مشروع ( المصحف وقراءاته )

محمد كالو

New member
إنضم
30/03/2004
المشاركات
297
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الإقامة
تركيا
الموقع الالكتروني
www.facebook.com
[align=center]مشروع ( المصحف وقراءاته )؟![/align]


هناك فريق بحث من طلبة الدراسات العليا تحت إشراف الدكتور عبد المجيد الشرفي (وهو : أستاذ جامعي من تونس ( كلية الآداب جامعة تونس ـ متقاعد حالياً )
الفريق يعمل فيما يسمونه مشروع ( المصحف وقراءاته ) وسيصدر العمل قريباً كما أُخبرنا بذلك .
إنه جهد لا يشكر عليه ، لأن له صلة وثيقة بالدوائر الدينية المسيحية عامة وفي إيطاليا على وجه الخصوص ، أنجز كتابه ( الإسلام بين الرسالة والتاريخ 2001م ) خلال إقامة متفرغة بمعهد الدراسات المتقدمة ببرلين وكانت على حساب هذا المعهد.


[hide]
التعليق على بعض ما ورد في مقدمة المشروع :
[/hide]


الدكتور المشرف على المشروع مشبوه لأنه من أذناب المستشرقين الذين يعادون الإسلام، وهو يبحث عن الشهرة من خلال تخليه عن مبادئه وقيمه ودينه ، وهو الذي تكلم فيه الدكتور محمد الطالبي في كتابه ( ليطمئن قلبي )

وترى تلاميذ الشرفي ينظرون إليه نظرة شك وريبة فيقول بعضهم لبعض : هل الشرفي يصوم رمضان ؟ هل يصلي الفرائض ؟

وأحد تلامذته يتبجح فيقول : بأنه لا تطيب له الكتابة إلا وكأس الخمر أمامه !!

فلماذا لا يقوم أساتذتنا الأفاضل بمشروع علمي كبير في خدمة كتاب الله ويكون تحت إشراف أحد جهابذة العلم ، في حين نرى أهل الباطل يجتهدون في غيهم وباطلهم ؟!!

أود هنا أن أعلق على مسألتين فقط من هذه المقدمة لمشروع ( المصحف وقراءاته) وأترك لكم التعليق على الباقي :

1 ـ من مصادرهم للمشروع :
( تحقيق المستشرق آرثر جيفري لكتاب المصاحف لابن أبي داود )

والمستشرق جيفري في تحقيقه هذا قام بوضع مقدمة يتحدث فيها عن القرآن الكريم من حيث جمعه في مراحله المتعددة ، مثيرًا الشكوك والشبهات ، وموجهًا الطعون المباشرة على علماء الأمة ، ومقررًا بأن علماء الغرب لا يوافقون اعتقاد المسلمين في كتابهم، ومدعيًا أنهم توصلوا إلى حقائق علمية في تاريخ القرآن من الروايات العديدة، ومعترفًا بأن المسلمين لا يتفقون معهم في نتائجهم.

لقد ظن جيفري أنه قد وقع على ما يفيد عدم حفظ القرآن فانطلق يفرغ كل ما في صدره من مطاعن دون روية أو تحفظ ، وقد أنسته النشوة ما يجب أن يتحلى به من الحذر العلمي .

اعتمد المستشرق في نشر هذا الكتاب على النسخة الظاهرية ، وقابلها مع نسخة دار الكتب المصرية - مع كونها منسوخة من الظاهرية - مدعيًا بأنها نسخة ثانية، وطبع الكتاب بنقص الورقة الأولى.

وفي جوف الكتاب كثير من الطامات والأخطاء الكثيرة والمثيرة منها :
قوله : (باب اختلاف خطوط المصاحف) ص115 ، وفي الأصل (اختلاف خطوط المصاحف) ، وكذا أضاف عدة كلمات في أماكن معدودة ظنًا منه أن في هذه الكلمات تكميلاً لمعنى الأثر ، مع أن الصواب وتمام المعنى بدون الزيادة كما في المخطوطة .

مثال آخر : في الأثر 26 زاد المستشرق كلمة (في) عند قوله : "فنسخها عثمان هذه المصاحف" وقال : "في هذه المصاحف" ص16 ، وهو خطأ لأن المعنى هو أن عثمان نسخ هذه المصاحف فـجملة (هذه المصاحف) بدل للهاء ، ولا معنى مطلقًا للقول بأن عثمان نسخ المصاحف في المصاحف ، وانظر جمال القرآن ج1 ص88 حيث نفس الأثر موجود دون حرف (في) ، نعوذ بالله من العجمة والجهل !

