مشروع السَّنَدِ النَّفِيسِ

إنضم
25/01/2013
المشاركات
94
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
مصر
تنبيه: هذا موضوعٌ طرحتُه على كثيرٍ من أهل العلم داخل هذا الملتقى المبارك وخارجه، أستنصحهم وأستشيرهم وأستنير بآرائهم القيِّمة وتوجيهاتهم السَّديدة، وقد رأيتُ من اقتناعهم بالفكرة وتفهُّمهم لأهميتها ما حداني إلى مزيدٍ من تجويد الطرح؛ فما زلتُ أعودُ إليه بالتنقيح حتى استقام على صورته الحالية. ولا يزال هناك الكثير جدًّا مما يُمكن أن يُضيفه علماؤنا الأجلَّاء ومشايخنا الفضلاء، ومن أجل هذا أضعُه بين أيديكم مُستنصحًا مُتعلِّمًا مستفيدًا، فلا يبخل ذو رأيٍ بما يراه صوابًا أو تصويبًا، ولا ذو علمٍ بما يراه تقويمًا أو تهذيبًا.
ولا يفوتني أن أشكر من أعضاء الملتقى المبارك السَّادة أصحاب الفضيلة الأجلَّاء الأعزّاء: فضيلة الشيخ محمد الحسن بوصو، وفضيلة الشيخ محمد يحيى شريف، وفضيلة الشيخ عبد الحكيم عبد الرازق، وغيرهم من علمائنا الأجلَّاء خارج الملتقى المبارك حفظهم الله ورعاهم وسدَّد على درب الحقِّ خطاهم، لما كان لهم من توجيهٍ ونصحٍ بشأن هذا الطَّرْح، فجزاهم الله عن القرآن وأهله كلَّ خيرٍ، ووفَّقهم إلى كلِّ بِرٍّ.
والآن إلى الموضوع:

