محمد محمود إبراهيم عطية
Member
النشرة بضم النون ، ضرب من الرقية والعلاج ، يعالج به من كان يظن أن به سِحرًا أو مسًّا من الجن ، سميت نشرة : لأنه ينتشر بها عنه ما خامره من الداء ، أي : يكشف ويزول . وعن الحسن : النشرة من السحر . وقال جرير :
أدعوك دعوة ملهوف كأن به ... مسًّا من الجن أو ريحًا من النشر [1]
وروى أحمد وأبو داود بإسناد حسن عن جابر رضي الله عنه : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن النشرة فقال : " هو من عمل الشيطان " [2] ؛ وظاهره أن النشرة حرام ؛ وإلى ذلك ذهب بعض السلف كالحسن البصري ، وسئل عن ذلك فقال : سحر . رواه ابن أبي شيبة بإسناد حسن [3] .
والراجح أنها رقية فتأخذ حكم الرقية ، فما ليس فيه شرك فهو مباح جائز ، وما كان فيه من شرك فهو ممنوع غير جائز ، وهو منقول عن بعض السلف أيضًا ؛ فروى ابن أبي شيبة عن عطاء الخراساني أنه كان لا يرى بأسًا أن يأتي الرجل المؤخذ عن أهله والمسحور من يطلق عنه . وعن سعيد بن المسيب أنه سئل عن رجل طب بسحر نحل عنه ؟ قال : نعم ! من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل . ورواه البخاري عن سعيد معلقًا ، وفيه : قال : لا بأس ، إنما يريدون الإصلاح ، فأما ما ينفع فلم ينه عنه . وقال ابن حجر : وصله أبو بكر بن الأثرم [4] .
وقال عبد الرزاق : قال الشعبي : لا بأس بالنشرة العربية التي لا تضر إذا وطئت . والنُشرة العربية : أن يخرج الإنسان في موضع عضاهٍ ، فيأخذ عن يمينه وشماله من كل ثمر ، يدقه ، ويقرأ فيه ، ثم يغتسل به .
وفي كتب وهب : أن تؤخذ سبع ورقات من سدر أخضر ، فيدقه بين حجرين ، ثم يضربه في الماء ، ويقرأ فيه آية الكرسي ، وذوات قل ، ثم يحسو منه ثلاث حسوات ، ويغتسل به ، فإنه يذهب عنه كل ما به إن شاء الله ؛ وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله [5] .
قال مقيده - عفا الله عنه : المراد بذوات قل : سورة الجن ، والكافرون ، والإخلاص ، والمعوذتان .
قال ابن كثير - رحمه الله : أنفع ما يستعمل لإذهاب السحر ، ما أنزل الله على رسوله لإذهاب ذلك ، وهما المعوذتان ، وفي الحديث : " لم يتعوذ المتعوذ بمثلهما " [6] ، وكذلك قراءة آية الكرسي ؛ فإنها مطردة للشيطان [7] .
قال ابن حجر : قال ابن الجوزي : النشرة حل السحر عن المسحور ، ولا يكاد يقدر عليه إلا ساحر ، وقد سئل أحمد عمن يطلق السحر عن المسحور ، فقال : لا بأس به . وهذا هو المعتمد ؛ ويجاب عن الحديث والأثر بأن قوله : " النشرة من عمل الشيطان " إشارة إلى أصلها ، ويختلف الحكم بالقصد ، فمن قصد بها خيرًا كان خيرًا ، وإلا فهو شر . ثم الحصر المنقول عن الحسن ليس على ظاهره ، لأنه قد ينحل بالرقى والتعويذ ، ولكن يحتمل أن تكون النشرة نوعين .. إلى أن قال : وممن صرح بجواز النشرة : المزني صاحب الشافعي ، وأبو جعفر الطبري ، وغيرهما .ا.هـ [8] .
قلت : وقوله : يحتمل أن تكون النشرة نوعين ، هو الصواب ، لأنها رقية ، والرقية نوعان كما تقدم . وعليه فالراجح أن من ذهب إلى حلِّ السحر بالنشرة ، إنما أراد بما ليس به محظور شرعًا ، والعلم عند الله تعالى .
---------------------------------
[1] انظر معالم السنن: 5 / 353، النهاية في غريب الحديث: 5 / 54، والمفردات: مادة (نشر)، وفتح الباري: 10 / 244 (الريان للتراث).
[2] أحمد: 3 / 294، وأبو داود (3868) وسنده حسن، وحسنه الحافظ في الفتح: 10 / 244.
[3] مصنف ابن أبي شيبة (23515).
[4] مصنف بن أبي شيبة (23512، 23521: 23523).
[5] عبد الرزاق (19763).
