محمد محمود إبراهيم عطية
Member
يُشَمَّت العاطس إذا تتابع منه العطاس ثلاثًا ؛ لما روى مسلم وأبو داود عن سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَهُ ، فَقَالَ لَهُ : " يَرْحَمُكَ اللَّهُ " ، ثُمَّ عَطَسَ أُخْرَى ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " الرَّجُلُ مَزْكُومٌ " ؛ ورواه البخاري في ( الأدب المفرد ) ، وفيه : " هَذَا مَزْكُومٌ " ، ورواه أحمد بلفظ : أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " يَرْحَمُكَ اللَّهُ " ثُمَّ عَطَسَ الثَّانِيَةَ ، أَوْ الثَّالِثَةَ ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " إِنَّهُ مَزْكُومٌ " ؛ ورواه الترمذي بلفظ : عَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَنَا شَاهِدٌ ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " يَرْحَمُكَ اللَّهُ " ثُمَّ عَطَسَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " هَذَا رَجُلٌ مَزْكُومٌ " ؛ وعند ابن ماجة عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ t قَـالَ : قَـالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ ثَلَاثًا ، فَمَا زَادَ فَهُوَ مَزْكُومٌ " .
وفي ( الموطأ ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ، ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ، ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ؛ ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَقُلْ : إِنَّكَ مَضْنُوكٌ " ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ : لَا أَدْرِي أَبَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ ؛ ومضنوك ، أي : مزكوم .
وفي سنن أبى داود عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : شَمِّتْ أَخَاكَ ثَلاَثًا ، فَمَا زَادَ فَهُوَ زُكَامٌ ؛ هكذا موقوفًا ثم أسنده ؛ ورواه ابن السني عن أبي هريرة مرفوعًا : " إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ ، فَلْيُشَمّتْهُ جَلِيسُهُ ؛ فَإِنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثٍَ ، فَهُوَ مَزْكُومٌ ، وَلَا يُشَمَّتْ بَعْدَ ثَلَاثٍ " .
وقوله : " ولا يُشَمَّت بعدَ ثلاثٍ " أي : لا يدعى له بالدعاء المشروع للعاطس ( يرحمك الله ) ، بل بدعاء لائق بالحال ، كالشفاء ؛ ومن فهم النهي عن مطلق الدعاء فقد وهم .
وفي مصنف ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رجلا عطس عنده ، فشمَّته ، ثم عطس ، فشمَّته ، ثم عاد في الثالثة ، فقال : إنك مضنوك.
وفيه عن علي رضي الله عنه قال : شَمِّتِ العاطس ما بينك وبينه ثلاثًا ، فإن زاد فهو ريح .
وفيه - أيضًا - عن مصعب بن عبد الرحمن بن ذؤيب قال : عطس رجل عند ابن الزبير ، فشمَّته ، ثم عطس ، فشمَّته ، ثم عطس الثالثة ، فشمَّته ، ثم عطس في الرابعة ، فقال له ابن الزبير : إنك مضنوك ، فامتخطه .
وفيه - أيضًا - عن الشعبي قال : قال عمرو بن العاص رضي الله عنه : إذا عطس أحدكم ثلاث مرات ، فشمِّتوه ، وإن زاد ، فلا تشمِّتوه ، فإنما هو داء يخرج من رأسه .
