مشكلة كيفية التعامل مع الأقوال التفسيرية المختلفة في التفاسير المختصرة

إنضم
15/04/2003
المشاركات
1,698
مستوى التفاعل
5
النقاط
38
ذكرت في مشاركة سابقة أمرًا يتعلق بتفسير المفردة القرآنية في كتب التفاسير المختصرة ، واليوم أذكر أمرًا آخر يتعلق بكيفية التعامل مع الاختلاف في التفسير في سبك العبارة الدالة على الاختلاف في كتب التفسير المختصِرة ـ فأقول :
إن من أصعب ما يواجه من يكتب مختصرًا في التفسير = كيفية التعامل مع الأقوال التفسيرية المختلفة ، وهذه الصعوبة قد تخلص منها ـ في بعض الأاحيان ـ من اعتمد ذكر أكثر من قول من أقوال المفسرين ؛ كتفسير (جامع البيان في تفسير القرآن) لمحمد بن عبد الرحمن الأيجي ( ت : 894 ) ، وهو من التفاسير المختصرة النفيسة التي تعمد إلى ذكر الأقوال والأعاريب وبعض النكات واللطائف ، وقد استفاد كثيرًا من تفسيرات الصحابة والتابعين وأتباعهم ومن تفسير البغوي ، والتفسير الوسيط للواحدي ، وتفسير ابن كثير ، وتفسير النسفي ، والكشاف للزمخشري مع بعض شروحه ، وتفسير البيضاوي ، وقد وصف كتابه فقال : ( فللمبتدي حظ كثير من هذا التفسير ، وللعالم حظوظ ) .
ومن أمثلة سرده للأقوال باختصار تفسيره لقوله تعالى ( إذا الشمس كورت . وإذا النجوم انكدرت ، قال : ( ( إذا الشمس كورت : جُمع بعضها إلى بعض فَتُلَفُّ ، أو أظلمت ، أو أُذهِبَت ومُحِيت أو أُلقِيت في جهنم . والأَولى أن يكون رافع الشمس فعلاً مضمرًا يفسره ما بعده لأن ( إذا ) طالب للفعل .
( وإذا النجوم انكدرت ) : تناثرت وتساقطت من السماء إلى الأرض ، أو تغيرت فلم يبق لها ضوء ) .
ولا شك أن الاختصار لا يحتمل أكثر من هذا ، كبيان أصحاب القول ، وعلل أقوالهم ، والترجيح بينها مع بيان علة الترجيح ، فذلك في مطولات التفسير لا في مختصراته .
ومثل هذا الكتاب فرصة للأستاذ في إيفاء الشرح والتفصيل ، والتعليل للأقاويل ، والتنبيه على الراجح منها من غيره ، وبيان الأعاريب والنكات واللطائف والاستنباطات والفوائد العامة ، إذ الاختصار مظنةٌ لزيادة العالم لطلابه أثناء الدرس ؛ لذا حرص العلماء على تفسير البيضاوي والجلالين لما فيهما من متانة العبارة واختصارها ، ولحاجتهما للشرح والبيان والتفصيل .
أعود فأقول : إذا كانت بعض المختصرات التي اعتمدت ذكر الاختلافات على سبيل الاختصار أيضًا قد تخرج من هذه المشكلة ؛ فإن مختصرات أخرى لابدَّ أن تسلك منهجًا واضحًا في الاختيار في هذا المختصر ، وإلا وقع المختصِر في مشكلة المواءمة بين الأقوال المختلفة ، فالواحدي ( ت : 468 ) في كتابه ( الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ) قد اعتمد الاختصار جدًّا ، حتى يكاد أن يكون مخلاًّ في بعض المواطن ، وقد اعتمد القول الواحد في أغلب هذا المختصر النافع ، فقال : ( ... وتاركٌ ما سوى قولٍ واحدٍ لابن عباس ـ رحمه الله ـ أو من هو في مثل درجته ) ، وقد قال في تفسير الآيتين السابقتين : ( { إذا الشمس كورت } ذهب ضوؤها . { وإذا النجوم انكدرت } تساقطت وتناثرت ) .
وفي هذا التفسير اختيار لأحد الأقوال ـ كما ترى ـ دون تعليل للاختيار ، ولا تنبيه على وجود اقوال أخرى في معنى الآيتين .
وإذا نظرت في تفسيرين مختصرين معاصرين ( المنتخب في تفسير القرآن ، والتفسير الميسر ) فإنك ستجد تفسير هاتين الآيتين كالآتي :
قال أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم ( إذا الشمس لُفَّتْ ومُحِىَ ضوؤها . وإذا النجوم انطمس نورها ) .
وقال أصحاب التفسير الميسر : ( إذا الشمس لُفَّت وذهب ضَوْءُها، وإذا النجوم تناثرت، فذهب نورها ) .
فاتفق التفسيران في تفسير الآية الأولى ، وأشارا إلى معنيين من المعاني الواردة في تفسير لفظ ( التكوير ) وتركا المعنى الثالث ، وهو ( الإلقاء أو الرمي ) .
واقتصر أصحاب المنتخب في الآية الثانية على أحد المعنيين للآية ، وزاد أصحاب التفسير الميسر المعنى الثاني .
والمقصود أن من ينحو إلى كتابة تفسير مختصر ، فإنه يحتاج إلى معالجة أسلوب الكتابة في حال وجود الاختلاف ، ويمكن أن يقال :
