مسألة المجرَّبات

إنضم
15/04/2007
المشاركات
25
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
[align=justify]هذه المسألة يقصد بها أن يعمد عامدٌ إلى آية معينة أو آيات، فيخصصها بشفاء مرضٍ معيَّن أوحالة محددة، وليس لديه دليل على هذا إلا التجرِبة، فيقول –مثلا- (كما قرأتها في منشورة): إذا أضعت شيئًا فاقرأ سورة الضحى فستجده إنشاء الله، وهذا مجرَّب. وقد تُحَدَّد مرات معينة للقراءة - والدليل التجربة أيضاً-.
وللفائدة فإن ( تجرِبة وتجارِب) تنطقان بكسر الراء، مثل: تعزية وتعازي، وضمُّ الراءِ غلطٌ شائع.
وبادئ بدئ فإن المسألة لها طرفان:
الأول: أن القرآن شفاءٌ، وهذا لا إشكال فيه.
الثاني: أن تحديد آية بعينها أوعدد معين يحتاج إلى دليل، وإلا قد يدخل في باب الإحداث.
فمن نظر إلى الأول أجاز، ومن نظر إلى الثاني منع. لكن الناظر في تتابع عددٍ من العلماء المحققين على مثل هذا يهاب أن يطلق القول.
قال شيخ الإسلام في الكلم الطيب ( ط. المكتب الإسلامي) عن يونس بن حبيب (تطبيع صوابه يونس بن عبيد)- قال: ما من رجل يكون على دابة صعبة فيقول في أذنها : ( أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون )،إلا وقفت بإذن الله تعالى. قال شيخ الإسلام: وقد فعلنا ذلك فكان كذلك بإذن الله تعالى. ونقله ابن القيم في الوابل الصيب ص (334) ، ولم يعقِّب.
وقال القرطبي في تفسيره (14/138ط.الرسالة) عند قوله تعالى: (فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا): وهذه الآية تدخل في باب الرقى... تطلع في الجسد وخاصة في اليد: تأخذ ثلاث أعواد من تبن الشعير، يكون في طرف كل عود عقدة، تمر كل عقدة على الثآليل وتقرأ الآية مرة، ثم تدفن الأعواد في مكان ندي، تعفن وتعفن الثآليل فلا يبقى لها أثر، جربت ذلك في نفسي وفي غيري فوجدته نافعا إن شاء الله تعالى.
وفي زاد المعاد(4 /326 ط.الرسالة) ساق ابن القيم طائفة منها ومما قال: كتاب للحمى : قال المروزي (وفي البدائع: المرُّوذي): بلغ أبا عبد الله أني حممت فكتب لي من الحمى رقعة فيها : بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله وبالله محمد رسول الله (قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وأرادوا به كيدا فجعلنهم الأخسرين) اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل اشف صاحب هذا الكتاب بحولك وقوتك وجبروتك إله الحق آمين.
كتاب لعسر الولادة : قال الخلال : حدثني عبد الله بن أحمد، قال: رأيت أبي يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام (إناء من فضة) أبيض أو شئ نظيف، يكتب حديث ابن عباس رضي الله عنه : لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين، ( كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ ) ، ( كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها)، (روي هذا عن ابن عباس عند ابن أبي شيبة 5/39).
كتاب آخر لذلك : يكتب في إناء نظيف : ( إذا السماء انشقت * وأذنت لربها وحقت * وإذا الأرض مدت * وألقت ما فيها وتخلت) وتشرب منه الحامل ويرش على بطنها.
كتاب للرعاف : كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يكتب على جبهته : (وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر) وسمعته يقول : كتبتها لغير واحد فبرأ.
كتاب آخر للحزاز : يكتب عليه : (فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت) بحول الله وقوته.
كتاب آخر له : عند اصفرار الشمس يكتب عليه : (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم ).
كتاب لوجع الضرس : يكتب على الخد الذي يلي الوجع : بسم الله الرحمن الرحيم : (قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون)، وإن شاء كتب : (وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم ).
وقال رحمه الله في مدارج السالكين (3/392): وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور: قرأ آيات السكينة، (وهن خمسٌ في القرآن) وسمعته يقول- في واقعة عظيمة جرت له فى مرضه تعجز العقول عن حملها من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة- قال: فلما اشتد علي الأمر قلت لأقاربي ومن حولي : اقرأوا آيات السكينة، قال: ثم أقلع عني ذلك الحال وجلست وما بي قَلَبة.
قال ابن القيم: وقد جربت أنا أيضا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه فرأيت لها تأثيرا عظيما في سكونه وطمأنينته.
وينظر: روح المعاني ط. إحياء التراث (9/146)و (15/145)، وتفسير الرازي ط. دار الكتب العلمية (27/50).
هذا وإنني أطرح الموضوع للمشايخ الفضلاء لإزالة الإشكال –عندي-، فبالقوادم والخوافي قوة الجناح، وبالأسنة والعوالي عمل الرماح. [/align]
 