مثال ثالث : كذلك وقع في أخطاء كثيرة في تعيينه بعض رجال الأثر ، بقوله : لعله فلان ، مع أن الصواب غيره . ففي الأثر 321 قال عن (يونس) هو : ابن حبيب ص112 ، والصواب : يونس بن يزيد الأيلي . والأثر 518 عن زبيد بن الحارث بن عبد الكريم اليامي ، لكن قال المستشرق : في الأصل (زبيد) ، ولعل الصواب (زيد) ص175 ، يعني زيد بن ثابت !

يقول المستشرق آرثر جيفري في مقدمة كتاب المصاحف بتحقيقه ص3 :

( نتقدم بهذا الكتاب للقراء على أمل أن يكون أساسًا لبحث جديد في تاريخ تطور قراءات القرآن .
نشر في أيامنا هذه علماء الشرق كثيرًا مما يتعلق بتفسير القرآن وإعجازه وأحكامه ، ولكنهم لم يبينوا لنا ما يستفاد منه التطور في قراءاته ، ولا ندري على التحقيق لماذا كفوا عن هذا البحث في عصر له نزعة خاصة في التنقيب عن تطور الكتب المقدسة القديمة ، وعن ما حصل لها من التغير والتحوير ونجاح بعض الكتاب فيها
).اهـ

يعبر المستشرق عن نشوته بتقديم هذا العمل للقارئ ظنًا منه أن فيه من الروايات عن جمع القرآن ومصاحف الصحابة والقراءات ما يفيد الطعن على كتاب الله سبحانه وتعالى .

فهو لا يدري لماذا كف علماء الشرق عن هذا البحث في عصر له نزعة خاصة في التنقيب عن تطور الكتب المقدسة القديمة ؟!

أقول له :
لا توجد أمثال تلك البحوث عند علماء المسلمين لعدم وجود تحريف أو تبديل في كتابهم أصلاً ، بخلاف أهل الكتاب من اليهود والنصارى.

وإذا كان هذا المستشرق يزعم في مقدمته ص 4 : بأنه منصف في بحثه صادق النية ، وقصده الكشف عن الحق ، فقد قال في ص 9 ـ 10 :
( لا يهمنا في بحثنا هذا كونه حقاً أو باطلاً ، وإنما المهم هو بيان ما وصلنا إليه بعد التحري والتنقيب ) .اهـ

وقد نقد الدكتور محمد الصادق عرجون تحقيق آرثر جيفري لكتاب المصاحف وذكر أشياء قام جيفري بتدليسه على المؤلف رحمه الله تعالى ، دون الإشارة إلى ذلك ، وقارن ما أضاف جيفري على كتاب المصاحف بالنسخة الصحيحة.

بعد بيان هذا كله ، وما خفي أعظم ؛ يتخذ الشرفي هذا الكتاب مصدراً من مصادر هذا المشروع الفاشل من بدايته؟!!

المسألة الثانية :

اعتماده على تفسير ينسب لابن عباس رضي الله عنهما مطبوع اسمه ( تنوير المقباس من تفسير ابن عباس ) وهذا التفسير لفيروز آبادي المشهور صاحب القاموس، نقل فيه تفاسير ابن عباس رضي الله عنهما المنقولة بطريق واحد، وهذا الطريق طريق موضوع مكذوب؛ لأنه من طريق السُّدِّي الصغير -وهو أحد المتهمين بالوضع والكذب- عن الكلبي - وهو أحد المتهمين بالكذب أيضاً-، ولذلك يعتبر تفسير تنوير المقباس من تفسير ابن عباس هو أوهى التفاسير عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ لا يجوز أن يُنظر فيه على أنه من تفاسير ابن عباس رضي الله عنهما، وإنما هو ملفق وفيه أقوال مخترعة، ومصائب عظيمة لا يجوز النظر فيه إلا لمن يعرف حاله من أهل العلم.

والسدي الصغير هو محمد بن مروان :

قال المزي في تهذيب الكمال :
: محمد بن مروان السدى الصغير ، و هو محمد بن مروان بن عبد الله بن
إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكوفي ، مولى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب . اهـ .

