معارك التحريرات – 4

أحمد كوري

New member
إنضم
13/06/2008
المشاركات
153
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
موريتانيا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

معركة الوقف ليعقوب بهاء السكت على "ما" الاستفهامية (سنة: 1316هـ):

سبب هذه المعركة هو اختلاف شراح الدرة في معنى قول الناظم (في البيتين: 46 - 47):
كـقالـون راءات ولامـات اتـلـها
وقـف يا أبه بالها ألا حـم ولم حـلا
وسائرها كـالبز مع هو وهي وعنـ
ـه نـحو عـليهنه إلـيه روى الملا
فقد شبه الناظم هنا مذهب يعقوب في الوقف على "ما" الاستفهامية بمذهب البزي المذكور في الشاطبية، لكن البزي له وجهان هما إثبات هاء السكت وعدمه وقفا، كما قال الشاطبي (في البيت: 386):
وفـيمه ومـمه قـف وعمه لمه بمه
بـخلف عـن البزي وادفع مـجهلا
فالبزي إذن له وجهان في المسألة، وابن الجزري شبه يعقوب به، فهل مقتضى ذلك أن ليعقوب أيضا وجهين في المسألة، أم أن التشبيه هو في أصل الوقف بالهاء فقط، وعليه فيعقوب له وجه واحد هو الوقف بالهاء؟
هنا اختلف شراح الدرة؛ فذهب بعضهم إلى أن وجه الشبه هو أصل الوقف بالهاء فقط، أي: أن يعقوب ليس له إلا وجه واحد هو إثبات الهاء وليس له الخلاف كالبزي، وهؤلاء هم جمهور شراح الدرة ومنهم الزبيدي الذي يقول (الإيضاح لمتن الدرة: 154 – 155): "وأثبت يعقوب هاء السكت في فيمه وعمه ولمه وبمه وممه، وهو وهي كيف وقعا، ونحو عليهن فامتحنوهن وحملهن ولهن".
ومنهم السمنودي الذي يقول (شرح السمنودي على الدرة: 21): "يعني: وقف المشار إليه بحاء حلا – وهو يعقوب – بزيادة هاء السكت على "ما" الاستفهامية المحذوف ألفها عند دخول الجار للفرق، وذلك في خمس كلمات إحداها لم – وهو ما ذكره الناظم بصريحه – والأربعة الباقية: عم وفيم وبم ومم، وهذا معنى قوله:
وسائرها كالبز ......... ............................"
ومنهم المتولي الذي يقول (الوجوه المسفرة: 125): "ووقف يعقوب بهاء السكت على لم وفيم وبم وعم ومم، وكذا على هو وهي كيف وقعا، وكذا على كل اسم مشدد نحو علي وإلي ولدي وعليهن ومنهم ومن كيدكن".
ومنهم عبد الفتاح القاضي وعبد الرافع الشرقاوي الذي ينقل هذا القول عن عبد الفتاح القاضي موافقا له عليه (حاشية الشيخ عبد الرافع الشرقاوي على شرح الدرة المضية للنويري: 1/292هـ): "المراد تشبيه وقف يعقوب على هذه الكلمات بالهاء بوقف البزي عليها بالهاء، بغض النظر عن الخلاف الوارد للبزي في الوقف على هذه الكلمات؛ فيعقوب له الوقف عليها بالهاء قولا واحدا، ولا يلزم مساواة المشبه للمشبه به من كل وجه، انظر الإيضاح لمتن الدرة لأستاذنا الشيخ عبد الفتاح القاضي، بتصرف".
ومنهم عبد الرازق بن علي بن إبراهيم موسى الذي يقول (حاشية الشيخ عبد الرازق بن علي بن إبراهيم موسى على الإيضاح لمتن الدرة: 155هـ): "فوقف يعقوب بهاء السكت في هذه الكلمات محافظة على الحركة البنائية كرواية البزي عن ابن كثير المكي، وذلك من قول الناظم:
وسائرها كـالبز ............ ...........................
من غير خلاف؛ فالتشبيه بالبزي في الوقف بالهاء وليس في الوقف بعدمها مثل الوجه الآخر للبزي الذي هو من زيادات الشاطبية على التيسير، علما بأن الناظم لم يذكر في التحبير ص 78 للبزي إلا الوقف بالهاء قولا واحدا في لم الاستفهامية وأخواتها؛ وعليه فيبطل قول بعض الشراح جواز الوجهين وقفا ليعقوب أخذا من التشبيه في النظم بالبزي حيث له الوجهان من الشاطبية".
وهذا القول هو المفهوم من كلام النويري أيضا، وإن لم يصرح به، في قوله: (شرح الدرة المضية للنويري: 1/292): "يعني: وقف مرموز حاء حلا يعقوب كالبزي بزيادة هاء السكت على "ما" الاستفهامية المحذوفة ألفها عند دخول الجارة للفرق، لأنه لما حذف الألف ألحق هاء السكت محافظة للحركة البنائية، ووقعت في خمس كلمات إحداها لم – وهي ما ذكره الناظم بصريحه – والأربعة الباقية: عم وفيم وبم ومم، وهي التي أراد الناظم بقوله:
وسائرها ................ ............................"
وذهب آخرون من الشراح إلى أن وجه الشبه هو الخلاف لهما؛ وعليه فليعقوب وجهان هما إثبات الهاء وعدمه، كما أن للبزي وجهين هما إثبات الهاء وعدمه، ومن هؤلاء الرميلي، وتبعه الخليجي الذي يقول (حل المشكلات: 39): "لو وقف يعقوب على فسواهن وعلى هو وهي وقف بهاء السكت فقط من طريق الدرة، وكذلك لو وقف على ياء المتكلم المشددة نحو : إلي وعلي ومصرخي، وله في الوقف على "ما" الاستفهامية المجرورة نحو لم وبم وفيم هاء السكت وعدمها، هذا ما قرأت به من طريق الدرة ونص عليه شارحها الرميلي وأفتيت به وأخذت عليه خطوط مشيخة مقارئ الاسكندرية سنة: 1316 هجرية".
يبدو من كلام الخليجي أنه يتحدث عن معركة اختلفت فيها الفتاوي وأخذت عليها الخطوط، حول هذه المسألة، وكان من أبطالها الخليجي، وإن لم نعرف معارضيه فيها، وبقيت ذيول منها لدى المعاصرين كما رأينا في النصوص السابقة. ويبدو أن هذه المعركة كمعركة الغنة للأزرق، كانت مظهرا من مظاهر الصراع بين اتجاه المتولي والاتجاه التقليدي الذي كان يسيطر على التحريرات قبله والذي يمثله الخليجي؛ ومن الأدلة على ذلك أننا نرى أتباع المتولي متحمسين في الرد على القول الذي ذهب إليه الخليجي.