فهذه أحاديث وآثار تدل على أن تشميت العاطس ثلاثًا ، ثم يقال له : الرجل مزكوم ؛ قَالَ النَّوَوِيُّ - رحمه الله - فِي ( الْأَذْكَار ) : إِذَا تَكَرَّرَ الْعُطَاس مُتَتَابِعًا فَالسُّنَّة أَنْ يُشَمِّتهُ لِكُلِّ مَرَّة إِلَى أَنْ يَبْلُغ ثَلَاثَ مَرَّات ... ثم ذكر حديث سلمة بن الأكوع ... ثُمَّ حَكَى عَنْ اِبْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّ الْعُلَمَاء اِخْتَلَفُوا : هَلْ يَقُول لِمَنْ تَتَابَعَ عُطَاسه : أَنْتَ مَزْكُوم ؛ فِي الثَّانِيَة ، أَوْ الثَّالِثَة ، أَوْ الرَّابِعَة ؟ عَلَى أَقْوَال ؛ وَالصَّحِيح فِي الثَّالِثَة .. قَالَ : وَمَعْنَاهُ إِنَّك لَسْت مِمَّنْ يُشَمَّت بَعْدهَا ؛ لِأَنَّ الَّذِي بِك مَرَض ، وَلَيْسَ مِنْ الْعُطَاسِ الْمَحْمُودِ النَّاشِئ عَنْ خِفَّة الْبَدَنِ .ا.هـ .
قال ابن القيم - رحمه الله : فَإِنْ قِيلَ : إذَا كَانَ بَهْ زُكَامٌ فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يُدْعَى لَهُ مِمَّنْ لَا عِلّةَ بِهِ . قِيلَ : يُدْعَى لَهُ كَمَا يُدْعَى لِلْمَرِيضِ وَمَنْ بِهِ دَاءٌ وَوَجَعٌ ؛ وَأَمّا سُنّةُ الْعُطَاسِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ ، وَهُوَ نِعْمَةٌ ، وَيَدُلّ عَلَى خِفّةِ الْبَدَنِ ، وَخُرُوجِ الْأَبْخِرَةِ الْمُحْتَقِنَةِ ، فَإِنّمَا يَكُونُ إلَى تَمَامِ الثّلَاثِ ؛ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا يُدْعَى لِصَاحِبِهِ بِالْعَافِيَةِ ؛ وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : " الرّجُلُ مَزْكُومٌ " تَنْبِيهٌ عَلَى الدّعَاءِ لَهُ بِالْعَافِيَةِ ، لِأَنَّ الزَّكْمَةَ عِلّةٌ ، وَفِيهِ اعْتِذَارٌ مِنْ تَرْكِ تَشْمِيتِهِ بَعْدَ الثّلَاثِ ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ لَهُ عَلَى هَذِهِ الْعِلّةِ لِيَتَدَارَكَهَا وَلَا يُهْمِلُهَا ، فَيَصْعُبُ أَمْرُهَا ؛ فَكَلَامُهُ صلى الله عليه وسلم كُلّهُ حِكْمَةٌ ، وَرَحْمَةٌ ، وَعِلْمٌ ، وَهُدًى .ا.هـ .
هذا والعلم عند الله تعالى .
وفي ( الموطأ ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ، ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ، ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ؛ ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَقُلْ : إِنَّكَ مَضْنُوكٌ " ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ : لَا أَدْرِي أَبَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ ؛ ومضنوك ، أي : مزكوم .
وفي سنن أبى داود عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : شَمِّتْ أَخَاكَ ثَلاَثًا ، فَمَا زَادَ فَهُوَ زُكَامٌ ؛ هكذا موقوفًا ثم أسنده ؛ ورواه ابن السني عن أبي هريرة مرفوعًا : " إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ ، فَلْيُشَمّتْهُ جَلِيسُهُ ؛ فَإِنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثٍَ ، فَهُوَ مَزْكُومٌ ، وَلَا يُشَمَّتْ بَعْدَ ثَلَاثٍ " .
وقوله : " ولا يُشَمَّت بعدَ ثلاثٍ " أي : لا يدعى له بالدعاء المشروع للعاطس ( يرحمك الله ) ، بل بدعاء لائق بالحال ، كالشفاء ؛ ومن فهم النهي عن مطلق الدعاء فقد وهم .
وفي مصنف ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رجلا عطس عنده ، فشمَّته ، ثم عطس ، فشمَّته ، ثم عاد في الثالثة ، فقال : إنك مضنوك.
