يوسف السناري
New member
بسم الله الرحمن الرحيم
فإِنَّ الْماءَ ماءُ أَبِى وَجَدِّى "وبئري ذو حفت وذو طويت" هذا شطر بيت شهير يؤثر لسِنَان بن الفحل الطائي، قد ذكره أسلافُنا النحاةُ في كتبهم، مستشهدين به على "ذو الطائية" التي تستخدم عندهم اسما موصلا بمعنى "الذي"، وقد استقرَّ هذا عند معاشر النحاة، يذكرونه في باب الاسم الموصول، فيقرِّرونه لسانًا لطيئ، وهكذا تلقَّيته عن مشايخي؛ وإذْ بي وأنا أقرأ ديوان " الوحشيات" لأبي تمام أقف على شطر بيت من مشطور الرجز لمَعْدان بن عُبَيْد الطائي، الشاعر الأموي يقول فيه ص (18):
يا أيها الساعي <الذي> قد أُرْسلا
فاستوقفني هذا البيت الطائي؛ إذ إن الشاعر استخدم فيه الاسم الموصول الدال على المفرد المذكر "الذي"، وأعرض عن "ذو" بديلها عندهم، فمَثَل في ذهني نسبُ الشاعر "الطائي" وتذَّكرتُ كل ما كنت أقرأه في باب الاسم الموصول في هذا الحرف، وصاحبَ شطرُ "معدان الطائي" شطرَ ابنِ عمِّه "سِنان الطائي". فقلت في نفسي: "أهذا البيتُ محرَّفٌ عن كلمة أخرى، لا أعلمها"؟!
فأعملت البحثَ؛ رجاءَ أن أقف على هذا الذي أَزْنَنْتُه في نفسي، فطالعتُ كتاب "شعر طيئ وأخبارها في الجاهلية والإسلام" الذي جمعته الدكتورة "وفاء فهمي السنديوني"، ط. دار العلوم، من أوله إلى آخره، لعلي أصحح هذا البيت المزَنُّ عندي، ففوجئتُ بأمثاله في أشعار طيئ، وإذ بالبيت المزَنُّ أصبح أبياتًا، فجاء في ذهني جمعُ شواهد الباب التي وجدتها في الديوان؛ لكي أضيف إضافة في باب من أبواب النحو لقبيلة من فصحاء العرب، يقرَّر ويضاف مع هذا البيت الشهير لسنان الفحل الطائي على أنَّ لهذه القبيلةِ في باب الاسم الموصول حرفين في الباب:
الحرف الأول: هو ما ذُكر في كتب النحاة، وهو استخدام "ذو" بمعنى "الذي" في قبيلة طيئ خِصِّيصَى.
والحرف الثاني: هو ما جاء في شعر "مَعْدان بن عُبَيْد الطائي" وغيره من شعراء قبيلته، الذين لم يستخدموا في أشعارهم "ذو الطائية" وعدلوا عنها بالحرف المستخدم عند جمهور العرب ألا وهو "الذي" الاسم الموصول الدال على المفرد المذكر، وسأذكر لكَ كلَّ الذي وجدته في هذا الباب؛ لكي تعرض عن الحَدْسِ الذي قد يتبادر إلى كل خالي الذهن، وتُبدل بعضَ ما قد تقرَّر وبتا في حُشاشة نفسك.
وقد وجدتُ بيتا آخر لمعدان الطائي ذكره أبو تمام في الحماسة الكبرى (2/179) استخدم فيه "الذي" بدلا عن "ذو الطائية" فيقول:
فأما <الذي> يُحصيهم فمكثِّرٌ *** وأما <الذي> يُطريهمُ فمُقلِّلُ
ووجدتُ لسِنان بن الفحل الطائي صاحب البيت الشهير: "وبئري ذو حفرت وذو طويت". المستشهد به على "ذو الطائية" عند معاشر النحاة في باب الاسم الموصول = بيتًا قد استخدم فيه "الذي" بدلا عن"ذو الطائية" في أحد قصائده فيقول:
ومولاك <الذي> قتلَ ابنَ سلمى *** علانيةً شرحبيل بن نَعْلِ
ينظر: شعر طيئ وأخبارها ص (602).
وفي هذا البيتِ وأمثالِه مما سأسردُه عليكَ = دليلٌ على أن الشاعر الطائي يستخدم الحرفين في شعره: "ذو" التي بمعنى "الذي" ويستخدم الأصل الذي عليه جمهور العرب "الذي" ويعرض عن "ذو الطائية".