1 ـ إن كان الاختلاف من قبيل اختلاف التضاد ، فالأمر واضح ، إذ المفسر سيختار القول الصحيح دون القول الخطأ أو الضعيف .
ومن ذلك تفسير قوله تعالى : ( وفديناه بذبح عظيم ) ، قال أصحاب المنتخب : (وَوُلِدَ إسماعيل وشَبّ ، فلما بلغ معه مبلغ السعى فى مطالب الحياة اختُبر إبراهيم فيه برؤية رآها . قال إبراهيم : يا بنى إنى أرى فى المنام وحياً من الله يطلب منى ذبحك ، فانظر ماذا ترى... وفديناه بمذبوح عظيم القدر لكونه بأمر الله تعالى ) .
وقال أصحاب التفسير الميسر : (واستنقذنا إسماعيل، فجعلنا بديلا عنه كبشًا عظيمًا ) .
وهذا التفسير من هؤلاء العلماء اختيار ؛ أن في الآية قول آخر ، وهو أن المفدَّى إسحاق ، والصحيح أنه إسماعيل كما هو اختيار التفسيرين .
2 ـ وإن كان اختلاف تنوع ، فيمكن القول بإن اختلاف التنوع لا يخرج عن حالتين :
الحالة الأولى : أن يعود الخلاف إلى معنى واحد .
وأسلوب التفسير في مثل هذا الحال سهل ؛ إذ المفسر يبين المعنى الكلي الذي تعود إليه الأقوال ، ويمكن أن يتبعها بما يحتاج من عبارات المفسرين إن احتاج إلى ذلك ، وغالبًا ما يكون ذلك فيما إذا كان للمعنى المفسر أنواعًا أو أمثلة .
والذي يعود إلى معنى واحدٍ أقسام :
القسم الأول : أن يكون تفسير المعنى بألفاظ متقاربة ؛ كتفسير قوله تعالى : ( فقد صغت قلوبكما ) بأنها : زاغت ، أو مالت ، وهذان اللفظان قريبان في المعنى ، والجامع بين هذه الألفاظ الثلاثة ( صغت ، زاغت ، مالت ) هو وجود المَيلِ .
القسم الثاني : أن يكون اللفظ عامًا ، وتندرج تحته أمثلة أو أنواع ، ففي هذه الحالة يذكر المفسر المعنى العامَّ ، ثم يتبعه ببعض الأمثلة أو الأنواع ، ومثال ذلك :
1 ـ النعمة في قوله تعالى : ( وأما بنعمة ربك فحدث ) لفظ عام يشمل جميع نعم الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فيقال : ومهما يكن من شيء ، فتحدَّث ـ من باب شكر الله ـ بجميع ما أنعم الله عليك ؛ كنعمة النبوة ونعمة الوحي ، ونعمة الإيواء ، ونعمة الإغناء .
2 ـ النازعة في قوله تعالى ( والنازعات غرقًا ) لفظ يشتمل على أنواع من النازعات ؛ كالملائكة النازعة للأرواح ، والنجوم النازعة من أفق إلى أفق ، وقيل غير ذلك ، فإذا سبكت عبارة التفسير فيمكن أن تقول : يقسم ربنا بكل نازعة مغرقة في النْزع ؛ كملائكة العذاب إذا نزعت روح الكافر ، وكالنجوم التي تنْزع من أفق إلى أفق .
ويلاحظ أن من يكتب التفسير مختصِرًا ؛ أن ما يتعلق بالأنواع قد يصعب حصره أو الإشارة إليه إذا كانت الأقوال فيه كثيرة ؛ كالأقوال الواردة في النازعات التي ذكر فيها ابن الجوزي سبعة أقوال ، إذ شأن استيعاب الأقوال في المتوسطات او المطولات من كتب التفسير .
الحالة الثانية : أن يعود الخلاف إلى أكثر من معنى ، وقد تتعدد فتصل إلى ما فوق الخمسة .
وهذه الحالة هي أصعب حالات السبك التفسيري عند المفسر المختصِر ؛ لأنه إذا كان يريد أن يعمد إلى الترجيح والاختيار من بين الأقوال ، فيلزمه سلوك جادة واحدة في ذلك ، وتلك حالة صعبت في الأسلوب التفسيري ، وقل ان تسلم له الجادة في كل المواطن ، إذ قد يذكر أكثر من قول في بعض المواطن دون بعض .
وإن كان يريد أن يذكر كل المحتملات الصحيحة ، فإنه سيخرج في بعض المواطن عن منهج الاختصار الذي رسمه لنفسه ، وسيكون مختصرًا لمطول فقط .
ومعالجة هذه الحالة ـ عند المفسِّر المختصِر ـ في غاية الصعوبة ، إذ لابدَّ من ترك بعض الأقوال ، وعدم ذكرها .
ومما يلاحظ أنَّ ( أصحاب التفسير الميسر ) ممن ينتهج الحرص على ذكر الأقوال أو الإشارة إليها بإشارة جامعة تدل عليها ، ون ذلك تفسيرهم لقوله تعالى : ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ )
قالوا : ( أولم يعلم هؤلاء الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا ملتصقتين لا فاصل بينهما، فلا مطر من السماء ولا نبات من الأرض، ففصلناهما بقدرتنا، وأنزلنا المطر من السماء، وأخرجنا النبات من الأرض ) فجمعوا في هذه العبارة بين قولين من أقوال المفسرين :