أحسنت أبا عمَّار في إثارة هذا الباب من العلم
وبخصوص هذه المسألة (تقييد العبادة المطلقة) فأصح الرأي فيها عند المحققين أنه: لا مدخل للابتداع في وسائل العبادات -وهي على التقريب: ما ارتبط بالعبادات مما ليس بعبادة محضة- . وغالب هذا الباب الذي عنونته بـ: المُجَرَّبات. لا ابتداع فيه ولا محذور إذا انضبط بأمور:
1: ألاَّ يوهم هذا التقييد أنه مقصود شرعاً.
2: ألاّ يخالف حال السلف الصالح وهديهم.
3: ألاّ يفضي إلى مفسدة راجحة.
فهذه قيود عامّة في كل ما كان من هذا الباب, أمّا بخصوص (المجرَّبات) فيضاف إليها:
4: أن يكون محل الاستشهاد واضح المعنى بين الدلالة على المراد.
5: أن يقترن به قصد صحيح ونية صالحة وصدق لجوء إلى الله تعالى.
6: أن يُلاحظ في ذلك اختلاف الأحوال والناس, فما كل مثال من ذلك يصلح أو يؤثر لكل أحد, وهذا راجع إلى إرادة الله تعالى التأثير مع وجود السبب, فلابد مع جودة الدعاء والذكر من قبول المحل, وكما قال ابن القيم: السيف ليس بحدِّه فقط, بل بضاربه.
 
بارك الله فيك أبا بيان فقد أبنت وأفدت. ولكن..
ألا يمكن أن تدخل هذه المسألة في باب (البدع الإضافية)؟
وماذا لو أن ذلك انتشر وتوسع الناس فيه كما هو الحال عند بعض الرقاة؟
 
كل عبادة لا أصل لها فهي بدعة , وكل صفة عبادة لا أصل لها بدعة , فالأولى بدعة حقيقية , والثانية إضافية , وشرط العبادات الموافقة في الأصل والصفات .
وباب المجربات قريب من نوع البدع الإضافية والفرق بينهما دقيق , ولم أرد التمثيل عليه لأن الأمثلة قلَّ أن تُسَلَّم إلا ببيان وتفصيل كثير .
وأما الخشية من اننتشار هذا النوع وتتابع الناس فيه فيَرِد مع التقصير في بيان فقه هذا الباب وعدم إيضاحه للناس , وتصدر الجهلة للكلام فيه بالظن , وهذا كثير والله المستعان .
 
سيطبع قريبا إن شاء الله تعالى كتاب ( خواص القرآن ) وهي رسالة دكتوراه للأخ الفاضل الدكتور تركي الهويمل ، وقد تعرض - فيما أذكر - لمثل ذلك ، إذ عقد مبحثا حول المجربات ، فلعل الله تعالى ينفع بجهده وييسر خروج الكتاب .
 
أشكر الإخوة على طرح هذا الموضوع ..