ألا قد حان البدء في المقصود، ها هي ذِهِ الشواهد التي وجدتها في أشعار طيئ والتي تدلُّ على ما بثَثْتُه عليك في سالف كلامي.
أولا: استعمال "الذي" بدلا عن "ذو" الطائية عن طيئ:
يقول "عمرو بن الغوث بن طيئ" ص (447).
يا طيُّ أخبرْني ولست بكاذبٍ *** وأخوك صادقُك <الذي> لا يكذبُ
ويقول "أدهم بن أبي الزعراء" ص (513):
منا <الذي> حكم الحُكُوم فوافقتْ *** في الجاهلية سنة الإسلام
ويقول "الجرنفش بن عبدة" ص (547):
أقلَّ انعقادًا صدرُه دون ماله *** عليَّ وآتي <للذي> أنا طالب
ويقول "جروة بن يزيد الطائي" ص (550):
لأني أطلبُ الأمرَ <الذي> لا *** يُنالُ بغير ضَرْبٍ للرقابِ
ويقول "الأعور النبهاني –حريث بن عناب-" ص (580):
يا ويحَ كل محبٍّ كيف أرحمُه *** لأنني عارفٌ صدقَ <الذي> يصف.
ويقول "خفاف بن عبد الله" ص (587):
إنني و<الذي> يحجُّ له الناس (م) على لُحَق البطونِ نِحافِ
ويقول "عروة بن زيد الخيل الطائي" ص (652) (654):
يحاولني معاوية بن حربٍ *** وليس إلى <الذي> يهوى سبيلُ
ما إن رأينا أميرًا بالعراق مضى *** مثل المثنَّى <الذي> من آلِ شيبانا
ويقول "عُويج بن ضُريس الطائي" ص (665):
أنا "عُوَيْج" ومعي سيفٌ الهُلُبْ *** أنا <الذي> أشجعُ من "مَعْدي كَرِبْ"
ويقول "غالب بن الحر الطائي" ص (669):
قفوا أيها الركبانُ حتى تبيَّنوا *** ويأتيكم الأمر <الذي> ليس يُدفعُ
ويقول "مسعود بن كبير الجرمي الطائي" من مشطور الرجز ص (689):
إنَّ <الذي> باعك خَبٌّ ضَبُّ
وفي أمالي اليزيدي لشاعر مجهول من شعراء طيئ ص (51-52)، وشعر طيئ وأخبارها ص (727) = بيتٌ يقول فيه:
فجاء <الذي> ما له حيلة *** ولابد من رد ما يُسلفُ
وقد استخدم الشاعر الطائي في نفس القصيدة <ذو> الطائية فجمع بين الاسم الموصول المفرد "الذي" وبين "ذو الطائية" في قصيدة واحدة!
فيقول على الروي السابق من القصيدة:
فنفسي الفداءُ له ملحدًا *** أقام به <ذو> صبا مترفُ
وقال رجل من طيئ ص (792):
ولو لم يفارقني "عطيةُ" لم أهنْ *** ولم أعط أعدائي <الذي> كنت أمنعُ
وقال رجل من لصوص طيئ ص (793):
تعلمني بالعيش عرسي كأنما *** تعلمني الأمر <الذي> أنا جاهلهْ
ثانيا: استعمال "التي" الاسم الموصول الدال على المؤنث بدلا عن "ذو الطائية":
يقول "عامر بن جوين الطائي" ص (422)، (423):
أبيتُ <التي> تهوى وأعطيتُك <التي> *** تسوف إليك الموتَ أخرج أَكْهَبَا
ويقول في نفس القصيدة:
فأغضِ على غيظٍ ولا ترم <التي> *** تحكم فيك "الزاعبي" المحرَّبا
ويقول دعامة بن المسيب ص (591):
قِسْ كلَّ أمرك قبل جهرِك <بالتي> *** فاتتْ ولما تستطعْ إمساكها
ثالثا: استعمال "الذين" الاسم الموصول الدال على الجمع بدلا عن "ذو" الطائية:
يقول "حريث الطائي":
وما لي و<الذين> حِذَى مقرِّي *** سوى أني لسوءتها أصيح
قالت الجامعة في الحاشية: حذي مقري: هكذا وردت وظني أن البيت قد لحقه تحريف. ينظر: شعر طيئ وأخبارها ص (562).
