان: القتل، وقيل: المبالغة في التنكيل.

قال أبو السعود: أي يُكثِر القتل ويبالغ فيه حتى يذل الكفرة ويقل حزبه ويعز الإسلامُ ويستولي أهلُه. من أثخنه المرض والجرح إذا أثقله وجعله بحيث لا حَراكَ به ولا براحَ وأصله الثخانة التي هي الغلط والكثافة وقرئ بالتشديد للمبالغة.

قال البقاعي: أي يبالغ في قتل أعدائه، فهو عتاب لمن أسر من الصحابة غير من نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله من المشركين أو رضي بذلك.

قال مكي: أي حتى يبالغ في قتل المشركين وقهرهم.

قال أبو بكر السجستاني، وابن الهائم: يغلب على كثير من الأرض، ويبالغ في قتل أعدائه.

قال الماوردي في النكت: فيه وجهان: أحدهما هو الغلبة والاستيلاء، قاله السدي.
والثاني: هو كثرة القتل ليُعزَّ به المسلمون ويذل به المشركين. قاله مجاهد. انتهى

قال البخاري: يعني يغلب في الأرض.

وعن ابن عباس: حتى يظهر على الأرض.
رواه ابن أبي حاتم.

وقال ابن أبي زمنين: حتى يتمكن.
وقال أيضا: أَي: يبالغ في القتل.


قال سعيد بن جبير: لا ينبغي أن يقع أسر حتى يثخن بالقتل في العدو.
حكاه النحاس.

قال الفراء: حتى يغلب على كثير من في الأرض.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: حتى يغلب ويغالب ويبالغ.

قال السمرقندي: يعني: حتى يغلب في الأرض على عدوه.

وقال غلام ثعلب: حتى يغلب ويقتل.

قال النحاس: قال مجاهد الإثخان القتل وقيل حتى يثخن في الأرض حتى يبالغ في قتل أعدائه وقيل حتى يتمكن في الأرض والإثخان في اللغة القوة والشدة.

قال الواحدي: الآية نزلت في فداء أسارى بدر فادوهم بأربعة ألاف ألف فأنكر الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: لم يكن لنبيِّ أن يحبس كافراً قَدَر عليه للفداء فلا يكون له أيضاً حتى يُثخن في الأرض: يُبالغ في قتل أعدائه.

قلت( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ ): قال ابن الهائم، وابن الجوزي: أكثرتم فيهم القتل .

قوله «تريدون»: أيها المؤمنون.

قوله «عَرَض الدنيا»: الفداء.
وأجمع المفسرون على أن المراد من عرض الدنيا هاهنا هو أخذ الفداء.
قاله الرازي.

قال البغوي: بأخذكم الفداء.

قال الإيجي الشافعي: حطامها، أي: الفداء.

قال ابن عطية: والمراد ما أخذ من الأسرى من الأموال.

قال أبو السعود: استئناف مَسوقٌ للعتاب أي تريدون حطامها بأخذكم الفداء.

قال مكي: هذا للمؤمنين الذين رَغِبُوا في أخذ المال والفداء.

قال معمر بن المثنى: طمعها ومتاعها.

وقال غلام ثعلب: تريدون متاع الدنيا.

وقال السمرقندي، والواحدي: الفداء.

وقال عكرمة: الخراج.
رواه ابن أبي حاتم.

قال الماوردي: يعني المال، سماه عرضاً لقلة بقائه.

قال نجم الدين النيسابوري: ومتاع الدنيا: عرض لقلة بقائه ووشك فنائه.

قوله «والله يريد»: لكم.

قوله «الآخرة»: أي ثوابها بقتلهم.
قاله السيوطي.

قال الإيجي الشافعي: أي: يريد لكم ثواب الآخرة، أو ما هو سبب نيل الجنة من إعزاز الدين وقمع الملحدين.

قال الماوردي: يعني العمل بما يوجب ثواب الآخرة.

وقال السمرقندي: يعني: عزة الدين.

وقال مكي: أي يريد لكم زينة الآخرة وخيرها.

قال البقاعي: وذلك بالإثخان في قتلهم لظهور الدين الذي تريدون إظهاره والذي به تدرك الآخرة، ولا ينبغي للمحب أن يريد إلا ما يريد حبيبه.

قال الواحدي: يريد لكم الجنة بقتلهم وهذه الآية بيان عما يجب أن يجتنب من اتخاذ الأسرى للمن أو الفِداء قبل الإِثخان في الأرض بقتل الأعداء وكان هذا في يوم بدر ولم يكونوا قد أثخنوا فلذلك أنكر الله عليهم ثمَّ نزل بعده: ( فإمَّا منَّاً بعدُ وإمَّا فداءً ).

قال ابن الجوزي: وقد روي عن ابن عباس، ومجاهد في آخرين: أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) ،
وليس للنسخ وجه، لأن غزاة بدر كانت وفي المسلمين قلة فلما كثروا واشتد سلطانُهم، نزلت الآية الأخرى، ويبيّن هذا قوله تعالى
( حَتَّى يُثْخِن فِي الْأَرْضِ).

قال ابن عطية: هذه الآية تتضمن عندي معاتبة من الله عز وجل لأصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم، والمعنى ما كان ينبغي لكم أن تفعلوا هذا الفعل الذي أوجب أن يكون للنبي أسرى قبل الإثخان، ولهم هو الإخبار ولذلك استمر الخطاب ب تُرِيدُونَ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر باستبقاء الرجال وقت الحرب ولا أراد قط عرض الدنيا، وإنما فعله جمهور مباشري الحرب، وجاء ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الآية مشيرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في العتب حين لم ينه عن ذلك حين رآه من العريش، وأنكره سعد بن معاذ ولكنه صلى الله عليه وسلم شغله بغت الأمر وظهور النصر فترك النهي عن الاستبقاء ولذلك بكى هو وأبو بكر حين نزلت هذه الآية، ومر كثير من المفسرين على أن هذا التوبيخ إنما كان بسبب إشارة من أشار على النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ الفدية...
__________
المصدر:
غريب القرآن لأبي بكر السجستاني، ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن لغلام ثعلب، التبيان في تفسير غريب القرآن لابن الهائم، مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى، معاني القرآن للزجاج، معاني القرآن للنحاس، معاني القرآن للفراء، إيجاز البيان عن معاني القرآن لنجم الدين النيسابوري، باهر البرهان في توضيح مشكلات القرآن لبيان الحق، تفسير ابن أبي حاتم، تفسير السمرقندي، تفسير ابن زمنين، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي، النكت والعيون للماوردي، جامع البيان للإيجي الشافعي، تفسير أبي السعود، الوجيز للواحدي، درج الدرر للجرجاني، تفسير السمعاني، تفسير البغوي، الكشاف للزمخشري، المحرر الوجيز لابن عطية، تذكرة الأريب في تفسير الغريب لابن الجوزي، التفسير الكبير للرازي، زاد المسير لابن الجوزي، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي، تفسير الجلالين، صحيح البخاري.

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك: 00966509006424
 
عودة
أعلى