المقدمة
الحمد لله ربِّ العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين... وبعدُ.
فإنَّ اتِّصال المرويَّاتِ سندًا خصيصةٌ لأُمَّة الشهادة، إذ تفرَّدتْ بين الأمم بعلم الإسنادِ؛ ابتكرته فأخرجَ شطأه واستوى بناؤه، وتأصَّلت قواعده مُبكِّرًا. ولا عَجَبَ أن اهتمَّ به فرسان العلم من تلك الأمة؛ إذ عدُّوا الكلام العري من الإسناد كالطفل الدعيِّ، فطوَّفوا في أربع جهات العالم؛ يُقلِّبون آثارها، ويقيِّدون أوابدها، ويسلسلون شواردها.
ونظرًا لما يمثِّله القرآن الكريم عند المسلمين من أهميةٍ خاصَّةٍ؛ فقد تمحورت حوله جهود الطلَّاب الـمُجدِّين في كل عصر ومصرٍ؛ روايةً ودراية ورعايةً، لم يتركوا بابًا فيه خيرٌ إلا طرقوه، ولا وسيلةً فيها بُلغةٌ إلا اكتنفوها، فتعدَّدت علومه وتباينت مناهجها.
واليوم؛ مع تباعُد الأزمان وتنائي المسافات بين المنبع والمصبِّ؛ على تفرِّق القنوات وتشعُّبها = أُصيبتْ أسانيدُ القرَّاء بنوعٍ من الترهُّل استوجب إعادةَ النظر في نُظُمِ منح الإجازة لطالبيها، وصار لزامًا على الـمُتصدِّين للإقراء الغيورين على القرآن الكريم أن يبذلوا جهدهم في سبيل ذلكَ. وإذا اتفقنا على أنَّ الإجازاتِ في عصرنا لا تؤثِّر على إثباتِ تواتر القرآن بقراءاته المتواترة - إذ إنه أمرٌ قد فُرِغَ منه، وليس مجالًا للخلاف بين مَن يُعتدُّ بخلافهم من علماء المسلمين، وإنما جُلُّ المقصود من إجازات القرَّاء إجادةُ كيفيَّات الأداء وهيآته، وتحقيق مخارج الحروف وصفاتها، وهو ما لا يتحقق إلا بالمشافهة والتلقي عن شيخ متقن مجيد ذي رواية ودرايةٍ ورعايةٍ = إذا اتفقنا على هذا القدر فلابدَّ من التسليم بأنَّ نوعًا من الخلاف في بعض فروع الأداء قد طرأ على التلقِّي، ولو تُرِكَ الأمرُ بدون حصارٍ ولا عَزْلٍ صحِّيٍّ؛ فلا يُؤمنُ انتشارُه.
ولتحقيق قَدْرٍ من الضبط المنهجيِّ تقترح هذه الورقةُ مشروعًا تطبيقيًّا لتطوير نظام منح الإجازاتِ لطلَّاب علم التجويد والقراءاتِ، أسميته مشروع "السند النفيس"، وتتلخَّص فكرته في أن يُجاز الطالب المؤهَّلُ للإجازة من لجنةٍ من مشايخ الإقراء المشهود لهم بالسبقِ والتمكُّن والتضلُّع من علوم القرآن روايةً ودرايةً، والمجمع على فضلهم رعايةً.
وقد رسَّمتِ الورقةُ خطواتٍ عمليةً رُوعيَ فيها أن تتبنى إحدى مؤسسات العمل القرآنيِّ الجادَّة الإشرافَ على المشروع، كما رُوعيَ فيها التدرُّجُ من الواقعِ وصولًا إلى المأمولِ.
والورقةُ إذ تتغيَّا تطوير نظام الإجازةِ؛ فهي تُوطِّئُ له بعدة مشروعاتٍ خادمةٍ تأتي في السياق نفسه؛ بما ينتج عنه – حال تحقُّقه بإذن الله – طفرةٌ طيِّبةٌ في تعلُّم القراءات والتجويدِ خاصةً، وعلوم القرآن عامةً.
والله أسألُ أن ينفع بها وبقصدها، وأن يُبلِّغنا مما يرضيه آمالنا، وأن يرزقنا علمًا نافعًا ورزقًا طيِّبًا وعملًا مُتقبَّلًا.
***
أهمية هذا الطَّرح
يرى الباحث أنَّ أسانيد الـمُقرئين - اليوم - أحوج إلى تطبيق قواعد الجرح والتعديل من أسانيد الـمُحدِّثين، فإذا كان إسناد المحدِّث مع طول السند وقلة الحفظ وتشعُّب الطرق = لا يخلو من مجهول أو ضعيف، فما الفائدة المباشرة من تحصيل أسانيد الحديث عاليها ونازلها؛ في هذا الزمان؛ إلا شرف اتصال السند بالمصطفى صلى الله عليه وسلم؟
اسمع لهذا الكلام النفيس الذي ينقله النوويُّ عن ابن الصلاح – رحمهما الله- يقول:
«قال الشيخ الإمام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله: اعلم أنَّ الرواية بالأسانيد المتصلة ليس المقصودُ منها في عصرنا، وكثير من الأعصار قبله؛ إثباتَ ما يُروى؛ إذ لا يخلو إسنادٌ منها عن شيخ لا يَدري ما يرويه، ولا يَضبِط ما في كتابه ضبطًا يصلح لأن يعتمد عليه ثبوته، وإنما المقصود بها إبقاءُ سلسلة الإسناد التي خُصَّت بها هذه الأمة زادها الله كرامة»[1].
نعم؛ إنَّ شرف تحصيل الأسانيد لا يفوقه إلا شرفُ الذَّبِّ عن الأحاديث المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم، وتمييز صحيحها من سقيمها، والغوص على معانيها الفريدة ودررها الخريدة، والتمسُّك بها ظاهرًا وباطنًا، وإظهارها للناس عملًا وعلمًا، ولكنَّ السعي في تحصيل هذه الأسانيد الآن ظنًّا بأنَّ كتابة الطرق - مهما تكاثرت وتواترت - قد تؤدي لتصحيح حديثٍ استقرَّ الحفَّاظ قديمًا وحديثًا على تضعيفه، أو الحطّ من رتبة حديثٍ استقرُّوا على تصحيحه= فهذا ما لا يدَّعيه عالـمٌ.
ويجب ألا يخلط أحدٌ بين أهمية دراسة الأسانيد المدونة في كتب الحفَّاظ التي يعول عليها كدواوين السُّنَّة مشهورها ومغمورها، وبين تحصيل الإسناد المتَّصل في هذا الزمان، فالأمر الأول هو عمل الحفَّاظ المحدِّثين اليوم، يساعدهم في هذا الانفتاحُ على وسائل العصر الحديث من برامج حاسوبية متطورة، تقوم بالبحث الدقيق والسريع، والفهرسة الشاملة للمتون وأسانيدها وطرقها، كذلك الاستفادة من كتب الأصول والأجزاء الحديثية الكثيرة التي وصلتنا مخطوطاتها، وقام الباحثون بتحقيقها، والتي يساعد الإلمام بها في نقد الأحاديث سندًا ومتنًا، كلّ هذا وغيره مما يعرفه المختصون يجعل الحاجة إلى إعمال قواعد الجرح والتعديل على طُلَّاب علم الحديث بأسانيده اليوم أقلّ من الحاجة إلى إعماله في أسانيد القرَّاء.
وربما يقول قائل: إننا متفقون على الشقِّ الأول من هذا الكلام، وهو أنَّ إعمال الكثير من قواعد الجرح والتعديل على نَقَلَةِ الحديث المعاصرين ليس تحته فائدةٌ مباشرةٌ، ولكن ما السببُ الزائد الذي جعل أسانيد القراء في احتياجٍ إلى إعمال قواعد الجرح والتعديل؟ ولم لا يحتجُّ عليك محتجٌّ بأن القرآن محفوظٌ بحفظ الله له، وأنَّ أسانيد القراء لا تـخلو - كما هي الحال في أسانيد المحدثين = من المجهولين والضعفاء، بل إنَّ وجود ذلك في أسانيد القراء أكثر؛ لقلة من يهتمُّ بذلك اتِّكالًا منهم على جلالة القرآن وحفظ الله له، ولأنَّ القرَّاء؛ بطبيعة تكوينهم العلميِّ؛ أقلُّ عنايةً بالأسانيد وصنعتها من المحدِّثين. ودليل ذلك قلة من ترجم للقراء بتصحيح وتضعيف، عكس كتب رجال الحديث؟
فنقول وبالله التوفيق: كلُّ ما قلتموه صحيح، ولكن مكمن الفرق في أنَّ المقصود الأول من تحصيل الأسانيد عند القراء ليس إثبات تواتر القرآن بقراءاته العشر المتواترة إجمالًا[2]، فهذا أمرٌ قد فُرِغَ منه، وليس مجالًا للخلاف بين مَن يُعتدُّ بخلافهم من متأخِّري علماء المسلمين = وإنما المقصود من إجازات القُرَّاء إجادة كيفيَّات الأداء وهيآته، وتحقيق مخارج الحروف وصفاتها، وهو ما لا يتحقق إلا بالمشافهة والتلقي عن شيخ مُتقنٍ مُجيد ذي رواية ودرايةٍ ورعايةٍ.
يقول السيوطيّ رحمه الله: «وأما القراءة على الشيخ فهي المستعملة سلفًا وخلفًا، وأما السماع من لفظ الشيخ فيحتمل أن يقال به هنا؛ لأنَّ الصحابة رضي الله عنهم إنما أخذوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم لكن لم يأخذ به أحدٌ من القراء، والمنع فيه ظاهر؛ لأنَّ المقصود هنا كيفية الأداء، وليس كل من سمع من لفظ الشيخ يقدر على الأداء كهيئته، بخلاف الحديث، فإنَّ المقصود فيه معنى الحديث أو لفظه لا بالهيئات المعتبرة في أداء القرآن، وأما الصحابة رضي الله عنهم فكانت فصاحتهم وطباعهم السليمة تقتضي قدرتهم على الأداء كما سمعوه من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم لأنه نزل بلغتهم»[3]
ولما كان السلف الصالح - وخصوصًا قرب عهد النبوة - أصحابَ فصاحةٍ، وأربابَ بيانٍ؛ فقد كانوا يُحقِّقُون القرآن على السليقة، حتى اختلط المجتمع الإسلاميُّ بكثير من المسلمين الأعاجم في البلاد التي فتحها المسلمون والوافدين إلى الحَرَمَينِ؛ لينهلوا الدِّين من منبعه، وقد أدَّى هذا الاختلاطُ إلى فساد ملكة اللغة والبيان بتتابع الأيام وتقادم الأزمان؛ حتى صرنا اليوم على ما نحن عليه من أخطاء ولحونٍ تقشعرُّ لها جلود الغيورين على هذا الدين.
ولا أعني بذلك بعض أئمة المساجد غير المؤهلين، ولا العوامَّ الذين لا يجيدون القراءة، وإنما أعني الاختلاف في الأداء بين العلماء المختصين؛ الأمر الذي يحاول البعض تمريره على أنه من الخلاف السائغ تارة، أو مما عمَّت به البلوى تارة أخرى. ويكفي للتدليل على ذلك ذِكرُ بعض الحروف التي أصابها التطور عن صورتها التي وصفتها لنا كتب اللغة والتجويد، كالضاد، والطاء، والقاف، والجيم، كذلك الخلاف في كيفية إخفاء الميم الساكنة قبل الباء، وكيفية أداء حروف القلقلة، وكيفية إخفاء النون الساكنة قبل بعض حروفها... وغير ذلك مما يعرفه المحققون.
وإذا قنعتَ بهذا؛ فمن حقِّ القرآن علينا أن نتساءل: ما الذي أدَّى إلى ما وُصِفَ؟ والإجابة متفرعة ومتشعبة تشعُّب الأسباب التي بها تتطور أي لغة، فضلًا عن الأسباب الناتجة عن تهاون الكثير من المسلمين في أخذ القرآن بقوة؛ غير أن السبب الأهم – في تقديري – راجع إلى مشايخ التجويد والمقرئين أنفسهم؛ إذ إنَّ التساهل الـمُفرط في الشهادة بالأهلية ومنح الإجازات لغير المؤهلين لها روايةً ودرايةً؛ أدَّى إلى تمرير هذه الأخطاء بصورة شرعية، فهو يتلقَّى على التساهل، فإن أقرأ أقرأ على تذوُّقه، فيطرأ الفساد، فإذا تصدَّى عالـِمٌ لبيان هذا الفساد؛ رفع الكل شعارَ: (هكذا تلقيت، وهكذا قرأت على شيخي)!
فإذا اتفقنا على هذا القدر الموصوف؛ فإنَّ التقليبَ في كتب التراجم والطبقات ومحاولة تحقيق ما بين أيدينا من إجازاتٍ مكتوبةٍ؛ كلُّ هذا لن يضيفَ جديدًا يحكم في القضيَّة ويفضُّ الاشتباكَ؛ فضلًا عن كونه غيرَ ميسورٍ.
إذًا؛ فلنقل: إنَّنا – إذ لم نستطع أن نُغيِّر الماضي – فعلينا أن نحاول حياطة المستقبل، وذلك بوضع معاييرَ لتحقيق أسانيد القرَّاء المعاصرين، مدار هذه المعايير على عُنصري الضبط والعدالةِ، بحيث يُطوِّر علماء القراءات النقَّاد الجامعين بين الرواية والدراية ما يرونه من أساليب تُحقِّق هذه الغاية. ولـمَّا كانت الغايةُ عظيمةً؛ فإنَّ ذلك لن يكون إلا من خلال اجتهادٍ جماعيٍّ، تحت إشراف إحدى مؤسسات العمل القرآنيِّ ذات الثقل الأدبيّ والعلميّ.
وعلى كلٍّ فإنَّ الورقة التي بين أيدينا تقترحُ إطارًا عمليًّا يمكن التأسيس عليه والانطلاق منه لتحقيق الطفرة المنشودة نحو ضبط أسانيد القرَّاء، وحياطةِ نقاء الأداء. وذلك من خلال ما أسميتُه: (مشروع السَّنَد النفيس).
***
ماهيَّة فكرة مشروع السَّند النَّفيس