وفيه عن علي رضي الله عنه قال : شَمِّتِ العاطس ما بينك وبينه ثلاثًا ، فإن زاد فهو ريح .
وفيه - أيضًا - عن مصعب بن عبد الرحمن بن ذؤيب قال : عطس رجل عند ابن الزبير ، فشمَّته ، ثم عطس ، فشمَّته ، ثم عطس الثالثة ، فشمَّته ، ثم عطس في الرابعة ، فقال له ابن الزبير : إنك مضنوك ، فامتخطه .
وفيه - أيضًا - عن الشعبي قال : قال عمرو بن العاص رضي الله عنه : إذا عطس أحدكم ثلاث مرات ، فشمِّتوه ، وإن زاد ، فلا تشمِّتوه ، فإنما هو داء يخرج من رأسه .
فهذه أحاديث وآثار تدل على أن تشميت العاطس ثلاثًا ، ثم يقال له : الرجل مزكوم ؛ قَالَ النَّوَوِيُّ - رحمه الله - فِي ( الْأَذْكَار ) : إِذَا تَكَرَّرَ الْعُطَاس مُتَتَابِعًا فَالسُّنَّة أَنْ يُشَمِّتهُ لِكُلِّ مَرَّة إِلَى أَنْ يَبْلُغ ثَلَاثَ مَرَّات ... ثم ذكر حديث سلمة بن الأكوع ... ثُمَّ حَكَى عَنْ اِبْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّ الْعُلَمَاء اِخْتَلَفُوا : هَلْ يَقُول لِمَنْ تَتَابَعَ عُطَاسه : أَنْتَ مَزْكُوم ؛ فِي الثَّانِيَة ، أَوْ الثَّالِثَة ، أَوْ الرَّابِعَة ؟ عَلَى أَقْوَال ؛ وَالصَّحِيح فِي الثَّالِثَة .. قَالَ : وَمَعْنَاهُ إِنَّك لَسْت مِمَّنْ يُشَمَّت بَعْدهَا ؛ لِأَنَّ الَّذِي بِك مَرَض ، وَلَيْسَ مِنْ الْعُطَاسِ الْمَحْمُودِ النَّاشِئ عَنْ خِفَّة الْبَدَنِ .ا.هـ .
قال ابن القيم - رحمه الله : فَإِنْ قِيلَ : إذَا كَانَ بَهْ زُكَامٌ فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يُدْعَى لَهُ مِمَّنْ لَا عِلّةَ بِهِ . قِيلَ : يُدْعَى لَهُ كَمَا يُدْعَى لِلْمَرِيضِ وَمَنْ بِهِ دَاءٌ وَوَجَعٌ ؛ وَأَمّا سُنّةُ الْعُطَاسِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ ، وَهُوَ نِعْمَةٌ ، وَيَدُلّ عَلَى خِفّةِ الْبَدَنِ ، وَخُرُوجِ الْأَبْخِرَةِ الْمُحْتَقِنَةِ ، فَإِنّمَا يَكُونُ إلَى تَمَامِ الثّلَاثِ ؛ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا يُدْعَى لِصَاحِبِهِ بِالْعَافِيَةِ ؛ وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : " الرّجُلُ مَزْكُومٌ " تَنْبِيهٌ عَلَى الدّعَاءِ لَهُ بِالْعَافِيَةِ ، لِأَنَّ الزَّكْمَةَ عِلّةٌ ، وَفِيهِ اعْتِذَارٌ مِنْ تَرْكِ تَشْمِيتِهِ بَعْدَ الثّلَاثِ ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ لَهُ عَلَى هَذِهِ الْعِلّةِ لِيَتَدَارَكَهَا وَلَا يُهْمِلُهَا ، فَيَصْعُبُ أَمْرُهَا ؛ فَكَلَامُهُ صلى الله عليه وسلم كُلّهُ حِكْمَةٌ ، وَرَحْمَةٌ ، وَعِلْمٌ ، وَهُدًى .ا.هـ .
هذا والعلم عند الله تعالى .