وما قالته الجامعة لا يضرُّ الشاهد في شيء، فتوهُّمُ التحريف الذي ذكرته قبل محل الشاهد المذكور. انتهى المقصود. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.بسم الله الرحمن الرحيم
فإِنَّ الْماءَ ماءُ أَبِى وَجَدِّى "وبئري ذو حفت وذو طويت" هذا شطر بيت شهير يؤثر لسِنَان بن الفحل الطائي، قد ذكره أسلافُنا النحاةُ في كتبهم، مستشهدين به على "ذو الطائية" التي تستخدم عندهم اسما موصلا بمعنى "الذي"، وقد استقرَّ هذا عند معاشر النحاة، يذكرونه في باب الاسم الموصول، فيقرِّرونه لسانًا لطيئ، وهكذا تلقَّيته عن مشايخي؛ وإذْ بي وأنا أقرأ ديوان " الوحشيات" لأبي تمام أقف على شطر بيت من مشطور الرجز لمَعْدان بن عُبَيْد الطائي، الشاعر الأموي يقول فيه ص (18):
يا أيها الساعي <الذي> قد أُرْسلا
فاستوقفني هذا البيت الطائي؛ إذ إن الشاعر استخدم فيه الاسم الموصول الدال على المفرد المذكر "الذي"، وأعرض عن "ذو" بديلها عندهم، فمَثَل في ذهني نسبُ الشاعر "الطائي" وتذَّكرتُ كل ما كنت أقرأه في باب الاسم الموصول في هذا الحرف، وصاحبَ شطرُ "معدان الطائي" شطرَ ابنِ عمِّه "سِنان الطائي". فقلت في نفسي: "أهذا البيتُ محرَّفٌ عن كلمة أخرى، لا أعلمها"؟!
فأعملت البحثَ؛ رجاءَ أن أقف على هذا الذي أَزْنَنْتُه في نفسي، فطالعتُ كتاب "شعر طيئ وأخبارها في الجاهلية والإسلام" الذي جمعته الدكتورة "وفاء فهمي السنديوني"، ط. دار العلوم، من أوله إلى آخره، لعلي أصحح هذا البيت المزَنُّ عندي، ففوجئتُ بأمثاله في أشعار طيئ، وإذ بالبيت المزَنُّ أصبح أبياتًا، فجاء في ذهني جمعُ شواهد الباب التي وجدتها في الديوان؛ لكي أضيف إضافة في باب من أبواب النحو لقبيلة من فصحاء العرب، يقرَّر ويضاف مع هذا البيت الشهير لسنان الفحل الطائي على أنَّ لهذه القبيلةِ في باب الاسم الموصول حرفين في الباب:
الحرف الأول: هو ما ذُكر في كتب النحاة، وهو استخدام "ذو" بمعنى "الذي" في قبيلة طيئ خِصِّيصَى.
والحرف الثاني: هو ما جاء في شعر "مَعْدان بن عُبَيْد الطائي" وغيره من شعراء قبيلته، الذين لم يستخدموا في أشعارهم "ذو الطائية" وعدلوا عنها بالحرف المستخدم عند جمهور العرب ألا وهو "الذي" الاسم الموصول الدال على المفرد المذكر، وسأذكر لكَ كلَّ الذي وجدته في هذا الباب؛ لكي تعرض عن الحَدْسِ الذي قد يتبادر إلى كل خالي الذهن، وتُبدل بعضَ ما قد تقرَّر وبتا في حُشاشة نفسك.
وقد وجدتُ بيتا آخر لمعدان الطائي ذكره أبو تمام في الحماسة الكبرى (2/179) استخدم فيه "الذي" بدلا عن "ذو الطائية" فيقول:
فأما <الذي> يُحصيهم فمكثِّرٌ *** وأما <الذي> يُطريهمُ فمُقلِّلُ
ووجدتُ لسِنان بن الفحل الطائي صاحب البيت الشهير: "وبئري ذو حفرت وذو طويت". المستشهد به على "ذو الطائية" عند معاشر النحاة في باب الاسم الموصول = بيتًا قد استخدم فيه "الذي" بدلا عن"ذو الطائية" في أحد قصائده فيقول:
ومولاك <الذي> قتلَ ابنَ سلمى *** علانيةً شرحبيل بن نَعْلِ
ينظر: شعر طيئ وأخبارها ص (602).
وفي هذا البيتِ وأمثالِه مما سأسردُه عليكَ = دليلٌ على أن الشاعر الطائي يستخدم الحرفين في شعره: "ذو" التي بمعنى "الذي" ويستخدم الأصل الذي عليه جمهور العرب "الذي" ويعرض عن "ذو الطائية".