الأول : كنتا ملتصقتين ففتق ( فصل ) هذه عن هذه .
الثاني : أن السماء كانت رتقًا لا تمطر ، ففتقها بالمطر ، وأن الأرض كانت رتقًا لا تُنبت ، ففتقها بالنبات .
لكن قد يقع الخلل من جهة الجمع بين قولين لا يمكن الجمع بينهما في ذلك المقام ، وهو اختلاف التضاد الذي سبق ذكره ، ومن ذلك تفسيرهم لقوله تعالى : ( فارتقب يوم تاتي السماءبدخان مبين . يغشى الناس هذا عذاب أليم ) ، قالوا : (فانتظر -أيها الرسول- بهؤلاء المشركين يوم تأتي السماء بدخان مبين واضح يعمُّ الناس، ويقال لهم: هذا عذاب مؤلم موجع، ثم يقولون سائلين رفعه وكشفه عنهم: ربنا اكشف عنا العذاب، فإن كشفته عنا فإنا مؤمنون بك ) .
وفي عبارتهم هذه إشارة إلى قولين لا يمكن الجمع بينهما في هذا السياق :
الأول : أن الدخان قد وقع ، وأصاب المشركين من أهل مكة فقط ، وهذا قول ابن مسعود رضي الله عنه .
الثاني : أن الدخان من آيات آخر الزمان ، وذلك إذا وقع عمَّ الناس كلهم .
فقولهم : ( بهؤلاء المشركين ) ، ثم قولهم ( ثم يقولون سائلين ... ) يدلُّ على أن الدخان قد وقع في عهدهم ، وهذا قول ابن مسعود .
وقولهم : ( يعمُّ الناس ) إشارة إلى الدخان الذي يقع آخر الزمان ، فهو الذي يعمُّ الناس كلهم .
فإن قلت : لِمَ لا يكون العموم في الناس من العموم المخصوص ، قتُحمل عبارتهم على أن الناس أهلُ مكةَ ؟
فالجواب : إن المفسر في مثل هذا المقام في حالة تفصيل وتوضيح ، وإن كان هذا مرادهم ففيه إبهامٌ وإجمالٌ ، فلو فصَّلوا لكان أولى خصوصًا أنهم ذكروا المشركين قبل هذه العبارة ، ولول كانوا قالوا : (فانتظر -أيها الرسول- بهؤلاء المشركين يوم تأتي السماء بدخان مبين واضح يعمُّهم ) لكان دالاًّ بلا نزاع على أنه الدخان الذي ذهب إليه ابن مسعود .
ولا ريب أن الجمع بين هذين التفسير على هذا الأسلوب غير دقيق ، ولقد كان أصحاب المنتخب في التفسير أوضح تفسيرًا ، وأصرح عبارة ، فقالوا : (10 ـ فانتظر - أيها الرسول - حينما ينْزل بهم القحط ، فيصابون بالهزال وضعف البصر ، فيرى الرجل بين السماء والأرض دخاناً واضحاً! .
11 ـ يحيط هذا الدخان بالمكذبين الذين أصابهم الجدب ، فيقولون لشدة الهول : هذا عذاب شديد الإيلام .
12ـ كما يقولون استغاثة بالله : إننا سنؤمن بعد أن تكشف عنا عذاب الجوع والحرمان .
13 ـ كيف يتعظ هؤلاء ، ويوفون بما وعدوا من الإيمان عند كشف العذاب ، وقد جاءهم رسول واضح الرسالة بالمعجزات الدالة على صدقه ، وذلك أعظم موجبات الاتعاظ؟ ) .
وهذه المشكلة لا يمكن التخلص منها إلا بالآتي :
1 ـ النصُّ على الانتخاب من الأقوال ، ولو كانت كلها صحيحة تحتملها الآية .
2 ـ استخدام الحاشية للتنبيه على الأقوال الأخرى ، ويمكن أن يضاف فيها أيضًا الاحتجاج للأقوال .
3 ـ توسيع التفسير ، للتنبيه على هذه الأقوال ، لكن هذا سيخرج بالتفسير عن غرضه الأصيل ، وهو الاختصار ، وعدم اللبس على المبتدئين والعامة ، الذين لا يصلح في حالهم حكاية الأقوال .
ومما يحسن لمن أراد اللاختصار مع ذكر الأقوال أن يجعل له منهجًا في ذكر الاختلاف ، ومما رأيته مناسبًا في مثل هذا المقام ما يأتي :
أولاً : إذا كان الاختلاف يعود إلى معنى واحد ، والتعبير عن تفسير المعنى بألفاظ متقاربة ، فإنه يختار أقربها وأوفاها بالمقصود .
وإذا كان المفسرون قد ذكروا لازمًا لهذا اللفظ في ذلك السياق فيمكن أن يشير إليه ـ بعد ذكر معنى اللفظ ـ بعبارة تدلُّ على كونه ليس هو المعنى المطابق ؛ كعبارة ( ومن لازمه ) أو ( وينتج عن ذلك ) ، وأمثالها من العبارات .
ثانيًا : إذا كان الاختلاف يعود إلى معنى واحد ، واللفظ يشتمل على أنواع أو أمثلة ، فإنه يُذكر المعنى الجامع ، ثم يُذكر بعض التفسيرات التي هي على سبيل التمثيل أو التنويع .
ثالثًا : إذا كان الاختلاف يعود إلى أكثر من معنى ، وأراد المختصر ان يذكرها ، فإنه يستعمل حرف العطف الدال على التنويع ( أو ) ، وباستعماله هذا يشير إلى تعدد التفسيرات .
 
