بشير عبدالعال
Member
بسم1
قال الشيخُ العثيمين رحمه اللهُ في مُقدمةِ التفسيرِ :يتنوعُ القرآنُ الكريمُ باعتبارِ الإحكامِ والتشابهِ إلى ثلاثةِ أنواعٍ:
النوعُ الأولُ: الإحكامُ العامُ الذي وصف به القرآنُ كلُّه، مثل قوله تعالى-كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ—هود- وقوله {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ}- (يونس-
وقوله-وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ--الزخرف-.
ومعنى هذا الإحكام الإتقانُ والجودةُ في ألفاظه ومعانيه, فهو في غايةُ الفصاحة والبلاغة، أخباره كلُّها صدقٌ نافعةٌ، ليس فيها كذبٌ، ولا تناقضٌ، ولا لغوٌ لا خيرَ فيه، وأحكامُه كلُّها عدلٌ، وحِكمه ليس فيها جَورٌ ولا تَعارضٌ ولا حُكمُ سفيهٍ.
النوعُ الثاني: التشابهُ العامُ الذي وصفَ به القرآن ُكلُّه، مثل قوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ - الزمر - ومعنى هذا التشابه، أن القرآن كله يشبه بعضه بعضا في الكمال والجودة والغايات الحميدة –وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً- }النساء-.
النوعُ الثالثُ: الإحكامُ الخاصُ ببعضه، والتشابهُ الخاصُ ببعضه، مثل قوله تعالى-هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ--آل عمران- .
ومعنى هذا الإحكامِ أن يكونَ معنى الآيةِ واضحا جليا، لا خفاء فيه، مثل قوله تعالى:-يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا- (الحجرات- ، وقوله: -يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ- (البقرة ) وقوله-وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ- (البقرة- وقوله -حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ- (المائدة - وأمثالُ ذلك كثيرةٌ.
ومعنى هذا التشابه: أن يكونَ معنى الآية مُشتبها خفيا بحيثُ يتوهمُ منه الواهمُ ما لا يليقُ بالله تعالى، أو كتابهِ أو رسولهِ، ويفهمُ منه العالمُ الراسخُ في العلمِ خلافَ ذلك.