ألا قد حان البدء في المقصود، ها هي ذِهِ الشواهد التي وجدتها في أشعار طيئ والتي تدلُّ على ما بثَثْتُه عليك في سالف كلامي.
أولا: استعمال "الذي" بدلا عن "ذو" الطائية عن طيئ:
يقول "عمرو بن الغوث بن طيئ" ص (447).
يا طيُّ أخبرْني ولست بكاذبٍ *** وأخوك صادقُك <الذي> لا يكذبُ
ويقول "أدهم بن أبي الزعراء" ص (513):
منا <الذي> حكم الحُكُوم فوافقتْ *** في الجاهلية سنة الإسلام
ويقول "الجرنفش بن عبدة" ص (547):
أقلَّ انعقادًا صدرُه دون ماله *** عليَّ وآتي <للذي> أنا طالب
ويقول "جروة بن يزيد الطائي" ص (550):
لأني أطلبُ الأمرَ <الذي> لا *** يُنالُ بغير ضَرْبٍ للرقابِ
ويقول "الأعور النبهاني –حريث بن عناب-" ص (580):
يا ويحَ كل محبٍّ كيف أرحمُه *** لأنني عارفٌ صدقَ <الذي> يصف.
ويقول "خفاف بن عبد الله" ص (587):
إنني و<الذي> يحجُّ له الناس (م) على لُحَق البطونِ نِحافِ
ويقول "عروة بن زيد الخيل الطائي" ص (652) (654):
يحاولني معاوية بن حربٍ *** وليس إلى <الذي> يهوى سبيلُ
ما إن رأينا أميرًا بالعراق مضى *** مثل المثنَّى <الذي> من آلِ شيبانا
ويقول "عُويج بن ضُريس الطائي" ص (665):
أنا "عُوَيْج" ومعي سيفٌ الهُلُبْ *** أنا <الذي> أشجعُ من "مَعْدي كَرِبْ"
ويقول "غالب بن الحر الطائي" ص (669):
قفوا أيها الركبانُ حتى تبيَّنوا *** ويأتيكم الأمر <الذي> ليس يُدفعُ
ويقول "مسعود بن كبير الجرمي الطائي" من مشطور الرجز ص (689):
إنَّ <الذي> باعك خَبٌّ ضَبُّ
وفي أمالي اليزيدي لشاعر مجهول من شعراء طيئ ص (51-52)، وشعر طيئ وأخبارها ص (727) = بيتٌ يقول فيه:
فجاء <الذي> ما له حيلة *** ولابد من رد ما يُسلفُ
وقد استخدم الشاعر الطائي في نفس القصيدة <ذو> الطائية فجمع بين الاسم الموصول المفرد "الذي" وبين "ذو الطائية" في قصيدة واحدة!
فيقول على الروي السابق من القصيدة:
فنفسي الفداءُ له ملحدًا *** أقام به <ذو> صبا مترفُ
وقال رجل من طيئ ص (792):
ولو لم يفارقني "عطيةُ" لم أهنْ *** ولم أعط أعدائي <الذي> كنت أمنعُ
وقال رجل من لصوص طيئ ص (793):
تعلمني بالعيش عرسي كأنما *** تعلمني الأمر <الذي> أنا جاهلهْ
ثانيا: استعمال "التي" الاسم الموصول الدال على المؤنث بدلا عن "ذو الطائية":
يقول "عامر بن جوين الطائي" ص (422)، (423):
أبيتُ <التي> تهوى وأعطيتُك <التي> *** تسوف إليك الموتَ أخرج أَكْهَبَا
ويقول في نفس القصيدة:
فأغضِ على غيظٍ ولا ترم <التي> *** تحكم فيك "الزاعبي" المحرَّبا
ويقول دعامة بن المسيب ص (591):
قِسْ كلَّ أمرك قبل جهرِك <بالتي> *** فاتتْ ولما تستطعْ إمساكها
ثالثا: استعمال "الذين" الاسم الموصول الدال على الجمع بدلا عن "ذو" الطائية:
يقول "حريث الطائي":
وما لي و<الذين> حِذَى مقرِّي *** سوى أني لسوءتها أصيح
قالت الجامعة في الحاشية: حذي مقري: هكذا وردت وظني أن البيت قد لحقه تحريف. ينظر: شعر طيئ وأخبارها ص (562).
