بسم الله الرحمـن الرحيم (( وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ (62) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63) )) سورة ص
هذه الآيات شغلت تفكيري لزمن طويل ولطالما شعرت بوجود معنى عميق بداخلها والتفاسير التي تناولت موضوع الآيتين لم تكن كافية لإشباع فضولي حول المعنى خلفها والمقصود منها ، لأنك كلما تعمقت أكثر فيها شعرت بالمزيد من المعاني خلال كلماتها .
ومن التأويلات لهذه الآيات الكريمة " عن مجاهد, في قوله ( مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَارِ ) قال: ذاك أبو جهل بن هشام والوليد بن المغيرة, وذكر أناسا صُهيبا وَعَمَّارًا وخبابا, كنَّا نعدّهم من الأشرار في الدنيا."
صحيح أن أبو جهل والوليد بن المغيرة كانو يسخرون من المؤمنين لكنهم كانو يحتقرونهم ويزدرونهم وهذا مختلف عن عدهم من الأشرار ، كما أن أبو جهل وأمثاله لم يدخلو النار حتى عرفو أنهم هم الأشرار وأن أتباع النبي هم الأخيار وهذا يجعل سؤالهم في غير محله ، ذالك لأن طارحي السؤال كانو متيقنين بأنهم سيجدون أولئك الرجال في النار وهذا اليقين جعلهم يبحثون عنهم وجعلهم يتساؤلون أين هم ؟ و أباجهل قد عرف أن أتباع النبي قد نجو من النار قبل دخوله إليها لأنه في يوم الحساب سيرى كل الناس الحق على حقيقته لذالك هذا السؤال ليس مطروحاً من قبل أباجهل أو أصحابه .
هذا السؤال والله أعلم سيطرحه المتكبرين من المسلمين ، من إغتر بعمله وملأ العجب قلبه فهو راض عن نفسه كل الرضى ويحب أن يمتدحه الناس على فعله للخير لذالك يفعل الخير للرياء وليس لوجه الله ، ويحب أن يمتدح الناس صوته أثناء ترتيل القرآن ويحب أن يناديه الناس الحاج فلان ، ويرقص قلبه طرباً عندما يشيد الناس بخصاله الظاهرة لهم ، وعندما يمر على العصاة من المسلمين يشمئز منهم ويتكبر عنهم ولا يلقي بالاً لهم ليقينه بأنهم ولا شك من أهل النار ، فإذا تعامل معهم لم يفكر يوماً بأنهم ربما إستغفرو الله في خلواتهم أو ربما هم قد برو والديهم رغم معاصيهم أو ربما هم قد صبرو على شدائد ومحن غفر الله لهم بصبرهم عليها ، فهو يحكم عليهم بعينه التي تزدري فيهم قلة صدقتهم في محافل الخير وتزدري فيهم عثراتهم وكثرة أخطائهم ، ويظن أنه ربما يشفع لبضع أشخاص منهم يوم القيامة فهو إبن المكرمين وصاحب المكانة والشهامة وهو على خلق وإستقامة ولن يرده الله إذا توسط لمن يرى أنه صديق مخلص أو خادم وفي ، ومن تخاصم معهم لابد أنهم من المغضوب عليهم وأن اللعنة ستجري إليهم ، فإذا كان يوم القيامة قيل له أنك كنت تقرأ القرآن ليقال عنك قارئ وتتصدق ليقال عنك متصدق وتصلي ليقال عنك مصلي ، وتحج ليقال عنك حاج وتبني المساجد ليشيد الناس بك وتتصدق بالطعام ليثني الناس على كرمك .
إن طارح السؤال في الآيتين الكريمتين يعتبر نفسه من الآخيار ولطالما سخر من العصاة وإحتقرهم وظنهم من الأشرار ، لذالك لما تبين له أنه هو نفسه من أهل النار كان متيقناً أن من كان يسخر منهم في الحياة الدنيا لمعاصيهم وذنوبهم لابد وأنهم سبقوه إلى النار ، فهو لا يتصور أنهم ربما قد غفر الله لهم زلاتهم ومعاصيهم ، فإذا كانو هو في النار فلابد أنهم في درك أسفل منه .
