وثمة سؤال هنا هل يعد كتاب تأويل مشكل القرآن لا بن قتيبة من كتب المعاني .
لست أدري لم اختلف الباحثون في إسلاك كتاب مجاز القرآن في كتب المعاني ، على الرغم أنه لايكاد يخالفها في شيء من مضمونها كبيان المعاني والإعراب وتوجيه القراءات ، وإن كان لا يبلغ مُدَّها ، إلا أن هـذا لا يجفيه أن يكون في سلكها .
لم أفهم أخي الكريم ما الذي عنيته بقولك "وإن كان لا يبلغ مُدّها" فإن كنت تعني قلة المباحث النحوية فنعم، وهو أمر سيأتي تفسيره، لكنه لم يقِلّ عن هذه الكتب في بيان الغريب ومشكل القرآن، بل هو الأساس الذي اعتمد عليه من بعده وهو الذي فتح لهم باباً لم يطرق من قبل، وكتابه من أجلّ كتب المتقدمين وعليه اعتمد جل المفسرين، وأبو عبيدة عَلَم من كبار علماء العربية وأعظمهم مكانة، وإن كنت تعني ما وقع عليه من إنكار فمردّه إلى المنهج الذي سلكه في التفسير حيث كان أول من طرق باب التفسير اللغوي، بالإضافة إلى أمور أخرى تعود لشخصيته وطريقة تعامله مع الخصوم، والأخطاء التي وقع فيها يشترك فيها مع من جاء بعده من علماء اللغة، وقد بينها العلماء بما ينبغي به أن تُجتنب ويحفظ لأبي عبيدة حقه ومكانته.
أما كتابه (مجاز القرآن) فقد اختلف في تسميته، وذُكرت له أسماء عديدة، إذ سُمِّي بـ(غريب القرآن) و(معاني القرآن) بالإضافة إلى (مجاز القرآن) نظرا لكثرة استعماله لفظة "مجاز" في كتابه، وهي التسمية التي اعتمدت في طبع الكتاب مؤخرا.
ومشكلة التسمية يشترك فيها مع غيره من كتب المتقدمين، إلا أن المعاصرين قد اختلفوا في تصنيفه، فمنهم من يصنفه في كتب غريب القرآن ومنهم من يصنفه في كتب معاني القرآن.
وبالنظر إلى مضمون الكتاب نجده لم يخرج عن النهج الذي ساد في تلك الفترة من تأليف اللغويين في تفسير القرآن الكريم، فهو كتاب معانٍ وتفسير غريب، بالإضافة إلى النفس اللغوي والصفات الأخرى التي ذُكرت لكتب معاني القران وما بني عليها من تعريف.
فالكتاب على هذا داخل في حدود كتب (معاني القرآن) خصوصا وكون أحد العناوين المنسوبة له هو (معاني القرآن).
وحُجة من صنفه في كتب غريب القرآن هو قلة مباحث الإعراب، على خلاف ما هو سائد في كتب معاني القرآن التي تلته.
والحقيقة أن هذه المباحث النحوية والصرفية وذكر الخلاف فيها والاستشهاد عليها من لغة العرب إنما كان في الكتب التي جاءت بعد أبي عبيدة، حيث بدأ التنافس المذهبي بين أهل البصرة والكوفة، وكانت نتيجته ظهور هذه المباحث في كتب معاني القرآن، أما أبو عبيدة فقد كان سابقا لهم، متحرراً من ربقة هذا التنافس، فلم يحتج لكثرة الكلام فيه ولم يدْعُهُ إليه ما دعاهم.
وعليه فقلة وجود هذه المباحث لا تخرجه عن كتب (معاني القرآن).
ويمكننا على ما سبق أن نميز ما يدخل في كتب معاني القرآن وما لا يدخل بالنظر إلى مضمون المصنَّف ومنهج التأليف فيه بغض النظر عن التسمية.
ففي مقابل كتاب (مجاز القرآن) لأبي عبيدة نجد كتاب (تأويل مشكل القرآن) لابن قتيبة مثلاً.
فهو كتاب قد صُنِّف في دفع بعض أثير من مشكل القرآن. إلا أننا نجده لم يلتزم فيه بترتيب السور، بالإضافة إلى اختلاف غرضه من تأليفه، وبُعده عن النفس اللغوي، وهو ما يجعل تصنيفه في كتب معاني القرآن بعيدا.
وللاستزادة حول الموضوع وإثرائه ينظر هذا الرابط:
http://vb.tafsir.net/tafsir28925/