وما قالته الجامعة لا يضرُّ الشاهد في شيء، فتوهُّمُ التحريف الذي ذكرته قبل محل الشاهد المذكور. انتهى المقصود. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فإِنَّ الْماءَ ماءُ أَبِى وَجَدِّى "وبئري ذو حفت وذو طويت" هذا شطر بيت شهير يؤثر لسِنَان بن الفحل الطائي، قد ذكره أسلافُنا النحاةُ في كتبهم، مستشهدين به على "ذو الطائية" التي تستخدم عندهم اسما موصلا بمعنى "الذي"، وقد استقرَّ هذا عند معاشر النحاة، يذكرونه في باب الاسم الموصول، فيقرِّرونه لسانًا لطيئ، وهكذا تلقَّيته عن مشايخي؛ وإذْ بي وأنا أقرأ ديوان " الوحشيات" لأبي تمام أقف على شطر بيت من مشطور الرجز لمَعْدان بن عُبَيْد الطائي، الشاعر الأموي يقول فيه ص (18):
يا أيها الساعي <الذي> قد أُرْسلا
فاستوقفني هذا البيت الطائي؛ إذ إن الشاعر استخدم فيه الاسم الموصول الدال على المفرد المذكر "الذي"، وأعرض عن "ذو" بديلها عندهم، فمَثَل في ذهني نسبُ الشاعر "الطائي" وتذَّكرتُ كل ما كنت أقرأه في باب الاسم الموصول في هذا الحرف، وصاحبَ شطرُ "معدان الطائي" شطرَ ابنِ عمِّه "سِنان الطائي". فقلت في نفسي: "أهذا البيتُ محرَّفٌ عن كلمة أخرى، لا أعلمها"؟!
فأعملت البحثَ؛ رجاءَ أن أقف على هذا الذي أَزْنَنْتُه في نفسي، فطالعتُ كتاب "شعر طيئ وأخبارها في الجاهلية والإسلام" الذي جمعته الدكتورة "وفاء فهمي السنديوني"، ط. دار العلوم، من أوله إلى آخره، لعلي أصحح هذا البيت المزَنُّ عندي، ففوجئتُ بأمثاله في أشعار طيئ، وإذ بالبيت المزَنُّ أصبح أبياتًا، فجاء في ذهني جمعُ شواهد الباب التي وجدتها في الديوان؛ لكي أضيف إضافة في باب من أبواب النحو لقبيلة من فصحاء العرب، يقرَّر ويضاف مع هذا البيت الشهير لسنان الفحل الطائي على أنَّ لهذه القبيلةِ في باب الاسم الموصول حرفين في الباب:
الحرف الأول: هو ما ذُكر في كتب النحاة، وهو استخدام "ذو" بمعنى "الذي" في قبيلة طيئ خِصِّيصَى.
والحرف الثاني: هو ما جاء في شعر "مَعْدان بن عُبَيْد الطائي" وغيره من شعراء قبيلته، الذين لم يستخدموا في أشعارهم "ذو الطائية" وعدلوا عنها بالحرف المستخدم عند جمهور العرب ألا وهو "الذي" الاسم الموصول الدال على المفرد المذكر، وسأذكر لكَ كلَّ الذي وجدته في هذا الباب؛ لكي تعرض عن الحَدْسِ الذي قد يتبادر إلى كل خالي الذهن، وتُبدل بعضَ ما قد تقرَّر وبتا في حُشاشة نفسك.
وقد وجدتُ بيتا آخر لمعدان الطائي ذكره أبو تمام في الحماسة الكبرى (2/179) استخدم فيه "الذي" بدلا عن "ذو الطائية" فيقول:
فأما <الذي> يُحصيهم فمكثِّرٌ *** وأما <الذي> يُطريهمُ فمُقلِّلُ
ووجدتُ لسِنان بن الفحل الطائي صاحب البيت الشهير: "وبئري ذو حفرت وذو طويت". المستشهد به على "ذو الطائية" عند معاشر النحاة في باب الاسم الموصول = بيتًا قد استخدم فيه "الذي" بدلا عن"ذو الطائية" في أحد قصائده فيقول:
ومولاك <الذي> قتلَ ابنَ سلمى *** علانيةً شرحبيل بن نَعْلِ
ينظر: شعر طيئ وأخبارها ص (602).
وفي هذا البيتِ وأمثالِه مما سأسردُه عليكَ = دليلٌ على أن الشاعر الطائي يستخدم الحرفين في شعره: "ذو" التي بمعنى "الذي" ويستخدم الأصل الذي عليه جمهور العرب "الذي" ويعرض عن "ذو الطائية".