شكر الله لك ياشيخ مساعد هذا الطرح التأصيلي الجيّد والمهم رزادك علماً وعملاً ..
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...وأرى والله تعالى أعلم أن الكثير من طلبة العلم ليتمنون أن يكتب الأستاذ مساعد الطيار مقالا طويلا يقيم به كتاب المختصر في تفسير القرآن حيث اني على قلة بضاعتي من العلم وجدت فيه من الهنات الكثير التي ما كان ينبغي ان يقع فيها من كتب المختصر ولعل الله يمن عليهم ان يقوموه في الطبعات الجديدة علما اني أقرأ في الطبعة الثالثة منه وهي ليست الأخيرة ، فلم أتمكن من الحصول على الطبعة الرابعة منه واني أسأل ان كانت الطبعة الرابعة موجودة على النت فجزى الله تعالى خيرا من يدلنا عليها ان كان مركز تفسير يوافق على هذا الامر...والله تعالى اعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...وأرى والله تعالى أعلم أن الكثير من طلبة العلم ليتمنون أن يكتب الأستاذ مساعد الطيار مقالا طويلا يقيم به كتاب المختصر في تفسير القرآن حيث اني على قلة بضاعتي من العلم وجدت فيه من الهنات الكثير التي ما كان ينبغي ان يقع فيها من كتب المختصر ولعل الله يمن عليهم ان يقوموه في الطبعات الجديدة علما اني أقرأ في الطبعة الثالثة منه وهي ليست الأخيرة ، فلم أتمكن من الحصول على الطبعة الرابعة منه واني أسأل ان كانت الطبعة الرابعة موجودة على النت فجزى الله تعالى خيرا من يدلنا عليها ان كان مركز تفسير يوافق على هذا الامر...والله تعالى اعلم.