إنَّ نظامَ منح شهادة الدكتوراه المعمول به في كثيرٍ من الجامعات العالمية يقتضي ألا يتأهَّل الطالب لبحث أطروحته إلا بعد أن يجتاز امتحانًا تأهيليًّا Qualifying Exam For The Doctoral Degree أمام لجنةٍ من عددٍ فرديٍّ من علماء التخصُّص، غالبًا ما يكونون خمسةً أو سبعةً. وينقسم الامتحان إلى شقَّينِ: تحريريٍّ، وشفويٍّ؛ بحيث يكونُ كلُّ ما يدرسه الطالب في تخصُّصه موضعًا للامتحان، ليس في استظهار المعلومات واستحضارها فحسب، ولكن في قدرة الطالب على الربطِ بينها، والنَّظر إليها بعقلية الباحث المبدع القادر على إضافة الجديد لتخصُّصه. وربَّما كان الأساتذة الممتحنون خمسةً من داخل التخصُّص واثنين من أقرب التخصُّصات صلةً بتخصُّصه الدقيق. فإذا اجتاز الطالب الامتحان التحريري بنسبة نجاح لا تقلُّ (غالبًا) عن 70% في خمس ورقاتٍ أو سبعٍ = حُقَّ أن يُعقدَ له الامتحان الشفويُّ، ولابدَّ أن يُجمِع الأساتذة الممتحنون إجماعًا على استحقاقه الإجازةَ في تخصُّصه، وعندها يُصبح مؤهَّلًا للعمل على أطروحة الدكتوراه، التي يجب أن يجاز فيها أيضًا بإجماع لجنة الحُكم والمناقشة.
وهذا النظام الأكاديمي الصارمُ يمنع المتسوِّرينَ والمتسلِّقينَ أن يقتحموا مجالًا هم غير مؤهَّلين له؛ حتَّى لا يتصدَّر إلا مَن عُلِمَ أنَّه أهلٌ للتصدُّر في ذلك التخصُّص.
فإذا كان العقل السليم يشهدُ بأهمية هذا التدقيق، وتلك الحياطةِ في أمر العلم؛ كلَّ علمٍ = فإنَّ القرآن الكريم أعظمُ شأنًا وأجلُّ قدرًا من ألّا يُوضع للتخصُّص الدقيق فيه مثلُ تلك الضوابط بل أربى منها.
وعليه؛ فإنَّ هذا المشروع يطمح إلى اعتماد مفهومٍ جديدٍ للسَّنَدِ النَّفيس العالي، ألا وهو: الإجازة الموثَّقةُ من فريقٍ من العلماء المشهود لهم بالتبحُّر روايةً ودرايةً، بحيث يُمتحنُ طالب الإسناد النَّفيس أمام لجنةٍ مُكوَّنة من عدد من المشايخ الـمُوثَّقين روايةً ودرايةً ورعايةً، خمسة أو سبعة، ولا يُمنح الطالبُ إجازة السند العالي إلا بعد أن تجتمع كلمتُهم على أهليته روايةً ودرايةً.
ولا يقتصر الامتحان على القراءة الشفويّة بما يُراد الإجازة به؛ بل لابدَّ أن يمتحنَ الطالب في بعض العلوم وثيقة الصلة بالقراءة؛ كالتجويدِ نظريًّا والرَّسم والضَّبط والفواصل والمتن أو النَّظم المكافئ لما يَقرأ به، وشيءٍ من علوم القرآن والتفسير أو توجيه القراءات.
فإذا أجيز الطالب بالإجماع في تلك العلوم تحريريًّا وشفويًّا صار مُؤهلًّا لأن يكون من أصحاب السَّند النفيس.
مَن الذي يقوم بالتنفيذ؟
يقترح الباحث أن تتبنَّى تنفيذَ هذا المشروع إحدى مؤسَّسات العمل القرآني القائمةِ، وكلَّما كان مجال عملها وثيق الصِّلة بالقرآن الكريم: قراءاته وتجويده وإقرائه وتعليمه = كان أفضل. ومهما كان للمؤسسة ثقلها الماديُّ والعلميُّ والأدبيُّ والتنظيميُّ فإنَّ لذلك أعظمَ الأثرَ في ولادة مشروع السَّنَد النَّفيس كاملًا غيرَ خديجٍ، ومَرْجُوًّا غير مَسْلُوٍّ.
وتُشرف المؤسَّسةُ بإمكاناتها على هذا المشروع؛ بأن تُشكِّل لجنةً تنفيذيَّةً تتولَّى متابعة المشروع وإنجازه. على أن تُبادرَ تلك اللجنةُ بوضع لائحتها الدَّاخلية، ولائحة عمل المشايخ المسندين (سيأتي تعريفهم)، وتوزيع الاختصاصات الفردية بها، وتحديد مقرٍّ ثابتٍ لها، وإنشاء موقعٍ إلكترونيٍّ ذي مواصفاتٍ تقنيةٍ عاليةٍ. مع البدء الفعليّ للتعريف الإعلاميِّ بالمشروع في أوساط المهتمينَ. ويُتوقَّع لهذه الأعمال مدى زمنيٌّ لا يتجاوزُ شهرينِ متى صدقت النوايا وأُخلصَ في العمل.
خطوات التطبيق العملي للفكرة
يمكن أن تنفَّذ فكرة السَّند النَّفيس وَفق الخطوات الآتية:
الخطوة الأولى: إعداد لائحة بمشاهير العلماء والقرَّاء الـمُعتبرين الجامعين بين الرواية والدراية والرعاية حول العالم الإسلاميِّ، ثمَّ مخاطبتهم؛ لِيكونوا ضمن فريقِ عمل الهيئة الخاصِّ بمشروع السَّند النَّفيس. فمَنْ كان منهم على استعدادٍ للتعاونِ أُدرج اسمُه كأحدِ أفراد المشروع. ويُمكن الاصطلاحُ على تسميتهم بـ(الـمُسْنِدين)، أو أيَّ مُصطلح آخر مناسبٍ. وهم يمثِّلون الطبقة الأولى.
ويُمكن قبول ترشيحات علماء الطَّبقة الأولى فيمن يروَنَه حقيقًا بأن يكون من أهل هذه الطبقة ممن أغفلهم الحصرُ المبدئيُّ لِلَّجنة. على أن توضع معايير واضحة للقبول بتلك الترشيحات والأخذ بها.
ويُتوقَّع إنجاز هذه المرحلة في شهرين لثلاثة أشهرٍ بالتزامن مع استمرار الدعاية والإعلامِ بالمشروع في أوساط المهتمين؛ ليصير بعد تلك الفترة مؤهَّلًا لبدء تنفيذ الخطوة الثانية.
الخُطوة الثانية: يتقدّم الطالب بطلبٍ للحصول على إجازةٍ بالسند النَّفيس من أحد فروع المؤسسة أو مكاتبها المختصَّة بهذا الشأن، ويجب أن تُتاح وسيلة لتقديم الطلبات إلكترونيًّا؛ للتيسير على الطلّاب من خارج بلد المنشإ.
الخطوة الثالثة: يُحدَّد للطالب شيخٌ قريبٌ منه، مُجازٌ بالسَّند العالي الموصوف في هذا المقترح؛ لِيختم عليه ختمة كاملةً - بالرواية أو الروايات - على أن يكون توزيع الطلَّاب على المشايخ عشوائيًّا. ويمتحنه الشيخ روايةً ودرايةً – إضافة إلى الختمة – في المتون التي تتناسبُ مع ما يقرأ به.
ويُمكن أن يُستفاد من تجربة المقارئ الإلكترونية والتعليم عن بُعد[4]؛ في توسيع خيارات توزيع الطلَّاب على المشايخ لتلافي صعوبة السفر والانتقال التي تعترض كثيرًا من طلَّاب العلم؛ على أن يكون اتِّصال الطالب بالشيخ من داخل أحد مقارِّ الهيئة أو مكاتبها في بلد الطالب حتى يُتحقَّق بدقَّةٍ من شخصيته؛ منعًا للتلاعب.
الخطوة الرابعة: بعد أن ينتهي الطالب من القراءة على الشيخ، ويرى الشيخ أنَّه أصبح مؤهلًّا للامتحان أمام لجنة المشايخ المسندين التابعين رأسًا لفريق عمل الهيئة؛ يُحدَّد له ميعادٌ للامتحان، على ألا يُخبَر بأسماء أعضاء لجنة الـمُسندين التي ستمتحنُه إلا عند بداية الامتحان.
ويُمتحن الطالب - روايةً ودرايةً - في الرواية أو الروايات التي يطلب الإجازة بها، كما يمتحن في المتون المتعلِّقة بها روايةً ودرايةً، وفيما يتعلَّق بها من رسم وضبطٍ ونحوه، ويُمتحنُ كذلك في كتابٍ مختصر من كتب التفسير (يُتَّفق عليه)، وكذلك في أحد كتب آداب حملة القرآن؛ ككتاب التبيان للنوويِّ، أو كتابٍ آخر يؤلَّفُ استكتابًا لهذا الغرض، ولا بأس بأن يُضاف إلى ذلك كتابٌ مُختصرٌ في علوم القرآن والتفسير وتوجيه القراءات.