ألا قد حان البدء في المقصود، ها هي ذِهِ الشواهد التي وجدتها في أشعار طيئ والتي تدلُّ على ما بثَثْتُه عليك في سالف كلامي.
أولا: استعمال "الذي" بدلا عن "ذو" الطائية عن طيئ:
يقول "عمرو بن الغوث بن طيئ" ص (447).
يا طيُّ أخبرْني ولست بكاذبٍ *** وأخوك صادقُك <الذي> لا يكذبُ
ويقول "أدهم بن أبي الزعراء" ص (513):
منا <الذي> حكم الحُكُوم فوافقتْ *** في الجاهلية سنة الإسلام
ويقول "الجرنفش بن عبدة" ص (547):
أقلَّ انعقادًا صدرُه دون ماله *** عليَّ وآتي <للذي> أنا طالب
ويقول "جروة بن يزيد الطائي" ص (550):
لأني أطلبُ الأمرَ <الذي> لا *** يُنالُ بغير ضَرْبٍ للرقابِ
ويقول "الأعور النبهاني –حريث بن عناب-" ص (580):
يا ويحَ كل محبٍّ كيف أرحمُه *** لأنني عارفٌ صدقَ <الذي> يصف.
ويقول "خفاف بن عبد الله" ص (587):
إنني و<الذي> يحجُّ له الناس (م) على لُحَق البطونِ نِحافِ
ويقول "عروة بن زيد الخيل الطائي" ص (652) (654):
يحاولني معاوية بن حربٍ *** وليس إلى <الذي> يهوى سبيلُ
ما إن رأينا أميرًا بالعراق مضى *** مثل المثنَّى <الذي> من آلِ شيبانا
ويقول "عُويج بن ضُريس الطائي" ص (665):
أنا "عُوَيْج" ومعي سيفٌ الهُلُبْ *** أنا <الذي> أشجعُ من "مَعْدي كَرِبْ"
ويقول "غالب بن الحر الطائي" ص (669):
قفوا أيها الركبانُ حتى تبيَّنوا *** ويأتيكم الأمر <الذي> ليس يُدفعُ
ويقول "مسعود بن كبير الجرمي الطائي" من مشطور الرجز ص (689):
إنَّ <الذي> باعك خَبٌّ ضَبُّ
وفي أمالي اليزيدي لشاعر مجهول من شعراء طيئ ص (51-52)، وشعر طيئ وأخبارها ص (727) = بيتٌ يقول فيه:
فجاء <الذي> ما له حيلة *** ولابد من رد ما يُسلفُ
وقد استخدم الشاعر الطائي في نفس القصيدة <ذو> الطائية فجمع بين الاسم الموصول المفرد "الذي" وبين "ذو الطائية" في قصيدة واحدة!
فيقول على الروي السابق من القصيدة:
فنفسي الفداءُ له ملحدًا *** أقام به <ذو> صبا مترفُ
وقال رجل من طيئ ص (792):
ولو لم يفارقني "عطيةُ" لم أهنْ *** ولم أعط أعدائي <الذي> كنت أمنعُ
وقال رجل من لصوص طيئ ص (793):
تعلمني بالعيش عرسي كأنما *** تعلمني الأمر <الذي> أنا جاهلهْ
ثانيا: استعمال "التي" الاسم الموصول الدال على المؤنث بدلا عن "ذو الطائية":
يقول "عامر بن جوين الطائي" ص (422)، (423):
أبيتُ <التي> تهوى وأعطيتُك <التي> *** تسوف إليك الموتَ أخرج أَكْهَبَا
ويقول في نفس القصيدة:
فأغضِ على غيظٍ ولا ترم <التي> *** تحكم فيك "الزاعبي" المحرَّبا
ويقول دعامة بن المسيب ص (591):
قِسْ كلَّ أمرك قبل جهرِك <بالتي> *** فاتتْ ولما تستطعْ إمساكها
ثالثا: استعمال "الذين" الاسم الموصول الدال على الجمع بدلا عن "ذو" الطائية:
يقول "حريث الطائي":
وما لي و<الذين> حِذَى مقرِّي *** سوى أني لسوءتها أصيح
قالت الجامعة في الحاشية: حذي مقري: هكذا وردت وظني أن البيت قد لحقه تحريف. ينظر: شعر طيئ وأخبارها ص (562).