هل يمكن أن تذكر بعض الهنّات التي قلت أنها في الطبعة الثالثة في المختصر؟
 
ومما يلاحظ أنَّ ( أصحاب التفسير الميسر ) ممن ينتهج الحرص على ذكر الأقوال أو الإشارة إليها بإشارة جامعة تدل عليها ، ون ذلك تفسيرهم لقوله تعالى : ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ )
قالوا : ( أولم يعلم هؤلاء الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا ملتصقتين لا فاصل بينهما، فلا مطر من السماء ولا نبات من الأرض، ففصلناهما بقدرتنا، وأنزلنا المطر من السماء، وأخرجنا النبات من الأرض ) فجمعوا في هذه العبارة بين قولين من أقوال المفسرين :
الأول : كنتا ملتصقتين ففتق ( فصل ) هذه عن هذه .
الثاني : أن السماء كانت رتقًا لا تمطر ، ففتقها بالمطر ، وأن الأرض كانت رتقًا لا تُنبت ، ففتقها بالنبات .
لكن قد يقع الخلل من جهة الجمع بين قولين لا يمكن الجمع بينهما في ذلك المقام ، وهو اختلاف التضاد الذي سبق ذكره ، ومن ذلك تفسيرهم لقوله تعالى : ( فارتقب يوم تاتي السماءبدخان مبين . يغشى الناس هذا عذاب أليم )
لا داعي لتكلف الجمع بين قولين كما فعل أصحاب التفسير الميسر مادامت القرائن تعضد القول الذي عليه جمهور المفسرين
قال الإمام الواحدي : ( أحدها - ما رواه عطاء، عن ابن عباس قال: يريد أن السماء لم تكن تنزل مطرًا، والأرض لا تنبن نباتًا، ففتق الله -عَزَّ وَجَلَّ- السماء بالمطر والأرض بالنبات. وهذا قول مجاهد في رواية أبان بن تغلب، وعطية العوفي، وابن زيد، واختيار الفراء وابن قتيبة ... وأكثر الناس على القول الأول، وهو أنهما كانتا منسدتين لا فرج فيهما فصدعهما الله بما يخرج منهما ).

ورجحه أيضا الشنقيطي لثلاث قرائن ذكرهن :

الأولى: أن قوله تعالى: ﴿أولم ير الذين كفروا أن﴾ يدل على أنهم رأوا ذلك؛ لأن الأظهر في ”رأى“ أنها بصرية، والذي يرونه بأبصارهم هو أن السماء تكون لا ينزل منها مطر، والأرض ميتة هامدة لا نبات فيها، فيشاهدون بأبصارهم إنزال الله المطر وإنباته به أنواع النبات.
القرينة الثانية: أنه أتبع ذلك بقوله: ﴿وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون﴾ . والظاهر اتصال هذا الكلام بما قبله، أي: وجعلنا من الماء الذي أنزلناه بفتقنا السماء، وأنبتنا به أنواع النبات بفتقنا الأرض - كل شيء حي.
القرينة الثالثة: أن هذا المعنى جاء موضحا في آيات أخر من كتاب الله؛ كقوله تعالى: ﴿والسماء ذات الرجع﴾﴿والأرض ذات الصدع﴾[الطارق: ١٢] لأن المراد بالرجع نزول المطر منها تارة بعد أخرى، والمراد بالصدع انشقاق الأرض عن النبات، وكقوله تعالى: ﴿فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا﴾﴿ثم شققنا الأرض شقا﴾ - أضواء البيان للشنقيطي
واختار هذا القول ابن جرير الطبري , وابن عطيه و الفخر الرازي وغيرهم
قال الرازي : ( ورجحوا هذا الوجه على سائر الوجوه بقوله بعد ذلك: ﴿وجعلنا من الماء كل شيء حي﴾ وذلك لا يليق إلا وللماء تعلق بما تقدم ولا يكون كذلك إلا إذا كان المراد ما ذكرنا ) .
فلماذا لانكتفي باختيار جمهور المفسرين وهو قول قوي ترجحه القرائن وقد مدح الإمام ابن عطية هذا القول فقال : ( وهذا قول حسن يجمع العبرة و تعديد النعمة والحجة بمحسوس بين , ويناسب قوله تعالى : وجعلنا من الماء كل شيء حي أي من الماء الذي أوجده الفتق ) .
أو نكتفي ببيان ألفاظ الرتق والفتق . فنقول : أو لم ير الكفار أن السماوات والأرض كانتا متصلة الأجزاء ففتقهما الله أي فجعل فيهما انفصالا وتباعدا بين الأجزاء
يقال انفتقت خياطة الثوب فيحتاج إلى رتق يرجع الأجزاء التي كانت متصلة فانشقت
وفائدة الاكتفاء ببيان معنى المفردات أنه لا يغلق الباب أمام من أراد الاحتجاج بالإعجاز العلمي للقرآن
وعلى سبيل المثال فلعل في هذه الاية إشارة ألى نظرية الفتق الكوني فبداية الكون كانت تبدو كالخيوط المتماسكة ومتقاربة مثل خيوط القماش ثم بدأت هذه الخيوط بالتباعد وكأننا نمزق هذا القماش والله أعلم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين أما بعد جزاكم الله تعالى خيرا جميعا الأستاذ القاضل عمر أذكر لك بعض الهنات :
1- (...حتى اذا جبنتم وضعفتم...) ص 69، (جبنتم) هل هذا الوصف يليق بالصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم.
2- ( إن الذين إنهزموا منكم) ص 70، أفضل من (إنهزموا) تركوا أرض المعركة.
3- فائدة رقم 2 ص 93 ( من عقيدة أهل السنة والجماعة أن المؤمن القاتل لا يخلد أبدا بالنار، وإنما يعذب فيها مدة طويلة ، ثم يخرج منها برحمة الله تعالى) من الأفضل ان نضيف ( والبعض من أهل السنة والجماعة يرون ان القاتل المتعمد تحت المشيئة فان شاء الله تعالى غفر له وان شاء ادخله النار ثم اخرجه منها).
4- ( واليهود والصابئين والنصارى وعمل الاعمال الصالحة( في زمن أنبيائهم) فلا خوف...) ص 119 يضاف ما داخل القوسين لكي يمنع الالتباس .
5- (...ووفقنا نوحاً من قبل..)ص 138 تصحح الى( ووفقنا إبراهيم من قبل..) سياق الآيات متعلق بابراهيم .

