مشاركة في قوله تعالى ( كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل) الآية ..

ابو حيان

New member
إنضم
18/04/2003
المشاركات
30
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقول الله تعالى ( كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين)

كنت إذا قرأت كلام كبير المفسرين ابن جريرثم كلام ابن كثير في هذه الآية أخرج بصورة غير واضحة عن الآية وخصوصا عن تحديد دعوى اليهود التي يزعمون أنهم صادقون فيها

يقول ابن جرير رحمه الله :

يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: أنه لـم يكن حرّم علـى بنـي إسرائيـل ـ وهم ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيـم خـلـيـل الرحمن ـ شيئا من الأطعمة من قبل أن تنزل التوراة, بل كان ذلك كله لهم حلالاً, إلا ما كان يعقوب حرّمه علـى نفسه, فإن ولده حرّموه استنانا بأبـيهم يعقوب, من غير تـحريـم الله ذلك علـيهم فـي وحي ولا تنزيـل ولا علـى لسان رسول له إلـيهم من قبل نزول التوراة.
ثم اختلف أهل التأويـل فـي تـحريـم ذلك علـيهم, هل نزل فـي التوراة أم لا؟

فقال بعضهم: لـما أنزل الله عزّ وجلّ التوراة, حرّم علـيهم من ذلك ما كانوا يحرّمونه قبل نزولها...
ثم ذكر الآثار في الآية ثم قال:

فتأويـل الاَية علـى هذا القول: كل الطعام كان حلاّ لبنـي إسرائيـل, إلا ما حرّم إسرائيـل علـى نفسه من قبل أن تنزل التوراة, فإن الله حرّم علـيهم من ذلك ما كان إسرائيـل حرّمه علـى نفسه فـي التوراة, ببغيهم علـى أنفسهم, وظلـمهم لها. قل يا مـحمد: فأتوا أيها الـيهود إن أنكرتـم ذلك بـالتوراة, فـاتلوها إن كنتـم صادقـين أن الله لـم يحرم ذلك علـيكم فـي التوارة, وأنكم إنـما تـحرّمونه لتـحريـم إسرائيـل إياه علـى نفسه

ثم قال:

وقال آخرون: ما كان شيء من ذلك علـيهم حراما, لا حرّمه الله علـيهم فـي التوراة, وإنـما هو شيء حرّموه علـى أنفسهم اتبـاعا لأبـيهم, ثم أضافوا تـحريـمه إلـى الله. فكذبهم الله عز وجل فـي إضافتهم ذلك إلـيه, فقال الله عزّ وجلّ لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: قل لهم يا مـحمد: إن كنتـم صادقـين, فأتوا بـالتوراة فـاتلوها, حتـى ننظر هل ذلك فـيها, أم لا؟ لـيتبـين كذبهم لـمن يجهل أمرهم... وذكر الآثار في هذا القول

ثم قال:

وقال آخرون تأويـل ذلك: كل الطعام كان حِلاّ لبنـي إسرائيـل, إلا ما حرّم إسرائيـل علـى نفسه من قبل أن تنزل التوراة, فإن ذلك حرام علـى ولده بتـحريـم إسرائيـل إياه علـى ولده, من غير أن يكون الله حرّمه علـى إسرائيـل ولا علـى ولده.


ثم رجح فقال:

وأولـى الأقوال فـي ذلك عندنا بـالصواب, قول من قال: معنى ذلك: كل الطعام كان حلاّ لبنـي إسرائيـل من قبل أن تنزل التوارة, إلا ما حرّم إسرائيـل علـى نفسه من غير تـحريـم الله ذلك علـيه, فإن كان حراما علـيهم بتـحريـم أبـيهم إسرائيـل ذلك علـيهم, من غير أن يحرّمه الله علـيهم فـي تنزيـل ولا بوحي قبل التوراة, حتـى نزلت التوراة, فحرم الله علـيهم فـيها ما شاء, وأحلّ لهم فـيها ما أحبّ

هذا كلامه رحمة الله تعالى عليه

وويتبين منه أن دعوى اليهود التي طولبوا بإتيان التوراة لإثباتها هي -على قول- أن التحريم لم ينزل في التوراة وإنما هم حرموه على أنفسهم استنانا بأبيهم
أو- على القول الآخر- أن التحريم نزل في التوراة فكذبهم الله في إضافة التحريم إليه في التوراة وألزمهم أن يأتوا بها حتى يثبتوا ذلك فهم حرموا حلالا عليهم ونسبوا التحريم إلى الله

أما ابن كثير رحمه الله فكلامه على الآية كلام عام على طريقة ذكر المعنى الإجمالي للآية فإنه يرجع الآية إلى مسألة النسخ وأن الآية تلزم اليهود إلزاما يبطل ما يعتقدونه من أن النسخ غير ممكن في الشريعة وفي حق الله عز وجل
يقول رحمه الله:

المناسبة الثانية - أي للآية مع ما قبلها- : لما تقدم بيان الرد على النصارى, واعتقادهم الباطل في المسيح وتبيين زيف ما ذهبوا إليه وظهور الحق واليقين في أمر عيسى وأمه, كيف خلقه الله بقدرته ومشيئته وبعثه إلى بني إسرائيل يدعو إلى عبادة ربه تبارك وتعالى, شرع في الرد على اليهود قبحهم الله تعالى وبيان أن النسخ الذي أنكروا وقوعه وجوازه قد وقع, فإن الله تعالى قد نص في كتابهم التوراة أن نوحاً عليه السلام لما خرج من السفينة, أباح الله له جميع دواب الأرض يأكل منها, ثم بعد هذا حرم إسرائيل على نفسه لحمان الإبل وألبانها فاتبعه بنوه في ذلك, وجاءت التوراة بتحريم ذلك, وأشياء أخرى زيادة على ذلك, وكان الله عز وجل قد أذن لاَدم في تزويج بناته من بنيه, وقد حرم ذلك بعد ذلك , وكان التسري على الزوجة مباحاً في شريعة إبراهيم عليه السلام, وقد فعله إبراهيم في هاجر لما تسرى بها على سارة, وقد حرم مثل هذا في التوراة عليهم, وكذلك كان الجمع بين الأختين سائغاً, وقد فعله يعقوب عليه السلام جمع بين الأختين, ثم حرم عليهم ذلك في التوراة, وهذا كله منصوص عليه في التوراة عندهم, وهذا هو النسخ بعينه, فكذلك فليكن ما شرعه الله للمسيح عليه السلام, في إحلاله بعض ما حرم في التوراة, فما بالهم لم يتبعوه ؟ بل كذبوه وخالفوه ؟ وكذلك ما بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم من الدين القويم, والصراط المستقيم, وملة أبيه إبراهيم, فما بالهم لا يؤمنون ؟ ولهذا قال تعالى: {كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة} أي كان حلاً لهم, جميع الأطعمة قبل نزول التوراة إلا ما حرمه إسرائيل, ثم قال تعالى: {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين} فإنها ناطقة بما قلناه {فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون} أي فمن كذب على الله وادعى أنه شرع لهم السبت والتمسك بالتوراة دائماً, وأنه لم يبعث نبياً آخر يدعو إلى الله بالبراهين والحجج بعد هذا الذي بيناه من وقوع النسخ وظهور ما ذكرناه {فأولئك هم الظالمون} ثم قال تعالى: {قل صدق الله} أي قل يا محمد صدق الله فيما أخبر به وفيما شرعه في القرآن, {فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين} أي اتبعوا ملة إبراهيم التي شرعها الله في القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فإنه الحق الذي لا شك فيه ولا مرية, وهي الطريقة التي لم يأت نبي بأكمل منها ولا أبين ولا أوضح ولا أتم, كما قال تعالى: {قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم * ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين} وقال تعالى: {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين}.


ثم وجدت في تفسير ابن جزيء وابن عاشور تفسيرا أوضح مما سبق وملخص ما ذكروه فيها أن يقال في تفسير الآية:
انتم أيها اليهود تزعمون أنكم على ملة إبراهيم وان جميع ما تفعلونه هو من ملة إبراهيم عليه السلام وأن التوراة لم تنسخ شيئا وأن ما فيها من التحليل والتحريم كان موجودا على عهد إبراهيم فأنزل الله هذه الآية لبين لهم أن هذا غير صحيح فإن الطعام كان حلالا كله ثم حرم يعقوب على نفسه لحوم الإبل وألبانها ثم نزلت التوراة بتحريم أشياء أخرى فثبت أن جميع ما تحلونه وتحرمونه ليس كله كان موجودا على عهد إبراهيم وأن النسخ الذي لا تؤمنون به قد جاءت به التوراة التي تزعمون أنكم مؤمنون بها
وهذا التفسير يؤيده أن اليهود كانوا يزعمون أنهم على ملة إبراهيم كما قال الله تعالى ( يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده ) ويؤيد أيضا ما ذكره ابن الجوزي في زاد المسير أن سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنا على ملة إبراهيم» فقالت اليهود: كيف و أنت تأكل لحوم الإبل؟ وتشرب ألبانها؟ فقال: «كان ذلك حلا لإبراهيم». فقالوا كل شيء نحرمه نحن، فانه كان محرما على نوح و إبراهيم حتى انتهى إلينا. فنزلت هذه الآية تكذيبا لهم. ( وإن كان الأثر عن تابعي )

وعلى هذا القول تتضح الآية سواء قلنا ان التوراة جاءت بتحريم ما حرم إسرائيل على نفسه او لم تأت
يوضحه نص كلام ابن عاشور رحمه الله حيث قال:

هذا يرتبط بالآي السابقة في قوله تعالى "ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا" وما بينهما اعتراضات وانتقالات في فنون الخطاب.
وهذه حجة جزئية بعد الحجج الأصلية على أن دين اليهودية ليس من الحنيفية في شيء، فإن الحنيفية لم يكن ما حرم من الطعام بنص التوراة محرما فيها، ولذلك كان بنوا إسرائيل قبل التوراة على شريعة إبراهيم، فلم يكن محرما عليهم ما حرم من الطعام إلا طعاما حرمه يعقوب على نفسه. والحجة ظاهرة ويدل لهذا الارتباط قوله في آخرها "قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا".

هذا ما تبين لي أرجو من المشايخ الكرام الإفادة
 
كان لدي إشكال في الآية الكريمة ،
يقول سبحانه : ((كل الطعام كان حلّاً لبني إسرائيل))
هل يدل ذلك على أن الميتة والدم كان حلّاً لهم في بداية أمرهم ؟

فالجواب أن يقال : أل في (الطعام) هي للعهد .
إذْ لم يُعهد في المدينة بعد دخول الإسلام تناول الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به .
فخوطبوا بما هو معهود أكله في المدينة .
 
{فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين}
الملة في اللغة : هي العمل أو الهيئة التي لا يُزال عنها .
فمادة (ملل) الميم فيها تدل على التحرك ، واللام تدل على اللزوم .
فمن امتلّ شيئاً فهو متحرك فيه ، لازم له .

والملة أعظم من الطريقة ؛ لأنّ الملة لا يُزال عنها .
 
عودة
أعلى