وما قالته الجامعة لا يضرُّ الشاهد في شيء، فتوهُّمُ التحريف الذي ذكرته قبل محل الشاهد المذكور. انتهى المقصود. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.بسم الله الرحمن الرحيم
فإِنَّ الْماءَ ماءُ أَبِى وَجَدِّى "وبئري ذو حفت وذو طويت" هذا شطر بيت شهير يؤثر لسِنَان بن الفحل الطائي، قد ذكره أسلافُنا النحاةُ في كتبهم، مستشهدين به على "ذو الطائية" التي تستخدم عندهم اسما موصلا بمعنى "الذي"، وقد استقرَّ هذا عند معاشر النحاة، يذكرونه في باب الاسم الموصول، فيقرِّرونه لسانًا لطيئ، وهكذا تلقَّيته عن مشايخي؛ وإذْ بي وأنا أقرأ ديوان " الوحشيات" لأبي تمام أقف على شطر بيت من مشطور الرجز لمَعْدان بن عُبَيْد الطائي، الشاعر الأموي يقول فيه ص (18):
يا أيها الساعي <الذي> قد أُرْسلا
فاستوقفني هذا البيت الطائي؛ إذ إن الشاعر استخدم فيه الاسم الموصول الدال على المفرد المذكر "الذي"، وأعرض عن "ذو" بديلها عندهم، فمَثَل في ذهني نسبُ الشاعر "الطائي" وتذَّكرتُ كل ما كنت أقرأه في باب الاسم الموصول في هذا الحرف، وصاحبَ شطرُ "معدان الطائي" شطرَ ابنِ عمِّه "سِنان الطائي". فقلت في نفسي: "أهذا البيتُ محرَّفٌ عن كلمة أخرى، لا أعلمها"؟!
فأعملت البحثَ؛ رجاءَ أن أقف على هذا الذي أَزْنَنْتُه في نفسي، فطالعتُ كتاب "شعر طيئ وأخبارها في الجاهلية والإسلام" الذي جمعته الدكتورة "وفاء فهمي السنديوني"، ط. دار العلوم، من أوله إلى آخره، لعلي أصحح هذا البيت المزَنُّ عندي، ففوجئتُ بأمثاله في أشعار طيئ، وإذ بالبيت المزَنُّ أصبح أبياتًا، فجاء في ذهني جمعُ شواهد الباب التي وجدتها في الديوان؛ لكي أضيف إضافة في باب من أبواب النحو لقبيلة من فصحاء العرب، يقرَّر ويضاف مع هذا البيت الشهير لسنان الفحل الطائي على أنَّ لهذه القبيلةِ في باب الاسم الموصول حرفين في الباب:
الحرف الأول: هو ما ذُكر في كتب النحاة، وهو استخدام "ذو" بمعنى "الذي" في قبيلة طيئ خِصِّيصَى.
والحرف الثاني: هو ما جاء في شعر "مَعْدان بن عُبَيْد الطائي" وغيره من شعراء قبيلته، الذين لم يستخدموا في أشعارهم "ذو الطائية" وعدلوا عنها بالحرف المستخدم عند جمهور العرب ألا وهو "الذي" الاسم الموصول الدال على المفرد المذكر، وسأذكر لكَ كلَّ الذي وجدته في هذا الباب؛ لكي تعرض عن الحَدْسِ الذي قد يتبادر إلى كل خالي الذهن، وتُبدل بعضَ ما قد تقرَّر وبتا في حُشاشة نفسك.
وقد وجدتُ بيتا آخر لمعدان الطائي ذكره أبو تمام في الحماسة الكبرى (2/179) استخدم فيه "الذي" بدلا عن "ذو الطائية" فيقول:
فأما <الذي> يُحصيهم فمكثِّرٌ *** وأما <الذي> يُطريهمُ فمُقلِّلُ
ووجدتُ لسِنان بن الفحل الطائي صاحب البيت الشهير: "وبئري ذو حفرت وذو طويت". المستشهد به على "ذو الطائية" عند معاشر النحاة في باب الاسم الموصول = بيتًا قد استخدم فيه "الذي" بدلا عن"ذو الطائية" في أحد قصائده فيقول:
ومولاك <الذي> قتلَ ابنَ سلمى *** علانيةً شرحبيل بن نَعْلِ
ينظر: شعر طيئ وأخبارها ص (602).
وفي هذا البيتِ وأمثالِه مما سأسردُه عليكَ = دليلٌ على أن الشاعر الطائي يستخدم الحرفين في شعره: "ذو" التي بمعنى "الذي" ويستخدم الأصل الذي عليه جمهور العرب "الذي" ويعرض عن "ذو الطائية".