وغيرها فقد وصلت الى رقم 29 (أي 29 هنة) وتوقفت والله تعالى اعلم.

 
1- (...حتى اذا جبنتم وضعفتم...) ص 69، (جبنتم) هل هذا الوصف يليق بالصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم

قال ابن عباس الفشل : الجبن , وبهذا فسرها جمهور المفسرين الطبري وابن كثير و القرطبي والبغوي و السمعاني ومكي ابن أبي طالب والزجاج و أبوحيان الأندلسي قال :( الفشل : الجبن والضعف ) وقال الزمخشري :
( الفشل : الجبن وضعف الرأي ) وقد آخذ أصحاب المختصر بهذا القول

نعم نقل الاقتصار على معنى الضعف عن بعض اهل اللغة ففي تهذيب اللغة للأزهري قال الليث :( قد فشل يفشل عند الحرب والشدة , إذا ضعف وذهبت قواه ) ونقلها الواحدي في تفسيره البسيط

وكذلك رد الرازي القول بأن الفشل الجبن واختار الضعف استدلالا بقوله تعالى : ( ولا تنازعوا فتفشلوا ) أي فتضعفوا , لأنه لا يليق به أن يكون المعنى فتجبنوا ) . فأنت ترى أن الرازي لم يرد الجبن لكونه لا يليق بالصحابة وإنما استدل بآية أخرى وضحت معنى الفشل إذ لا يليق ولا تنازعوا فتجبنوا وإنما لا تنازعوا فتضعفوا
وكذلك قال ابن عطية : ( الفشل : استشعار العجز وترك الجد ) , وقال البقاعي ( فشلتم : ضعفتم )
الحاصل مادام
أصحاب التفسير المختصر قد اختاروا قول جمهور المفسرين لذلك لا يعد فعلهم هنة يوصمون بها كما أن اللجان الذين ألفوا التفسير الميسر قد اختاروا المعنى نفسه الذي اختاره أصحاب المختصر

2- ( إن الذين إنهزموا منكم) ص 70، أفضل من (إنهزموا) تركوا أرض المعركة.
تفسير تولوا بانهزموا أو بفروا تفسير أصوب من تفسيرها بتركوا أرض المعركة
ففي يوم أحد انهزم أكثر المسلمين إلى المدينة ( فقد تولى أكثرهم عن رسول الله ولم يبق معه سوى بضعة من الانصار وبضعة من المهاجرين )
4- ( واليهود والصابئين والنصارى وعمل الاعمال الصالحة( في زمن أنبيائهم) فلا خوف...) ص 119 يضاف ما داخل القوسين لكي يمنع الالتباس .
اولا - الالتزام بنص الاية لا يعد هنة أبدا
ثانيا- هل عدم اضافة في أزمنة أنبيائهم سوف يسبب لبسا من جهة المسلمين أم من جهة اهل الكتاب ( وفيها تفصيل )
ثالثا - بين اهل العلم أن هذه الأية تشمل جميع الأزمنة ( تفسير السعدي )
رابعا - رأيت من أهل الكتاب من يطعنون على بعض المسلمين الذين استخداموا الأقواس - لإضافة معاني احترازية أو توضيحية ليست في نص الآية - ويتهمونهم بالتحريف فلماذا نفتح للعدو بابا لا حاجة لنا لفتحه

5- (...ووفقنا نوحاً من قبل..)ص 138 تصحح الى( ووفقنا إبراهيم من قبل..) سياق الآيات متعلق بابراهيم .