ولابدَّ أن يُجاز الطالب بالإجماع، فلو تخلَّف رأيُ شيخٍ مُسنِدٍ واحدٍ لم يُجزْ، بل يُؤمرُ بالإعادة، وذلك أسوةً بالامتحان التأهيلي الذي يُعقد لطلَّاب الدكتوراه في كثيرٍ من الجامعات والتخصُّصات، والقرآن أشرفُ التخصُّص العلميِّ، فكيف نتهاون في ذلك أو نعدُّه مبالغة؟!
وكلُّ ذلك مشروطٌ بألَّا يأتي الطالب ما يُسقطُ عدالتَه مما يُتفق على اعتباره مُسقطًا للعدالة، فإن فعل سَقَطَتْ إجازتُه.
ولا يخفى أنَّ امتحان اللجنة للطالب سيكون عن طريق الاتِّصال الإلكتروني بالإنترنت من داخل مكاتب الهيئة كما سبق؛ إذ يتعذَّر جمعُ سبعة مشايخ مُسندين في مكان واحدٍ يستطيع الطالب الوصول إليه. ولا يُشترطُ أن يكون الطالب ماهرًا في استخدام التقنية؛ لأنَّ فنِّيِي مكاتب الهيئة يُشرفون بأنفسهم على إتمام هذه الاتصالات.
وأمَّا الطالبُ الذي يريد أن يكتفي بالإجازة أو التزكية من الشيخ المجاز بهذه الطريقة؛ فإنَّه يكون ذا سندٍ نازلٍ بدرجةٍ، ثم الذي يقرأ عليه يكون نازلًا بدرجتينِ، وهكذا.
وعلى كلٍّ؛ فإن الطالب المجاز بالسند النفيس العالي أو النازل بدرجةٍ يُترجم له في موسوعة تراجم القرَّاء ترجمةً مؤقتةً قابلة للتعديل والتغيير، لا تُعتمَد بصورة نهائيةٍ في متن موسوعة التراجم إلا بعد وفاته. ويمكن الاستعانة بهم في لجان الإجازة الأولية أو النهائية.
أمَّا الطلَّابُ النازلون بأكثرَ من درجةٍ فَيُترجَمُ لهم في أبوابٍ مُخصَّصة لهم، ويُعوَّل عليهم في الاختبارات الأوَّلية التابعة للجنةِ، تحفيزًا لهم ليكونوا من أصحاب الأسانيد العالية بمفهومها الجديد. وتُخصَّص لتراجمهم صفحةٌ على الموقع الإلكترونيّ، وتكون متاحةً لمن أراد الاطِّلاع عليها؛ ليستطيع طلَّاب الإجازات التحقُّق من صحة أسانيدهم ومن توثيقهم؛ منعًا للتدليس.
وممَّا تبطل به عدالة المجاز – أيًا كان - أن يثبت أنَّه يتساهل في منح الإجازات.
وتـختار لجنة المشروع الـمُسندين الجُدد لتعويض النقص الحاصل بالوفاة أو التقاعد أو غير ذلك، وكذا؛ لتغطية الحاجة المتزايدة إلى الـمُسندين؛ والناتجة عن تزايد إقبال الطلَّاب على الاستفادة والتحصيل بهذه الطريقة الصارمة. ويكون الاختيار من المشايخ المجازين بالسَّنَدِ النفيس وَفْقَ معايير مُحدَّدة. ولا يُشترطُ أن يكون الشيخ المسند من القرَّاء بالعشر، فقد يُستفادُ من شيخ مُسنِدٍ متأهِّلٍ في أقلَّ من ذلك؛ إذ ليس كلُّ طالبي الإجازات يطمحون إلى تحصيل العشر، والـمشاهد أن معظمَ طالبي الأسانيد قد يكتفون برواية واحدة.
وقد تنظرُ اللجنةُ في إتاحة هذه الخدمة مجَّانًا بتَكفُّلِها بالوظائف والرواتب للـمُسندين والمشايخ المقرئين غير المتطوِّعين والمتفرِّغين للإقراء والإفادة بهذه الطريقة، على أن تُحصَّل رسومٌ رمزيةٌ من الطالب مقابل طلبات الالتحاق واستخدام وسائل الاتِّصال من داخل مكاتب الهيئة.
وبهذا؛ يمكن التغلُّب على أخطر ثلاث مشكلاتٍ تتهدَّد علم القراءات والإقراء:
الأولى: ظاهرة شراء الأسانيد الناتجة – في الأصل - عن اهتمام الطلَّاب بعلوِّ الإسنادِ، وما يترتَّبُ على ذلك من ظواهرَ أخرى؛ كتزوير الأسانيد وتلفيقها، والمبالغة في المقابل الماديِّ للإجازة.
الثانية: اهتمام بعض الطلَّاب بالرواية دون الدرايةِ والرِّعايةِ.
الثالثة: وهي الأهمُّ... وهي ظاهرة طروء هيئات أدائية غير معروفة نتيجة عدم إحكام المشافهة الناتجة بدورها عن تصدُّر غير الضابطين أو قليلي الدراية.
اعتراضٌ وجوابه:
وقد يقول قائلٌ: إنَّ هذه الطريقة ستثبِّطُ بعض الطلَّاب عن طلب تجويد القرآن وتحصيل أسانيده لما تنضوي عليه من صعوبةٍ وتشديدٍ.
وإجابةُ هذا السؤال من وجهينِ ظاهرينِ؛ بإذن الله:
الأوَّل: أنَّ المشروع لا يمنعُ مَن يريد الاكتفاء بالقراءة على مُقرئٍ مجازٍ بالسند النفيس النازلِ، فمَنْ أراد أن يكتفيَ بتجويد القرآن أو تحصيل إسنادٍ من مُجازٍ بالسند النفيس النازل؛ فذلك لا غبار عليه، بل إنَّ تحقيق هذا المشروع يَضمن له – بإذن الله – أنَّ المقرئ الذي سيختاره الطالب للقراءة عليه سيكون مُتقنًا، وسيكون ذا سند نفيسٍ صحيحٍ وإن كان نازلًا، ويمكن التحقق منه من خلال مواقع التراجم على الموقع الإلكتروني للمشروع، ما دام مُتَّصل السندِ بالسبعة المسندين. وهو ما لا يضمنه إن قرأ على مُقرئ غير مُجازٍ بهذه الطريقة.
الثاني: أنَّ المشروع اختياريٌّ، وهذا يعني أنَّ الإجازة بالطريقة التقليدية ما زالت متاحة أمام مَن يُريدها، ولا ندَّعي أن كلَّ مشايخ الإقراء سينضمون إلى فريق عمل هذا المشروع، بل لا نطمحُ أن ينضمَّ إليه في المرحلة الأولى أكثر من 10% منهم وربَّما أقلّ. ولكن مع الوقت سيتغيَّر الحال – بإذن الله – وهو ما يُواكِبُ تغيُّر الثقافة السائدة، إذ ستُصبحُ الجودة مُفردًا واقعًا من مفردات العمل القرآنيِّ، وخصوصًا مع ظهور أجيالٍ تربَّتْ على هذه الثقافة في مؤسسات تعليمية تُطبِّق الجودة، وتتعاملُ مع وسائل إعلامٍ قرآنية بتلك الصفة، فهي منظومةٌ متكاملةٌ يُثري بعضُها بعضًا، ويصبُّ نجاحُ أحدها في مَعينِ الآخر.
ومما يلزم اللجنة المنفِّذة للمشروع عقد بعض ورشات العمل مع المسندين وذوي الرؤية والبصيرة للوصول إلى:
· الاتفاق على معايير الإقراء، وخصوصًا فيما يتعلَّق بالمسائل الأدائية الخلافيَّة، وذلك في المرحلة الأولى من المشروع؛ إذ إنَّ المشروع يطمح إلى بحث تلك المسائل الخلافية بحثًا منهجيًّا للوصول الأداء الموحَّد. وسوف نتناول تلك الجزئية بشيء من التفصيل بعد قليل.
· الاتفاق على معايير الإجازة روايةً ودرايةً ورعايةً، والاتِّفاق على الموادِّ التي يجب أن يمتحن فيها طالب الأنواع المختلفة من الإجازة؛ من علوم الأداء وعلوم القرآن والتفسير ...إلخ.
· وضع لائحة الحقوق والواجباتِ والالتزامات للمسندين والطلّاب والعاملين بالمشروع.
· وضع لوائح ترقية القرَّاء، والنَّظر في إمكانية إعادة العرض على المشايخ بصورة دورية تأسِّيًا بالمنهج النبويِّ في العرض السنويِّ، ولا يخفى ما فيه من فوائدَ التطوير المستمرّ وهو أحد أهمِّ مفردات الجودة.
· وضع معايير الترجمة للقرَّاء.
· وضع معايير الضبط والعدالة للحكم على القرّاء من خلالها.

