بشير عبدالعال
Member
بسم1
قال الشيخُ العثيمين رحمه اللهُ في مُقدمةِ التفسيرِ :الاختلافُ الواردُ في التفسيرِ المأثورِ على ثلاثةِ أقسامٍ:
الأول: اختلافُ في اللفظ دون المعنى، فهذا لا تأثير له في معنى الآية، مثاله قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}(الإسراء: 23) قال ابن عباس: قَضَي: أمرَ، وقال مجاهد: وصي، وقال الربيعُ بن انس: أوجبَ، وهذه التفسيراتُ معناها واحدٌ، او متقاربٌ فلا تأثير لهذا الاختلاف في معنى الآية.
الثاني: اختلافُ في اللفظ والمعنى، والآية تحتمل المعنيين لعدم التضاد بينهما، فتحمل الآية عليهما، وتفسر بهما، ويكون الجمعُ بين هذا الاختلاف أن كل واحدٍ من القولين ذكر على وجه التمثيل، لما تعنيه الآية أو التنويع، مثاله قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} (الأعراف: 175) (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ (الأعراف: 176) قال ابن مسعود: هو رجل من بني إسرائيل، وعن ابن عباس أنه: رجل من أهل اليمن، وقيل: رجل من أهل البلقاء.
والجمعُ بين هذه الأقوال: أن تُحملَ الآيةُ عليها كلها، لأنَّها تحتملها من غير تضادٍ، ويكونُ كلُّ قولٍ ذُكرَ على وجهِ التمثيلِ.
ومثالٌ آخر قوله تعالى {وَكَأْساً دِهَاقاً} (النبأ: 34) قال ابن عباس: دهاقاً مملوءة، وقال مجاهد: متتابعة، وقال عكرمة: صافية. ولا منافاة بين هذه الأقوال، والآية تحتملها فتحمل عليها جميعاً ويكون كل قول لنوع من المعنى.
القسم الثالث: اختلاف اللفظ والمعنى، والآية لا تحتمل المعنيين معا للتضاد بينهما، فتحمل الآية على الأرجح منهما بدلاله السياق أو غيره.
مثالُ ذلك: قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم} (البقرة: 173) قال ابنُ عباسٍ: غيرُ باغٍ في الميتة ولا عادٍ من أكله، وقيل: غيرُ خارجٍ على الإمامِ ولا عاصٍ بسفره, والأرجحُ الأول لأنَّه لا دليلَ في الآية على الثاني، ولأنَّ المقصودَ بحِل ما ذُكرَ هو دفعُ الضرورةِ، وهي واقعةٌ في حالِ الخروجِ على الإمام، وفي حالِ السفرِ المُحَرَّمِ وغير ذلك.
ومثالٌ آخر قوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} (البقرة: الآية 237)
قال على بن أبي طالب رضي الله عنه في الذي بيده عقدة النكاح: هو الزوج، وقال ابن عباس: هو الولي، والراجح الأول لدلالة المعنى عليه، ولأنه قد روي فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.