طيب أليس بعض الصحابة رقى ببعض الآيات دون الرجوع للرسول صلى الله عليه وسلم , ولما علم بذلك أقرهم, في غير موضع.
كذلك الأصل في باب الرقى أنه لابأس بالرقية مالم تكن شركاً , كما ورد عن الرسول عليه الصلاة و السلام.
ثم إن الأمة لايمكن أن تجمع على خطأ , وحينما نتأمل واقع الرقى والرقاة - الذين وافقوا المنهج القويم وجمعوا بين العلم و الخبرة- سواء قديماً أو حديثاً نجد أن الله تعالى نفع بعلمهم آلاف مؤلفة من المرضى فمثلاً المعتمد عند جميع الرقاة في علاج السحر قراءة آيات السحر من سورة البقرة والأعراف ويونس وطه بالإضافة إلى غيرها مما يتفق مع حال المرض, ويشفى المريض بإذن الله تعالى و إرادة , ولو لم يوافق الدواء الداء لما شفي أحد, وتواتر اتفاق الرقاة على أساليب معينة, وقراءة آيات معينة لأمراض معينة, والنتيجة تكاد(تتوحد) في جميع المرضى, بغض النظر عن المدة التي يقضيها المريض في العلاج.

ثم أرجو رجاء من الإخوة الأفاضل أن يعلموا يقيناً أن الرقية الشرعية ليست ماءً ضحلاً, ولا شيء من علم قليل!!! الرقية الشرعية أوووسع مما نتصورها , الرقية الشرعية علم , وطب , وخبرة , لايفقه أغوارها إلا الحذاق الذين فتح الله على قلوبهم و عقولهم ويسر على أيديم خيرا عظيما بفضله..
ومن هذا المنبر أقول: والله مما يحزنني حقيقة أني رأيت وسمعت الكثيرين يتكلمون في الرقية و يلقون بدلائهم فيها وهم أبعد الناس عنها علما و فقها , ومن تكلم في غير فنه أتى والله بالعجاااااائب حقاً والله بعضهم طلبة علم كانوا في العين أكبر من أن يتساهلوا في الخوض فيما لايعلمون!!! ولكنه الجهل .. الجهل..
كما أننا ندع العلوم لأهلها ..كالهندسة , الطب , التغذية...إلخ فلندع علم الرقية لمن جمعوا بين: ((العلم الشرعي + وممارسة الرقية)) فمن يمارس الرقية بغير علم نحن ضده وضد أخطاؤه الفادحة التي لاتقل سوءا عن الأخطاء الطبية والله , ومن لديه علم شرعي ولكن لم يسبر الرقية الشرعية و لم يمارسها فلا يسبن الرقاة وهو والله لم يعرف عشر مما يعرفون. وأأكد أن العلماء حقاً هم الذين يقرون عمل الرقاة مع التأكيد على أهمية انتهاج المنهج العقدي السليم , والبعد عن المحاذير الشرعية, وماسوا ذلك تركوه لأهله فهم أعلم وأفقه, وهذه الفئة موجودة ولله الحمد لكن مشكلتنا في أنصاف العلماء, الذين يقول فيهم لسان الحال:
أقلوا عليهم لا أباً لإبيكم .. من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا


ملاحظة: إخوتي الكرام أرجو ألا يفهم من كلامي أنني أقصد أحداً من الأعضاء, هي فرصة أحببت استغلالها في طرح ما أسلفت,وقد كنت في العام الماضي أرغب تناول هذا في رسالة علمية, ولكن كان قد سبقنا إليها الأخ تركي الهويمل أسأل الله أن يوفق للصواب وينفع بعلمه, ويبارك في بحثه .
 
موضوع مهم يستحق من طرحه وناقش فيه الثناء والشكر


فيما ذكر الشيخ نايف كلام جميل ... ومن باب التدارس ومراجعة القيود المذكورة:

١- توهم التقييد شرعا بعيد لان الذي يذكرها يذكر عادة انها ثبتت بالتجربة ، وان كان هذا يحصل في بعض الأحيان

٢- شيخ الاسلام مع إجلاله وهو إمام من أئمة المسلمين وعلم من اعلام الهدى الا انه توفي في المئة الثامنة ومع ذلك قال بالتجربة ولم يذكر له سلف فيما فعل رحمه الله تعالى

٣- المفسدة الراجحة تبطل كل شيء ولو كان متفق عليه

٤- وضوح الربط مسألة نسبية لعل الامر يحتاج الى دقة في التعبير

٥- لا خلاف في صلاح النية وحسن القصد

٦- يبقى القول فيها بالتجربة فصلاحها وعدمه يظهر بالتجربة



مشاركة بسيطة لموضوع طرح قديماً لكنه شدني وأحببت ان اتدارسه مع الفضلاء من امثالكم
 
عودة
أعلى