مصدقا بكلمة من الله

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع أبو علي
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

أبو علي

Member
إنضم
04/09/2003
المشاركات
382
مستوى التفاعل
5
النقاط
18
الحمد لله رب العالمين
ولادة طفل من غير أب لم تحدث قبل عيسى عليه السلام ، فهي ميلاد معجز على غيرما عرفه البشر، فخبر مثل هذا إذا ألقي على السامع فإنه يقابل بالتكذيب وقد يوصف الخبر على أنه إشاعة ، فكان من الحكمة أن تسبق ولادة المسيح آية تعبر عن حالة قريبة الشبه بحالة ميلاد عيسى عليه السلام حتى إذا ولد المسيح لن يقابل السامع الخبر باستغراب.
فمن الحكمة أن تتحقق هذه الآية في قريب للمسيح وفي نفس البيت الذي نشأت فيه أمه مريم عليها السلام، وأشبه حالة لحالة ولادة المسيح هي أن تلد العاقر وبعد سن اليأس وتكون بلغت من العمر عتيا
وزوجها كذلك يجب أن يكون بلغ من العمر عتيا ، فهذه هي أنسب وأحكم حالة ولادة لحالة ولادة عيسى عليه السلام .
فإذا تحققت هذه الآية قبل ميلاد المسيح فإن من يسمع خبر ولادة المسيح بعد ذلك ستجعله الآية الأولى يصدق ولادة المسيح من عذراء دون أب ، فالسامع إن أحال خبر حالة ولادة المسيح إلى عقله فسيستنتج أن بركة الله قد حلت في هذا البيت وأن الله قد اصطفى أهله لإبراز قدرته.
إذن فولادة يحيى عليه السلام آية تجعل من يسمع آية ولادة عيسى يصدقها ، وهذا يفسر لنا قوله تعالى عن يحيى : (مصدقا بكلمة من الله ).
وتعالوا نتفكر في المثل الذي ضربه الله في بيت زكريا.
زكريا كفل مريم عليهما السلام ، فإذا أراد الله أن ينعم على أهل ذلك البيت فمن الحكمة أن ينعم أولا على من هو أحوج لتلك النعمة ، وزكريا أحوج إلى الولد أكثرمن مريم لأنه شيخ كبير، فليس من الحكمة أن يهب الله الولد لمن لم يخطر على باله الولد قبل المحتاج للولد.
فكيف يسأل زكريا ربه الولد وهو شيخ كبير وامرأته كذلك وعاقر؟
زكريا يعلم أن الله على كل شيء قدير ويعلم أن سنن الله لا تتبدل،
ومن ضمن هذه السنن التي لا تتبدل مسألة عدم إنجاب الولد إذا بلغ الوالدان الشيخوخة وعدم ولادة العاقر.
لكن الله تعالى قد يخرق الناموس لمن شاء من عباده لحكمة يريدها الله . فزكريا عليه السلام رأى آية أيقن منها أن الله أذن له أن يسأله أن يرزقه ولدا.
ما هي الآية التي رآها زكريا ؟
لقد دخل على مريم عليها السلام فوجد عندها رزقا ، لقد رآى فاكهة الصيف عند مريم في فصل الشتاء ، فإذا كانت شجرة التين تنتج التين في فصل الصيف وها هي قد أنتجت تينا بعد أن فات أوان الإنتاج ، فإن الله قادر أن يجعل الإنسان ينجب بعد أن فات أوان الإنجاب، فوجد زكريا أنه هو ذلك الإنسان الذي فات أوان إنجابه الولد،
فدعا ربه فاستجاب له.

يتبع
 
علمنا أن قوله تعالى عن يحيى : ( مصدقا بكلمة من الله) لا تعني فقط أن يحيى عليه السلام كان يعظ الناس و يدعوهم لتصديق المسيح عليه السلام وإنما الحدث نفسه ( ميلاد يحيى) مصدق بكلمة من الله
(المسيح عليه السلام) ، ولكي يكون كذلك فإن الحكمة تتطلب أن يكون فيهما تشابه وأن يضرب الله يحيى مثلا لتفسير المثل الذي ضرب به المسيح .
فأما التشابه : فهما ولدا ميلادا لم يسبقهما فيه أحد من العالمين.
وصف عيسى في القرآن ب (غلاما زكيا) ، ووصف يحيى ب (وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا) ، إذن لقد زكاهما الله فعصمهما من الذنوب،
ومن يعصم من الذنوب فإنه يعيش حياة أمن وسلام ، فالذي يقترف الذنوب لا يعيش حياة سلام بل يعيش في قلق وعذاب الضمير فلا ينام قرير العين، ، فهل الذي يعيش في عذاب ذهني يقال عنه إنه يعيش حياة سلام وأمن ؟ كلا. أما الذي لم يقترف ذنبا فضميره مرتاح ينام قرير العين يحيى حياة سلام وأمن مع نفسه ومع مجتمعه والأهم من ذلك مع الله ، فإذا جاءه الموت وهو لم يذنب قط ذنبا يندم عليه فإنه سيموت بضمير مرتاح راض عن نفسه أما الذي أذنب فإن المعصية ستفزعه عند الموت ويندم أشد الندم على ما اقترفت يداه فيواجه الموت وهو في رعب وعذاب نفسي، فمثل هذا لا يقال عنه (سلام عليه يوم يموت).
والمؤمن الذي لم يذنب قط يوم يبعث فإنه سيكون في سلام وطمأنينة مع نفسه لا يجد معصية تقلق باله وتفزعه من لقاء الله فهذا يصح أن يقال عنه (السلام عليه يوم يبعث حيا ) أما الكافر فسيقول يا ليتني كنت ترابا.
إذن فقوله تعالى (وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا)
يعتبر نتيجة طبيعية لمن قال الله فيه ((وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا) ، أي أن نتيجة (التزكية والتقوى) هي الأمن والسلام).
أية حالة تستحق أن تسمى حياة؟ هل هي حالة الخوف والرعب أم هي حالة الأمن والسلام؟
لا شك أن الذي يعيش في سلام هو الأحق أن يقال عنه أنه (يحيى) حياة طيبة كلها سلام وأمن ، وابن زكريا عليه السلام أحق أن يسمى (يحيى) فهو ذرية طيبة يحيى حياة سلام في الدنيا والآخرة.
وسمي ب (يحيى) لأن الله أحيى خاصية الإنجاب في والديه.
وهل لإسم (يحيى) علاقة بالمثل الذي ضربه الله في المسيح؟
نعم، فالله ضرب المسيح مثلا للإيمان بالحياة الأخرى ، و( يحيى) إسم وفعل ضرب مثلا وطبق تصديقا ب (الحياة الأخرى).
والمسيح عليه السلام (روح) ، وبالروح (يحيى) المخلوق.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

أعود لأتابع الموضوع.
فهمنا مما سبق أن الله ضرب بعيسى (الروح) و(يحيى) عليهما السلام المثل لارتباط (الروح ) ب (الحياة ) ، فالروح يستدل على وجودها بالحياة ، فمادام الإنسان فيه حياة فالروح مازالت فيه,
إذن فخير مثل يستدل به على وجود (الروح) عيسى هو وجود حياة (يحيى).

ننتقل بعد ذلك إلى بيان قوله تعالى ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون).
سأعود قريبا إن شاء الله تعالى.
 
عودة
أعلى