معالم في علم التفسير 24

إنضم
21/12/2015
المشاركات
1,712
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
مصر
بسم1​
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ في مَجموعِ الَفتَاوى-:
لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابِهِ الَّذِي هُوَ الْهُدَى وَالشِّفَاءُ وَالنُّورُ وَجَعَلَهُ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ وَأَحْسَنُ الْقَصَصِ وَجَعَلَهُ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ لِأَهْلِ الْعَقْلِ وَالتَّدَبُّرِ وَلِأَهْلِ التِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ وَلِأَهْلِ الِاسْتِمَاعِ وَالْحَالِ: فَالْمُعْتَصِمُونَ بِهِ عِلْمًا وَحَالًا وَتِلَاوَةً وَسَمْعًا بَاطِنًا وَظَاهِرًا هُمْ الْمُسْلِمُونَ حَقًّا خَاصَّةً أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَمَّا انْحَرَفَ مَنْ انْحَرَفَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْحُرُوفِ إلَى كَلَامٍ غَيْرِهِ وَمِنْ أَهْلِ السَّمَاعِ وَالصَّوْتِ إلَى سَمَاعِ غَيْرِهِ كَانَ الِانْحِرَافُ فِي أَرْبَعِ طَوَائِفَ مُتَجَانِسَةٍ:
قَوْمٌ تَرَكُوا التَّعَلُّمَ مِنْهُ وَالنَّظَرَ فِيهِ وَالتَّدَبُّرَ لَهُ إلَى كَلَامٍ غَيْرِهِ مِنْ كَلَامِ الصَّابِئَةِ أَوْ الْيَهُودِ أَوْ مَا هُوَ مُوَلَّدٌ مِنْ ذَلِكَ أَوْ مُجَانِسٌ لَهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. وَهُمْ مُنْحَرِفَةُ الْمُتَكَلِّمَةِ.
وَبِإِزَائِهِمْ قَوْمٌ أَقَامُوا حُرُوفَهُ وَحَفِظُوهُ وَتَلَوْهُ مِنْ غَيْرِ فِقْهٍ فِيهِ وَلَا فَهْمٍ لِمَعَانِيهِ وَلَا مَعْرِفَةٍ لِلْمَقَالَاتِ الَّتِي تُوَافِقُهُ أَوْ تُخَالِفُهُ وَوَجْهِ بَيَانِهِ لِمَسَائِلِهَا وَدَلَائِلِهَا وَهُمْ ظَاهِرِيَّةُ الْقُرَّاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَنَحْوِهِمْ وَهَذَانِ الصِّنْفَانِ نَظِيرُ مُتَفَقِّهٍ لَا يَعْرِفُ الْحَدِيثَ أَوْ صَاحِبِ حَدِيثٍ لَا يَتَفَقَّهُ فِيهِ. وَكَذَلِكَ مُتَكَلِّمٌ لَا يَتَدَبَّرُ الْقُرْآنَ أَوْ قَارِئٌ لَا يَعْرِفُ مِنْ الْقُرْآنِ أَنْوَاعَ الْكَلَامِ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فَهَاتَانِ فِرْقَتَانِ عِلْمِيَّتَانِ. و " الثَّالِثَةُ " قَوْمٌ تَرَكُوا اسْتِمَاعَ الْقُلُوبِ لَهُ وَالتَّنَعُّمَ بِهِ وَتَحَرُّكَ الْقَلْبِ عَنْ مُحَرِّكَاتِهِ وَذَوْقَ حَلَاوَتِهِ وَوُجُودَ طَعْمِهِ إلَى سَمَاعِ أَصْوَاتٍ غَيْرِهِ مِنْ شِعْرٍ أَوْ مَلَاهِي مِنْ أَصْوَاتِ الصَّابِئَةِ أَوْ النَّصَارَى أَوْ مَا هُوَ مُوَلَّدٌ عَنْ ذَلِكَ وَمُجَانِسٌ لَهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَهُمْ مُنْحَرِفَةُ الْمُتَصَوِّفَةِ وَالْمُتَفَقِّرَةِ. وَبِإِزَائِهِمْ قَوْمٌ يُصَوِّتُونَ بِهِ وَيَسْمَعُونَ قِرَاءَتَهُ مِنْ غَيْرِ تَحَرُّكٍ عَنْهُ وَلَا وَجْدٍ فِيهِ وَلَا ذَوْقٍ لِحَقَائِقِهِ وَمَعَانِيهِ وَهُمْ ظَاهِرِيَّةُ الْعُبَّادِ وَالْمُتَطَوِّعَةُ وَالْمُتَقَرِّئَةُ. فَهَذَانِ الصِّنْفَانِ صَاحِبُ حَالٍ تُحَرِّكُ الْأَصْوَاتُ حَالَهُ وَلَيْسَتْ تِلْكَ الْحَرَكَةُ وَالْحَالُ عَنْ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ وَصَاحِبُ مَقَالٍ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْأَقْوَالِ وَيَنْظُرُ فِيهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ النَّظَرُ وَالْمَقَالُ عَنْ الْقُرْآنِ وَبِإِزَائِهِمَا صَاحِبُ عِبَادَةٍ ظَاهِرَةٍ مَعَهُ اسْتِمَاعُ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَتِلَاوَتُهُ وَصَاحِبُ عِلْمٍ ظَاهِرٍ مَعَهُ حِفْظُ حُرُوفِ الْقُرْآنِ أَوْ تَفْسِيرُ حُرُوفِهِ مِنْ غَرِيبِهِ وَإِعْرَابِهِ وَأَسْبَابِ نُزُولِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ الَّذِينَ وَقَفُوا مَعَ ظَاهِرِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ الْمَشْرُوعَيْنِ وَاَلَّذِينَ خَاضُوا فِي بَاطِنِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ؛ لَكِنَّ غَيْرَ الْمَشْرُوعَيْنِ جَاءَ التَّفْرِيطُ وَالِاعْتِدَاءُ مِنْهُمْ. وَلِهَذَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ التَّعَادِي فَالْأَوَّلُونَ يَرْمُونَ الْآخَرِينَ بِالْبِدْعَةِ وَالضَّلَالَةِ وَقَدْ صَدَقُوا. وَالْآخَرُونَ يَنْسُبُونَ الْأَوَّلِينَ إلَى الْجَهَالَةِ وَالْعَجْزِ وَقَدْ صَدَقُوا.
 
جزاك الله خيراً بشير على طرقك لمعالم في التفسير وإن كان الأولى فيه الناس في التفسير.
كتب الله لنا العلم بالقرآن ورزقنا التدبر والعمل به إنه سميع مجيب.
 
أحسن اللهُ إليك وجزاك اللهُ خيرا على طيبِ قولك -وقريبا سأنتهي من هذه المعالم - ولديَّ بفضل اللهِ ما يشرحُ صدرَ إخواني .
 
عودة
أعلى