مشروعات داعمةٌ لمشروع السَّند النفيس
هناك مشروعات داعمةٌ لمشروع السَّند النفيس، يتحصَّل بها كمالُه. ومع التطبق العمليّ للمشروع قد يُرى أنَّ من المناسب تأجيلها، أو تطويرها... ومن أهمِّها في المرحلة الأولى:
(1) مشروع مركز تأهيل المقرئين:
من مُتمِّمات مشروع تطوير مفهوم السَّنَد العالي: إنشاء مركز أو أكاديمية لتأهيل المقرئين، حيث يُهتمُّ فيها بتكوين مَلَكةِ الإقراءِ وصقلها، إذ إنَّ الإقراءَ ملكةٌ لا تتوفَّر لكلِّ القرَّاء، فليس بمجرد أن يُحصِّل الطالبُ أو العالم أطرافًا من الروايةِ، ويجمعَ مُهمَّات الدرايةِ = يُصبح قادرًا على الإقراء. بل يلزمه فوق ذلك أمورٌ من أهمِّها تنمية حاسَّةِ السمع وتدريبها على اكتشاف أدقِّ الأخطاء، فالسمع - كما يقول ابن خلدون – هو أبو الملكات اللسانية، وبدون التمكُّنِ السمعيِّ لا يستطيع المقرئُ أن يـَخْتَطَّ لنفسه خطًّا متميِّزًا في الإقراء. أيضًا، لابد للمقرئ من مهارة تصحيح الأخطاءِ؛ إذ ليس المطلوبُ الاكتفاء باكتشاف أخطاء القارئ؛ ولكن الأهمَّ أن يُجيد المقرئُ التصحيحَ، فالطبيبُ الماهر ليس هو الذي يُجيد التشخيصَ مُكتفيًا بذلك، ولكنَّه الذي يُجيد التشخيصَ ويُتبعُه بوصفِ العلاجِ الناجعِ؛ فإن تابعَ المريضَ وأخذَ بيده حتى يتناولَ العلاجَ الموصوف فهذا أجودُ وأجودُ. وهذا هو مفهوم ضمان الجودة على الحقيقة.
ثمَّ المقرئُ مُحتاجٌ إلى مهارة إكساب المهارةِ، كيف يتعلَّم تلاميذُه أن يكونوا مُقرئين، وهذا هو العالم الربَّانيُّ الذي لا ينقطع عنده السَّنَدُ الحقيقيُّ، وتلك – لَعَمْرُ الحقِّ – المنزلةُ الرفيعةُ.
كما أنَّ المقرئ يحتاج إلى الإلمام بالمهارات الأساسية في تدريس المتون العلمية، وعرضها وسماعها.
ومحتاجٌ إلى شيءٍ من مهارات التواصل الفعَّال مع طلَّابه، وشيءٍ من مهارات التقويم، وشيءٍ من مهارات إدارة الوقت والتخطيط له، وحسنِ استخدام وسائل التقنية الحديثة.
وهذا كلُّه لن يتأتَّى إلا بوجود مثل هذا المركز الذي يهتمُّ بتأهيل المقرئِ وتكوين ملكة الإقراء وصقلها.
وعلى كلٍّ؛ فهو موضوعٌ يحتاج لمزيدٍ من العنايةِ والتحرير.
(2) مشروع موسوعة التراجم
من أهمِّ الوسائل التي تتيح تحقيق الغاية المنشودة لمشروع السَّنَد النفيس إصدارُ موسوعةٍ تاريخيةٍ مُتجدِّدة يُترجم فيها لكلِّ مَنْ عُرِفَ بطلب القراءات، مع وصف حاله توثيقًا وتضعيفًا. وليكن جلُّ التركيز على تطبيق معايير الضبطِ؛ أمَّا معايير العدالة فلا يُتوسَّع في استخدامها إلا فيما لابَّد منه؛ كَمَنْ ثبت عنه تلفيق الأسانيد وادِّعاء الإجازاتِ ... ونحو ذلك. وبعبارةِ المحقِّقين من المحدِّثين: لابدَّ أن يكون الجرح مُفسَّرًا فيمن جُرحَ.
وفي هذه الموسوعةِ تكتبُ تراجمُ تحضيرية للقرَّاء الذين لا يزالون على قيد الحياة، ولا تُعتمد ترجمتهم بصورتها النهائيةِ إلا بوفاتهم، وذلك منعًا لتوثيق البعض، فيختلطُ في آخر حياتهِ أو نحو ذلك؛ مما يستوجبُ تغيُّـرَ الحكم بشأنه.
كما يجب أن تكون هذا الموسوعة متاحةً على الموقع الإلكتروني للمشروع حتى يسهل الوصول إليها ليستطيع الطالب الراغب في الحصول على الإجازة أن يرى: هل الشيخ الذي يقصده للقراءةِ مُوثَّق أم لا. ويمكن تحقيق ذلك بإتاحة الموسوعة للاطِّلاع على موقع الهيئة الإلكتروني، وبتوفير وسائل اتِّصالٍ ميسورةٍ لمن يرغب من الطلَّاب في الاستفسار عن حال شيخٍ يقصده للقراءة عليه.
وأمَّا المعايير الضابطة لتحقيق ذلك واقعًا فهو محلٌّ للنقاش بين أهل الاختصاص.
(3) مشروع التحقيق العلميّ لمسائل التجويد والقراءات المختلف فيها
ويطمح هذا الفرع من مشروع السَّند النَّفيس إلى التحقيق العلميِّ المنهجيِّ الرصينِ لعددٍ من القضايا العلميَّة والعملية الأدائية في القراءات والتجويد، وهي في غالبها مسائلُ خلافيةٌ، إذا وُضِعَت المنهجية العلمية المستقيمةُ، وأوكل البحث فيها إلى المختصِّين؛ فسنصل بإذن الله إلى نتائج مقنعةٍ يُمكن أن يجتمع المسندون عليها فلا يحدثُ خلافٌ في دقائق الإقراء.
وإليكم نماذج لتلك المسائل[5]:
· كيفية تحقيق صفة التكرير في الرَّاء.
· كيفية تحقيق همس التاء في نحو (الفتنة – القتل – أهلكته – كُوِّرتْ)، وهمس الكاف في نحو: ولذكر الله أكبر، وهل يخرج مع النَّفس صوتٌ مسموعٌ في حروف الهمس متحركةً وساكنةً؟
· كيفية تحقيق صوت الصفير في نحو: الصلاة، والزكاة، والسماء.
· تحقيق مخارج القاف والطاء والضاد والجيم والشين، وصفاتها.
· أداء القلقلة ومراتبها، وهل تتأثر بحركة ما قبلها أو ما بعدها؟
· مراتب التفخيم، وكيفية أداء المفخَّم غير المطبق، وما وضع الشفتين عند نطق الحروف المفخَّمة؟
· إخفاء الميم الساكنة قبل الباء.
· أداء الإخفاء الحقيقي عند الحروف المستعلية، ودرجات الإخفاء.
· الغنَّة وكيفية أدائها وزمنها.
· مراتب القراءة ومقادير المدود والغنن.
· مسائل في الوقف الاختباري.
· كيفية أداء الإدغام الناقص في (بسطتَ) وبابه.
· الوقف على المشدّد نحو: الغنيُّ – عدوٌّ – المستقرُّ.
· الوقف على ما اجتمع آخره ساكنان أصليٌّ وعارضٌ؛ نحو: الخبءْ – بعْدْ.
· الوقف بالروم والإشمام على نحو: الرحيم – نستعين.
· النبر والتنغيم.
· إدغام (ألم نخلقكم).
· كيفية أداء التسهيل في نحو (ءأعجمي) و ءأنذرتهم... وبابه.
· كيفية أداء (لدنه)، (لدني) على قراءة شعبة.
· الاختلاس والإسكان في (نعمَّا) ، (يهدِّي) ، (تعدُّوا).
........ وغير ذلك كثير.
بالإضافة إلى بعض المسائل الفقهية والعلمية مثل:
· معايير الضبط والعدالة، والكفايات العلمية للمقرئ.
· الإقراء عبر وسائط التقنية.
· فقه إقراء الصبيان والنساء.
· التحريرات والتوسُّع فيها والضرب الحسابيّ للأوجه .. ونحو ذلك.
· اشتراط حفظ المتون.
· القراءة بالمقامات الموسيقية.
...... وغير ذلك.
***​