ثم قال المزي :
قال عبد السلام بن عاصم ، عن جرير بن عبد الحميد : كذاب .
و قال عباس الدوري ، و الغلابي ، عن يحيى بن معين : ليس بثقة .
و قال محمد بن عبد الله بن نمير : ليس بشيء .
و قال يعقوب بن سفيان الفارسي : ضعيف ، غير ثقة .
و قال صالح بن محمد البغدادي الحافظ : كان ضعيفاً ، و كان يضع الحديث أيضاً .
و قال أبو حاتم : ذاهب الحديث ، متروك الحديث ، لا يكتب حديثه البتة .
و قال البخاري : لا يكتب حديثه البتة .
و قال النسائي : متروك الحديث .
و قال في موضع آخر : ليس بثقة ، و لا يكتب حديثه .اهـ

وقال الذهبي في ميزان الاعتدال المجلد الرابع :
محمد بن مروان السدى الكوفي، وهو السدي الصغير.
يروي عن هشام بن عروة والأعمش ، تركوه واتهمه بعضهم بالكذب ، وهو صاحب الكلبي ) .اهـ

وقال المزي في ( تهذيب الكمال ):
قال أبو بكر بن خلاد الباهلي ، عن معتمر بن سليمان ، عن أبيه: كان بالكوفة كذابان أحدهما الكلبي.
وقال عمرو بن الحصين ، عن معتمر بن سليمان ، عن ليث بن أبي سليم: بالكوفة كذابان: الكلبي والسدي ، يعني محمد بن مروان. اهـ

قال الشوكاني في ( الفوائد المجموعة ) ( ص 316 ) :
ومن جملة التفاسير التي لا يوثق بها " تفسير ابن عباس " فإنه مروي من طريق الكذابين كالكلبي والسدي ومقاتل .اهـ.

أنتظر تعليق الأخوة المختصين ...
 
أود أن أضع بين أيديكم بعض أطروحات عبد المجيد الشرفي المشرف على هذا المشروع المشبوه :

الدكتور عبد المجيد الشرفي أتمَّ دراسة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية، وقد كان إلى تقاعده أستاذ الحضارة الإسلامية في الجامعة التونسية، وكل مؤلفاته تدور حول الفكر الإسلامي وتحديثه والتحديث من داخل المنظومة الدينية.

والتحديث برأيه هو "إخضاع الدين لشروط الحداثة " فيجب لَيّ عنق هذا النص أو قطعه أحيانًا، من أجل "انسجام التدين مع متطلبات الحداثة" وهذا بالضبط هو التشرب بعجل الحضارة الغربية.

من أطروحات الشرفي :

من الأطروحات التي تدهشنا لدى عبد المجيد الشرفي قوله في ما يخص اتهام اليهود والنصارى بالتحريف فإنه يرى ان ذلك غير صحيح بالمعنى الذي شاع في العالم الإسلامي. والواقع ان هذه الأفكار تبلورت في فترات لاحقة على القرآن وبعد ان وجد المسلمون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع علماء اليهود والمسيحيين في البلاد المفتوحة، ومعلوم ان هؤلاء لم يعترفوا بالوحي الجديد الذي رأوا فيه منافسا لكتبهم.
فحصلت عندئذ مماحكات جدالية أدت إلى بلورة أطروحات هجومية ضدهم من قبل فقهاء المسلمين. وبالتالي فينبغي ان نموضع الأمور ضمن سياقها التاريخي لكي نفهمها على حقيقتها. لا ريب في ان كلمة التحريف واردة في القرآن في عدة مواضع ولكن معناها ليس عموميا كما شاع في ما بعد. بمعنى ان القرآن الكريم لا يقصد أبدا بأن التوراة محرفة أو أن الإنجيل مزور، ولا يقصد بأن كتب الوحي السابقة عليه خاطئة أو غير ربانية، وإنما يقصد بأن أتباعها حرفوا فهمها أو فهموها عن خطأ. هذا كل ما في الأمر، لكن في زحمة المجابهات الحامية بين المسلمين وأتباع هاتين الديانتين راح الفقهاء يشككون حتى في نص التوراة والإنجيل! وهذا مضاد تماماً لما جاء في القرآن الكريم وفي أكثر من موضع.

وبما ان الأرثوذكسية ـ أي الفهم الشائع للإسلام ـ لم تعد قادرة على مواجهة تحديات الحداثة، فإنه تقع على كاهل المفكرين الجدد في الإسلام مهمة تأويل التراث الإسلامي كله او إعادة تأويله وغربلته وتمحيصه على ضوء التجربة التاريخية والعلم الحديث من هنا عنوان كتابه الشهير الإسلام بين الرسالة والتاريخ.

ثم يردف الشرفي قائلاً :
القرآن يحتوي على (6200) آية من بينها فقط (220) أو (250) آية تشريعية. بمعنى أنها لا تشكل أكثر من 3 أو %4 من آيات القرآن. ومع ذلك فإن المسلمين لا يركزون إلا عليها ولا يرون إلا سواها.. وبالتالي فلا ينبغي ان تقتصر حياة المؤمن على هذا الجانب من القرآن، فالقرآن الكريم مليء بالتعاليم الأخلاقية الرفيعة والتوجيهات التربوية بالمعنى العام للكلمة. وهي تعاليم موجهة إلى البشرية كلها.