ألا قد حان البدء في المقصود، ها هي ذِهِ الشواهد التي وجدتها في أشعار طيئ والتي تدلُّ على ما بثَثْتُه عليك في سالف كلامي.
أولا: استعمال "الذي" بدلا عن "ذو" الطائية عن طيئ:
يقول "عمرو بن الغوث بن طيئ" ص (447).
يا طيُّ أخبرْني ولست بكاذبٍ *** وأخوك صادقُك <الذي> لا يكذبُ
ويقول "أدهم بن أبي الزعراء" ص (513):
منا <الذي> حكم الحُكُوم فوافقتْ *** في الجاهلية سنة الإسلام
ويقول "الجرنفش بن عبدة" ص (547):
أقلَّ انعقادًا صدرُه دون ماله *** عليَّ وآتي <للذي> أنا طالب
ويقول "جروة بن يزيد الطائي" ص (550):
لأني أطلبُ الأمرَ <الذي> لا *** يُنالُ بغير ضَرْبٍ للرقابِ
ويقول "الأعور النبهاني –حريث بن عناب-" ص (580):
يا ويحَ كل محبٍّ كيف أرحمُه *** لأنني عارفٌ صدقَ <الذي> يصف.
ويقول "خفاف بن عبد الله" ص (587):
إنني و<الذي> يحجُّ له الناس (م) على لُحَق البطونِ نِحافِ
ويقول "عروة بن زيد الخيل الطائي" ص (652) (654):
يحاولني معاوية بن حربٍ *** وليس إلى <الذي> يهوى سبيلُ
ما إن رأينا أميرًا بالعراق مضى *** مثل المثنَّى <الذي> من آلِ شيبانا
ويقول "عُويج بن ضُريس الطائي" ص (665):
أنا "عُوَيْج" ومعي سيفٌ الهُلُبْ *** أنا <الذي> أشجعُ من "مَعْدي كَرِبْ"
ويقول "غالب بن الحر الطائي" ص (669):
قفوا أيها الركبانُ حتى تبيَّنوا *** ويأتيكم الأمر <الذي> ليس يُدفعُ
ويقول "مسعود بن كبير الجرمي الطائي" من مشطور الرجز ص (689):
إنَّ <الذي> باعك خَبٌّ ضَبُّ
وفي أمالي اليزيدي لشاعر مجهول من شعراء طيئ ص (51-52)، وشعر طيئ وأخبارها ص (727) = بيتٌ يقول فيه:
فجاء <الذي> ما له حيلة *** ولابد من رد ما يُسلفُ
وقد استخدم الشاعر الطائي في نفس القصيدة <ذو> الطائية فجمع بين الاسم الموصول المفرد "الذي" وبين "ذو الطائية" في قصيدة واحدة!
فيقول على الروي السابق من القصيدة:
فنفسي الفداءُ له ملحدًا *** أقام به <ذو> صبا مترفُ
وقال رجل من طيئ ص (792):
ولو لم يفارقني "عطيةُ" لم أهنْ *** ولم أعط أعدائي <الذي> كنت أمنعُ
وقال رجل من لصوص طيئ ص (793):
تعلمني بالعيش عرسي كأنما *** تعلمني الأمر <الذي> أنا جاهلهْ
ثانيا: استعمال "التي" الاسم الموصول الدال على المؤنث بدلا عن "ذو الطائية":
يقول "عامر بن جوين الطائي" ص (422)، (423):
أبيتُ <التي> تهوى وأعطيتُك <التي> *** تسوف إليك الموتَ أخرج أَكْهَبَا
ويقول في نفس القصيدة:
فأغضِ على غيظٍ ولا ترم <التي> *** تحكم فيك "الزاعبي" المحرَّبا
ويقول دعامة بن المسيب ص (591):
قِسْ كلَّ أمرك قبل جهرِك <بالتي> *** فاتتْ ولما تستطعْ إمساكها
ثالثا: استعمال "الذين" الاسم الموصول الدال على الجمع بدلا عن "ذو" الطائية:
يقول "حريث الطائي":
وما لي و<الذين> حِذَى مقرِّي *** سوى أني لسوءتها أصيح
قالت الجامعة في الحاشية: حذي مقري: هكذا وردت وظني أن البيت قد لحقه تحريف. ينظر: شعر طيئ وأخبارها ص (562).
وما قالته الجامعة لا يضرُّ الشاهد في شيء، فتوهُّمُ التحريف الذي ذكرته قبل محل الشاهد المذكور. انتهى المقصود. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.