هناك خلاف في عود الضمير
وقد اختار الإمام الطبري أن الضمير يعود إلى نوح فقال : (لا شك أنه لو أريد بالذرية ذرية إبراهيم لما دخل يونس ولوط فيهم ) وهذا اختيار البغوي والسمعاني واختاره الفراء ومقاتل و الرازي والسيوطي وابن عطيه وابن عاشور والنسفي
و هناك من رجح أن المقصود إبراهيم كالبيضاوي وابن الجوزي والبقاعي وأبو السعود والألوسي
الحاصل هذه ليست هنة فكما قال الزجاج كلا القولين جائزان
قال ابن كثير :
( عود الضمير إلى " نوح " ; لأنه أقرب المذكورين ، ظاهر . وهو اختيار ابن جرير ، ولا إشكال عليه .
وعوده إلى
" إبراهيم " ; لأنه الذي سبق الكلام من أجله حسن ، لكن يشكل على ذلك " لوط " ، فإنه ليس من ذرية " إبراهيم " ، بل هو ابن أخيه مادان بن آزر ; اللهم إلا أن يقال : إنه دخل في الذرية تغليبا ) .
وللإمام ابن الخطيب الرازي تحرير نفيس جدا يجلي الحق في هذه المسألة تذكر بتقريرات شيخ الإسلام ابن تيمية و الإمام ابن القيم رحمهم الله جميعا
قال أبو عبد الله الرازي : ( وأما قوله: ﴿ونوحا هدينا من قبل﴾ فالمراد أنه سبحانه جعل إبراهيم في أشرف الأنساب، وذلك لأنه رزقه أولادا مثل إسحق ويعقوب، وجعل أنبياء بني إسرائيل من نسلهما، وأخرجه من أصلاب آباء طاهرين مثل نوح، وإدريس، وشيث، فالمقصود بيان كرامة إبراهيم - عليه السلام - بحسب الأولاد وبحسب الآباء.
أما قوله: ﴿ومن ذريته داود وسليمان﴾ فقيل المراد ومن ذرية نوح، ويدل عليه وجوه:
الأول: أن نوحا أقرب المذكورين وعود الضمير إلى الأقرب واجب.
الثاني: أنه تعالى ذكر في جملتهم لوطا وهو كان ابن أخ إبراهيم وما كان من ذريته، بل كان من ذرية نوح - عليه السلام -، وكان رسولا في زمان إبراهيم.
الثالث: أن ولد الإنسان لا يقال: إنه ذريته، فعلى هذا إسماعيل - عليه السلام - ما كان من ذرية إبراهيم، بل هو من ذرية نوح - عليه السلام - .
الرابع: قيل إن يونس - عليه السلام - ما كان من ذرية إبراهيم - عليه السلام -، وكان من ذرية نوح - عليه السلام - .
والقول الثاني: أن الضمير عائد إلى إبراهيم - عليه السلام -، والتقدير: ومن ذرية إبراهيم داود وسليمان. واحتج القائلون بهذا القول: بأن إبراهيم هو المقصود بالذكر في هذه الآيات وإنما ذكر الله تعالى نوحا؛ لأن كون إبراهيم - عليه السلام - من أولاده أحد موجبات رفعة إبراهيم.
واعلم أنه تعالى ذكر أولا أربعة من الأنبياء، وهم: نوح، وإبراهيم، وإسحق، ويعقوب. ثم ذكر من ذريتهم أربعة عشر من الأنبياء: داود، وسليمان، وأيوب، ويوسف، وموسى، وهارون، وزكريا، ويحيى، وعيسى، وإلياس، وإسماعيل، واليسع، ويونس، ولوطا، والمجموع ثمانية عشر.
فإن قيل: رعاية الترتيب واجبة، والترتيب إما أن يعتبر بحسب الفضل والدرجة، وإما أن يعتبر بحسب الزمان والمدة، والترتيب بحسب هذين النوعين غير معتبر في هذه الآية فما السبب فيه ؟
قلنا: الحق أن حرف الواو لا يوجب الترتيب، وأحد الدلائل على صحة هذا المطلوب هذه الآية فإن حرف الواو حاصل ههنا مع أنه لا يفيد الترتيب البتة، لا بحسب الشرف ولا بحسب الزمان، وأقول: عندي فيه وجه من وجوه الترتيب، وذلك لأنه تعالى خص كل طائفة من طوائف الأنبياء بنوع من الإكرام والفضل.
فمن المراتب المعتبرة عند جمهور الخلق: الملك والسلطان والقدرة، والله تعالى قد أعطى داود وسليمان من هذا الباب نصيبا عظيما.
والمرتبة الثانية: البلاء الشديد والمحنة العظيمة، وقد خص الله أيوب بهذه المرتبة والخاصية.
والمرتبة الثالثة: من كان مستجمعا لهاتين الحالتين، وهو يوسف - عليه السلام -، فإنه نال البلاء الشديد الكثير في أول الأمر، ثم وصل إلى الملك في آخر الأمر.
والمرتبة الرابعة: من فضائل الأنبياء - عليهم السلام - وخواصهم قوة المعجزات وكثرة البراهين والمهابة العظيمة والصولة الشديدة، وتخصيص الله تعالى إياهم بالتقريب العظيم والتكريم التام، وذلك كان في حق موسى وهارون.
والمرتبة الخامسة: الزهد الشديد والإعراض عن الدنيا، وترك مخالطة الخلق، وذلك كما في حق زكريا ويحيى وعيسى وإلياس، ولهذا السبب وصفهم الله بأنهم من الصالحين.
والمرتبة السادسة: الأنبياء الذين لم يبق لهم فيما بين الخلق أتباع وأشياع، وهم إسماعيل، واليسع، ويونس، ولوط. فإذا اعتبرنا هذا الوجه الذي راعيناه ظهر أن الترتيب حاصل في ذكر هؤلاء الأنبياء - عليهم السلام - بحسب هذا الوجه الذي شرحناه). التفسير الكبير للرازي وقد نقلته تاما لحسنه ونفاسته
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...حياكم الله تعالى الأستاذ عبد الله السبيعي من الأمور التي يتعلمها طالب العلم من كثرة قراءته أن هناك أمور تدخل في العلم وهي ليست منه أو لنقل أنها ليست من صلب العلوم إنما من ملحه وأدواته التي من زينة طالب العلم أن يلتزم بها !!!
ومن هذه الأمور هي التي ردها علي مشكورا أخي الفاضل عبدالله السبيعي فهو طبق أصول التفسير ورأى أني لم ألتزم بها في رد تفسير(ضعفوا ) بقولهم (جبنوا) فما هي الدوافع التي دفعتني الى رد ذلك التفسير:
1- لا يخفى على طلبة العلم في شتى بقاع العالم الإسلامي الحملة الظالمة على صحابة رسول الله اللهم صل عليه وعلى آله ورضي الله عنهم وهذا هو السبب الأول الذي دعاني الى رد ذلك التفسير وهو الا نعطي تلك الحملة دليلا لكي تستمر بتعدياتها المعوجة!!!
2- هناك أمور موجودة في الصحابة ولكن ليس من الضروري ذكرها بل التعمية عليها مهمة وضرورية وهذا من أسلوب القرآن الكريم خذ مثلا أن الله سبحانه عاتب نبيه فأنظر ماذا قال:( عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَلَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43)) التوبة
فقدم العفو على الذنب .