وإذا وضعت هذا المعنى في ذهنك و رجعت للآيات التي قبلها تدرك من هم على وجه الخصوص (( هَٰذَا ۚ وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58) هَٰذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ ۖ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ ۚ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ (59) قَالُوا بَلْ أَنتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ ۖ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا ۖ فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60) قَالُوا رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَٰذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (61) )) ، إنهم طغاة حكام المسلمين وأتباعهم من أشباه العلماء الذين يزينون لهم أعمالهم ويمدحون خصالهم أمام الناس ، وبعد أن وقعو في النار تخاصمو وكل يتهم الآخر بأنه قد جره إلى ذالك المصير .
وفي سورة أخرى نجد المشهد من زاوية مختلفة حيث في الوقت الذي يتم البحث عنهم هؤلاء الذين يُظن أنهم من الأشرار كانو على الأعراف ، لقد خلطو عملاً صالحاً مع عمل سيئ فعلقو على الأعراف وهم لا يزالون يطمعون في دخول الجنة ، وحين علمو أن من أصحاب النار من يبحث عنهم نادوهم من الآعراف : (( وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) )) سورة الأعراف ، في هذه اللحظة عثر أصحاب النار على من كانو يبحثون عنهم ويعدونهم من الأشرار وتعزية لأنفسهم أقسمو عليهم أنهم لاحقون بهم ، ففي رأيهم أن هؤلاء الأشرار يجب أن يكونو في درك أسفل منهم ولا يمكن أن يكونو خيراً منهم ، فأتاهم الجواب من رب العالمين على لسان خزنة النار من الملائكة (( أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ۚ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ (49) )) سورة الأعراف ، وهنا نفهم أن أصحاب الأعراف إنما أخرهم الله عن دخول الجنة ليجعلهم حسرة في قلوب المتكبرين .
بارك الله فيك أخي وشكر جهدك، لكن للأسف أرى أنك جانبت الصواب في مخالفتك لما ورد عن السلف في تأويل الآية، فأنت أردت التعمق في فهمها، لكن نسيت أنهم أكثر منك عمقا وأغوص منك في معاني كلامي الله تعالى، ولعلي أذكرك بقول بعض السلف :"إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به"، ولجلالته في علم التفسير فقد كان يعتمده الإمامان البخاري والشافعي كما ذكره شيخ الإسلام -رحم الله الجميع-.
وأراك تسرعت شيئا ما في الفهم، حيث قلت :"كما أن أبا جهل وأمثاله لم يدخلوا النار حتى عرفوا أنهم هم الأشرار وأن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم هم الأخيار وهذا يجعل سؤالهم في غير محله"اهـــــــ. يا أخي تأمل قول الله تعالى: ((وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ (62) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63) )) -سورة ص-. هذا القول من أهل النار سيكون يوم القيامة حينما يكونون بين أطباقها يعذبون وفي دركاتها يهانون ومن حرها يعانون (نسأل الله السلامة والعافية)، فيسألون ويبحثون عن أناس كانوا (أي الكفار) يعدونهم ويعتبرونهم في دار الدنيا أشرارا وضلالا (يعني المؤمنون) فلا يجدونهم...وذلك أن الكفار في الدنيا كانوا يسخرون من المؤمنين ويعتبرون أن ما هم عليه من الإيمان وتوحيد العبودية لله تعالى دون ما سواه من الأنداد أن كل ذلك ضلال، كما أخبر الله تعالى عن ذلك في كثير من الآيات:
- ((إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32)) –المطففون-.
- ((أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7)) –ص-.
- ((إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ110))-المؤمنون-.
لعل الآن الأمر اتضح لك أخي الكريم لتعلم أن ما ذكره بعض السلف في تأويل الآية هو الحق، وأن قولهم (كنا نعدهم من الأشرار) يتعلق بدار الدنيا لا الآخرة، كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره:" فلما دخل الكفار النار افتقدوهم فلم يجدوهم فقالوا: { مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَارِ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأبْصَارُ } أي: في الدنيا." اهــــــــ. وكما قال إمام المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى:"ما بالنا لا نرى معنا في النار رجالا( كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَارِ ) يقول: كنا نعدهم في الدنيا من أشرارنا".اهــــــــــ.
فخلافا لما زعمت، سؤالهم سيكون في محله، فالمشهد لم يأت بعد وإنما هو حكاية عن قيل الكفار يوم القيامة عن أهل الإيمان الذين كانوا -في الدنيا- محط ازدراء واحتقار وسخرية وأهل شر وضلال عند أهل النار -عياذا بالله تعالى-.