ثم يفاجئنا عبد المجيد الشرفي بأطروحات جريئة جداً إذ يقول:

هناك مسافة كبيرة بين الغايات السامية للرسالة النبوية المحمدية، وبين ما فعله بعض المسلمين بها وكيف حرّفوها عن مواضعها أو مقاصدها فيما بعد.

ثم يتحدث الشرفي عن العلوم الإسلامية التقليدية التي بلورت في ظل السلطة الأموية فالعباسية في من أجل خلع المشروعية على المؤسسات السياسية المنشأة حديثاً، وهي علم أصول الفقه، والتفسير، والحديث، وعلم الكلام، والتصوف.. وقد أصبحت هذه العلوم البشرية المحضة كالحجاب الحاجز الذي يفصل بيننا وبين القرآن، وبالتدريج تم نسيان القرآن من قبل المؤمنين أو المسلمين. وبالتالي فإن كتابات الفقهاء والمفسرين أصبحت عبارة عن عقبات تحول بين المسلمين وبين اكتشاف الوحي مباشرة أو التواصل معه بدون وسيط فرجال الدين يريدون ان يتوسطوا بينك وبين كلام الله في حين انه لا يوجد في الإسلام وسيط.

لقد كانت قراءة الحداثيين الإلغائية قد ألغت الحجاب والمواريث والحدود ومفهوم السنة النبوية، لكنها وقفت عند حدود العبادات وقالت، لأسباب مختلفة: لا مساس!
لكن الشرفي يرى أن التحديث يجب ألا يقف عند حدّ معين، فهو يرى أن العبادات من "الثوابت الزائفة" و"المسلمات المغلوطة" وأن جعلها من الأركان وتسويتها بالشهادة أمر لا دليل عليه قرآنيًا وهو يأخذ مثلاً من بعض الآثار التي تتحدث عن وجود البسملة في الصلاة والأخرى التي لا تتحدث عن وجودها دليلاً على المرونة التي تميزت بها صلاة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، والمرونة التي يقصدها ليست الاختيار من بين هذه الهيئات التي ذكرها، بل هي مرونة تتعدى ذلك بكثيرٍ وصولاً إلى كيفية الصلاة وعدد ركعاتها، ذلك أن "توحيد الطقوس هو مما اقتضته سيرورة المأسسة التي خضع لها الدين الإسلامي حين انخرط في التاريخ"، وهو أمر صار تاريخًا وانقضى بحسب متطلبات التحديث والحداثة التي ينادي بها.

فلنشاهد كيف يتعامل مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي" إنه يقول:

"فهذا الحديث إن صح، وعلى فرض أنه ملزم للمسلمين في غير عصره وبيئته، لا يعني بالضرورة حصر أشكال الصلاة في شكل وحيد، وليس فيه تحريم لغير الطريقة التي صلى بها ولا إقصاء للمصلين بغيرها". أي أن هناك ثلاث خطط يتعامل بها مع نص الحديث:

أولا: التشكيك في صحة الحديث بشكل ضبابي (إن صح!)، وهو لا يخبرنا عن معايير للتصحيح أو التضعيف، والحديث صحيح بكل الأحوال (رواه البخاري).

ثانيًا: يقول: "على فرض أنه ملزم في غير عصره وبيئته" أي أن "تاريخية النص" جاهزة دومًا للإجهاز على النص.

ثالثًا: "ليس فيه تحريم لغير الطريقة التي صلى بها" أي أن هذا يساوي في النهاية بين أنواع الصلوات وهيئاتها كلها..
ويسجل الشرفي "أن عدم تنصيص القرآن على عدد الصلوات وعلى كيفيات أدائها مقصود، ولم يترك بيانه عبثًا " من أجل الدخول إلى المرونة المزعومة التي تنسف الكيفيات والعدد والهيئات.

ولا زلت أنتظر تعليق الإخوة ....
 