وهذا الذي ذكرته ينطبق على المسألة الثانية وهي بدلا ان نقول (انهزموا) نقول تركوا أرض المعركة.
أما المسألة الرابعة فلم يوفق الأخ الفاضل في الرد علي بها ،
لنرجع الى تفسير الآية قال السبيعي هل ان الالتزام بنص الآية يؤدي الى الالتباس ؟ ما معنى هذا؟ الكلام حول التفسير وليس على نص الآية ثم ذكر تفسير السعدي واذا بكلام السعدي يؤيد ما ذهبت اليه من مخافة وقوع الالتباس وهذا نص السعدي رحمه الله تعالى:

(وَهَذَا الْحُكْمُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ خَاصَّةً، لِأَنَّ الصَّابِئِينَ، الصَّحِيحُ أَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ فِرَقِ النَّصَارَى، فَأَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَالْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَصَدَّقُوا رُسُلَهُمْ، فَإِنَّ لَهُمُ الْأَجْرَ الْعَظِيمَ وَالْأَمْنَ ، وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، وَأَمَّا مَنْ كَفَرَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَهُوَ بِضِدِّ هَذِهِ الْحَالِ، فَعَلَيْهِ الْخَوْفُ وَالْحُزْنُ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ بَيَّنَ هَذِهِ الطَّوَائِفَ، مِنْ حَيْثُ هُمْ، لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ، فَإِنَّ هَذَا إِخْبَارٌ عَنْهُمْ قَبْلَ بِعْثَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ هَذَا مَضْمُونُ أَحْوَالِهِمْ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقُرْآنِ إِذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّفُوسِ عِنْدَ سِيَاقِ الْآيَاتِ بَعْضُ الْأَوْهَامِ، فَلَا بُدَّ أَنْ تَجِدَ مَا يُزِيلُ ذَلِكَ الْوَهْمَ، لِأَنَّهُ تَنْزِيلُ مَنْ يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ قَبْلَ وُجُودِهَا، وَمَنْ رَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ. )
اما بالنسبة لمسألة نوح وإبراهيم عليهما السلام فأراه فيه على صواب والله تعالى اعلم.
 
أخي الفاضل الأستاذ البهيجي
أشكر لك تعقيبك المفيد , وأود أن أخبرك أن كلام السعدي موجود في تفسير ( سورة المائدة - الآية 69 )
فلعلك ترجع إلى هذا الرابط
القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة المائدة - الآية 69

لما اني أقرأ في الطبعة الثالثة منه وهي ليست الأخيرة ، فلم أتمكن من الحصول على الطبعة الرابعة منه واني أسأل ان كانت الطبعة الرابعة موجودة على النت فجزى الله تعالى خيرا من يدلنا عليها ان كان مركز تفسير يوافق على هذا الامر...والله تعالى اعلم.
آخر طبعة الآن هي الثالثة
ولعل الطبعة الرابعة تصدر بعد أن يخلى سبيل الشيخ مساعد الطيار
 
عودة
أعلى