وعليكم السلام والرحمة
أخي التدبر والتفكر في القرآن الكريم ليس حكراً على السلف حتى وإن سبقونا إلى تأويله ، وتقديس السلف لدرجة العصمة عن الخطأ فيه مبالغة وإنحراف عن الصراط القويم ، وحري بنا مواصلة البحث في القرآن الكريم والتعمق فيه لإكتشاف المزيد من معانيه وليس الجلوس بالجانب ومراجعة ما قاله السلف عنه .
بالعودة للموضوع
فخلافا لما زعمت، سؤالهم سيكون في محله، فالمشهد لم يأت بعد وإنما هو حكاية عن قيل الكفار يوم القيامة عن أهل الإيمان الذين كانوا -في الدنيا- محط ازدراء واحتقار وسخرية وأهل شر وضلال عند أهل النار -عياذا بالله تعالى-.
1 /المشهد ليس في يوم القيامة بل بعده أي بعد أن أصبحو في النار لأن سياق هذه الآيات تابع لموضوع الآيات التي قبلها ولا ينفصل عنها المعنى إلا إذا وجد سبب لترجيح فصل المعنى .
2/ ليس فقط الكفار من يسخرون من المؤمنين فنحن المسلمين لدينا أيضاً قوم متكبرين طغاة يسخرون ممن هم أقل منهم ويزدرونهم وحتى يحكمون عليهم بأعينهم .
3/ قصة البغي التي سقت كلباً فغُفر لها من الأمثلة على الأشخاص الذين يعدون من الأشرار ، فمن يرى تلك البغي يحسب أنها من أهل النار لكنهم لا يعلمون ما فعلته من خير في غيابهم ، وهذه القصة هي التي جعلتني أعيد النظر في معاني تلك الآية الكريمة .
أخي روى لي أحد الأصحاب عن رجل أقسم على أحد العلماء أنه من أهل النار حتى إنه تجرأ على أن يقول عنه أنه إن كان من أهل الجنة فسيرفض الدخول إليها !! ، هل تستطيع تخيل نوع الناس الذين يظنون أن بأيديهم مفاتيح الجنة ؟ وما أدراك لو إلتقو مع العصاة من الناس البسطاء ؟ وهذا ليس كل شيئ من الناس أنواع وأصناف يحير العقل معهم وكلما خالطت الناس إكتشفت عجائب وغرائب لم تكن تدري بوجودها ، فهم لم يكونو موجودين في عصور السلف ، ففي عصر الصحابة الطغاة هم الكفار والمشركين لذالك في غالب تأويلات الصحابة عن أهل النار تكون متعلقة بهم ، ولكن في عصرنا لقد عايشنا طغاة المسلمين ورأينا أذيالهم من أشباه العلماء الذين يطبلون لهم ويمطرونهم بالمديح والثناء وهو مالم يكن موجوداً على عصر الصحابة بل ظهر بعدهم في عصور الفتن .
لم أقل أن تدبر القرآن الكريم حكر على السلف، فلا تقولني ما لم أقل أخي.
قلت :"وتقديس السلف لدرجة العصمة عن الخطأ فيه مبالغة وإنحراف عن الصراط القويم"اهــــ. هل ذكرت في ثنايا كلامي مسألة التقديس والعصمة؟ فأنصحك أخي بما أمرنا الله به في قوله تعالى:(إن الله يأمر بالعدل)، فالعدل مأمور به في الأقوال والأفعال والأحكام، فلا تحكم علي بحكم أنا بريء منه أو تقولني كلاما لم أقله.
أنا أعلم أن القرآن الكريم بحر العلوم الذي لا ساحل له وأن باب التدبر والاستنباط مفتوح لا يمكن أن يغلقه أحد، فهو كلام الله تعالى الذي لا تنتهي عجائبه ولا تنقضي حكمه ولا تستنزف ذرره...
لكن التدبر والاستنباط لا يكون بمجرد فكرة تخطر على بال أحدنا فنحاول حمل كلام الله تعالى عليها، فهذا الأمر من محدثات التفسير كما نص عليه شيخ الإسلام في مقدمته، وهو تحميل اللفظ ما لا يحتمله أو أن نسلبه ما دل عليه.
فالآية في غاية الوضوح لا تحتاج إلى عمق بحث، وحينما قلت لك أن المشهد يتعلق بيوم القيامة فلا أقصد وقت الحساب وإنما أقصد ما بعد الحساب ودخول السعداء الجنان ودخول الأشقياء النيران -عياذا بالله تعالى-.