جزى الله الشيخ الفاضل (محمد كالو) على تنبيهنا إلى هذا الأمر الخطير .
كل سعي مشبوه من جانب العلمانيّين والغربيين باتجاه دراسة الإسلام والقرآن ، يجب أن نرصده وأن نكون بالمرصاد له ، لنكون على أهبة للرد عليه ، و(الردّ عليه) لا يكون ولا ينجح إلا بنسف الجانب (العلمي) الذي يتبجحون به وهم منه براء!
وقد أمدّنا الشيخ الحبيب بمعلومات دقيقة عن ذلك المشروع ، حتى أنه جاءنا (في مشاركة بهذا العنوان نفسه "مشروع المصحف وقراءاته" في ملتقى البيان لتفسير القرآن) بنموذج من العمل الذي يبدو أنه سيصدر قريبا .
وعندما اطّلعتُ على النموذج ؛ رأيت أنهم يعقـّبون على كل آية بالقراءات المحتلفة لها ، وذلك من خلال (مختصر شواذ القراءات لابن خالويه) و (كتاب المصاحف للسجستاني بتحقيق المستشرق آرثر جفري) ومصادر أخرى معدودة . أي يقتصر العمل (إن كان ما رأيته هو نموذج حقيقي من العمل كله) على عرض القراءات المختلفة ، حتى بدون ترجيح أو تفضيل ، وأتصوّر أنهم غير مؤهّلين لفعل ذلك ، وقد صرّحوا بذلك في المقدمة التي أمدّنا الشيخ بجزء منها ، إذ قالوا " إن مشروعهم لا يُجيب على التساؤلات ، بل يطرحها ويعرض القراءات المختلفة للنص " . إِذَنْ فالعمل هو كسائر معاجم القراءات ، وهذا يعني أن محاولتهم هي باتجاه إنتاج كتاب مثل (معجم القراءات) لعبد اللطيف الخطيب أو (معجم القراءات القرآنية) للدكتورين أحمد خطاب العمر و عبد العال سالم مكرم ، من دون أن يرقى إلى ذلك المستوى أو يكون بذلك الشمول والإحاطة .
وتبيّن لي بذلك أنهم لا يقومون بـ (التلفيق) و خلط القراءات ، ولا بتفضيل قراءة متواترة على أخرى ، ولا يمدّون أيديهم إلى النص نفسه بتغيير أو تبديل . وأتصوّر أنهم لا يمكنهم ذلك لأسباب كثيرة ، منها : قصور إمكانياتهم العلمية ، ومنها خوفهم من الرأي الإسلامي العامّ .
وإذا كان الأمر كذلك فلا يكون المشروع بتلك الخطورة التي يبدو عليها ، وسيكون مشروعا متـّصلا بالقراءات دون أن يكون إنتاجا لمصحف مغاير أو بترتيب مغاير .
وأما إذا كان الأمر بهذه الصورة ، أي إذا كانوا يهدفون إلى طبع مصحف مختلف ، سواء كان الاختلاف بتلفيق قراءة من القراءات أو باختلاف ترتيب الآيات أو السور ، فذلك خَطـْب جـَلـَل يجب التصدي له .

وفّق الله جميع الإخوة لما فيه خير الإسلام والمسلمين .
 
جزاكم الله خيرا على إثارة هذا الموضوع، وأرجو أن يتصدى لهؤلاء المضللين مشايخ تونس وخطباؤها خاصة، فهم أعلم بشبههم، كالدكتور فتحي صاحب رسالة الجمع بالقراءات المتواترة، والدكتورة هند شلبي صاحبة التآليف المفيدة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
الهدف من هذا المشروع المشبوه هو اثبات المسلمات المسبقة لدى الشرفي ـ ذي الصلات الوثيقة المشبوهة بالدوائر المسيحيّة في روما وبرلين ـ إذ يعتقد الشرفي أن الوحي يختصّ بالمعنى القرآنيّ فقط، أمّا اللفظ فإنّهُ من إنشاء النبيّ صلى الله عليه وسلم بصفته البشريّة ، وينفي كلّيةً حفظَ الله تعالى لفْظَ كتابِهِ ويدّعي أنّ اللفظ نالَهُ التغييرُ البشريُّ لأنّ وعْدَ الله بالحفظ خاصٌّ بالمعاني دون الألفاظ كما يقول.

ويشك في تطابُق القرآن المتداول اليوم بين أيدي المسلمين مع القرآن الذي بلّغه النبيُّ محمد صلى الله عليه وسلم للناس.

ومن هنا نعلم الهدف الخبيث من وراء هذا المشروع المشبوه.

لقد صدق الدكتور محمد الطالبي ـ الخبير بهم ـ حينما أطلق عليهم اسم ( الانسلاخسلاميّة ) وقال عن الشرفي المشرف على هذا المشروع :
" إنّه مغالط ومتقنّع، ويسعى إلى التلبيس من داخل الثقافة الإسلاميّة، ومن الواجب فضحه ".
 
يرى الشرفي أن القراءات القرآنية من أكثر المجالات وأخصبها للطعن بهذا الدين، والشك بأمره، وهذه المحاولة منه من جملة المداخل التي حاول أعداء هذا الدين من المستشرقين والملحدين الولوج منها، لتحقيق مآربهم، وتنفيذ أغراضهم .