[ 6 ] النسائي (5438) وإسناده حسن.
[7] تفسير القرآن العظيم : 1 / 158 (مكتبة طيبة).
[8] فتح الباري : 10 / 244 (الريان للتراث).
أدعوك دعوة ملهوف كأن به ... مسًّا من الجن أو ريحًا من النشر [1]
وروى أحمد وأبو داود بإسناد حسن عن جابر رضي الله عنه : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن النشرة فقال : " هو من عمل الشيطان " [2] ؛ وظاهره أن النشرة حرام ؛ وإلى ذلك ذهب بعض السلف كالحسن البصري ، وسئل عن ذلك فقال : سحر . رواه ابن أبي شيبة بإسناد حسن [3] .
والراجح أنها رقية فتأخذ حكم الرقية ، فما ليس فيه شرك فهو مباح جائز ، وما كان فيه من شرك فهو ممنوع غير جائز ، وهو منقول عن بعض السلف أيضًا ؛ فروى ابن أبي شيبة عن عطاء الخراساني أنه كان لا يرى بأسًا أن يأتي الرجل المؤخذ عن أهله والمسحور من يطلق عنه . وعن سعيد بن المسيب أنه سئل عن رجل طب بسحر نحل عنه ؟ قال : نعم ! من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل . ورواه البخاري عن سعيد معلقًا ، وفيه : قال : لا بأس ، إنما يريدون الإصلاح ، فأما ما ينفع فلم ينه عنه . وقال ابن حجر : وصله أبو بكر بن الأثرم [4] .
وقال عبد الرزاق : قال الشعبي : لا بأس بالنشرة العربية التي لا تضر إذا وطئت . والنُشرة العربية : أن يخرج الإنسان في موضع عضاهٍ ، فيأخذ عن يمينه وشماله من كل ثمر ، يدقه ، ويقرأ فيه ، ثم يغتسل به .
وفي كتب وهب : أن تؤخذ سبع ورقات من سدر أخضر ، فيدقه بين حجرين ، ثم يضربه في الماء ، ويقرأ فيه آية الكرسي ، وذوات قل ، ثم يحسو منه ثلاث حسوات ، ويغتسل به ، فإنه يذهب عنه كل ما به إن شاء الله ؛ وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله [5] .
قال مقيده - عفا الله عنه : المراد بذوات قل : سورة الجن ، والكافرون ، والإخلاص ، والمعوذتان .
قال ابن كثير - رحمه الله : أنفع ما يستعمل لإذهاب السحر ، ما أنزل الله على رسوله لإذهاب ذلك ، وهما المعوذتان ، وفي الحديث : " لم يتعوذ المتعوذ بمثلهما " [6] ، وكذلك قراءة آية الكرسي ؛ فإنها مطردة للشيطان [7] .
قال ابن حجر : قال ابن الجوزي : النشرة حل السحر عن المسحور ، ولا يكاد يقدر عليه إلا ساحر ، وقد سئل أحمد عمن يطلق السحر عن المسحور ، فقال : لا بأس به . وهذا هو المعتمد ؛ ويجاب عن الحديث والأثر بأن قوله : " النشرة من عمل الشيطان " إشارة إلى أصلها ، ويختلف الحكم بالقصد ، فمن قصد بها خيرًا كان خيرًا ، وإلا فهو شر . ثم الحصر المنقول عن الحسن ليس على ظاهره ، لأنه قد ينحل بالرقى والتعويذ ، ولكن يحتمل أن تكون النشرة نوعين .. إلى أن قال : وممن صرح بجواز النشرة : المزني صاحب الشافعي ، وأبو جعفر الطبري ، وغيرهما .ا.هـ [8] .
قلت : وقوله : يحتمل أن تكون النشرة نوعين ، هو الصواب ، لأنها رقية ، والرقية نوعان كما تقدم . وعليه فالراجح أن من ذهب إلى حلِّ السحر بالنشرة ، إنما أراد بما ليس به محظور شرعًا ، والعلم عند الله تعالى .
---------------------------------
[1] انظر معالم السنن: 5 / 353، النهاية في غريب الحديث: 5 / 54، والمفردات: مادة (نشر)، وفتح الباري: 10 / 244 (الريان للتراث).
[2] أحمد: 3 / 294، وأبو داود (3868) وسنده حسن، وحسنه الحافظ في الفتح: 10 / 244.
[3] مصنف ابن أبي شيبة (23515).
[4] مصنف بن أبي شيبة (23512، 23521: 23523).
[5] عبد الرزاق (19763).
[ 6 ] النسائي (5438) وإسناده حسن.
[7] تفسير القرآن العظيم : 1 / 158 (مكتبة طيبة).
[8] فتح الباري : 10 / 244 (الريان للتراث).