فلو تأملت قول الله تعالى حكاية عن أهل الكفر والطغيان (كنا نعدهم من الأشرار) حق التأمل لزال عندك الإشكال.
لكن للأسف اعتقدت فكرة وتحاول حمل الآية عليها، وهذا ليس بصواب.
(وألاحظ أخي بعض الأخطاء الإملائية والنحوية على الخصوص فيما تخطه فتنبه لها بارك الله فيك).
ولعل للكلام بقية إن شاء الله تعالى.
أخي أنا لا أتهمك ولكن فقط مجرد إحتراس من جهة إتجاه موضوع المناقشة ، فبعض الإخوة عندما أتحاور معهم حول موضوع آية معينة لا ينظر إلى موضوع النقاش بل يجادل حول كيف أجروء على نقاش تفسير أحد الصحابة وكأن حديث الصحابة وحي منزل و لا يمكن أن يرد منهم إلا ماهو صحيح ، وهذه الظاهرة شاهدتها في الكثير من النقاشات بحيث يجعلون أقوال الصحابة ككلام النبي وهذا فيه تقديس لكلامهم بالفعل حتى وإن لم يعترف أحد منهم بفعله هذا .
وأنا لا أضع نفسي المتواضعة بمقامهم ولا أقارن علمي بعلمهم حاشا لله أن أفعل هذا ، ولكن أقول أن الخلف والتابعين تراكم لديهم من العلم مالم يجتمع لدى السلف من الصالحين ، وتراكم العلم لدى الخلف يزيدهم من دقة الفهم والتحليل والتوسع في كل المواضيع وهو مالم يتوفر لدى الكثير من الصحابة رضوان الله عليهم ،
بالعودة الى الموضوع فأن أرى أن هناك أقوام ينطبق عليهم الوصف في الآية أكثر من أبا جهل مع ملاحظة لبعض الإختلافات لذالك التعمق في موضوع الآية مهم .
* من ناحية وصف أصحاب النار :
1 / إستهزاء أصحاب النار بقوم يعدونهم من الأشرار دليل على أنهم كانو يعتبرون أنفسهم من الأخيار ، بينما أباجهل وأصحابه لم يكن يهمهم الخير والشر بل كل مايريدونه هو مصالحهم في الحياة الدنيا ، وإزدراؤهم لفقراء المسلمين مختلف عن عدهم من الأشرار .
2/ جهل أصحاب النار بمصير بمن يظنونهم من الأشرار ، إذا كان أبا جهل يظن أن صُهيبا وَعَمَّارًا وخبابا من الأشرار فلا شك أنه سيعتبر النبي أكبرهم لأنه قائدهم ولا بقود الأشرار إلا شرير أكبر منهم ، ولعلمه يوم القيامة بمقام النبي عند الله فقد علم أن أتباع النبي لم يكونو من الأشرار وحتى إن لم يعلم بمصير أتباع النبي ، فهو لن يتعجب إذا لم يلتق بهم في النار ، وكما أن فرعون يقدم قومه يوم القيامة فيقودهم للدخول الى النار ، فأبا جهل سيقود أتباعه الى النار ولا شك أنه قد علم أن النبي صـلى الله عليه وسلم قد قاد أتباعه إلى الجنة .
ملاحظة : من ناحية الأخطاء النحوية والمطبعية فأحياناً أزل وعندما أراجع الموضوع أجد أن الوقت المسموح للتعديل على الموضوع قد إنتهى فلا أستطيع تصحيح ما قد كتبته أثناء الإسترسال في الكتابة .
والله ولي التوفيق
يتبع ...
يقول العلماء رحمهم الله تعالى:" من حرم الأصول حرم الوصول"، وهذه القاعدة وإن كان يعنى بها أصول العلوم وقواعدها وأسسها التي تقوم عليها، لكنني أراها تنطبق في من ليس لديه أصل عظيم في باب العلم عموما ألا وهو إجلال الصحابة رضي الله عنهم ومعرفة قدرهم واعتقاد شرفهم...وكيف لا وهم الجيل الذي زكاه الله تعالى من فوق سبع سموات ورضي عنه وأرضاه، وكيف لا وهم القوم الذين أثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما ثناء وزكاهم غاية التزكية والآيات والأحاديث في ذلك وفي فضل الصحابة رضوان الله عليهم مستفيضة.
من ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
"لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه"-متفق عليه-.
"إذا ذكر أصحابي فأمسكوا و إذا ذكرت النجوم فأمسكوا و إذا ذكر القدر فأمسكوا .".
"خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتي من بعد ذلك أناس يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويكون فيهم الكذب"...
للأسف أراك أخي حرمت هذا الأصل الذي ذكرت لك، وكن على يقين ما دمت كذلك لا تقدر الصحابة الكرام رضوان الله عليهم حق التقدير وتتجرأ على الكلام عنهم بذلك الأسلوب الذي يفتقد أدنى معايير الاعتبار والإجلال لقوم أمرنا كمسلمين أن نجلهم ونعرف قدرهم فهم الذين بلغونا دين الإسلام صافيا نقيا فلولا فضل الله سبحانه وجهودهم ما بلغنا قرآن ولا سنة ولا عرفنا حلالا من حرام ولا شريعة من عقيدة...
قلت ما دمت كذلك فاعلم أنك في ضلال (وأعتذر فالحق أحق أن يقال)...
سبحان الله أراك معتقدا لتلك المقولة الضالة المضلة الباطلة المبطلة المنكوسة المبثورة وهي قولهم ( طريقة السلف أسلم ، وطريقة الخلف أعلم وأحكم).
قلت وبئس ما قلت:(ولكن أقول أن الخلف والتابعين تراكم لديهم من العلم مالم يجتمع لدى السلف من الصالحين ، وتراكم العلم لدى الخلف يزيدهم من دقة الفهم والتحليل والتوسع في كل المواضيع وهو مالم يتوفر لدى الكثير من الصحابة رضوان الله عليهم.) اهـــــــــ.
هل مثل هذا الكلام يصدر عن طالب علم محق؟ لا وألف كلا.
هذا الكلام منك دليل قاطع على أنك تتبنى تلك المقولة التي وضعها واعتقدها وروج لها بعض الخلف (طريقة السلف أسلم ، وطريقة الخلف أعلم وأحكم).
كيف تزعم أن الخلف تراكم عندهم من العلم ما يجعلهم أعلم من السلف الصالح وفي مقدمتهم الصاحبة الكرام رضوان الله عليهم؟
أراك لا تعلم أصلا معنى العلم، وربما تحصره في كثرة الكتب والمصنفات وكثرة القيل والقال وكثرة الجدال وكثرة الأخذ والرد...
إن كان هذا هو مفهوم العلم عندك فقد أخطأت وضللت.
وأنصحك بقراءة رسالة قيمة للحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى الموسومة (فضل علم السلف على علم الخلف) لتعرف بل لتوقن -إن كنت طالب حق- أنك مخطئ في كلامك.
يقول علي رضي الله عنه -فيما يروى عنه-: (العلم نقطة كثرها الجاهلون).
وأنصحك قبل أن تقبل على تدبر كتاب الله جل في علاه وتقدس في سماه أن تصحح عقيدتك فيمن كان له الفضل في وصول هذا الكتاب إليك...بدلا من اتهامه بقلة العلم وضعف الفهم .
ولو أردت بسط الكلام لبيان ضلالك في هذا الباب لاحتاج الأمر إلى صفحات وساعات ولا أبالغ فالأمر جد وليس بهزل.
فإن كنت طالب حق فاعمل بنصيحتي وإن كنت مجادلا ليس غير فشيء آخر.
كنت أتمنى أن تواصل معي حول الموضوع الأصلي لكن للأسف أخي خرجنا عن الموضوع مع أنني كنت أريد تجنب ذالك هداني الله وإياك .
سيدنا سليمان عليه السـلام كان أفهم من سلفه داوود عليه السـلام وهذا من الأدلة على أن الخلف لديهم القدرة على التحصيل ليفيضو أكثر في علوم السلف ، وقد يقول قائل أنهما كلاهما أنبياء وليس لنا المقارنة بهم ، أقول له ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنـه عن النبي صلى الله عليه وسلـم : (( فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ )) ، فالسامع هو الصحابي والمبلغ هو التابعي ، والنبي نفسه يقول أن من المبلغين من هم أوعى من السامعين .
أخي بإمكاني أن أكتب كتاباً عن هذا الموضوع فقط ولكن سيطول الأمر كثيراً وسنبتعد أكثر عن موضوع النقاش الأصلي لذالك إذا كنت تريد مواصلة الحديث عن الفرق بين علوم الصحابة وعلوم التابعين إفتح موضوع جديد للنقاش وسأكون مسروراً للحديث معك فيه .
والله ولي التوفيق