الأثر المتوقع لهذا المشروع بإذن الله
يُتوقَّع - بإذن الله – أن ينتج عن هذا المشروع جملةٌ من الآثار التي تستنهضُ العاملين على خدمة القرآن الكريم للسعي في تحقيقه وإتمامه ودعمه..
ومن أهمِّ تلك الآثار:
· تخريج طلّاب علم القرآن الـمُجيدين والجامعين بين الرواية والدراية والرعاية، وتمييز الغثِّ من النفيس، والدَّعِيِّ من الوَعِيِّ.
· جمع القرَّاء في العالم على أداءٍ واحدٍ مُتَّفق عليه إلى حدٍّ كبيرٍ.
· تمييز ما يسوغ فيه الخلاف مما لا يسوغ فيه.
· القضاء على الظواهر السلبية في نظام منح الإجازة القائم؛ كالمبالغة في الاشتراط على منح الإجازة، وتلفيق الأسانيد، والتساهل في الإجازة لغير المتأهِّل.
· ترسيخ فكر الإتقان والجودة عند أهل القرآن، فيصير ترسيخُه عند غيرهم مُتخيَّلًا، وهو بداية طريق التمكين الحقيقيِّ لأمَّة القرآن.
· العمل على تحقيق المرجعية العالمية للعمل القرآنيِّ ككُلٍّ؛ إذ إنَّ نجاح الفكرة في هذا الباب سيكون حاديًا لتكرارها في غيره من أبواب العمل القرآنيِّ والعمل الإسلاميِّ عمومًا.
***​
هذا وما كان من توفيق فمن الله، وما كان من خطإٍ أو زلل أو تقصير فمن نفسي وبذنبي، فأسأل الله أن يغفر ذنوبنا وأن يستر عيوبنا أو يرزقنا الإخلاص والقبول.
والحمد لله ربِّ العالمين.
***