المراجع:

- الإيضاح لمتن الدرة – تأليف: الزبيدي الناشري (عفيف الدين أبي التوفيق عثمان بن عمر اليمني) – تحقيق: عبد الرازق بن علي بن إبراهيم موسى – دار الضياء – طنطا – ط 3 – 1423هـ / 2003م.
- حل المشكلات وتوضيح التحريرات – تحقيق: الخليجي ( محمد بن عبد الرحمن) - تحقيق: جمال الدين محمد شرف و/ عبد الله علوان – دار الصحابة للتراث بطنطا – طنطا –1422هـ 2002م.
- شرح الدرة المضية في القراءات الثلاث المروية - تأليف : النويري ( أبي القاسم محمد بن محمد بن محمد ) - تحقيق: عبد الرافع بن رضوان بن علي الشرقاوي – مكتبة الرشد للنشر والتوزيع – الرياض – ط 1 – 1424 هـ / 2003م.
- شرح السمنودي على متن الدرة - تأليف : السمنودي (محمد بن حسن) – مكتبة القاهرة – القاهرة – 1424هـ / 2003م (ط . مصورة عن ط . 1342هـ).
- الوجوه المسفرة في القراءات الثلاث المتممة للعشرة – تأليف: المتولي (محمد بن أحمد) – ضمن: إتحاف البررة بالمتون العشرة – مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر – 1354هـ / 1935م.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم
الخلاف في المسألة نشأ عند المتأخّرين على ابن الجزريّ في شرحهم لكلامه في الدرّة مع أنّ عبارته في التحبير واضحة ، والنثر أدلى من النظم كما هو معلوم. وإذا توقّفنا إلى هذا الحدّ لم ندخل بعد في إطار التحريرات لأنّ الخلاف يكمل في شرح كلام الناظم لا أكثر ولا أقلّ. خلافاً ما إذا رجعنا إلى مصادر قراءة يعقوب من التحبير وتتبعنا المسألة سيتّضح هل ثبت الخلاف عن يعقوب في المسألة أم لا ، وفي هذه الحالة يمكن أن نقول بأننا حرّرنا المسألة وفق منهج المحررين في الجملة.
والعلم عند الله تعالى.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ على الاهتمام والمشاركة والإفادة.
وفقكم الله.
 
جزاك الله خيرًا يا دكتور على هذه الفوائد القيمة, مزيدًا من هذه المعارك.
 
جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ على الاهتمام والمشاركة والإفادة، وأبشركم بأن هذه السلسلة ستتواصل، بعد تغيير اسمها. إن شاء الله.
 
[align=justify]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه المسألة قال فيها الإمام الإزميري رحمه الله:
تحرير .. وزعم بعض الناس ليعقوب من الدرة وجهين في الوقف على عم والأربعة الباقية مستدلا بقول ابن الجزري : ولم حلا، وسائرها كالبزي ، ومعلوم أن للبزي من طريق الشاطبية وجهين ، ويلزمهم أن يأخذوا بالوجهين في الوقف على هو وهي مع أنهم يقرون أن يعقوب يقف بالهاء فقط فيهما بلا خلاف ، والشيخ أحمد البقري في مصر يقرئ بالوجهين في الكل من طريق الدرة ، والصواب أن ليعقوب من هذا الطريق الوقف بالهاء فقط في الكل كما في التحبير لابن الجزري لأن طريقهما واحد ، والتشبيه في قوله كالبزي تشبيه ناقص إن قدر كالبزي من طريق الشاطبية ، وتام إن قدر من طريق التيسير ، وربما يخفى هذا التحقيق على من لم يتمرن في الفن والله أعلم .
[/align]
 
عودة
أعلى