فالشرفي يريد أن يثبت ( نظريته ) أن اختلاف القراءات القرآنية يدل على اضطراب في النص القرآني، إلا أن معنى الاضطراب في النص: هو وروده على صور مختلفة أو متضاربة، لا يُعرف الصحيح الثابت منها، أما وروده على صور كلها صحيح، فليس في ذلك شيء من الاضطراب المزعوم.

وقد عبَّر ابن قتيبة - قديمًا - عن هذه الشبهة، فقال رحمه الله:
"..وكان مما بلغنا عنهم أنهم يحتجون بقوله عز وجل: { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً }
وبقوله: { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه }
وقالوا: وجدنا الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم يختلفون في الحرف...والقراء يختلفون؛ فهذا يرفع ما ينصبه ذاك، وذاك يخفض ما يرفعه هذا، وأنتم تزعمون أن هذا كله كلام رب العالمين، فأي شيء بعد هذا الاختلاف تريدون، وأي باطل بعد هذا الخطأ واللحن تبتغون؟!!

وقد ردَّ ابن حزم رحمه الله على هذه الشبهة، بقوله:
"...فليس هذا اختلافًاً، بل هو اتفاق منا صحيح؛ لأن تلك الحروف وتلك القراءات كلها مبلَّغ بنقل الكوافِّ إلى رسول الله صلى الله وسلم أنها نزلت كلها عليه، فأي تلك القراءات قرآناً فهي صحيحة، وهي محصورة كلها مضبوطة معلومة، لا زيادة فيها ولا نقص " .

ولقد ذكر أ. د. رشاد محمد سالم في بحثه عن المراد بالأحرف السبعة ( في صحيفة الخليج الإماراتية ) الجمعة : 20 / 2 / 2009 م ما يلي :

قال صلى الله عليه وسلم: " أنزل القرآن على سبعة أحرف..." ولفظ ( على ) يشير إلى أن هذا الشرط للتوسعة والتيسير، بمعنى: أنزل القرآن موسعاً فيه، على القارئ أن يقرأه على سبعة أوجه، يقرأ بأي حرف أراد منها على البدل من صاحبه.

وليس المراد: أن كل كلمة من القرآن تقرأ على سبعة أوجه، إذاً لقال صلى الله عليه وسلم " إن هذا القرآن أنزل سبعة أحرف " بحذف لفظ ( على ) بل المراد ما علمت من أن هذا القرآن أنزل على هذا الشرط وهذه التوسعة، بحيث لا تتجاوز وجوه الاختلاف سبعة أوجه، مهما كثر ذلك العدد والتنوع في أداء اللفظ الواحد، ومهما تعددت القراءات وطرقها في الكلمة الواحدة.

وهذا المعنى بلغ مبلغ التواتر في هذه الأمة؛ ووجه دلالته: أن القرآن نزل على سبع لغات من لغات العرب، رحمة ورأفة بهم، إذ لو كلِّفوا بقراءته على لغة واحدة لشق الأمر عليهم، ولَدَخَلَهم من العنت ما جاء الشرع الحكيم لرفعه عنهم.اهـ
 
يستهزئ كاتب آخر يدعى وحيد السعفي يساند عبد المجيد الشرفيه في دعواه فيقول :
" إذا كانت القصة مؤسسة للدين كانت ذات ألف غاية وغاية، فإن قرأت وفق كلّ غاية كان لها ألف قراءة وقراءة " .اهـ وحيد السعفي، القربان في الجاهلية والإسلام، سلسلة دراسات، تبر الزمان، تونس، 2003، ص76.

إن خصوم الإسلام يتخذون من تعدد قراءات بعض كلمات القرآن وسيلة للطعن فيه ، ويرون أن هذه القراءات ما هي إلا تحريفات لحقت بالقرآن بعد العصر النبوي.

وكأنهم يريدون أن يقولوا للمسلمين وكتابكم المقدس (القرآن الكريم) حافل بالتحريفات والتغييرات والتبديلات ، التي تسمونها قراءات !

فهذا المستشرق اليهودي المجري: " جولد زيهر " الحقود على الإسلام يحاول إخراج القراءات القرآنية من كونها وحيًا من عند الله ، نزل به الروح الأمين إلى كونها تخيلات توهمها علماء المسلمين ، وساعدهم على تجسيد هذا التوهم طبيعة الخط العربي ؛ لأنه كان في الفترة التي ظهرت فيها القراءات غير منقوط ولا مشكول ، وهذا الذي ساعد على نطق الياء تاء في مثل " تقولون " أو " تفعلون " ! فمنهم من قرأ بالتاء " تقولون " ومنهم من قرأ بالياء" يقولون ".