[1] مسلم بشرح النووي ، المقدمة ( 1 /14).

[2] وأما التفصيل ففيه كلام مُحتملٌ لا يؤثِّر على تواتر الجملة.

[3] الإتقان (ص 136).

[4] يجب أوَّلًا أن يستقرَّ المنظِّرون على جواز الإقراء للإجازة باستخدام وسائط التقنية الحديثة، وفيها بين مُحقِّقي العلماء المعاصرين خلافٌ مشهورٌ، ليس هذا محلّ تفصيله.

[5] لمزيد من رؤوس تلك المسائل ينظر بحث: أساليب الأخذ وطرائق التعليم في المقارئ القرآنية...مشروع تحقيق الأداء الصوتيّ لدقائق التجويد والقراءت؛ اتِّساق أنموذجًا... لأبي عبد الرحمن المرصفي العرضي.
 
مع تقديري للفكرة وصاحبها - وتحفظي عليها - فأسأل :
منذ متى والعلماء يشترطون على الطالب أن يكون ملماً بالدراية ؛ فلا يعطى سند الرواية حتى يتقن الرواية ؟!
وأيضاً : مسألة تأسيس لجان من دول مختلفة لموضوع الأسانيد نوقش عدة مرات في بعض العيئات العلمية ، وأجزم أنه لا يستطاع تنفيذ هذه الفكرة ؛ لأنها لن تتعدى أصحاب هذه اللجنة فقط ، بمعنى : من خوّل لهذه اللجنة الحكم على أسانيد غيرها ، ومن خول لشيخٍ ما الحكم على أسانيد شيخ آخر، وهكذا .
أخيراً :
أسانيد القراءات في هذا الزمن هي للبركة لا غير، إن نظرنا بحسن الظن ، وإلا فهي تجارة إن أسأنا الظن ، وعلى كلتا الحالتين ينبغي أن لا تعطى أكثر من حجمها ، فمن غير الصواب أن ننظر لأسانيد القراءات نظرة أهل عصر الداني والشاطبي وابن الجزري ، فتلك أزمان كانت للرواية ، أما زمننا وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فهي أزمان " النقل والاكتفاء بابن الجزري أو العشر المغاربية " ، وهذا من هنا إلى ابن الجزري لا يغني شيئاً ، والله أعلم .
 
فضيلة الشيخ الجكني حفظه الله: سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وبعد؛
فأرجو أن تتقبلوا فضيلتكم هذه المناقشة.

