أحسنتم شيخنا/ عمر بن علي في جوابكم.
وأقول للسائل الكريم من حقك السؤال والاستفسار والمناقشة وكذلك الاستغراب, وليس كل شيء واضح عند البعض بالضرورة أن يكون واضحا عند الآخرين.
أخي السائل: لو نظرت إلى منشأ علم التجويد في كتب اللغة ستجد مبحثين أساسيين متعلقين بعلم التجويد:
1- مخارج الحروف وصفاتها, فأما المخارج فأول من ذكرها وفتقها هو :الخليل بن أحمد, ومعلوم أنه ذكر ذلك؛ لأنه لا يصح أن نتكلم في علم اللغة دون معرفة حروفها وكيفية إخراجها, وأما الصفات فذكرها أهل اللغة لسبب نص عليه سيبويه في الكتاب فقال: "وإنما وصفت لك حروف المعجم بهذه الصفات لتعرف ما يحسن فيه الإدغام وما يجوز فيه وما لا يحسن فيه ذلك ولا يجوز فيه وما تبدله استثقالا".
2- مبحث الإدغام؛ وهو مبني على ما ذكره سيبويه, ولذلك تجد مبحث المخارج والصفات داخل عند النحوييين والصرفيين في باب الإدغام كما فعل سيبويه والمبرد وابن عصفور وغيرهم.
فهذه المباحث تتعلق باللغة العربية عموما ويدخل تحتها ألفاظ القرآن وغيرها, وأما علم التجويد فله مباحث خاصة به تتعلق باللفظ القرآني وهذا هو الفرق الجوهري الذي يجعل علم التجويد مستقلا.
فمراتب القراءة, والمدود, والأحكام الناشئة عن مجاورة الحرف لآخر, والماءات, والاحترازات التي ينبغي أن لا يقع فيها القارئ أثناء النطق بالحرف وهذا من أوسع أبواب علم التجويد إذ إن مؤلفات المتقدمين غالبها في هذا الصنف, وكذلك التفخيم والترقيق, وكذلك أحكام التاءات, وأحكام الوصل والفصل, وكذلك الوقف والإبتداء, والأوجه الأدائية المتفق عليها بين القراء, وكذلك ضبط أحكام الإمالة والتقليل, وكذلك ما يتعلق بالحركات والسكنات, وكذلك تطبيق جميع الأحكام التجويدية في القراءة وهو ما يسمى بالتجويد العملي؛ فهذا كله جعل علم التجويد ينفصل عن علم اللغة العربية, وأصبح علما مستقلا بذاته.
ولذلك أخي الحبيب ألفت عشرات الكتب نظما ونثرا في علم التجويد, بل أصبح بعض العلماء يوصفون بالمجودين أو رأسا في التجويد, فلعل الصورة قد اتضحت عندك أخي الحبيب.