هذا من حيث النقط وجودًا وعدمًا ، أما من حيث الشكل أي ضبط الحروف بالفتح أو الضم مثلاً ، فقد أرجع إلى هذا السبب قوله تعالى: (وهو الذي أرسل الرياح بُشرًا..)( سورة الفرقان: 48).

فقد قرأ عاصم: " بُشرا " بضم الباء وقرأها الكسائي وحمزة: " نَشْرا " بالنون المفتوحة بدلاً من الباء المضمومة عند عاصم.

وقرأ الباقون: " نُشُرا " بالنون المضمومة والشين المضمومة ، بينما كانت الشين في القراءات الأخرى ساكنة.اهـ (انظر: رسم المصحف (29) للدكتور / عبد الفتاح شلبي ، مكتبة وهبة).

وفى هذا يقول جولد زيهر نقلاً عن الترجمة العربية لكتابه الذي ذكر فيه هذا الكلام:

" والقسم الأكبر من هذه القراءات يرجع السبب في ظهوره إلى خاصية الخط العربي ، فإن من خصائصه أن الرسم الواحد للكلمة قد يقرأ بأشكال مختلفة تبعًا للنقط فوق الحروف أو تحتها ، كما أن عدم وجود الحركات النحوية ، وفقدان الشكل (أي الحركات) في الخط العربي يمكن أن يجعل للكلمة حالات مختلفة من ناحية موقعها من الإعراب.
فهذه التكميلات للرسم الكتابي ثم هذه الاختلافات في الحركات والشكل، كل ذلك كان السبب الأول لظهور حركة القراءات ، فيما أهمل نقطه أو شكله من القرآن ".اهـ ( المذاهب الإسلامية (ص4) ، ترجمة د. محمد يوسف موسى).

إن المتأمل فى هذا الكلام ، الذي ذكره جولد زيهر ، يدرك أن الرجل يريد أن يقول في دهاء وخبث.

إن هذه القراءات تحريفات معترف بها لدى المسلمين، وأن النصوص الإلهية المنزلة
على رسولهم أصابها بعض الضياع، إنه لم يقل صراحة بالتحريف وإنما وضع المبررات لوجود التحريف في القرآن الكريم.

ثم أخذ بعد ذلك يورد أمثلة من القراءات وينسبها إلى السببين اللذين تقدم ذكرهما.
واقتفى أثره كثير من المستشرقين والحداثيين أمثال الشرفي وتلامذته المغرر بهم.
لقد حظي كتاب الله العزيز بعناية منقطعة النظير ، في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعد وفاته.

ومن الحقائق الراسخة أن طريق تَلَقِّي القرآن كان هو السماع الصوتي، سماع صوتي من جبريل لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن الرسول إلى كتبة الوحي أولاً ثم إلى المسلمين عامة.

هذا هو الأصل منذ بدأ القرآن ينزل إلى هذه اللحظة وإلى يوم الدين ، في تلقي القرآن من مرسل إلى مستقبل.

ولا يزال متعلم القرآن في أشد الحاجة إلى سماع القرآن من شيوخ حافظين متقنين ، وفى القرآن عبارات أو كلمات يستحيل أن يتوصل أحد إلى نطقها الصحيح عن مجرد القراءة في المصحف، ولو ظل يتعلمها وحده الدهر كله.

إن القراءات القرآنية وحي من عند الله عز وجل، ولا تدخل كل كلمات القرآن في القراءات، بل لها كلمات محصورة وردت فيها ، وقد أحصاها العلماء وبينوا وجوه القراءات فيها، والكلمة التي تقرأ على وجهين أو أكثر يكون لكل قراءة معنى مقبولاً يزيد المعنى ويثريه.

بهذا تنهار الأفكار التي أرجع إليها جولد زيهر نشأة القراءات، لأن المسلمين من جيل الصحابة وإلى اليوم لم يتعلموا القرآن عن طريق الخط العربي من القراءة في المصاحف ، وإنما تعلموه سماعاً واعياً ملفوظًاً كما خرج من فم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

إن إرجاع القراءات القرآنية لطبيعة الخط العربي الذي كان في أول أمره خاليًا من النقط والشكل، كما توهم " جولد زيهر " ومن بعده " آثر جيفري " في المقدمة التي كتبها لكتاب المصاحف ، لأبي داود السجستاني حيث مسخ جيفري الكتاب بتحقيقه، وتابعهما المستشرق " جان بيرك " ، وأذنابهم من أمثال الشرفي وغيره الذين يلهثون بكل إمكانياتهم لإثبات هذه النظرية من خلال هذا المشروع المشبوه، هذه النظرية مجرد وَهْمٍ سانده جهل هؤلاء الأدعياء على الفكر الإسلامي، مبدؤه ومنتهاه الحقد على الإسلام والتطاول على القرآن الكريم.
 