أما قول فضيلتكم: «منذ متى والعلماء يشترطون على الطالب أن يكون ملمًا بالدراية فلا يعطى سند الرواية حتى يتقن الرواية؟!»؛ فجوابه من وجهين:
الأول:
1. قال مكي رحمه الله: «فإذا اجتمع للمقرئ النقلُ والفطنة والدراية وجبت له الإمامة، وصحَّت عليه القراءة، إن كانت له مع ذلك ديانة»[1].
2. وقال أبو عمرو الداني:
فاقصدْ شُيوخَ العلم والرواية =ومن سما بالفـهم والدراية
ممن روى وقيَّد الأخـبارا =وانتقد الطُـرُقَ والآثـارا
وفهِم اللـغاتِ والإعـرابا =وعلِم الخـطأَ والصـوابا
وحفِظ الخلاف والحـروفا= وميَّز الواهيَ والمعـروفا
وجمع التفسير والأحـكاما =ولازم الحُذّاق والأعـلاما
وصاحب النُسَّاك والأخيارا =وجانب الأرذال والأشرارا
واتبـع السنـة والجماعة = وقام لله بحسن الطـاعة [2].
3. وقال ابن الجزري: «ونقل أبو القاسم الهذلي عن أبي بكر بن مجاهد أنه قال: لا تغتروا بكل مقرئ إذ الناس على طبقات؛ فمنهم من حفظ الآية والآيتين والسورة والسورتين، ولا علم له غير ذلك فلا تؤخذ عنه القراءة، ولا تنقل عنه الرواية ولا يقرأ عليه، ومنهم من حفظ الروايات، ولم يعلم معانيها ولا استنباطها من لغات العرب، ونحوها فلا تؤخذ عنه لأنه ربما يصحف، ومنهم من يعلم العربية، ولا يتبع الأثر والمشايخ في القراءة فلا تنقل عنه الرواية؛ لأنه ربما حسنت له العربية حرفًا ولم يقرأ به والرواية متبعة والقراءة سنة يأخذها الآخر عن الأول، ومنهم من فهم التلاوة وعلم الرواية، وأخذ حظّا من الدراية من النحو واللغة، فتؤخذ منه الرواية ويقصد للقراءة. وليس الشرط أن يجتمع فيه جميع العلوم إذا الشريعة واسعة والعمر قصير وفنون العلم كثيرة ودواعيه قليلة، والعوائق ملعومة تشغل كل فريق بما يعنيه. قلت: فحسبك تمسكا بقول هذا الإمام في المقرئ الذي يؤخذ عنه ويقصد»[3].
4. قال الصفاقسي: «ولا يجوز لأحد أن يتصدر للإقراء حتى يتقن عقائده ويتعلمها على أكمل وجه ويتعلم من الفقه ما يصلح به أمر دينه وما يحتاج إليه من معاملاته وأهم شيء عليه بعد ذلك أن يتعلم من النحو والصرف جملة كافية يستعين بها على توجيه القراءات ويتعلم من التفسير والغريب ما يستعين به على فهم القرآن ولا تكون همته دنيئة فيقتصر على سماع لفظ القرآن دون فهم معانيه وهذا أعني علم العربية أحد العلوم السبعة التي هي وسائل لعلم القراءات، الثاني التجويد هو معرفة مخارج الحروف وصفاتها، والثالث الرسم، الرابع الوقف والابتداء، الخامس الفواصل، وهو فن عدد الآيات، السادس علم الأسانيد وهو الطرق الموصلة إلى القرآن وهو من أعظم ما يحتاج إليه لأن القرآن سنة متبعة ونقل محض فلا بد من إثباتها وتواترها ولا طريق إلى ذلك إلا بهذا الفن، السابع علم الابتداء والختم وهو الاستعاذة والتكبير ومتعلقاتهما وما من علم من هذه العلوم إلا وألفت فيه دواوين»[4].
والنصوص في هذا المعنى كثيرة، لا تخفى عليكم، وفيما ذُكر الكفاية بإذن الله.
ووجه الاستدلال بهذه النصوص أنكم ترون أنهم يشترطون لتصدُّر المقرئ أن يكونَ ذا دراية، فلما كان الـمُجاز في عُرف أهل عصرنا – إلا من رحم ربي وفي حالات نادرة – يُجاز بالقراءة والإقراء، فصارت الإجازة مُسوِّغ التصدُّر، وربما كانت المسوِّغ الوحيد، أفلا يُقال إنَّنا مضطرون اضطرارًا في هذا العصر – مع طروء الظواهر المذكورة قبلُ - إلى اشتراط التأكد من دراية الطالب المجاز؟ وإلَّا يلزم كل مقرئ غير متحقق من دراية طالبه أن يجيزه بالقراءة دون الإقراء، وهو – عندي - لازمٌ لا محالةَ.
الوجه الثاني: يقول السيوطي: «الإجازة من الشيخ غير شرط في جواز التصدي للإقراء والإفادة، فمن علم من نفسه الأهلية جاز له ذلك، وإن لم يجزه أحد، وعلى ذلك السلف الأولون والصدر الصالح وكذلك في كل علم وفي الإقراء والإفتاء خلافا لما يتوهمه الأغبياء من اعتقاد كونها شرطًا. وإنما اصطلح الناس على الإجازة؛ لأنَّ أهلية الشخص لا يعلمها غالبًا من يريد الأخذ عنه من المبتدئين ونحوهم؛ لقصور مقامهم عن ذلك والبحث عن الأهلية قبل الأخذ شرط فجعلت الإجازة كالشهادة من الشيخ للمجاز بالأهلية»[5].
فنقول: وبالمثل؛ لما صار القرَّاء إلى ما صاروا إليه مما تعلمون أفلا يُمكن أن يصطلح الناسُ على صورة للإجازة يكون فيها حياطةً للقرآن، وصيانةً لجنابه؟!
***
ثانيًا: قول فضيلتكم: (مسألة تأسيس لجان من دول مختلفة لموضوع الأسانيد نوقش عدة مرات في بعض الهيئات العلمية، وأجزم أنه لا يُستطاع تنفيذ هذه الفكرة ؛ لأنها لن تتعدى أصحاب هذه اللجنة فقط...إلخ)
والجواب: كم من فكرةٍ بدأت بشخص واحدٍ! فما بالكم بفكرة يُشرف على تنفيذها مؤسسة ذات ثقل علمي وأدبي مثل مجمع الملك فهد أو كرسي إقراء القرآن الكريم، أو مركز تفسير، أو غير ذلك من عشرات المؤسسات في المملكة السعودية وحدها؛ فضلًا عن غيرها من بُلدان الإسلام، ويجتمع عليها ثلاثة أو أربعة مقرئين في عدة بلاد إسلامية؟!
أما مسألة التخويل بالحكم على أسانيد الغير فإن كنتم تقصدون أسانيد الماضين؛ فليست هي محل النزاع ولا جوهر الفكرة ولا (مربط الفرس) كما يقول المصريون، فما الفائدة من الحكم عليها؟ وكلامكم الآتي بعدُ يدلُّ على أنكم لا تختلفون معنا في هذه الجزئية.
أما التأكيد على سلامة أسانيد مَن قرأ بهذه الطريقة على من قرأ بها فهي الضمان الوحيد لسلامة تنفيذ الفكرة، إذ لو زُيِّفت الأسانيد – مثلًا – لمن لم يقرأ بها لإثبات أنَّه قرأ بها لعاد الأمر بلا فائدة. وعليه؛ فإنَّ الهيئة المسئولة عن تنفيذ الفكرة يجب أن تحتاط للتأكد والتأكيد على سلامة أسانيد من أُجيز بهذه الطريقة، فهي – كما ترى – لا شأن لها بأسانيد مَن لم يقرأ للحصول على سندٍ نفيسٍ، إذ يكفي – في المرحلة الأولى على الأقل – أن نميِّز صاحب السند النفيس من غيره. ولا يلزمنا أكثر من ذلك.
***
ثالثًا: أما قولكم: (أسانيد القراءات في هذا الزمن هي للبركة لا غير إن نظرنا بحسن الظنِّ....إلخ)= مما لا يختلف مع فضيلتكم فيه صاحبُ الفكرة؛ ولكنَّه لا يُقنع بمجرد (مسحة البركة) تلكَ، ولا يرى أنَّ الأول لم يترك للآخر شيئًا، وأنَّ الله عزَّ وجلَّ الذي وفَّق ابن الجزري ومَن سبقوه لخدمة كتاب الله عزَّ وجلَّ قادرٌ أن يخلق لهذا الشأن ألف ألف (ابن جزريٍّ) آخرينَ، أسبابًا يُسبِّبها لإمضاء إرادته: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافطون).
أما التطبيق العمليُّ؛ فمما يحزن القلب فيكاد ينفطر كمدًا أنَّ الأمر ليس بهذه الصعوبة التي يصوِّرها البعضُ، وانظروا إلى مؤسسات الجودة ومراكزها التي غزت كلَّ مجال، وانظروا إلى المنظمات العابرة للقارات، وانظروا إلى الرواقات التعليمية على الشبكة العنكبوتية... إلى آخر هذه الظواهر التي صارت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية.
وفي يقيني أنَّه إذا بدأت الفكرة بعشرة مقرئين فقط ممن يُكبرُهم طلبةُ علم القراءات ويُجلُّونهم ويثقون في علمهم وفضلهم = لأصبح (السند النفيس) قِبلةَ الطلاب وهِجِّيراهم في غضون ثلاث سنوات على الأكثر، فهل نعجز عن مثل هذا العدد؟!
والله المستعان.


[1] الرعاية (ص 90).

[2] - الأرجوزة المنبهة على أسماء القراء والرواة ، وأصول القراءات وعقد الديانات بالتجويد والدلالات ، تحقيق محمد بن مجقان الجزائري ( ص 168 )

[3] منجد المقرئين (ص 14).

[4] غيث النفع (ص 13).

[5] الإتقان (1/ 355).
 
جزاك الله أخي محمود .
ليس في منقولات هؤلاء الأئمة اشتراط السند للاقراء فضلاً عن اشتراط العلم بالدراية للاسناد .
نعم ؛ كلام الصفاقصي رحمه الله نص صريح ، ولكن من أين له هذا ؟ ومن سبقه من العلماء به ؟
النزاع في السند وليس في الاقراء .
وأعتذر عن المناقشة بعد إبداء وجهة النظر التي تحتمل الخطأ كما تحتم الصواب ، والله تعالى أعلم .
 
شيخي العزيز (الجكني) بارك الله فيكم وفي علمكم، ورزقنا وإياكم الإخلاص والقبول...
بيَّنتُ وجه استدلالي بالنصوص المذكورة، وهو – في تقديري - استدلال ظاهر إن شاء الله. وأكرر إنها ليست كلَّ النصوص في هذا السياق؛ بل هي غيض من فيضٍ.
وأقدِّر رغبة فضيلتكم في الاعتذار عن المناقشة، ورأيكم الذي أبديتموه على العين والرأس..
ويمكن لمن أراد المناقشة أن يركِّز نقاشه في ثلاثة جوانب:
المشروعية – الجدوى – الإمكانية وآليات التطبيق، فأما الجدوى فقد أفضتُ في بيانها بما أحسبه كافيًا إن شاء الله، وأما المشروعية فظاهرةٌ، وأما الإمكانية وآليات التطبيق فهي تختلف من تقدير شخص لآخرَ، وهي أكثر العناصر قبولًا للأخذ والتركِ. والله أعلم.
 
عودة
أعلى