ينطلق عبد المجيد الشرفيه من مسلمات علمانية منها :

المسلمة التاريخية: ويقصد هذا الطرح العلماني إلى تبيين تأثير السياسة في الدين، واستغلال السلطة للدين للإجهاز على المجتمع. وتجتهد العلمانية في التفصيل في بعض المراحل التاريخية من تاريخ الإسلام؛ لتأكيد هذا المضمون ، كسلسلة ( الإسلام واحداً ومتعدداً ) التي صدرت تحت إشراف عبد المجيد الشرفيه.
ويتبين ذلك من خلال أسماء كتب السلسة ، ومن هذه الكتب :
ـ إسلام الفقهاء لنادر حمامي
ـ إسلام الفلاسفة لمنجي لأسود
ـ الإسلام الأسود لمحمد شقرون
ـ إسلام عصور الانحطاط ، عبد الباسط القمودي وغيره.

وهي إذ تفعل ذلك تقرر ضمن مسلماتها أن لا نموذج لنظام حكمٍ يستمد قواعده وآليات اشتغاله من الدين الإسلامي.
ولا غرابة أن نجد معظم الكتابات العلمانية تتحاشى الحديث عن مرحلة النبوة؛ بل تتعمد إضفاء الطابع التربوي والأخلاقي على الرسالة المحمدية بقصد استبعاد كل مفاهيم السياسة والحكم عنها .

المسلمة الشرعية:
انطلقت العلمانية منبهرةً بمنتجات الغرب العمرانية، ثم انتقلت للحديث عن قيم الغرب خاصة منها الحرية والديمقراطية والحداثة وغيرها من المفاهيم، لتصل إلى مقصودها ونظامها المتلخص في فصل الدين عن الدولة.

نظرت العلمانية فوجدت خصمها ينهل من معين المعارف والعلوم التي تدور رحاها حول النظر في النص والاجتهاد فيه، فتوجهت نحو علوم القرآن لتثبت تاريخية النص ، وأنه يخاطب قوماً معينين في مرحلة زمنية معينة وخاصة مفهومي ( سبب النزول ـ والناسخ والمنسوخ ، والقراءات المتواترة للقرآن الكريم ).

ودخلت من باب علم الأصول لتقول : أن مجمل القواعد والضوابط ـ التي تجعل اليوم كآليات للنظر في النص ـ هي ذاتها غير مقدسة؛ وإنما هي اجتهادات لعلماء عاشوا مرحلة تاريخية معينة، ومادام أن العلماء اجتهدوا، وأصّلوا الأصول، وقعّدوا القواعد انطلاقاً من نظرهم التاريخي الخاص، فلنا الحق أن ننظر بآلياتنا الخاصة بما يتناسب مع المفاهيم الحديثة خاصة تلك التي لها تعلق بمفهوم التسامح والانفتاح.
ولا معنى عندهم للانضباط لنفس الآليات والقواعد التاريخية؛ لأن ذلك يعتبر هروباً إلى الماضي.
 
من عجائب الأفكار عند الحداثيين ما يذكره عبد المجيد ( الشرفيه ) : من أن الصلاة ليست واجبة (1) وكذلك الزكاة ليست واجبة وإنما هي اختيارية (2) فهو بذلك يرد على القرآن صراحة قال الله تعالى : { وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} [ سورة البقرة : 43].

وينكر فرضية الصوم أيضاً ويدعي أنه للتخيير (3) وقد قال الله تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لعلكم تتقون } [ سورة البقرة : 183 ].

أما الحج فيعده من الطقوس الوثنية الميثية العربية القديمة (4) وقد قال جل جلاله : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } [ سورة آل عمران : 97 ].

حقاً إن أمره لعجب، فقمة الزندقة والإلحاد في هذه الأفكار التي قدت من لبنات المتخيل الغربي الغريب للقضاء على الإسلام من جذوره.

وإني لأعجب أكثر ممن يتبنى بعض أفكاره النتنة ويستمرئ عفونته الممقوتة، وفي الحقيقة لا يكتب تحت إشرافه إلا السذج من بعض الدارسين الذين طمس الله على قلوبهم فأعمى أبصارهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
1 ـ الإسلام بين الرسالة والتاريخ للشرفي صفحة 63.
2 ـ المصدر نفسه .
3 ـ لبنات للشرفي صفحة 173.
4 ـ الإسلام بين الرسالة والتاريخ صفحة 65.
 
عودة
أعلى